إليك يا صديقي البحر..

يا من أعدت لي و لو لساعات سلمى المسروقة مني..

كنت و مازلت و سأظل أعشقك ..

حين تتصل بي هذه المرة..ككل مرة ..سأنهض باكرا..و سأختار بعناية ملابسي..ففي كل لقاء لنا يجب أن أكون مستعدة..أن أكون قد راجعت كل دروس الحياة حتى لا ارسب هذه المرة أيضا..

ارتدي ثوب كبريائي و أسير نحوك بخطوات جندي مقبل على آخر معركة في تاريخه..بعدها إما أن يقلد وساما و إما أن يوارى الثرى..

لا أتكلم كثيرا أنا الثرثارة حد الموت..و أتظاهر بالشبع و بالزهد..أنا التي لا تتوقف عن الأكل..و برغم استفزازاتك أحاول المحافظة على رباطة جأشي و إبعاد ثور غضبك عن منديلي الأحمر..

أكون أمامك امرأة كاملة الأنوثة و كاملة التفكير..متوازنة ..حتى لا تتجرا أن تهاجم مدني البيضاء.

اشعر أحيانا أني ساذجة أمامك أو حتى غبية-دون علمك طبعا-أنا التي ظننتني أذكى من صديقاتي..و لكن "في ارض العميان الأعور هو الملك".

أيها الرجل الارستقراطي العادات..اشتهي اختلافك..و اضطراري للتمثيل أمامك..و دخولي معك مسلحة بالكلمات في كل نقاش في السياسة و الاقتصاد و المال و الأعمال..كل نقاش لا يدور أو لا يفضي إلى الحديث عن الحب..

ثراؤك يستفزني..فانا لازلت تلك الفتاة التي لم تر إلا قليلا من الاغنياء يساندون إخوانهم الفقراء..أنا الكاتبة الهاوية التي كثيرا ما وضعت الغنى بقرب المجون و الفسق..أنا التي بررت للفقراء كل شيء..و لم ابرر للأغنياء أي شيء..

سيارتك السوداء الفاخرة تذكرني بسيارة والدي التي تتعطل احد عشرة شهرا في السنة..أنت تركب سيارتك في شموخ..تسوقها في انسياب تام..و لكني لأسباب كثيرة اشعر أن سيارة والدي تركبه و لا يركبها..يحرك مقودها في صعوبة..كلما اركبها اشعر أني أمام مهمة بوليسية ما.. الهدف فيها أن نصل دون أن نتعرض للقتل من طرف سيارة والدي!

هاته السيارة اكبر مني عمرا..حاولنا مع أبي ليبيعها..لكنه رفض..انه يحبها..كما لا تحب أنت سيارتك السوداء الفاخرة بل تقودها و فقط..فنحن البسطاء نحب كل ما نمتلكه ..لأننا امتلكناه بعد جهد جهيد.

أتمنى لو استطيع أن أكون طبيعية أمامك..لو أن لا اضطر إلى ارتداء فستان أنيق و حذاء ذي كعب عال..لو البس فقط ما تعودت أن البسه: سروال جينز و بلوزة..أن اختار ألوانها دون التفكير فيما سيثيره هذا اللون لديك..

أتمنى لو تفاجئني بان يكون لقاءنا القادم على شاطئ بحر و ليس في قاعة مغلقة..إنارتها لا تختلف عن الظلام كثيرا..قاعة تذكرني بتوابيت المصريين القدامى..نفس الظلمة و الوحشة و عدم القدرة على تنفس هواء نقي..

لو نسير جنبا إلى جنب على شاطئ البحر..تداعب خصلات شعري و تشعل فتيل رغبتي بان تمسك يدي في حنان و نخلع عنا أثواب الرسميات..أن أبللك بالمياه لهوا..دون أن أتردد..دون أن أخاف من ردة فعلك..لو تخلع عنك بذلتك الرسمية التي تشعرني باني أمام نائب في مجلس الشعب..أن استطيع لمس جسدك و أشم رائحته دون أن تحجبها غالونات العطر التي تضعها..فأغفو على صدرك كالأطفال دون أن تزعجني الأوسمة التي قلدوها إياك ذات يوم..و كل يوم أولئك الذين يتملقونك..

أنت لا تعرف الطفلة التي بداخلي..الطفلة التي تعبت من الرقص الكلاسيكية..و لاعترف لأجلك فقط تعلمت هذا النوع من الرقصات..فانا كنت دوما ممن يهوون موسيقى الراي..أنت أجبرتني ا ناحب سيمفونياتهم التي تشبه ترنيمة الموت..و أنا مثلت باني فعلا أحبها..لكنني كلما سمعت فرقة "راينا راي" أو أغنية "للشاب بلال" أو أيا ممن يغنون هنا في بلادي بلغة بسيطة معجونة بالصدق و بالألم و بالابتسامات الساخرة من واقع لا يرحم..لغة تخرج من قلب " سيدي بلعباس" و من " وهران" و" تلمسان" و من كل شبر في وطني الحبيب..لغة الشباب الباحث عن "الحرية و الأمل"..كلما سمعتهم يهتز جسدي بالرغم مني أحيانا فانا مثلهم ابحث عن مساحة صغيرة للسعادة..و تنزل دموعي أحيانا أخرى..لأني مثلهم أيضا مليئة بالأحزان كمدينة يونانية قديمة..

و برغم الرغم أشتهيك..اشتهي فلسفتك التي لا افهم منها شيئا..فنحن مبهورون دوما بما لا نفهم كنهه..اشتهي ابتسامتك و أنت تحدثني عن التاريخ ..عن هتلر و موسوليني..و عن العراق..و الأنظمة العربية المتخاذلة..و عن فلسطين أحيانا..و تبين لي بسطوة من يدرك كل شيء..أني مخطئة في كل ما أظنه..فالحاكم الذي أحبه تظهره أمامي ديكتاتور..و القضية التي ادعمها خاسرة في نظرك..و الأشخاص الذين كانوا مثلي الأعلى في الحياة هم في رأيك مجرد رعاع..

لقد تعبت

يا سيدي أنا لست المرأة التي تخرج من بحر بساطتها لتدخل نهر تعقيدك..أنا سمكة تعودت على الماء المالح رغم أن مياهك العذبة تغريني..

حاولت أن أكون غيري أمامك..و لكنني فشلت دون أن تعرف طبعا بهذا الفشل فانا –محاكاة لمنطقك في التباهي بالذات- "ممثلة بارعة".

في لقاءنا القادم سأكون أنا..سأرتدي ما أريد و أقول ما أريد و اذهب أين أريد..سأخلع عني ثوب الحكمة و حذاء الرزانة..لأكون أنا بجنوني..بتخطي للحدود الحمراء فالقوانين في شرعي "وضعت لكي تخرق"..سأكون أنا و فقط ..

ربما لن يروقك جنوني و طفولتي..و حبي للسير على الأقدام و الاحتكاك بالناس في الطرقات و الابتسام في وجه من اعرف و من لا اعرف..فأنت تخاف على بذلتك الأنيقة و حذاءك الغالي الثمن من الغبار و أقدام البشر..و لكنني أخاف على شيء أغلى بكثير..أخاف أن تضيع روحي البسيطة العاشقة للحرية في سجن عالمك أو عالم سجنك الذي تدقق فيه في كل شيء..و ترفض أن تكون كالآخرين و أنا من الآخرين..

سأكون أنا و اعرف انك لن تعرفني و ستقول لي :"عذرا أنا في انتظار امرأة أخرى..امرأة أنيقة و بارعة في الحديث" و سأقول لك عذرا أنا أيضا انتظر رجلا آخر..رجلا بسيطا و مجنونا..و لا يخطط لحياته بالورقة و القلم..عذرا لابد أني اخطات العنوان
هذه القصة رائعة جدا وجدتها فنقلتها لكم لعبرتها التي أعجبتني...".

تحياتي لكم

تحياتي شمس

روعة القصة اختى



يسلمواااااااااا