يمثل العقم مشكلة اجتماعية وصحية ونفسية كبيرة، لذلك تؤثر سلبيا على استقرار واستمرارية الكثير من العائلات من جهة، وعلى تطور النمو السكاني في بعض المجتمعات، لا سيما الاوروبية منها، التي تعاني من التآكل السكاني نتيجة لتناقص عدد الولادات من جهة اخرى.
الاوساط الصحية العالمية تنبه في هذا المجال الى تراجع مستمر في عدد الحيوانات المنوية الفعالة لدى الرجال على المستوى العالمي في الفترة الاخيرة، مشيرة الى ان الرجال الذين يريدون التبرع بالسائل المنوي مثلا يتعيَّن ان تكون لديهم على الاقل %30 من النطف قابلة للحياة فيه، وان هذا يتوافر لدى 9 رجال من اصل كل 100.
عدد الحيوانات المنوية كان في الثمانينات، وفق هذه الاوساط، ضعف العدد الحالي، أما الوضع بالنسبة للنساء فليس رائعا أيضا، لانه بسبب تأخير عملية الحمل لعدة اعوام تظهر التداعيات السلبية لهذه العملية على امكانات الحمل.
تسود العديد من الاوهام حول العقم بسبب قلة المعلومات التخصصية لدى بعض الناس واعتمادهم في تكوين مواقفهم على الآراء التي يسمعونها من بعض الاوساط غير الصحية وغير العارفة بتفاصيل وابعاد هذه المشكلة التي تتصف بالحساسية الشديدة.
الوهم الأول
العقم مشكلة نسائية
لقرون كاملة كان من الامور الاعتيادية الزعم بأن المرأة هي التي تعجز عن منح الرجل الطفل الذي يتوق اليه، وأن العقم ذنبها حصرا، أما المعطيات الطبية الحديثة فتقدم صورة أخرى، اذ تؤكد أن قسط المرأة من المسؤولية حول ذلك ليس أكبر من المسؤولية التي يتحملها الرجل.
ويؤكد المختصون أن المرأة سبب العقم في %40 من الحالات، وتسود النسبة نفسها لدى الرجل، أما في نسبة %20 المتبقية فتكون المشكلة لدى الطرفين معا، او يكون السبب غير معروف بشكل دقيق.
وسبب العقم لدى الرجال في الاغلب ناجم عن غياب الحيوانات المنوية في السائل المنوي، او قلة عددها، او نتيجة لقلة حركتها او نتيجة لاشكالات جينية وراثية مثل التليف الكيسي الذي يعاني منه %97 من الرجال المصابين بالعقم، او نتيجة لشذوذ الكروموسومات.
الوهم الثاني
المعافاة تلد بغض النظر عن عمرها
يمثل العمر بالنسبة للحمل عاملا مفصليا، لذلك حتى لو كانت المرأة معافاة فان خطر العقم يتنامى مع تقدم العمر، بدليل أن احتمالات العقم هي بنسبة %7 لدى النساء اللواتي في الثلاثينيات، فيما ترتفع الى %11 لدى النساء الاكبر عمرا بمقدار 5 سنوات، أما احتمالات العقم لدى النساء في الاربعينيات فتصل الى الثلث.
ووفق معطيات مركز مراقبة الامراض والوقاية، فان امكان الحمل لدى النساء تبدأ بالانخفاض بشكل سريع بعد سن الخامسة والثلاثين، وانهن عندما يبلغن الرابعة والاربعين عاما فان %2 فقط من البويضات لديهن تكون قادرة على الحمل، أما من ناحية العمر فان الوقت المثالي للحمل يتراوح بين 18 و25 عاما.
ولا يختلف وضع الرجال أيضا في هذا المجال كثيرا، فامكان انجابهم تنخفض أيضا مع تقدم العمر، لكن ليس بشكل كبير كما هو الوضع لدى النساء لان المني يتشكل طوال عمرهم عمليا، اما البويضات لدى النساء فامكاناتها محددة قبل الولادة وتتقادم مع تقدم العمر بالنساء.
ورغم هذه الحقائق العامة، فان الرجال بعد سن الخمسين يظهر لديهم ما يسمى بالتليف الكيسي، لذلك ينحفض امكان انجابهم، لهذا السبب فان أغلب العيادات التي تقبل المني من الرجال تأخذه من المتبرعين الذين تقل اعمارهم عن الخمسين عاما.
الوهم الثالث
بدء الحمل ليس أمرا صعبا
تؤكد منظمة الصحة العالمية بان %15 من الازواج الحاليين يواجهون مشكلة في تحقيق الحمل، وان عدد النساء اللواتي يخفقن في الحمل يزداد سنويا بمقدار مليوني امرأة.
ويبلغ عدد الازواج غير القادرين على الانجاب اربعة من أصل كل 100 زوج، فيما يصل عدد الذين لديهم نسبة احتمال منخفضة بالحمل الى 16 من اصل كل 100 زوج. اما المعدل الاوروبي الوسطي لمعالجة العقم بنجاح فيبلغ ما بين %35 الى %45.
وحتى الازواج الذين لا يعانون اشكالات في الحمل، فان الامور لديهم ليست سهلة. فالاطباء يشيرون الى ان امكان الحمل في مرحلة ما بين الطمثين هي بنسبة %25 تقريبا اما امكان الحمل خلال عام فترتفع الى %85.
الوهم الرابع
حالما تتقدمون بطلب التبني يتم الحمل
هذا الوهم من الاكثر شعبية بين العديد من الناس، لا سيما عندما يتعزز هذا الامر بقصص مختلفة من اصدقاء يروون فيها كيف ان زوجاتهم حملن مباشرة بعد التقدم لطلب طفل عن طريق التبني.
مثل هذه القصص تحدث حقيقة، غير أنه وفق النتائج المسجلة في استطلاعات ودراسات مختلفة، فان هذا الامر لا يمكن اعتباره قاعدة. فالدراسة التي قام بها مثلا مايكل بوهمان أظهرت ان %8 من النساء حملن بعد طلب التبني، فيما اظهرت دراسة كراوس بان النسبة بحدود %10.
الوهم الخامس
بعد الإنجاب لا تمسكم مشكلة العقم
ان مثل هذا الامر قد لا يحدث، فمشكلة العقم الثاني يعاني منها وفق منظمة الصحة العالمية %25 من الازواج، لانه يمكن ان تحدث بعد ولادة الطفل الاول مشكلات صحية عند الرجال والنساء تثقل عملية الانجاب او تجعله غير ممكن.
ويكون سبب العقم لدى النساء في الاغلب ناجما عن اشكالات في بطانة الرحم او عن حدوث عملية الاباضة بشكل غير منتظم او نتيجة لتعرضهن لامراض معدية. اما عند الرجال، ففي الاغلب يكون ذلك ناجما عن تراجع نوعية الحيوانات المنوية، اما في حال كون الفترة بين حدوث الحمل الاول ومحاولة الحمل الثاني طويلة، فان العمر يدخل على الخط أيضا.
منقول