دفتر التتبع الفردي للتلميذ ...التوصيف والأجرأة

30/04/2010





في مطلع سنة 2010 توصلت المؤسسات التعليمية في الطورين الابتدائي والإعدادي بدفتر التتبع الفردي للتلميذ وبدليل مرجعي تنظيمي دون إصدار لحد الساعة لمذكرة تنظيمية مسطرية ملزمة بالتعبئة على غرار الوثائق الإدارية 15 كالملف الأخضر المذكرة رقم 202 الصادرة في 20-10-1983 وورقة التنقيط المذكرة رقم 168 بتاريخ 04-10-1978 ...وصدور الوثيقة وتأخر إنزالها إلى المؤسسات التعليمية يخفي وراءه توجهات جديدة سيقدم عليها قطاع التعليم المدرسي بتعاون مع مديرية التربية غير النظامية حيث شرعا في التنسيق بينهما منذ 2005 حول ملفين كبيرين
1- ملف غير الممدرسين. و 2- ملف الهدر المدرسي: إذ وصل مجموع الهدر 39000 تلميذ يغادرون الدراسة حسب لحسن مادي بتكلفة تقدر ب 2% من الناتج الخام. هذا ويندرج مشروع التتبع الفردي للتلميذ في إطار مقاربة مندمجة يفصح عنها المشروع الخامس ضمن المجال الأول تتخذ بعدا علاجيا في مشروع الفرصة الثانية( تدابير متعددة لارجاع المنقطعين والمفصولين وغير الممدرسين- إجراءات الاحتفاظ بالتلاميذ المسجلين ...) وبعدا وقائيا في مشروع محاربة التكرار والانقطاع عن الدراسة حيث بلغت نسبة التكرار في الابتدائي 13% وفي الإعدادي والسنة الثانية باكلوريا 30% وفي التأهيلي17%...هذا و يستهدف المشروع الرفع من نسبة استكمال الدراسة في المرحلة الابتدائية إلى حدود 90 في المائة دون تكرار للجيل الأول لمدرسة النجاح 2009-2010 واختراق سقف 80 في المائة في المرحلة الإعدادية دون تكرار لكتيبة 2009-2010. ويأتي مشروع التتبع في أعقاب صدور تقرير ماي 2009 عن المجلس الأعلى للتعليم الذي أشاد بإنجازين كبيرين 1- اختراق عتبة التمدرس في الطور الابتدائي وتجاوز سقف 94 في المائة. 2- التقليص من نسبة التفاوتات بين العالم القروي والحضري والإناث والذكور.
هذا وقد ثمن التقرير عملية التقويم واعتبره مكونا محوريا في العملية التعليمية التعلمية على طريق ترسيخ ثقافة التقويم وتوطيد أدوات موضوعية موحدة لقياس التحصيل في كل المستويات و على الصعيد الوطني في أفق مأسسة التقويم وخلق وحدات للتقويم على مستوى الأكاديمية والنيابة والمؤسسة التعليمية/ خلية اليقظة/ متواصلة مع مديرية التقويم وتنظيم الحياة المدرسية والتكوينات المشتركة بين الأكاديميات وفي اتجاه تنصيب الهيئة الوطنية لتقويم المكتسبات الدراسية التي شرعت بتعاون مع المركز الوطني لتقويم الامتحانات في إنجاز تقويمات شمولية وقطاعية وموضوعاتية لقياس التعلمات الأساسية واختبار النجاعة وتحليل تطور المر دودية وتحسين الجودة وبدأت في تنفيذ البرنامج الوطني لتقويم التعلمات الأساسية في سنوات حاسمة هي الرابعة والسادسة ابتدائي والثانية والثالثة إعدادي قصد البحث عن العلاقات بين التحصيل والمتغيرات المدرسية والأسرية والسوسيواقتصادية في أفق وضع خطط عملية لاجراء التعديلات وتثبيت الاستدراكات وتيسير التدخلات العلاجية على طريق توطيد قيادة بيداغوجية للجودة ولفت انتباه الممارسين لشبكة التعثرات ولائحة الحاجيات التي يقتضيها دعم المتعثرين من التلاميذ. وتعتبر وثيقة التتبع الفردي للتلميذ مكونا من مكونات عدة الاختبار الوطنيPENA الذي اتسم بالانتقائية في اختيار عينة البحث 26520 تلميذا ومجال إجراء قياس التحصيل حوالي 884 وحدة دراسية منها العمومي والخصوصي والقروي والحضري والهامشي والراقي. وقد جند لإنجاح الاختبار 18 إطارا مرجعيا لضبط مستوى الاكتساب وقياس فعالية بيداغوجيا الكفايات و18 رائزا لكل مادة من مواد التتبع العربية والفرنسية والرياضيات والعلوم وأفرغت 4 استمارات لتحليل المتغيرات المدرسية والأسرية والسوسيواقتصادية من خلال اختبار نجاعة مكونات المجتمع المدرسي من مدير وأساتذة وتلاميذ وآباء...وقياس درجة التأثير في التحصيل .إذ كشفت الدراسة عن مساهمة عدة عوامل في الرفع أو التخفيض من درجة الاكتساب كالقرب والبعد من المؤسسة ومستوى الوالدين التعليمي واستقرار الأسرة وغنى المحيط بالوسائط التربوية...وفي المجمل كانت النتائج مخيبة لم تبرح وضعية متوسط المؤشر إذ لم يتجاوز متوسط التحصيل في المرحلة الإعدادية في مادة الرياضيات نسبة 27 في المائة وفي الفيزياء 34.5في المائة وفي علوم الحياة والأرض 26 في المائة.
أما في مواد التحكم اللغوي كالعربية 42.5في المائة و الفرنسية 32 في المائة. ولم تختلف عن ذلك نتائج الاختبار الدولي TIMSS وكذا اختبار PIRLS إذ كشفت الدراسة عن تحقيق المغرب الرتبة 40 من 45 دولة في الاختبار الأول سنة 2003 وعن ضعف بنيوي في تطبيق المفاهيم والقوانين الرياضية وفي الترييض والتحليل وفق منطق رياضي وكذا في حل المسائل الرياضية .كما أبانت الدراسة عن تساوي الذكور والإناث وتفوق العالم الحضري على العالم القروي سنة 2007 .أما اختبار القراءة الدولي فقد تخلف المغرب كثيرا وأحرز على الرتبة 44 من 45 دولة سنة 2007 بسبب عدم التحكم في مكون التعبير الذي يعود إلى نقص في التمكن من الموارد اللغوية .هذا وقد دفعت هذه النتائج المخيبة المسؤولين على مديرية التربية غير النظامية بتنسيق مع مديرية التقويم إلى إطلاق برنامج التتبع الفردي لمكتسبات التلميذ الفردية على غرار برنامج الاتحاد الأوربي PISA وفق منظور بنائي و فارقي وكفائي وإدماجي وتنزيل عدة التتبع المتمثلة في دليل مرجعي و دفتر ورقي يتكون من 12 صفحة يبلغ فيها حيز قاعدة المعطيات المتعلقة بالمتغيرات المدرسية والأسرية والمحيطية صفحتين عن كل سنة بينما يتكون حيز تتبع التحكم في التعلمات الأساسية و في الكفايات المرجعية الثقافية المتعلقة بالمادة والمنهجية المتعلقة بتدبير المعلومة واختيار نهائج البحث والتواصلية المستوعبة لسمات الشخصية وللجانب الاجتماعي العلائقي للمتمدرس صفحة واحدة .ويكشف هذا التوزيع غير المتوازن عن إعطاء البرنامج الأولوية لتأثير المتغيرات في التحصيل على حساب اختبار المنطق الداخلي للمواد المعنية العربية والفرنسية والرياضيات وقياس نجاعة المنهاج وطرائق التدريس والتحكم في بيداغوجيا الكفايات و اختبار كفاءة المدرس و فعالية نظام التقويم والتوجيه وشروط تنفيذ مشروع الدعم ومنتوج التكوين والتكوين المستمر ... صممت الوثيقة من منظور ديكارتي في مقاربة موضوعة المنهج "تحليل المسار من أجل الوصول إلى نتائج وهو أيضا القاعدة النظرية لهذا المسار" حيث يتم منهجته لتأمين التواصل بين الأساتذة والتلاميذ ومجالس القسم والمجالس التعليمية وخلية اليقظة . من هنا تبنى مهندس دفتر التتبع البناء منهجي المتعدد الذي يرتكز على ستة مناهج كالمنهج المسحي القائم على الاستجواب ومقابلة عينة من التلاميذ لمعرفة حقائق تفصيلية. ومنهج تحليل المعلومة واستثمارها بعد جمعها من مصادرها ومراجعتها والمصادقة عليها وتبويبها . والمنهج الوثائقي الذي يقوم على تحليل وثيقة دفتر التتبع باعتبارها عدة لها علاقة بموضوع البحث لقياس تطور التحصيل المدرسي.
ومنهج تحليل المحتوى المعني بإنجاز وصف كمي هادف ومنظم لمحتوى الكفايات الثلاث المرجعية المعتمدة الثقافية والمنهجية والتواصلية. والمنهج الارتباطي الذي يبحث عن العلاقات بين المتغير المدرسي والأسري والسوسيواقتصادي ومستوى الاكتساب المدرسي في أفق إصدار حكم تقويمي يعكس درجة التحكم : عالية يقابلها رقم 3 ومتوسطة يقابلها رقم 2 وضعيفة يقابلها رقم 1. وأخيرا المنهج التتبعي المرتكز على قياس مقدار النمو والتطور بفعل الزمن لمعرفة درجات الثبات والتغير مابين وضعية الانطلاق ووضعية الوصول . وتتكون الوثيقة في مجملها من ثلاثة مكونات أساسية
1-بطاقة التلميذ صاحب الدفتر: وتتضمن معلومات عامة بدون خلفية تقويمية من التعليم الابتدائي تعطي للأستاذ نظرة دقيقة عن التلميذ الملتحق بالمرحلة الإعدادية .إذ من المفروض تداول الدفتر في الطور الابتدائي ثم انتقاله إلى الطور الإعدادي.
2-بطاقة المعلومات السوسيوتربوية: وتم تصنيفها إلى أربعة أقسام:
1-معلومات حول التلميذ ومساره الدراسي.
2-معلومات حول الحالة العائلية.
3-معلومات حول الحالة الصحية.
4-معلومات حول المحيط المدرسي. وذيلت هذه الأقسام الأربعة بثلاث خانات :
1- المقترحات المتخذة.
2-الإجراءات المتخذة.
3- النتيجة.
3- شبكة تتبع التعلمات: وتحتوي على جدول متكون من عدة خانات تتضمن مجالات الكفايات التي ينبغي تتبعها وهي ثلاثة:
1-الكفاية الثقافية المتعلقة بالمادة.
2-الكفاية المنهجية. 3-الكفاية التواصلية/ الشخصية الاجتماعية. وتشتمل على معايير التتبع مختزلة في سلم التتبع والتفييئ من ثلاث درجات رقمية:
1-3 ---- تحكم عال
. 2- 2---- تحكم متوسط.
3- 1---- تحكم ضعيف. ولتيسير عملية التعبئة وسد الفراغ الذي تركه الدليل نقترح هذه الكيفية السهلة التي تعين على تحويل نقطة الفرض الشامل أو معدل المراقبة المستمرة أو معدل الامتحان المحلي أو الجهوي التي خضعت لمواصفات و معايير التقويم المستدمج للكفايات المرجعية الثلاث المنصوص عليها في المذكرة 152 وغيرها من المذكرات التي تتعرض للتقويم إلى حكم تقويمي عددي بعد تفييئ المتعلمين إلى ثلاث شرائح:
1-من 0 إلى 8 -----
1. 2-من 9إلى 11-------
-2. 3 – من 12 إلى 20----3 أو 1- من 0 إلى أقل من النصف....
1 2- من النصف إلى الثلثين...
.2 3- من الثلثين إلى العلامة الكاملة....3 كما تتضمن الخانات جدولة زمنية لتدبير زمن التعبئة والتدخل الإنمائي أو الوقائي أو العلاجي في أربع مراحل حاسمة هي : منتصف الأسدس1 ونهاية الأسدس 1 وفي منتصف الأسدس2 ونهاية الأسدس2 مع استغلال العطلتين البينيتين في أنشطة المصادقة ووضع خطط الدعم وتنفيذها بعد استخراج لوائح الدعم النفسي والاجتماعي والاقتصادي والصحي والتربوي...ويحتوي الجدول أيضا على حيز لإثبات زمن الغياب لاستثماره في قياس درجة التحصيل واختبار حجم المساهمة في الهدر المدرسي.
إن الدارس لمتن البطائق المثبتة في صدر دفتر التتبع بعدما يثمن اهتمام منظومتنا بالمنظور النفسي والاجتماعي والاقتصادي والصحي في مجال التربية والتكوين لفهم المتعلم وتحديد حاجياته والتعرف على اهتماماته واتجاهاته ومواقفه وميوله فإنه يسجل للوهلة الأولى نقصا في قاعدة المعطيات التي تضيئ كل الجوانب من شخصية التلميذ كسنة بداية التمدرس و كالبيانات المتعلقة بالحالة الوجودية للوالدين: ميت أو حي – تاريخ الوفاة وبحالة الاستقرار: مقيمان باستمرار غير مقيمين – الأسباب : التنقل- الهجرة... وبحالة الارتباط: متزوجان أو منفصلان – الحاضن. وبنوع الأسرة التي يعيش فيها التلميذ :نووية أوجمعنة. وبحالة التوفر على الوسائط التربوية : مكتبة- انترنيت- حاسوب...وبحالة مكونات محيط المؤسسة الثقافي والاجتماعي والديني والاقتصادي...ومدى توفره على نوادي ومكتبات عمومية ومقاهي معلوماتية...
كما يسجل المتفحص لشبكة تتبع الكفايات المرجعية الثلاث عدم مراعاة مديرية التربية غير النظامية للاختلافات ولخصوصيات المواد الثلاث و للفروق الديداكتيكية والمعرفية والأولويات اللغوية الوطنية : العربية لغة رسمية والفرنسية لغة أجنبية أولى بسبب الرؤية الابتسارية وقلة تراكم الخبرة البيداغوجية كما يجد الممارس صعوبة في الانتقال من التقويم الكمي إلى التقويم النوعي بسبب عدم تعرض الدليل إلى عملية موحدة وناجعة لتحويل الدرجة الرقمية إلى حكم تقويمي عددي يعكس درجة التحكم في الكفايات الثلاث : 3-2-1 خاصة بعدما أهمل الدفتر مسألة التطابق مع الملف الأخضر ومع مؤشرات التقويم الجاري بها العمل كتفييئ المتعلمين إلى خمسة فئات...
كما نسجل غياب منطق الشمولية والاستيعاب لكل مواد التكوين في المرحلة الإعدادية مادام التتبع يطال ثلاث جوانب أساسية في شخصية التلميذ : جانب التمكن من أشكال المعرفة المفهومية والمهارية والتواصلية والتصرفية والوجودية وجانب نهائج البحث والتعلم الذاتي وتقنيات التواصل وجانب البناء النفسي والاجتماعي والعلائقي في شخصية المتعلم. قيمة التحليل إن وثيقة التتبع الفردي للتلميذ خطوة إيجابية نحو تكسير التيلورية وإعادة الإنتاج المدرسي وكبح للتدفق القسري لمنتوج مرحلة تعليمية بتبعاته وكيفما اتفق في مرحلة موالية وفك لانغلاقية النظام التعليمي وانفتاحه نحو التدبير التشاركي و التدبير بالعدة والمقاربة بالسيرورة و تدبير الزمن البيداغوجي لاستغلال أوقات الذروة في الاكتساب وتشغيل الكفايات ودفعة جديدة لتعزيز إستراتيجية التعليم المتمركز حول المتعلم ودمج التقويم في سيرورة التعلم واستدخال الدعم في سيرورة التقويم لكنها عدة ورقية في مجتمع الثقافة الرقمية تعيد إنتاج تجارب سابقة في المغرب ( دفتر النقط) و في دول متقدمة في أزمنة غابرة حبذا لو كانت الوثيقة إلكترونية وفق برنام معلوماتي ستكون أقل تكلفة من الطبع الورقي وستمكن من تحقيق التكامل والتناغم بين الأستاذ المدرس والأستاذ المدعم والفريق التربوي للمواد ومجلس القسم و مكونات خلية اليقظة للدعم النفسي والاجتماعي والتربوي و ربما ستحل مشكل الخصاص في المورد البشري وتوفر العدد الذي ينبغي تجنيده لتحقيق مهمة التتبع والإلحاق إلى المستوى وتعزيز التفوق ودعم المتعثرين والمرشحين للتسرب وتخفف من عناء الأستاذ والإدارة التربوية معا بسبب كثرة الوثائق الممسوكة التي تعيد نفسها من خلال تكرار نفس المعطيات وهي فرصة ذهبية لاعادة النظر في مسألة تدبير المسك الوثائقي بما تستدعيه المرحلة من تكنولوجية متطورة تجمع بين إتقان الانجاز داخل الوقت وقلة الكلفة وارتفاع المر دودية الداخلية والخارجية لمنظومة التربية والتكوين.
المراجع 1-تقريرماي 2009 للمجلس الأعلى للتعليم.
2--مجلة عالم التربية : البرنامج الاستعجالي وإصلاح الإصلاح. 3-مجلة علوم التربية ملف خاص : المخطط الاستعجالي للتربية والتكوين. 4-منشور" مهام الحارس العام" لمحمد خديري.

محمد ابراهيمي
عن وجدة سيتي نت