أزمة الكتابة لدى طلاب الجامعة أو سؤال الجودة في الكتابة
خالد بوهليل
الحوار المتمدن - العدد: 3066 - 2010 / 7 / 17
يدور موضوع هذا المقال أيها السادة ، حول سؤال الكتابة و مآلها داخل المنظومة التعليمية الجامعية. و بالضبط مسالة الكتابة لدى طلاب الجامعة العربية و الجامعة المغربية على وجه التحديد، م الذي دعاني إلى الكتابة حول هذا الموضوع ؟ كنت أناقش قبل أيام مع صديق في الجامعة حول جودة الكتابة في الامتحانات في كليات الآداب و العلوم الإنسانية ، ففكرت أن أكتب حول هذا الموضوع بمجرد ما أن وصلت إلى المزل.
وأبدا مقالتي هته حول قصة جرت لطالب مع أستاذ الفلسفة داخل الفصل، أثناء إجراء الامتحان النهائي في مادة الابستومولوجيا،وبينما هو مستغرق في التفكير قصد محاولته مناقشة السؤال المطروح و الإجابة عنه كان يفكر في الآن نفسه حول ما إذا كان ممكنا ان ينشر هذا الامتحان - المقال في أحدى الجرائد المحلية ولما لا في كبريات الجرائد ذات الصيت الذائع فيكون أول مقال له -لأن فعلا لهاذا الطالب قدرة ذهنية خارقة على التفكير المنهجي و العقلاني في معالجته لقضايا الاجتماع و الثقافة و يستطيع أن يؤلف لك ماتشاء من المقالات...الخ- ، وعند انتهائه من الامتحان ،وبعد طلبعه الإذن بالخروج و بإخراجه معه الامتحان -المقال ،استغرب الأستاذ من هاذا التصرف الصادر عن هذا الطالب ،كيف ! الورقة لا تخرج من الفصل قبل أن تصحح .و لكنه أنكر عليه ذلك فرجع لتوه ... ودار الحوار البزنطي بين هذا الطالب النابغة و الأستاذ.
في الجامعات الغربية لو وقعت هذه القصة لما اتخذت هذا المسار بل على العكس ستتلقى تنويها لا مثيل له ،طبعا حينما نتحدث عن عدم الاهتمام أوضعف التفكير في خلق مراكز الرصد حول الكتابات المتعلقة بالامتحانات داخل الجامعة ،- حتى تنضج الفكرة- أقول ،قد يقول قائل أن جودة الكتابة ليست بالضرورة أن تخرج من أسوار الجامعة، إذ برز كبار المفكرين و الكتاب في العالم العربي لم يلجوا قط عالم الجامعة ،قد يكون هذا صحيح ،لكن صاحب هذا التساؤل يقصد به الكيف و الكيف غالبا ما يكون قليلا و بعبارة أخرى أن ذ لك استثناء و الاستثناء لا يلغي القاعدة .إذ هنا نتحدث عن الكم في هذه الحالة ،لماذا؟ لنفرض مثلا أن مسالة استعصي حلها داخل الفصل الدراسى و يريد الأستاذ اقتراحا يراه مناسبا . هل يكفي الاستماع لاقتراح واحد و لو كان قريبا من المسالة؟ أم وجب أن يتجمع أكبر عدد ممكن من الاقتراحات؟ ،أعتقد أن الأخير هو المرجح وذلك حتى نحصل انطلاقا من هذا الخضم المثناثر من الافكار على الكم و يكون مفيدا ومن ثم نعالج المسالة.
إذن مسالة هدر الطاقات الفكرية في المغرب تتخذ عدة تمضهرات:في المغرب،- كما فس سائرالأقطار العربية- أثمار من الشباب الواعد المثقف ثقافة عضوية وليست انعزالية على -الأقل غي الوقت الراهن – هذه الثقافة التي وصفها أحد كبار المفكرين الايطالين الذي أنتجه القاع المجتمعي الايطالي في فترة من الزمان بالثقافة العضوية ،هي ثقافة تجعل حامل الفكرة ينزل بها عن طواعية إلى المجتمع، المكتوي بنار التناقضات المجتمعية التي تحتاج إلى حلول جذرية ،وليس كلما ثقلت عليه فينزلها مكرها كما يفعل كثيرا من مثقفينا العرب.هذه التمضهرات يمكن تلخيصها في ؛ في هجرة الأدمغة إلى الخارج , عد م التمكن من متابعة الدراسة ،أو لأسباب أخرى.
شباب يحمل هما و قلقا وتفكيرا مستقبليا، يتأمل، يتمني، يلوم نفسه ، المجتمع ،التاريخ،إلى ما لا نهاية،يريد أن يفرغ ما في جعبة فكره من نظريات و أفكار يمكن أن تتحول إلى تطبيقات، و لنعلم أنه بدون نظرية لا يمكن أن يكون هناك إنتاجا على مستوى الممارسة ، و قد يعتقد المرء أن الفكر العربي اليوم قد بالغ في التنظير! أقول هذا غير صحيح لأن لو كان هناك تنظير لكان هناك ممارسة وأقصد بالممارسة التطور العلمي و البحث الأكاديمي الذي يوصل البلد إلى مصاف الدول المتطورة على كافة المستويات ...و لكن هيهات، وا تسائل ،هل لنا الجرأة أن نصنع الفكر فضلا أن نصنع المفكر؟ و قبل هذا و ذاك، هل من شروط لإنتاج الفكر داخل الجامعة المغربية و مراكزها التابعة لها؟ أم فقط هناك تراكما كتبيا ومعلوميا ينضاف الى الرفوف ليؤثثها ؟.
أسئلة تحمل في طياتها دلا لات عميقة، ليس لنا الوقت الكافي الإجابة عنها لأنها ليست أسئلة أدبية بقدر ما هي أسئلة ابستمولوجية خطيرة يجب أجرءتها و تنزيلها على أرض الواقع في أقرب وقت ،و الانتقال من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم، ونتمنى أن يأتي ذلك الجيل المجدد و الحامل لقيم الحداثة و الجدية و التفاني في العمل و العصامية كما كان كبار المفكرين كمحمدعابد الجابر ي ،- الذي رحل عنا قبل أيام تاركا و راءه الفكر المغربي المعاصر غير مكتملا (على حد تعبير" يوركن هابرماس" الحداثة مشروع غير مكتمل). - Inachvé
نعود إلى مسالة الجامعة لنتسائل،من هو الأقدر على ممارسة فعل الكتابة؟ هل هو الذي يهواها ولا يتجاوز تعابيرعا الرنانة و محسناتها البديهية و سحرها الفتان .وغير مهتم بالقضية الأساس وهي تطوير البحث العلمي بطرح أفكار و ممقترحات رصينة الواعية بالدور النهضوي الذي يمكن أن تضطلع به لأجل اصلاح الأمة؟،أم صانع الكتابة و منتج شروطها كالالتزام بقيم التحصيل العلمي و و الجد و كثرة المطالعة و الايمان و الحب و التفاؤل .. قيم تضل مرتبطة دوما بأي مشروع نهضوي للأي أمة فضلا عن الأمة العربية.
نتحدث هنا عن التخطيط الاستراتيجي الواجب اتباعه من قبل الهيئات المسؤولة على الشأن التعليمي و التربوي ببلادنا، فبناء" الشخصانية "المغربية الكفء و الباحث الجاد و المظر الاقتصادي و السوسيولوجي المتقن و العالم الإسلامي و المفر الإسلامي لا يمكن تحقيقه بسياسات اجتماعية و تربوية لا تناسب مؤهلاته النفسية و الاجتماعية وحتى التمويلية،إذن وجب التشجيع المعتبر... .
في بريطانيا يطرح على الطلبة السؤال التالي : "اكتب موضوعا في كذا يستحق النشر في جريدة كذا"، و ضع على كلمة يستحق النشر ما تشاء من السطور،انضر كيف يهتم القائمين على قضايا التعليم و التربية بالجانب السيكولوجي للطالب و ذلك أن مسالة الرغبة في لفت الانتباه في الإنسان قضية معروفة لدى علماء النفس سواء أمام الناس مباشرة أم في قنوات الإعلام المختلفة و ذلك قصد إشباع حاجة تقدير الذات كما تحدث عنها "ماسلو" ،إنهم يؤسسون لمعالم الإنسان المنتج بآليات بسيطة و ذكية مما سيكون لها الأثر الفاعل لإنتاج نماذج من المفكرين و الباحثين يجددون بناء صرح الأمة مستقبلا.