ما دور النقابات التعليمية في التغيير؟

محمد بنعزيز
Tuesday, March 29, 2011
في هذه الأيام التي ينزل فيها إلى شوارع المغرب شباب جيل ولد في جفاف منتصف الثمانينات من القرن الماضي، الجيل الذي دخل القرن الجديد من بابه الصعب، في هذه الأيام التي يعلن فيها أكثر من واحد "أريد أن أفهم"، دلالة على غموض المرحلة، في هذه الأيام أتمرن على الفهم والتوقع.
يقول مهدي عامل إن "النقد من اللاموقع ليس نقدا". أي أن المتحدث يجب أن يحدد منطلقاته وفلسفته قبل أن يبدأ النقد، وذلك لنقيس تناسق نقده ومطالبه مع منطلقاته، فإن لم يكن هناك تناسق أو كان هناك تناقض سقط النقد وفقد كل شرعية.
أسباب نزول هذا التقديم هو الجدل الدائر في المغرب حاليا، بين المطالبين بالتغيير وبين أبواق الرجعية السياسية التي تهاجم كل من يتساءل أو يشك أو ينفي إمكانية حصول التغيير المنتظر في المغرب. أبواق تتهم مخالفيها بالتآمر والانقلابية والعدمية والراديكالية والتشدد.
لماذا هذا الوصف؟
لتبرير عرقلة كل تغيير.
يطبق كاتب المقال تلك المقدمة ليفحص الموقع الذي يتحدث منه. يعرف نفسه أنه حداثي فلسفيا، وسياسيا اشتراكي ديمقراطي. وهو متفائل ويرى الألوان في الحياة. وهو لا يريد مآمرات ولا انقلابات.
ومع ذلك يتساءل: هل تكفي الوعود بتحقيق الإصلاح؟
هل تكفي الوعود لتغطي على تدخل قوات الأمن ضد الأساتذة والدكاترة المحتجين؟
يقول علماء السياسة: اللجن لا تؤثر في الواقع على الأرض.
خلاصة لا يختلف عليها اثنان: الكلمات لا تعادل الوقائع.
في مصر، بعد الاحتجاجات أعلن حسني مبارك عن الزيادة في الأجور بنسبة 15%.
في المغرب كم كانت الزيادة؟
00%
في تونس ساهمت النقابات في إسقاط نظام بنعلي. في المغرب تطالب النقابات بتطبيق القانون. بالشفافية في التسيير. نشرت رسالة مفتوحة إلى رئيس مؤسسة الوسيط، من يتوقع أن يرد علي، أن يقول لي معك حق أو أنت تخرف؟
ليس المهم الجواب، المهم أن يكون السيد بنزاكور يتلقى رسائل، وليس مثل العقيد في رواية غابريل غارسيا ماركيز "العقيد لا يتلقى رسائل". القذافي أيضا لا يتلقى رسائل، أنظروا أين وصل.
طيب، أين تقف النقابات المغربية؟ ما موقعها؟
لنر مطالبها:
- إقرار ترقية استثنائية لكافة المستوفين لشروط الترقي ابتداء من 2003 إلى غاية 2011 والتعجيل بالإعلان عن نتائج الترقية لسنة 2010.
- المطالبة بتنفيذ ما تبقى من اتفاق فاتح غشت 2007 ورفع نسبة حصيص الترقية إلى %33 وتقليص عدد السنوات لاجتياز الامتحان المهني إلى أربع سنوات بدل ستة.
- المطالبة بتفعيل المرسوم المتعلق بالتعويض عن العمل بالمناطق النائية.
- استنكار الهجوم الشرس الذي تعرضت له الشغيلة التعليمية في اعتصاماتها أمام الوزارة.
هذه ليست مطالب انقلابية.
هذه مطالب الحد الأدنى، مطالب "الخوشيبات"، ترقيات لمستحقيها. وعندما لا نحصل عليها، فكيف يعدوننا بفصل السلط ومحاربة فسادهم؟
سبق أن تلقينا فيض وعود، وعود تبددت ونسيت. من يتذكر الوعود قبل 2003؟
من يتذكر الوعود بعد صدور تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة؟
يقول أصحاب الجيولوجيا : نفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج . فمثلاً ، الطمر و الطفو ظاهرتان ستنتهيان بالاصطدام .
نفس الأسباب مازالت قائمة. يقول الحكماء "لا يُخرج النبع المالح ماءَ عذبا".
حين تنزل الهراوة على المدرسين، كيف سيطبقون بيداغوجيا الإدماج التي تريد بناء مواطن ديمقراطي متمكن من الكفايات الضرورية؟
يقول فيلسوف يوناني "التربية هي كنز حين يبتسم لنا الحظ وملاذ حين يحل بنا سوء الطالع"، أي أنها صمام أمان، هل تملك أجيال المغرب هذا الصمام كي لا تنزلق؟
أريد أن أصدق الوعود، لكن لم نحصل على عربون واحد على أن التغيير قادم.
بناء على الوقائع أنا خائف على المغرب من توجيه الاحتجاجات لتخدم خصومها.
كيف؟ أعتقد أنه يوجد من يريد لقوى شريرة غير واضحة أن تنشر الفوضى، بل يريد أن ينزل شبان 20 فبراير والعدل والإحسان والنقابات التعليمية دفعة واحدة للشارع ليقول: ها قلنا لكم إنهم فوضويون متآمرون.
من سيعرقل هذا؟
النقابات التعليمية، بفضل كثافة منخرطيها وتغطيتها لكل مدن المغرب، لها مقرات وقيادات، معلومة البرامج والمطالب، هي قوى معتدلة مهيكلة تنشط باستمرار بخلاف الاحزاب التي لا تفتح أبوابها إلا في الانتخابات.
يجب أن تعامل النقابات بجدية. هي كابح لكل انزلاق. لن يخرج من بين محتجيها من يحطم ويكسر... وبذلك لن تعطي الفرصة لخصومها، بل إن انضباطها التنظيمي يفضحهم.
النقابات التعليمية، هي صمام أمان لتغيير سلمي.
هذا هو دورها.