السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يقول الحق تبارك وتعالى { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } آل عمران - الآية 31 -
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية :
وهذه الآية فيها وجوب محبة الله، وعلاماتها، ونتيجتها، وثمراتها، فقال { قل إن كنتم تحبون الله } أي: ادعيتم هذه المرتبة العالية، والرتبة التي ليس فوقها رتبة فلا يكفي فيها مجرد الدعوى، بل لا بد من الصدق فيها، وعلامة الصدق اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله، في أقواله وأفعاله، في أصول الدين وفروعه، في الظاهر والباطن، فمن اتبع الرسول دل على صدق دعواه محبة الله تعالى، وأحبه الله وغفر له ذنبه، ورحمه وسدده في جميع حركاته وسكناته، ومن لم يتبع الرسول فليس محبا لله تعالى، لأن محبته لله توجب له اتباع رسوله، فما لم يوجد ذلك دل على عدمها وأنه كاذب إن ادعاها، مع أنها على تقدير وجودها غير نافعة بدون شرطها، وبهذه الآية يوزن جميع الخلق، فعلى حسب حظهم من اتباع الرسول يكون إيمانهم وحبهم لله، وما نقص من ذلك نقص .
ـــــــــــ
فيا من تحتفل بالمولد النبوي هل ترى احتفالك بمولده من الإتباع له صلى الله عليه وسلم ؟؟!
إليك هذا الجمع المبارك من فتاوى وأقوال أهل العلم قديما وحديثا يبين لك فيها أن الإحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم بدعة منكرة وليست من الإتباع في شيء
ــــــــــــــ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله المتوفى سنة 728?:
في مجموع الفتاوى ( 25 / 298 ) مانصه { وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال إنها ليلة المولد , أو بعض ليالي رجب أو ثامن عشر ذي الحجة أو أول جمعة من رجب أو ثامن من شوال الذي يسميه الجهال عيد الأبرار فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها } , و قال أيضا رحمه الله عن المولد : { فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضي له , وعدم المانع منه ولو كان خيرا محضا أو راجحا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا , فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيما له منا وهم على الخير أحرص } _ اقتضاء الصراط المستقيم ص 295 _
***********
قال الإمام الشاطبي رحمه الله المتوفى سنة 790? :
عند عده للبدع التي تضاهي الشرعية :{ ومنها التزام الكيفيات والهيئات المعينة كالذكر بهيئة الإجتماع على صوت واحد واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيدا وما أشبه ذلك } _ الإعتصام للشاطبي (1 / 39 ) _
************
وقال الشيخ تاج الدين الفاكهاني المتوفى سنة 734? _ رحمه الله :
{ لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنّة ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة الذين هم القدوة في الدين المتمسّكون بآثار المتقدمين } عمل المولد ص 20 _ 21 نقلا عن التبرك أنواعه وأحكامه ص 362 _ وقال الونشريسي تحت عنوان " التحبيس _ الوقف _ على إقامة ليلة المولد ليس بمشروع "
***********
وقال العلامة ابن الحاج المتوفى سنة 737?:
في كتاب المدخل ( 2 / 11- 12 ) مبينا حكم المولد فقال : " ذلك زيادة في الدين ليس من عمل السلف الماضين , واتباع السلف أولى بل أوجب من أن يزيد نية مخالفة لما كانوا عليه , لأنهم أشد الناس اتباعا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيما له ولسنته صلى الله عليه وسلم ولهم قدم السبق في المبادرة إلى ذلك , ولم ينقل عن أحد منهم أنه نوى المولد ونحن لهم تبع فيسعنا ما وسعهم وقد علم أن اتباعهم في المصادر والموارد "
**********
وقال الشيخ العدوي المتوفى سنة 1189?:
في حاشيته على " مختصر الشيخ خليل " ( 8 / 168 ) : " عمل المولد مكروه "
**********
وقال مثله الشيخ محمد عليش المتوفى سنة 1299?:
في فتح العلي المالك ( 1 /171 )
**********
وقال السيد علي فكري _ المتوفى سنة 1372? _ :
في المحاضرة السادسة عشرة من المحاضرات الفكرية ص 128 _ لم يكن في سنة العرب أن يحتفلوا بتاريخ ميلاد لأحد منهم ولم تجر بذلك سنة المسلمين فيما سلف والثابت في كتب التاريخ وغيرها أن عادة الإحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم من العادات المحدثة ... .
*********
ونص على بدعية الإحتفال بالمولد ابن النحاس في تنبيه الغافلين ص138 والشقيري في السنن والمبتدعات ص 128
ومحمد جمال الدين القاسمي في كتاب إصلاح المساجد من البدع والعوائد (114_115)
وأحمد بن حجر آل أبو طامي في تحذير المسلمين عن الإبتداع ص 184 _190 ) .
**********
وسئل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ :
مفتي المملكة ورئيس القضاة والشؤون الإسلامية سابقا رحمه الله عن حكم الإحتفال بالمولد النبوي فقال :
لم يكن الإحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم مشروعا ولا معروفا لدى السلف الصالح رضوان الله عليهم ولم يفعلوه مع قيام المقتضي له وعدم المانع منه ولو كان خيرا ماسبقونا إليه فهم أحق بالخير وأشد محبة للرسول صلى الله عليه وسلم وأبلغ تعظيما له.. فلما كان غير معروف لدى السلف الصالح ولم يفعلوه وهم القرون المفضلة دل على أنه بدعة محدثة . ( فتاوى محمد ابراهيم 2 – 3 / 57 ) .
**********
وسئل سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز :
مفتي عام المملكة سابقا_ رحمه الله_ عن حكم الإحتفال بالمولد فقال : لا يجوز الإحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا غيره لأن ذلك من الأمور المحدثة في الدين لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ولا خلفاؤه الراشدون ولا غيرهم من الصحابة رضوان الله على الجميع ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة وهم أعلم الناس بالسنة وأكمل حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومتابعة لشرعه ممن بعدهم ... ثم إن غالب هذه الإحتفالات بالموالد مع كونها بدعة لا تخلو من اشتمالها على منكرات أخرى كاختلاط النساء بالرجال واستعمال الأغاني والمعازف .... وقد يقع ما هو أعظم من ذلك وهو الشرك الأكبر وذلك بالغلو في رسول الله أو غيره من الأولياء ودعائه والإستغاثة به ....فتاوى سماحة الشيخ ابن باز ( 1 / 178 ) .
****************
فتاوى من موقع فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله تعالى –
هل يحل للمسلمين أن يحتفلوا بالمولد النبوي ؟
سئل فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله تعالى – وجعل الفردوس الأعلى مأواه -:
السؤال الأول :
هل يحل للمسلمين أن يحتفلوا في المسجد ليتذكروا السيرة النبوية الشريفة في ليلة 12 ربيع الأول بمناسبة المولد النبوي الشريف بدون أن يعطلوا نهاره كالعيد ؟ واختلفنا فيه ، قيل بدعة حسنة ، وقيل بدعة غير حسنة ؟
فأجاب فضيلته : ليس للمسلمين أن يقيموا احتفالا بمولد النبي - صلى الله عليه وسلم - في ليلة 12 ربيع الأول ولا في غيرها ، كما أنه ليس لهم أن يقيموا أي احتفال بمولد غيره - عليه الصلاة والسلام -.
لأن الاحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بمولده في حياته - صلى الله عليه وسلم -، وهو المبلغ للدين والمشرع للشرائع عن ربه سبحانه، ولا أمر بذلك، ولم يفعله خلفاؤه الراشدون، ولا أصحابه جميعا، ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة .
فعلم أنه بدعة وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) متفق على صحته .
وفي رواية لمسلم وعلقها البخاري جازما بها (( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )).
والاحتفال بالموالد ليس عليه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بل هو مما أحدثه الناس في دينه في القرون المتأخرة فيكون مردودا .
وكان عليه الصلاة والسلام يقول في خطبته يوم الجمعة : ((أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)) رواه مسلم في صحيحه وأخرجه النسائي بإسناد جيد وزاد ((وكل ضلالة في النار)).
ويغني عن الاحتفال بمولده تدريس الأخبار المتعلقة بالمولد ضمن الدروس التي تتعلق بسيرته - عليه الصلاة والسلام -، وتاريخ حياته في الجاهلية والإسلام، في المدارس والمساجد وغير ذلك من غير حاجة إلى إحداث احتفال لم يشرعه الله ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولم يقم عليه دليل شرعي .
والله المستعان. ونسأل الله لجميع المسلمين الهداية والتوفيق للاكتفاء بالسنة والحذر من البدعة .
كتاب الدعوة ج1 ص 240 - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الرابع
**********************
ــــــــــــــــــــ
الإمام ابن تيمية لم يستحسن الاحتفال بالمولد النبوي:
2. السؤال الثاني :
سئل فضيلة الشيخ ابن باز - رحمه الله - : ذكر أحد العلماء أن الإمام ابن تيمية رحمه الله يستحسن الاحتفال بذكرى المولد النبوي فهل هذا صحيح يا سماحة الشيخ؟.
فأجاب فضيلته : الاحتفال بالمولد النبوي - على صاحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم - بدعة لا تجوز في أصح قولي العلماء؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعله، وهكذا خلفاؤه الراشدون، وصحابته جميعاً رضي الله عنهم، وهكذا العلماء وولاة الأمور في القرون الثلاثة المفضلة، وإنما حدث بعد ذلك بسبب الشيعة ومن قلدهم، فلا يجوز فعله ولا تقليد من فعله.
والشيخ تقي الدين أحمد بن تيمية - رحمه الله - ممن يُنكر ذلك ويرى أنه بدعة. ولكنه في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم) ذكر في حق من فعله جاهلاً، ولا ينبغي لأحد أن يغتر بمن فعله من الناس أو حبذ فعله أو دعا إليه، كمحمد علوي مالكي وغيره؛ لأن الحجة ليست في أقوال الرجال وإنما الحجة فيما قال الله - سبحانه - أو قاله رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو أجمع عليه سلف الأمة.
لقول الله - عز وجل- : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [1].
وقوله - سبحانه - : { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ } [2] الآية، وقوله - سبحانه -: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } [3].
وهو - عليه الصلاة والسلام - لم يفعل ذلك، وقد بلغ البلاغ المبين بأقواله وأفعاله - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه - رضي الله عنهم - لم يفعلوا ذلك، ولو كان خيراً لسبقونا إليه، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) متفق على صحته.
وقال - عليه الصلاة والسلام - : ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) أخرجه مسلم في صحيحه، وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول في خطبه : ((أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)) أخرجه مسلم في صحيحه.
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وقد كتبت في ذلك كتابة مطولة بعض الطول، وفي بدع أخرى كبدع الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، وليلة النصف من شعبان.
وقد طبعت كلها في كتيب بعنوان : (التحذير من البدع) وهو يوزع من دار الإفتاء ومن وزارة الشئون الإسلامية، وهو موجود في كتابي بعنوان (مجموع فتاوى ومقالات) في المجلد الأول ص227 فمن أحب أن يراجع ذلك فليفعل.
ونسأل الله أن يوفقنا وجميع المسلمين لمعرفة الحق واتباعه، وأن يعيذنا جميعاً من البدع والمنكرات ما ظهر منها وما بطن، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
________________
[1] سورة النساء الآية 59.
[2] سورة الشورى الآية 10.
[3] سورة الأحزاب الآية 21.
من ضمن أسئلة موجهة من المجلة العربية بإملاء سماحته في 29/ 5/ 1417 هـ - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء التاسع.
***********************
*****************
صناعة الطعام يوم المولد النبوي وتوزيعه:
من فتاوى نور على الدرب...
3. السؤال الثالث:
عندنا عادة، وهي : في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول نعمل وجبة إفطار منذ الصباح الباكر، ونقوم بتوزيعها على الجيران، ونحن نهنئ الجيران، والأقرباء بعضهم بعضاً بحجة الفرح بالمولد النبوي، فهل لنا أن نستمر في عمل هذه الأطعمة، والأكل منها، ونعمل تلك الاحتفالات؟
أجاب فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - : هذا العمل ليس مشروعا، بل هو بدعة، ولو فعله بينه وبين الناس؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأصحابه ولم يفعلوا ذلك فلم يحتفل - صلى الله عليه وسلم - بمولده في حياته، ولم يأمر بذلك، وهو أنصح الناس - عليه الصلاة والسلام -، واعلم الناس، وأحرص الناس على الخير -عليه الصلاة والسلام-، فلو كان هذا العمل مشروعاً، وحسناً لفعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو أرشد إليه.
وهكذا الخلفاء الراشدون هم أفضل الناس بعد الأنبياء لم يفعلوه، ولم يأمروا به، وهكذا بقية الصحابة -رضي الله عنهم - لم يفعلوه ولم يأمروا به.
وهكذا سلف الأمة في القرون المفضلة من الأمة لم يفعلوه، وهم خير الناس بعد الأنبياء كما قال - عليه الصلاة والسلام - : (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم).
فالواجب عليكم ترك هذه البدعة، والحرص على إتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - في أقواله وأعماله، هذا هو الواجب على المسلمين أن يتبعوه، وأن ينقادوا لشرعه ويعظموا أمره ونهيه، وأن يسيروا على سنته ونهجه - عليه الصلاة والسلام -.
أما البدع فلا خير فيها فهي شر يقول - عليه الصلاة والسلام - : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). يعني فهو مردود . ويقول - صلى الله عليه وسلم - : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد).متفق على صحته.
وفي صحيح مسلم عن جابر - رضي الله عنه - قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في الخطبة – خطبة الجمعة – أما بعد : (فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة).
هذا العمل الذي فعلته من إهداء الطعام، أو احتفال وغير ذلك في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول بالطعام، أو بالصلوات، أو بالتزاور كله بدعة لا أصل له،
يقول الرب - عز وجل - : (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) (31) سورة آل عمران .
فاتباع النبي هو حقيقة الحب وهو دليل الحب الصادق، ويقول - عليه الصلاة والسلام - : (من رغب عن سنتي فليس مني)، فنوصيكم وغيركم من إخواننا المسلمين بترك هذه البدعة، وهي الاحتفالات بالمولد النبوي، أو بغير المولد النبوي. بالموالد الأخرى كلها غير مشروعة.
ولكن نوصيكم باتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - دائماً، والتفقه في الدين وتعليم الناس السنة، والحرص على طاعة الله ورسوله في كل شيء، هذا هو الواجب على جميع المكلفين أن يخلصوا لله العبادة، وأن يعظموه، وأن ينقادوا لشرعه، وأن يسيروا على نهج نبيه -صلى الله عليه وسلم- في القول والعمل، في جميع الأحوال قال تعالى في كتابه العظيم : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) (7) سورة الحشر .
وقال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: (من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصا الله).
فالواجب طاعته واتباع هديه -عليه الصلاة والسلام-. والحذر مما خالف هديه -عليه الصلاة والسلام- في كل شيء.
*********************
**************
هل يؤجر من وزع الحلوى يوم عيد المولد النبوي؟؟
4. السؤال الرابع :
في يوم المولد النبوي الشريف يتم في بعض مناطق قطرنا توزيع الطعام والحلوى على الناس إحياءً لهذا اليوم العزيز، ويقولون: إن توزيع الطعام والحلوى -وبالأخص الحلوى- لها أجر كبير عند الله -عز وجل-، هل هذا صحيح؟
أجاب فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - : الاحتفال بالمولد هذا مما أحدثه الناس، وليس مشروعاً، ولم يكن معروفاً عند السلف الصالح، لا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا في عهد التابعين، ولا في عهد أتباع التابعين، ولا في القرون المفضلة، ولم يكن معروفاً في هذه العصور العظيمة، وفي القرون الثلاثة المفضلة، وإنما أحدثه الناس بعد ذلك، وذكر المؤرخون أن أو من أحدثه هم الفاطميون الشيعة حكام مصر والمغرب، هم مَن أحدث هذه الاحتفالات، الاحتفال بالمولد النبوي، وبمولد الحسين، ومولد فاطمة، والحسن، وحاكمهم.
جعلوا هناك احتفالات لعدة موالد: منها مولد النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهذا هو المشهور أنه أول من أحدث في المائة الرابعة من الهجرة، ثم حدث بعد ذلك من الناس الآخرين تأسياً بغيرهم، والسنة في ذلك عدم فعل هذا المولد؛ لأنه من البدع المحدثة في الدين، والرسول - صلى الله عليه وسلم - قال : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وقال - عليه الصلاة والسلام - : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) .
والاحتفال قربة وطاعة فلا يجوز إحداث قربة وطاعة إلا بدليل، وما يفعله الناس اليوم ليس بحجة، ما يفعله الناس في كثير من الأمصار، في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول، من الاحتفال بالموالد مولد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتوزيع الطعام أو الحلوى، أو قراءة السيرة في ذلك اليوم، وإقامة الموائد كل هذا ليس له أصل فيما علمنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أصحابه - رضي الله عنهم -، ولا عن السلف الصالح في القرون المفضلة.
وهذا هو الذي علمناه من كلام أهل العلم، وقد نبّه على ذلك أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله - شيخ الإسلام، ونبّه على ذلك الشاطبي - رحمه الله - في الاعتصام بالسنة، ونبّه على ذلك آخرون من أهل العلم، وبينوا أن هذا الاحتفال أمرٌ لا أساس له، وليس من الأمور الشرعية، بل هو مما ابتدعه الناس.
فالذي ننصح به إخواننا المسلمين هو ترك هذه البدع، وعدم التساهل بها، وإنما حب النبي - صلى الله عليه وسلم - يقتضي اتباعه وطاعة أوامره وترك نواهيه، كما قال الله - سبحانه - : (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ[آل عمران: 31].
فليس العلامة على حبه أن نحدث البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان، من الاحتفال بالمولد، أو الحلف بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، أو الدعاء والاستغاثة به، أو الطواف بقبره، أو ما أشبه ذلك، كل هذا مما لا يجوز، وليس من حبه - صلى الله عليه وسلم - بل هو من مخالفة أمره - عليه الصلاة والسلام -، فحبه يقتضي اتباعه وطاعة أوامره وترك نواهيه والوقوف عند الحدود التي حدها - عليه الصلاة والسلام -، هكذا يكون المؤمن، كما قال الله - عز وجل - : { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } [آل عمران: 31] .
وقال -عز وجل - : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا } [الحشر: 7] .
وقال - جل وعلا - : { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } [النور: 54].
ولو كان الاحتفال بالمولد أمراً مشروعاً لم يكتمه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه ما كتم شيئاً فقد بلغ البلاغ المبين - عليه الصلاة والسلام -، فلم يحتفل بمولده، ولم يأمر أصحابه بذلك، ولم يفعله الخلفاء الراشدون - رضي الله عنهم -، ولا بقية الصحابة - رضي الله عنهم -، ولا التابعون وأتباعهم بإحسان في القرون المفضلة، فكيف يخفى عليهم ويعلمهم من بعدهم؟! .
هذا مستحيل، فعلم بذلك أن إحداثه من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان، ومن قال: إنه بدعة حسنة، فهذا غلط لا يجوز، لأنه ليس بالإسلام بدع حسنة، والرسول - صلى الله عليه وسلم - قال : (كل بدعة ضلالة)، وكان يخطب الناس يوم الجمعة ويقول: (إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة) فلا يجوز للمسلم أن يقول فيه بدعة حسنة، يعني يناقض النبي - صلى الله عليه وسلم - ويعاكسه، وهذا لا يجوز لمسلم، بل يجب عليه أن يتأدب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويحذر مخالفة أمره - صلى الله عليه وسلم -، ومخالفة شريعته في هذا وغيره.
فلما قال - صلى الله عليه وسلم -: (كل بدعة ضلالة) هذه الجملة صيغة عامة تعم الموالد وغير الموالد من البدع، وهكذا ما أحدثه بعض الناس من الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج بليلة سبع وعشرين من رجب، أو ليلة النصف من شعبان، هذه أيضاً من البدع؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما فعلها ولا فعلها أصحابه، فتكون بدعة، وهكذا جميع ما أحدثه الناس من البدع في الدين كلها داخلة في هذا النوع.
فليس لأحد من المسلمين أن يُحدث شيئاً من العبادات ما شرعه الله، بل يجب على أهل الإسلام الاتباع والتقيد بالشرع أينما كانوا، والحذر من البدعة ولو أحدثها من أحدثها من العظماء والكبار، فالرسول -صلى الله عليه وسلم - فوقهم، فوق جميع العظماء، وهو سيد ولد آدم، وهو الذي أوجب الله علينا طاعته واتباع شريعته، فليس لأحد أن يقدم على هديه هدي أحدٍ من الناس، ولا طاعة أحدٍ من الناس، ثم الله فوق الجميع -سبحانه وتعالى-، وهو الواجب الطاعة وهو الإله الحق - سبحانه وتعالى - وهو الذي بعث الرسول ليعلم الناس ويرشد الناس فالرسول هو المبلغ عن الله - عز وجل - .
فلو كان الاحتفال بهذه الأمور مما أمره الله به لم يكتبه بل يبلغه لأنه عليه الصلاة والسلام بلغ البلاغ المبين، وهكذا أصحابه، لو كان بلغهم وأعلمهم لبلغوا أيضاً، فلما لم يأتنا هذا عنه علمنا يقيناً أنه من البدع التي أحدثها الناس.
وأن الواجب على أهل الإسلام ألا يوافقوا أهل البدع، بل عليهم أن يسيروا على النهج الذي سار عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسار عليه أصحابه الكرام - رضي الله عنهم - ثم أتباعهم بإحسان في القرون المفضلة، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
*****************************************
وقال فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
(..... الإحتفال بالمولد بدعة ومحرم.... ) فتاوى أركان الإسلام ص 172 _
*************
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
__________________