ها لوجه نقف مع حقائق التاريخ ونحن نمزق حجب الظلام عن أرواحنا ونكسر الأصفاد عن معاصمنا ونضرب بأقدامنا في الأرض يثبات..
*
ونؤكد أنه مع كل قطرة دم عزيز تسقط على تراب ليبيا يوقع الأحرار وثيقة الاستحقاق للكرامة وتسجل الأمة في سفرها العظيم اضافات شروطها للريادة.. كما انه مع كل رصاصة أو قذيفة من كتائب الموت والمرتزقة ضد ابناء الشعب نكون قد تخلصنا من ثقافة الهوان والمذلة.
*
نحن نعرف كم قاسية لحظات المخاض هذه التي تولد فيها المعاني الجليلة، فلكم خيل لنا أن الأمة انتقلت من تاريخها المجيد.. إلى هامش التاريخ يستعبدها أعداؤها والمرتزقة... ولكن ها هي ملء السمع والبصر ومن دمها يشرق اسمها من جديد، مثالا وبوصلة.. فتصحو فينا حاسة التفاؤل التاريخي.
*
لقد تعلمنا دروس التاريخ الفاصلة جيدا.. وأول تلك الدروس البالغة أن لا ماضي للأمة إلا بالجهاد ولا طريق إلى الغد إلا عبر دروبه الشاقة ولا أفق للكرامة على أرض التضحيات والمقاومة، إلا بإنجاز مشروع الحرية.
*
لقد عادت الروح للجسد ولا أدل على ذلك من الدم المسفوح على الطرقات في معركة الوجود الدائرة في طرابلس والزاوية ومسراتة وتاجوراء وغيرها من ساحات المواجهة ضد الأشرار، لقد عادت الروح إلى الجسد.. انها الطقوس الرائعة التي تحتفل بعودة الروح.. انه الدم الزكي الطاهر وثيقة تسلل الروح الى اعضاء الجسد..
*
وهكذا ضرجت ليبيا بالدم، فدبت فيها الروح تحيل هامشيتها الى حياة جديرة بالاحترام والتقدم على المستوى الانساني، معلنة انتصار الإرادة على الزيف. ها هم الليبيون يصنعون التوحد في كل شيء بدءا من وحدة الإرادة بالوعي.
*
ليبيا ثورة جديدة لتعليمنا درس البديهيات العسير، فليست الشعوب حيزا بشريا فحسب بقدر ما هي حياة تنبض بكل المعجزات.
*
ولكنها ليست ليبية فقط، بقدر ما هي اضافة متميزة لثورة العرب في كل مكان، وانها معنى إضافي لمعنى وجودهم، في صراعهم مع خارجهم ومع داخلهم، وهكذا يتشكل تاريخ العرب ومستقبلهم.
*
لن يصل العرب إلى غدهم فُرادى، هم يذبحون فرادى، هذا صحيح، ولكن عندما تدب فيهم روح الحياة ينهضون جميعا.. هذا درس الثورات العربية الكبيرة في تونس ومصر وليبيا.. إنه الجسد الواحد الذي يتداعى بالثورات والانتفاضات بمجرد تحرك بعضه.
*
ليبيا.. ثورة جديدة لتعليمنا درس البديهيات العسير ان الدم العزيز يدعونا الى التفاؤل والفرح بميلاد أمتنا من جديد.
*
أما نحن، فلا نملك غير جنون الدفاع عن أنفسنا ومستقبلنا، وعن الحياة، إذا كانت الحياة هي التوأم الشرعي للحرية.