عن ماذا يبحث طالب الدراسات العليا في الوطن العربي؟!
محمود سلامة محمود الهايشة
الحوار المتمدن - العدد: 2992 - 2010 / 5 / 1
عن ماذا يبحث طالب الدراسات العليا في الوطن العربي: الشهادة العلمية بغض النظر عن مستوى رسالته أم عن معرفة طرق البحث العلمي والتنبيش في قضايا المجتمع؟
بكل تأكيد يلجأ خريج الجامعة في الوطن العربي إلى الدراسات العليا وذلك لزيادة عدد الشهادات التي يحملها الشخص في المقام الأول، ثم يأتي موضوع معرفة طرق البحث العلمي في المقام الثاني، ثم التنبيش في قضايا المجتمع في المقام الثالث. فالإنسان العربي المعاصر الذي لا يحب العلم والتعليم أساسا، والذي أصحب في غاية السعادة أنه أنهى مرحلة التعليم الجامعي وحصل على الدرجة الجامعية الأولى (ليسانس أو بكالوريوس). فما هى الأسباب إذا الذي تجعل الشاب العربي أو الشابة العربية لتكملة دراسة العليا ورجوعه الجامعة من جديد؟!
البطالة والبحث عن عمل:
من أهم الأسباب التي تدفع الخريج الجامعي العربي لمواصلة الدراسة العليا هي الفراغ والباطلة مما يعني عدم الحصول على فرصة عمل مناسبة أو غير مناسبة... سواء فرصة عمل في تخصصه أو في غير تخصصه الذي تخرج منه. حيث أن مستوى الخريج ضعيف للغاية، مهارات الخريج التطبيقية قليلة جدا بل يمكن القول أنها معدومة أو غير موجودة من الأساس. فما زالت الجامعات تخرج أطباء ومهندسين ومعلمين ومحاسبين...الخ دون المستوى وغير المستوى المطلوب لدى سوق العمل.. حيث أصبح سوق العمل الآن في دولنا العربية سوق العمل بالقطاع الخاص.. والقطاع الخاص يحتاج إلى خريج ذو كافة عالية ومهارات متميزة ومواصفات خاصة..
لذلك فقد أصبحت برامج التدريب والتأهيل لـ خريجو الجامعات العربية من الأهمية بمكان لإعادة تشكيل هذا الخريج لكي يكون مؤهل للدخول إلى سوق العمل والحصول على فرصة عمل مناسبة.
فالشخص العربي الملتزم والذي يحب أن يحافظ على وقته وعمره من الضياع هباءً منثورا يلجأ لتكمله دراسته العليا.. لأنه لا يعمل وعنده من الوقت الضائع الكثير والكثير. وذلك حتى يزيد من عدد الشهادات التي يحملها وزيادة سيرته الذاتية وذلك أملا في التميز عن زملائه خريجي جامعات المختلفة في نفس تخصصه الذي تخرج به. والهدف هو الوصول والحصول على فرصة عمل في يوما من الأيام.
ارتفع سن الزواج:
مع اختلف الزمن وزيادة أعداد السكان في معظم بلادنا العربية، وتأخر سن الزواج للشباب ذكوراً وإناثاً، أما لعدم وجود عمل مما يعني عدم توفر الحد الأدنى من التأمين المالي لتأسيس وإنشاء أسرة جديدة، عدم وجود مسكن مناسب بسبب أزمة الإسكان التي تجتاح معظم الدول العربية .. وذلك لنقص عدد الوحدات السكنية المتوفرة والمتاحة في سوق السكن .. وحتى لو توفر المسكن يكون بأسعار مرتفعة للغاية لا يستطيع الشاب الذي يبدأ حياته في شرائه. مما يعني أن الشاب أو الشابة يواجه جهده إلى مواصله الدراسة بعد المرحلة الجامعية والهدف الوصول إلى أعلى شهادة علمية أكاديمية في تخصصه ألا وهي درجة الدكتوراه.
الميزانية الضعيفة للبحث العلمي:
في كثير من الجامعات العربية تكون الميزانية المالية المتاحة للبحث العلمي قليلة للغاية، ولا توجد مصادر تمويل كافية للإنفاق على تلك الأبحاث وهذه الدراسات.. وذلك يرجع إلى عدم بحث تلك الجامعات أو تلك المؤسسات عن مصادر دخل أخر خلاف المصادر التقليدية وذلك عن طريق إنشاء وحدات ذات طابع خاص، أي وحدات خدمة وتنمية المجتمع المحلي المحيط بها.. وهي وحدات تقوم بتقديم خدمات تعليمية وفنية ومهنية للمجتمع المحيط بها مما يعود على الجامعة بدخل مادي يوجه للإنفاق على البحث العلمي. فكما هو معروف أن متوسط نسبة الإنفاق على التعليم والبحث العلمي في الوطن العربي حوالي 0.2% من الدخل القومي لتلك الدول بينما المتوسط العالمي هو 2% من الدخل القومي مما يعني أن الدول العربية تنفق على التعليم في المتوسط عشر ما تنفقه دول العالم عليه، وهذه الأرقام توضح مدى تخلفنا عن العالم المتحضر مما يوضح كيف أننا متخلفين.
قيام الجامعة بعمل مشاريع بحثية علمية مع المؤسسات والمنشآت الصناعية والزراعية والخدمية..الخ المحلية والإقليمية حيث تقوم تلك الجهات أو الهيئات بالإنفاق والتمويل على تلك الأبحاث والدراسات العلمية التي تنهض بالمجتمع، للوصول به إلى أفضل ما يمكن.
أرقام لها معنى:
• كشف تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أن حوالي 90% من إجمالي العاطلين عن العمل هم من حملة المؤهلات والشهادات المتوسطة والجامعية وما فوقها، مشيرا إلى أن عدد المتعطلين الحاصلين على مؤهلات متوسطة يبلغ 1.2 مليون شخص بنسبة 55% من إجمالي المتعطلين. وأكد التقرير أن معدل البطالة خلال الربع الأول من العام 2008 يعكس ثباتا نسبيا حيث سجل 9.04% مقابل 9.06% خلال نفس الفترة من العام 2007 موضحا أن أعداد المتعطلين عن العمل خلال الربع الأول من 2008 بلغت 2 مليون و 188 ألف متعطل.
• شبح التضخم فاق الحدود وبات ينذر بانفجار أزمة في البلدان العربية... خبراء الاقتصاد عجزوا عن معرفة أسبابه الحقيقية ومتى ينتهي وسط وجود 67 مليون فقير من أصل 300 مليون نسمة عربية.
• "اعتقد أن آسيا حققت قصة نجاح هائلة في محاربة الفقر، ففي عام 1990 كان واحد من كل ثلاثة آسيويين يعيش بدولار في اليوم، وأصبحت هذه النسبة في عام 2000 واحدا من بين كل خمسة، وأن التضخم سيكون الخطر الأكبر الذي يتهدد مستقبل الاقتصاد الآسيوي" [راجات م. ناج – مدير عام بنك التنمية الآسيوي].
• "إن الوطن العربي بحاجة إلى توفير 80 مليون فرصة عمل خلال العقدين المقبلين حتى عام 2020" [د. عيسى الغزالي – مدير عام المعهد العربي للتخطيط بالكويت].