للفكر أثر في اللغة عظيم ، ولولا الفكر لفقدت اللغة خواصها ولم يكن لوجودها أية فائدة .
فإن الفكــر هو الذي يربط الألفاظ بمعانيها . فيعيد إليها وهي أصوات فارغة ، فيردها كالأصداف تحمل من درر المعاني ما يبهر العقل او كالأغصان تحمل من الثمار ما تشتهيه النفس . والفكر هو الذي يتوصل به الإنسان إلى توسيع نطاق اللغة وتنظيمها ، فيدخل فيها عند الحاجة كلمات جديدة ، او يبتدع فيها اساليب طريفة ، ويضع لها قواعد تساعد الناس على تعلمها ، وتحفظهم من الخطأ عند النطق بها . ومن شواهد تأثير الفكر على اللغة ان اللغة لا يرتفع شأنها وتظهر فصاحة الفاظها وغزارة مادتها وحسن بيانها إلا ان تلد أرضها رجالا ذوي عقول نيرة وقرائح جيدة .
وهذا لا يمنع من ان يكون للغة تاثير في الفكر من بعض الوجوه اذ اللغة تصور ما يخطر في الفكر من المعاني ، وهي التي تجعل المعاني محفوظة باقية . والافكار التي لا تودع في الالفاظ كالشرارات التي لا تبرق الا لتموت .