من عرف نفسه فقد عرف ربه

إن معرفة النفس امر مهم لأن من عرف نفسه فقد عرف ربه أي من عرف نفسه بالذل والعجز والضعف والفناء عرف ربه بالعز والقدرة والبقاء ومن جهل نفسه فهو بربه اجهل فعلى العاقل إن يشمر عن ساعد الجد في طلب المعرفة ولا يتوانى في ذلك لئلا يدركه الموت وهو مصاب بعمى الجهل فلا يكون له بعد ذلك سبيل إلى البصيرة قال تعالى (( من كان في هذه اعمى فهو في الآخرة اعمى واضل سبيلا )) .
إن اصل كل كل معصية وغفلة وشهوة وشرك الرضا عن النفس الا ترى إن فرعون لما رضي عن نفسه كل الرضا افرط في الطغيان حتى بلغ به انه قال(( انا ربكم الأعلى )) واصل كل طاعة ويقظة وعفة ومشاهدة عدم الرضا عن النفس , فلا شيء انفع للعبد من تهذيب نفسه , وللنفس سبع مراتب :
1ـ النفس الأمارة بالسوء وهي مأوى الشرور ومنبع الأخلاق الذميمة تأمر باللذات والشهوات الممنوعة شرعا
2ـ النفس اللوامة وهي التي تنورت بنور القلب فتكون طائعة تارة وتعصي اخرى ثم تندم فتلوم صاحبها
3ـ النفس المطمئنة وهي التي تنورت بنور القلب حتى تخلت عن صفتها الذميمة واطمأنت إلى الكمالات فتهب على صاحبها نسمات الوصال يخاطب الناس وهو عنهم بعيد من شدة تعلقه بالحق تعالى
4ـ النفس الملهمة هي منبع الصبر والتحمل والشكر اهم الله صاحبها العلم والتواضع والقناعة
5ـ النفس الراضية وهي التي رضيت عن الله تعالى كما قال تعالى (( ورضوا عنه )) وشأنها التسليم والتلذذ
6ـ النفس المرضية وهي التي رضي الله تعالى عنها ويظهر فيها اثر رضاه تعالى وهو الكرامة والأخلاص والذكر فيعرف صاحبها الله تعالى حق المعرفة فيتجلى في افعاله
7ـ النفس الكاملة وهي التي صارت الكمالات لها طبعا وسجية وتترقى في الكمال وليس لها مأوى سوى الله سبحانه وتعالى .
إن النفس مجبوله على سوء الأدب والعبد مأمور بملازمة الأدب فالنفس تجري بطبعها في ميدان المخالفة والعبد يردها بجهده عن السوء والمخالفة فمن اطلق لنفسه العنان فهو شريكها في فسادها فهي العدو الملازم للأنسان لقوله عليه الصلاة والسلام (( اعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك )) رواه البهيقي , فأن اردت إن تملكها فلا تملكّها وضيق عليها فأن ملكّتها ملكتك وان لم تضيق عليها اتسعت عليك .
بالحقيقة إن امر النفس وعلاجها ليس بالأمر السهل وانما تذل النفس وتنقاد بثلاثة اشياء (( الأولى )) منع شهواتها (والثانية ) حمل اثقال الطاعات و(الثالثة ) الأستعانة عليها بالله عز وجل