السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من المسائل التي يكثر الحديث عنها وتتضارب الاقوال بخصوصها مسالة أداء صلاة تحية المسجد وتزامنها مع فرائض وسنن رواتب وقت أدائها
ولتوضيح وتقريب الحكم الشرعي لهذه السنة النبوية المؤكدة إليكم هذه الأقوال والاحكام التي جمعتها من اقوال وفتاوى أهل العلم أسأل الله أن ينفع ويفيد بها :
1/ معنى تحية المسجد :
حسب الفقهاء فتحية المسجد يقصد صلاة ركعتين يصليها المسلم إذا دخل المسجد قبل أن يجلس .
قال الدسوقي رحمه الله : معنى قولهم تحية المسجد تحية رب المسجد لأن الإنسان إذا دخل بيت الملك إنما يحيي الملك لا بيته.
وجاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني رحمه الله :
تحية المسجد ركعتان: يصليهما الداخل إلى المسجد، وهي سنة إجماعا في حق كل من دخل المسجد لعموم الأخبار
2/ حكمها :
هي واجبة لحديث أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين»
رواه البخاري ومسلم .
وحديث جابر قال :
«جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس فقال له : يا سليك ! قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما ، ثم قال : إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما»
رواه البخاري ومسلم
قال أبي قتادة: أعطوا المساجد حقها، قيل له: وما حقها؟
قال: ركعتين قبل أن تجلس.
رواه ابن أبي شيبة
3/ حكم تزامن تحية المسجد مع ركعة الوتر
قد يحدث وتتزامن صلاة تحية المسجد مع ركعة الوتر
و صلاة الوترسنة مؤكدة عند جمهور الفقهاء وتجوز بواحدة أو أكثر فعن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«الوتر حق على كل مسلم ، فمن شاء أوتر بسبع ومن شاء أوتر بخمس ومن شاء أوتر بثلاث ومن شاء أوتر بواحدة»
رواه أبو داوود
فمن دخل المسجد وصلى الوتر ركعة واحدة فهل تسقط التحية بأداء الوتر ركعة واحدة ؟
الذي عليه جمهور الفقهاء أن التحية لا تسقط بفعل ركعة واحدة لأن الحديث نص على ركعتين وهو حديث أبي قتادة :
«إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين»
فمفموم الحديث الركعتين وعدم إجزاء الواحدة ..
قال النووي رحمه الله:
ولو صلى على جنازة أو سجد شكرا أو للتلاوة أو صلى بنية التحية لم تحصل التحية على الصحيح من مذهبنا
4/ تزامن تحية المسجد مع صلاة الفرض أو السنة :
الراجح ان صلاة النافلة أو الراتبة تجزئ عن تحية المسجد
فقد ذهب عامة الفقهاء إلى أن من دخل المسجد فصلى نافلة أو راتبة أو فريضة فإنها تجزئ عن التحية فمن دخل المسجد وصلى العصر مثلا سقطت عنه التحية بفعل فريضة العصر
وهكذا في النافلة والراتبة ولا فرق في هذا أن تكون الفريضة مؤداة أو مقضية أو منذورة أو أن تكون النافلة راتبة - كرابتة الفجر - أو غير راتبة - كنافلة العصر- والسبب في ذلك أن المقصود وجود الصلاة قبل الجلوس بالمسجد وذلك لتعظيم المسجد بأي صلاة لتكون تحية للرب عز وجل ،
قال الحطاب :
فان ركعتي التحية لا تفتقر لنية تخصها ، فأي صلاة حصلت عند دخول المسجد كفت عن التحية فريضة كانت أو نافلة.
وقد افتى الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله تعالى أن الشخص اذا دخل المسجد وصلى ركعتين بنية الراتبة فتكفيه عن أداء تحية المسجد
و قال الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه في جزء من جواب طويل له ما يلي :
...رجل دخل المسجد والناس يصلون صلاة الفجر ،
فإن من المعلوم أن الإنسان إذا دخل المسجد لا يجلس حتى يصلي ركعتين ،
فإذا دخل مع الإمام في صلاة الفريضة أجزأت عنه الركعتين ، لماذا؟
لأن المقصود أن تصلي ركعتين عند دخول المسجد ،
وكذلك لو دخل الإنسان المسجد وقت الضحى وصلى ركعتين ينوي بهما صلاة الضحى أجزأت عن تحية المسجد ، وإن نواهما جميعاً فأكمل ، فهذا هو الضابط في تداخل العبادات
وخلاصة القول الذي عليه جمهور أهل العلم ان السنة الراتبة القبلية أو اي صلاة اخرى تجزئ عن تحية المسجد، فسنة الصلاة في المسجد كافية عن التحية، لأن المقصود من التحية أن يبدأ الداخل للمسجد بالصلاة، وقد وجدت بالسنة الراتبة.
فائدة :
بخصوص صلاة راتبة الفجر فالراجح الذي عليه أغلب اهل العلم أنها تجزئ عن تحية المسجد
بل قد ورد حديث صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا طلع الفجر فلايصلي الا ركعتين
فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن حفصة رضي الله عنها قالت :
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ.
أخرجه البخاري ومسلم.
وقد ذهب الى هذا جمع من السلف وتبث عنهم أنهم كانوا يكرهون اذا طلع الفجر أن يصلوا الا ركعتين