hawass المشرف على منتدى المواضيع التربوية العامة
الجنس : عدد الرسائل : 797 العمر : 44 العمل/الترفيه : instituteur المدينة : تارودانت البلد : الهواية : المزاج : تاريخ التسجيل : 21/08/2008 نقاط : 943
| موضوع: عندما يتمرد المراهق على المربي الأربعاء ديسمبر 31, 2008 5:40 pm | |
| عندما يتمرد المراهق على المربي |
uploads/tamrod-morahg.jpg |
|
|
أ: أحمد صلاح
كيف يتصرف المشرف عندما يواجه تمردًا عليه من مجموعته التربوية؟
ورغم أن المشكلة عادية ومتوقعة في مرحلة المراهقة، إلا أن عدم حلها ينسف جسور العلاقة بين المشرف والطالب بلا رحمة، وإن لم تُعالج المشكلة بحكمةٍ (علم ودراية وحسن تصرف)، فإن كلمة النهاية ستُكتب لتلك العلاقة لا محالةَ.
تعال أخي المشرف نُحلل الموضوع، وندرس أسبابه، ونقترح حلوله.
أولاً: ما هو التمرد؟
التمرد هو رفض ما ينبغي الالتزام به من عقيدةٍ وقيمٍ وآدابٍ وسلوكياتٍ وأوامر، أيًّا كانت، بسبب رفض السلطة التي تُنادي بكل هذا.
إذنْ التمرد هو سلوك ناتج عن سوء العلاقة بين الفرد والسلطة، وإذا كانت المشكلة عامة (بمعنى أنها ليست حالة فردية ترجع إلى عوامل نفسية للشخص نفسه).
فإن أصابع الاتهام في هذه الحالة تتجه إلى السلطة مباشرةً بسبب الممارسات الآتية:
1-أسلوب القهر في استخدام السلطة، بمعنى إصدار الأوامر دون نقاشٍ ودون احترامٍ للرأي الآخر ومحاولةٍ لفهم وجهة نظر صاحبه وسبب اعتراضه، وتجاهل ظروفه، (وفي الحالة الدعوية، طغيان مبدأ السمع والطاعة على الرغبة في الحوار والنقاش وربط النقاش في الأمر بالعصيان والتمرد).
2-عدم فهم نفسية الطرف المتلقي للأمر والمنوط بالدعوة (خصائص مرحلة المراهقة)، وعدم تفهم رغباته واستيعاب طريقة تفكيره وظروفه الاجتماعية وقدراته الفكرية والنفسية التي تختلف من شخصٍ لآخر.
3-تجاهل رغبات الطرف المتلقي للأمر والمنوط بالدعوة بطريقةٍ فيها إهمال أو سخرية أو تعنيف.
4-إهمال الاقتراحات أو عدم التفاعل معها بجدية وإهمال المواهب وعدم تشجيعها وتنميتها.
5-وضع الطرف الآخر في وضع الشخص المتلقي للأوامر دائمًا والمُطالَب بتنفيذها دون نقاشٍ وإشعاره دائمًا أنه شخصٌ غير قادر على التفكير وإبداء الرأي؛ مما يُشعره بدونيته والإقلال من قيمته.
6-الجفاء في المعاملة واختزال العلاقة بين الطالب والمشرف إلى مجموعةٍ من اللقاءات التي (لا بد) أن ينتظم فيها، ومجموعة من الأوامر التي (لا بد) أن يُنفذها؛ مما يجعل العلاقة بينهما كجسدٍ بلا روح، لا بد أن يموت حتمًا.
والآن أخي الكريم.. هل تجد نفسك الآن في موقع المشرف الذي يمارس سلطته بالوسائل الستة السابقة؟.
إذا كان الأمر كذلك، فمن الطبيعي جدًّا أن تواجه بتمردٍ من الطلبة في مرحلةٍ من أهم خصائصها رفض السلطة والرغبة في الاستقلال بالرأي والبحث عن الحرية التي حُرِمَ منها لسنوات.
إنَّ استخدامَ السلطة بالبنود الستة السابقة، يُولِّد الكبت عند الطالب الذي سيظل يتحمله فترةً لاعتبارات مثل فارق السن بينه وبين المشرف ورغبته في الوجود مع أصدقائه، أو لكونه ابن أحد الإخوة كما هو موجود في حالتك، إلا أنه مع استمرارِ هذا الكبت، يتولد ضغط نفسي رهيب على الطالب لا يُمكن التخلص منه إلا بالتمرد وعصيان المشرف، ومعه يتولد عدم الشعور بالاحترام، وتصبح العلاقة حساسة بين الطرفين إلى أقصى حد، وقد تتسبب هذه الحساسية المفرطة إلى رغبة أحد الطرفين أو كلاهما، في إنهاء تلك العلاقة برمتها للتخلص من تلك الآثار النفسية السلبية المتراكمة.
وعليه.. فإن علاج المشكلة مع هؤلاء الطلبة، يتلخص في:
احترام آرائهم وعدم إصدار الأوامر لهم إلا بعد نقاشهم، والبرهان بالدليل العملي على احترام تفكيرهم والنزول على رأيهم في بعض الأمور، وإعطائهم مساحةً كبيرةً للاعتراض المُهذَّب وحرية الرأي، وتجربة ما يريدون تجربته في حدودٍ معينةٍ لا تُسبب أضرارًا فادحةً في حالة الفشل.
أثبت لهم أنكَ صديقٌ لهم لا رئيسَ عليهم، برهن لهم أنك تحترمهم وتحترم عقلهم وفكرهم وإمكانيتهم ومواهبهم، أعطهم قدرًا من الحرية المسئولة، أحبهم بصدقٍ ليحبوك بصدق، أشعرهم أنهم شركاء معك في الدعوة وليسوا أُجراء جاءوا لتنفيذ بعض الأعمال مقابل إرضائك، أطلق إبداعاتهم وشجعهم على مجهودهم، وأعطهم مساحةً للتجربة والخطأ، اعترف بأخطائك أمامهم بشجاعةٍ، واعتذر لهم إن أخطأت في حقِّهم.
ابدأ معهم بجلسة حوارٍ صريحةٍ يفتح فيها الجميعُ قلبه ويتحدث بصراحة عمَّا يضايقه من الطرف الآخر، وتعاهدوا على دستورٍ جديدٍ للتعامل الإنساني فيما بينكم، دستور للتعامل يبني الأفراد ويُقوي الجماعة، لا يُهمشهم ويختزل الجماعة في فرد.
وهذه الطريقة في التعامل تحتاج إلى مشرفٍ واع، ولديه فهم قوي للمرحلة وفنيات التعامل مع أصحابها، مشرف مثقف يستطيع أن يعرف متى يكون حازمًا، ومتى يكون رقيقًا هينًا، يستطيع أن يعرف متى يضحك ومتى يغضب، يستطيع أن يُقنع الآخرين بأفكاره ويُحمسهم لتنفيذها برغبةٍ منهم لا برغبةٍ منه. (راجع مقال.. ثلاثة عوامل تضمن نجاح الداعية مع المراهق).
وكعادة أي محاولةٍ جيدة ربما تُصاب بالفشل في مراحلها الأولى ولكن مع الصبر والمثابرة ستشعر حتمًا بدفء أشعة النجاح، وهو يتسرب إليك ليلمس جسدك، وستجد العلاقة بينكما تتغير شيئًا فشيئًا ليذوب الجليد، ويتحول إلى تيارٍ من الماء الدافئ، تتعاونون معًا على تنقيته كلما شابته شائبة.
أخي الحبيب..
استعن بالله وحاول واصبر وثابر.. وأنا على ثقةٍ أنَّ الوضعَ سيتغير.
أخي الحبيب..
لن يحل المشكلة شكواك لآبائهم الذين غالبًا ما يمارسون معهم السلطة بأسلوبٍ خاطئ سيمهد الطريق للتمرد عليهم أيضًا، وحتى إن لم يكن كذلك، فإن تحمُّل علاقةٍ مع شخصٍ آخر تحت ضغطٍ من أطرافٍ أخرى، لن يستمرَّ طويلاً؛ لأن خيوط العلاقة المشدودة ستضعف يومًا، وستنقطع باستمرارِ شدها يومًا بعد يوم.
أخي المشرف الحبيب..
إذا واجهتك تلك المشكلة فأنت في حاجةٍ إلى جلسةٍ تستعيد فيها كل ما دار بينك وبين طلابك، فإن رأيت أن استخدامك لسلطة المشرف لم يكن كما ينبغي، فابدأ بما اقترحته عليك لحلِّ المشكلة، والله الموفق |
|
|
|