شمس مراقبة عامة
الجنس : عدد الرسائل : 24544 العمر : 35 العمل/الترفيه : جامعية المدينة : الجزائر البلد : الهواية : المزاج : تاريخ التسجيل : 05/07/2009 نقاط : 35206
| موضوع: هذيان قلم **** الخميس أبريل 21, 2011 7:17 am | |
| هذيان قلم ويأتي المساء ، وتفترش النجوم بساط السماء ، ويُطِلُّ القمرُ من عليائه ، يعلو ويخبو نورُهُ ، ويشتدُّ كُحْلُ السّماءْ .وأنا أجلسُ على شرفتي ، على يميني كتُبي والأقلام ، وعلى يساري ، أوراقي وعلبة الألوان ، وأمامي حديقةٌ غنّاءُ تَزهو بالألوان ، إلّا أنّ الّليلَ صبَغَها بِلَون أهدابهِ ، حتى فراشاتُـها والأطيارُ والحَمام . وأُمِسكُ بقلمي ، فَيفِرُّ من بين أصابعي ، وريشتهُ صمّاءُ ولسانُ حاله يقولُ دَعكِ عنّي ، دعيني في حيرتي أتَبَعثَرُ وأُبحِرُ في المَجهول ، فلَكَم دَقَّتْ فَوقَ رأسي طبول ، وما زِلتُ أجهَلُ عن حيرتي ، وإسرافي في أمري ، مَن المسؤول .وأحارُ في أمره ، وقد سكَنَ مِنّي قَلبَ أفكاري ، وجَبهَتي ، وكُلُّ ما أقولُ كانَ في قاموسه مَسموع . فلطالَما أبكَيتُهُ وغارَ بين الدموع ، وتراقَصَ مِدادُهُ على لَحنِ آهاتي ، وعزَفًتْ قِيانُ الضّلوع .واليومَ ما بالُهُ إذا ما أسمَعتُهُ لَحنَ أفكاري ، يَشيحُ بِوَجهِه عَنّي ، ويفِرُّ من بين أصابعي ، ويسكُنُ صَدْرَأوراقي . فماذا عساه يترجِم القلم وقد أثقلَته الهمومُ وتياراتُ الأفكار ، وما نضَب منه المداد ، إنّما ألَحّت عليه أوجاعُه ، ونزَفَ مِدادُه ، وحينها غصّ به القلمُ وتبعثرت حروفه . وأنظر إلى القمر وقد تحلّقت حوله النجوم ، يُسامرها وتُسامرُه ، ويشاكسها وتشاكسه ، فيضيع الهم والضجروالمشاعر الأُخر ، ورقّ لهم المدار ، فلا عواصف ولا أنواء .وقلمي ينظر معي ، ولا يقوى على الحراك ولا حتى بإيماءة من رأسه القاسي كالفولاذ . وعيناه جاحظتان كما لو أن مسّه دُوار ، أو لعَلّ به جِنَّةٌ أو أصابه شعورٌ باغتراب . وأتساءلُ ،القمر ما كُنهُه ، ما لونُه ، ما شكلهُ ؟ هل فيه أنهارٌ من عسل ، أو ماءٌ أو لبن ؟ وهل يعيش فيه الطير و يتنفس الشجر ؟ والفراشات والنحلُ والحورُ والمَها والغادات الأُخَر ؟ وأتساءلُ و يُصغي لصَوت التساؤلات ، لكن كما العودُ حين يَرِقُّ فيه الوتَر . ويخفقُ قلبُ القلم ، ويهمسُ لي حياتنا ظُلَم ، صراعاتٌ أنهكت كوكبنا ، والكل فوقه ازدحم ، حتى نضبَ منه الهواء والماءُ حتى الكرم والجود ، والرقص والغناء والطرب ، فأثقلَتنا الحياة بالهموم ، وانحنى العود وكُسِر الوتر ، وأمست قهرٌ ومقتٌ حياتنا اليوميّة ، وما عدنا نُحِس الحريّة ، حتى نبَذنا المنطق والجدية ، وفقدنا الإيقاع حتى الهوية . فهذا حال من باع عقله والحِس والحساسية .أسروا العقل وأطلقوا غرابيب الجنونْ هدموا المسارحَ ومعاهدَ الفنونْ وأصبحنا دمىً بلا نُهىً بلا عيون . نتجرّع اليأسَ وكأسَ الهمومْ بيوتنا مقابر يَنعَق فيها البومْ ويتلونَ تراتيلَهمْ شياطينُ الإنس والجانْ فمن يغيثنا من الكَربِ ويعدل دفّةَ الميزانْ ويطهّر الأرض من الدّنَسِ ويُنقِذ بني الإنسانْ ؟ فقلتُ مهلاً لكَم أفزَعتني ، وأثوابَ الكآبة ألبستَني ، واختلَطت عليّ الألوان والظلال ، والكائنُ وما قد كان ، وأدخَلتَني في متاهة اللاعودَة واللا سلام ، حتى أنّك أغلَقتَ عليّ دائرة الأحلام ، فما عُدتُ أصحو ولا عُدتُ أنام . لِمَ التشاؤمُ هكذا ، لِمَ التّحامُلُ على الزّمان ؟ فالحاضرُ والأمسُ ليسا سيان ، فبينهما بَرزَخٌ لا يبغيان ، حتى الليل والنهار يتعاقبان ، والعسر يتبعه يَسارٌ ، وكأنّه ابداً ما كان ومفتاحُ السرّ الإيمان .
واعتكف القلمُ بعد أن أغطَشَ اللسان ، فلم يعُد لديه مَيلٌ للجِدال . ونظرتُ إلى الأفق البعيد ، وتساءلتُ هل يعرف أهل القمر العيد ؟ وهل ساكنيه سعيدةٌ وسعيد ؟ أم حالُهم كحالنا ، ننسى الشقاء بشَقاءٍ جديد ، ونُداوي كُل جَرح بِجَرحٍ جَديد ؟ .فيا ساكن السماء ْ، في بيتك في العلياءْ ، يصلك الخبر ، ففي جعبتك أخبار وصور ، وحكايا عن البشر ، وهمس النسيم للنخيل ، وأعراس العنادل فوق الشجر . ويبسم القلم ، ويتمتم بكلمات ، لونها الضجر ، ويرنو إليّ يحاورني ، ويسألني لكن بحذر : هل الرومانسية هي لب القضية ، أم الدواء الناجع لأحوال العصر وأمراضه الآنية ؟ فبعض خيال وبعض رومانسية لا يمكن لهما حل القضية فليسا حتماً عصا سحرية ، إنما تذكرة للهروب على جناح الحلم و قصاصاته الفضية ، أو حتى طيارة ورقية .عيشي الواقع ، عيشي اليقين ، وابني في لجة البحرجسراً للعائدين ، وأغدقيهم بالفل والياسمين . فحتى لو عادوا مُثخَنين بالجراح ، يكفي إنهم من الناجين وإلى رُشدهم ثائبين . فسألته وقلتُ ، منذ متى يا فيلسوف وأنت تحسبها بالأرقام وبالنّكَد شغوف ؟ فحتى البحر جَزر ومَدُّ ، والشمس والقمر يتناوبان الظهور . فالحياة سطور ، فيها الفرح كما الحزن مسطور ، وينصهران إيقاعاً وروح ، والجِدُّ إذا ما خالَطه لَعِبُ ، شذى المسك منه يفوح ، فكن ليناً مرِناً ، ولا تلعب دوماً دور الفيلسوف . وأطرق يفكر إذا ما كان قولي معقولُ ، أم تراني أجهل ما أقولُ . ولفّ حوله دائرة من الصمت حتى فاض بي ، وما عاد يسعفني الوقت . وانتبهت إلى أوراقي وعلبة الألوان ، و حلكة الليل تشتد تشتد . وبدأت الرسم ، بريشة الخيال ، وإبداع الفنان ، ليكون بالإمكان أفضل مما كان ، فالقمر معشوقٌ والعاشق فنان وشراعي الوحي والإلهام ، والجمال هو القبطان . وأخذت أرسم القمر وفي خيالي له صور ، بيت حِجاره حمراء ، وأبوابه مشرّعَةٌ للشمس والهواء .. وزقزقة عصافير .. وخرير ماء .. وموقد .. ونار ودلّة قهوة ترحب بالزوار . ويُحَدِّقُ في الرّسم القلم ، ويقول ياللعجب ! أرض جرداء .. حجارة صمّاء .. زَرعُ مَوتٍ .. وحصادُ صَمتٍ .. وخيبةُ آمال .. وفي عيونك حدائق غنّاء ! .أين الواقع من الخيال ؟ لقد بدأت أحسّ بالزكام ، واحتقانٌ في الريشة والمِداد . ألحقيقة مواجَهةٌ ، الحقيقة صِدام ، وأنت كما أراك قد عشِقتِ الأحلام ، فمُحالٌ أن يكتمِل الجَمالُ في إنسان . فعالمك يعُجُّ بالألوان ، فلا أرى الألوان إلّا دواءٌ وصَبرٌ على مُر الزمان . ولكن لم يكُن بالحسبان ، وأنت أميرتي وملهمتي ، تتساوى في قاموسك أُطُر الحقيقة والخيال بل وينصهران في لوحة تَجريدية مُكتملة الأركان . فأمسكت بالقلم ، ويتغلغل بين أصابعي كطفل أعادوه إلى ابويه . وبدأ بريشته يرسم ، تارةً يضحك وتارةً يتألم ، وتارَةً يقرضُ الشعر وتارة ينثر ، وتارةً يعزف وتارة ينزف ، فهذي هي ألوان الحياة ومَن ألوانَها يَجهلُ ؟ ومن ذا الذي حُبّ الحياة على قلبه يُنكِرُ ؟ فيا صديقي القلمُ ، حتى الشهد في أوانيه يُخالِط حُلوَه المَرارُ . فكل نفس تأبى الإنكسار ، وتبني حولها شرنقةً من وَحي الخيال وهاجس الأماني وحجم الأحلام ، حتى لا يضيع العقل ويقذف بنا إلى غياهب الذهول الزمان ، فصعب لِمن وقع في الجبّ أن يُغادِره دون أن يمُر عليه الرّكبان ، وتأخذه معها حيث الأمان .فما الخيال إلا صمام الأمان حين تحاصرنا الأهواء والأفكار ويستعصي علينا القرار ، حتى الكلام . وما بين الحقيقة والخيال ، يمضي بنا الترحال ، وتُزهر فينا آمال ، وتموت آمال ، وهكذا دواليك إلى أن تلفظ أنفاسها شعلة الحياة . وبسم القلم وقد سكنَت أمواجُهُ ، وقال :
إذا ما انقشع عن سمائي الضباب والعقاب وما عاد يحجب الشمس سحُبٌ ولا أمطار لن أكُفّ عن الجلجَلَة ولن أكُف عن الهذيان . فكيف يُمسي الحاضر والماضي سيان ، وبَقايا سطور في كتاب الزمان لِمَن يُعمِل ذِهنَه ويُميّز الألوان تحياتي لكم شمس المنتدى |
|
mohajaba مراقبة عامة
الجنس : عدد الرسائل : 3542 العمر : 33 العمل/الترفيه : paint المدينة : temara البلد : الهواية : تاريخ التسجيل : 29/12/2010 نقاط : 3650
| موضوع: رد: هذيان قلم **** الأحد مايو 08, 2011 8:24 am | |
| كل الشكر والتقدير على الموضوع الشبق تسلم ايدك واصل ولا تفاصل بانتضار جديدك بانتضار جديدك |
|
شمس مراقبة عامة
الجنس : عدد الرسائل : 24544 العمر : 35 العمل/الترفيه : جامعية المدينة : الجزائر البلد : الهواية : المزاج : تاريخ التسجيل : 05/07/2009 نقاط : 35206
| موضوع: رد: هذيان قلم **** الأحد مايو 08, 2011 8:46 am | |
| |
|