شركات العالم تحصي خسائرها من تعطل حركة الطيران الأوروبية

برلين - من أندريو ماكاثي: في الوقت الذي بدأت فيه حركة النقل الجوي
الأوروبية تعود إلى طبيعتها بشكل بطيء، تعكف عدة شركات حول العالم على
إحصاء تكلفة أسبوع من الفوضى التي شهدتها الخطوط الجوية.
وخلافا
للألف وسبعمئة مليون دولار من الخسائر التي قالت الرابطة الدولية للنقل
الجوي (اياتا) إن الشركات التابعة لها تكبدتها، تحاول الشركات أيضا تقييم
حجم خسائر استثماراتها فيما يتعلق بالإخفاق في توصيل الطلبات وتأجيلات
الحصول على قطع الغيار وإلغاء المواعيد والموظفين الذين تقطعت بهم السبل.
فعلى سبيل المثال هناك نحو 40' من الصادرات الألمانية يتم نقلها عن طريق
الجو.
وجاءت تداعيات سحابة الرماد البركاني على حركة الطيران في
الوقت الذي يكافح فيه الاقتصاد الأوروبي للتعافي من أكبر ركود اقتصادي
تشهده المنطقة منذ أكثر من 60 عاما.
واضطر الكثير من مزودي أوروبا
بالبضائع والسلع الطازجة إلى التخلص من منتجاتهم، حيث كانت تكلفة إغلاق
المجال الجوي واضحة للغاية بالنسبة للجميع.
وقالت صناعة الزهور
الكينية إن آلاف الأطنان من الورود المقطوفة تتعفن الآن في المستودعات.
وقال جان نجيجي، رئيس مجلس الزهور الكيني لوكالة الأنباء الألمانية
(د.ب.أ) 'بالنظر إلى العام الماضي ، حيث بلغ حجم صادراتنا 36 مليار شلينغ
(466 مليون دولار) ، وكنا نريد أن نصل إلى نفس هذا الهدف .. لكننا نشهد
خسائر بنحو المليار شلينغ إنها انتكاسة عظمى'.
كما تعرضت صناعة النقل
العالمية (عدا الطيران) لخسائر كبيرة بسبب إغلاق الخطوط الجوية. وقال وزير
السياحة الفرنسي أمس الأربعاء إن خسائر شركات النقل الفرنسية وحدها بلغت
200 مليون يورو حتى الآن (268 مليون دولار).
وفضلا عن أكثر من سبعة
ملايين مسافر تضرروا من هذه الفوضى التي شهدها مجال النقل الجوي، كانت
شركات توصيل الخدمات تحاول إيجاد طرق أخرى للاتفاف حول حظر الطيران الذي
شمل أكثر من 300 مطار أوروبي في ذروته.
وقال جورج ويدمان ، المتحدث
باسم مجموعة توصيل الخدمات العالمية دي.إتش.إل 'ما كنا نفعله في المعتاد
مع 50 طائرة فعلناه مع شاحنات ووسائل النقل عبر السكك الحديدية'. وأضاف
'لقد سررنا أن مضت الأمور على ما يرام، لأنها كانت من الممكن أن تصبح
أسوأ'.
وأشار إلى أن الشركة لم تكن لديها خطط للطوارئ قبل الأسبوع
الماضي. وقال 'لم يكن أحد يتوقع مطلقا أن يغلق المجال الجوي لجميع أنحاء
أوروبا أو مناطق عديدة منها'.
على الجانب الأخر فلا شك أن ثمة
مستفيدين قلائل من حظر الطيران، في ظل اضطرار كل من المسافرين والشركات
إلى البحث عن أنماط بديلة للنقل سواء من أجل الوصول إلى بلادهم أو توصيل
بضائعهم إلى الأسواق.
فإلى جانب الحافلات والقطارات والعبارات
والسيارات وشركات تأجير الحافلات، يبدو أن العديد من سائقي سيارات التاكسي
حققوا أكبر نسبة من الأرباح حيث كان بعض المسافرين على استعداد لدفع مبالغ
كبيرة مقابل رحلة العودة إلى بلادهم.
فقد دفع نجم الكوميديا
البريطاني جون كليز، على سبيل المثال، 4600 دولار لسيارة أجرة مقابل رحلة
من أوسلو إلى بروكسل بعدما أجبرت سحابة الرماد البركاني المنبعثة من
آيسلندا على إلغاء رحلات الطيران عبر أوروبا.
وقد نفد ما لدى معظم
المسافرين العاديين من مال بسبب أزمة الطيران الأوروبية التي أرغمتهم على
تحمل تكاليف إضافية من أجل الانتظار في فنادق إلى أن يتراجع تهديد الرماد
البركاني.
وكانت ثمة ادعاءات أيضا من جانب عدد من المسافرين الذين
تقطعت بهم السبل بأن بعض الفنادق رفعت أسعارها بشكل كبير للاستفادة من هذه
المحنة.
ويشكل إغلاق المطارات أحدث انتكاسة للتعافي الهش للاقتصاد
الأوروبي. وتبرز مؤشرات بالفعل على تأثير شتاء قارس البرودة على الاقتصاد
الأوروبي مع دخوله العام الجديد.
لكن حتى هذه اللحظة، يعتقد معظم
المحللين أنه من غير المحتمل أن تعرض فوضى النقل الجوي تعافي الاقتصاد
للخطر، مشيرين إلى أن تأثير ذلك على الاقتصاد الأوروبي سيكون في أدنى حد
له.
ويأتي هذا الترجيح في الوقت الذي يقول فيه القائمون على صناعة
الطيران إن تداعيات أزمة الرماد البركاني ربما تكون أكبر من تلك الناجمة
عن هجمات 11 أيلول/سبتمبر على الولايات المتحدة والتي تسببت في إغلاق
المجال الجوي الأمريكي آنذاك لمدة ثلاثة أيام فقط.
علاوة على ذلك فإن
معظم الشركات حول العالم إلى جانب بعض المسافرين قد ينتظرون الآن طويلا
وبقلق ما إذا كانت شركات التأمين على المسافرين سوف تعوضهم عن عمل من
تدبير القدر