القصة تتحدث عن امرأة اسمها (غزالة).. وغزالة تلك كانت من الخوارج، وكانت شجاعتها مضرب الأمثال،
كما كان زوجها (شبيب بن يزيد) أيضا مضرب الامثال في الشجاعة، وكان شبيب هذا أميرا للخوارج،
قيل عنه إنه قتل خمسة من قواد الحجاج بن يوسف الثقفي، وهزم له عشرين جيشا.!
وكانت زوجته هذه خطيبة بارعة في الخطابة، كما كانت تحارب وتقاتل معه في ميدان القتال، غير آبهة بخطر، ودون ان تخشي منازله الفرسان..
بما فيهم تحديها للحجاج بن يوسف الثقفي نفسه علي غلظته ودمويته ووحشيته!
:
الحجاج هذا بكل غلظته، وقفت أمامه (غزاله) في إحدى المعارك، بعد أن قتلت العديد من فرسانه، ثم طلبت منه المبارزة، فخاف منها الحجاج،
وهرب من هذه المواجهة.. فيره عمران بن قحطان بتلك الأبيات اللاذعة التي تقطر تهكما وزراية؟
أسد علي، وفي الحروب نعامة
فتخاء تنفر من صفير الصافر
هلا برزت إلي غزالة في الوغى
بل كان قلبك في جناحي طائر!!
أما زوجها فهو رجل من جبابرة الخلق وعتاتهم، له امرأة على غراره، قيل أنها كانت فقيهة أيضا وخطيبة، فهي معتزة بجبروت رجلها، حتي أنها قالت له يوما:
باشبيب..!.. لقد نذرت لله نذرا سألتك أن تعينني على الوفاء به؟
وماذاك ياغزالة يرحمك الله؟
أن أصلي في مسجد الكوفة الجامع ركعتين، أقرأ في الأولى سورة البقرة، وفي الثانية سورة آل عمران.
وما أدراك ما الكوفة آنزاك.
انها حاضرة الجبار العنيد ابن يوسف الثقفي الذي قتل له شبيب القواد، وأفني له الاف الاجناد، وجعله مضغة في أفواه العباد، وان للحجاج في الكوفة لستين ألفا جمعهم لحرب شبيب وغزالة.
ولكنه الجبروت والعزة بالفتوة!
وناهيك بالبقرة وآل عمران: انهما أطول سور القرآن قاطبة، فآيات البقرة مائتان وست وثمانون آية، وآيات آل عمران مائتان.
وناهيك بصلاة تتلي فيها هاتان السورتان وسط عدو عدته ستون ألفا.. أنها ليست صلاة الواجف العجلان، بل هي فعلة المستأني أناة الاستهانة بعدوه الجرار.
:
والعجيب ان شبيب حقق أمل زوجته (غزالة) فزحف بجيشه نحو الكوفة، وقتل في طريقه من قتل من رجال الحجاج،
ودخل الكو فة نفسها وفيها الحجاج وجنده، وسار في شوارعها وبجواره غزالة حتي دخلت المسجد لتصلي فيه،
ووقف هو وبعض جنوده عند البا بالحراستها، حتى
أدت نذرها وعاد من حيث قدم !!
ويقال عنها انها كانت تهاجم المدن ومعها مجموعة من النساء، حتي قال فيها خزيمة بن فاتك الأسدي:
أقامت غزالة سوق الضرار
لأهل العراقين حولا قميطا
سمت للعراقين في جيشها
فلاقى العراقان منها أطيطا
:
(والاطيط) هو الصوت يخرج عند اشتداد الكرب، او هو حنين الابل الي معاطفها، والمعني:
أن أهل العراق لقوا منها الويل والحرب!!
والمحللون لشخصية هذه المرأة الجريئة التي لاتعبأ بالحروب، ولاتخشي الرجال، والتي كانت تقاتل وتقتل،
ولاتخشي رؤية دماء الضحايا، ولاتعاف رؤية الأشلاء، ماكانت تفعل كل ذلك، إلا أنها كانت تري في زوجها شبيب القدوة والمثال.
فهو جريء لايعرف الخوف،
شديد لايعرف اللين،
يدافع عمعا يعتقد دفاعا دونه الموت.
وكانت هي تقلده في كل ذلك.
تراه لايهاب الموت فلم تهب نهاب الموت.!
وتراه متعطشا للدماء، فتاقت نفسها لرؤية الدماء.!
:
وتمر الأيام
ويغرق زوجها شبيب عندما نفر به جواده، وسقط في دجلة.. وانتهت حياته!
وإذا بغزالة وقد فقدت الرجل التي كانت
تري فيه كل مثلها، قد انهارت قواها، ولم تعد لديها القدرة علي التحدي والقتال.. ماتت فيها هذه الروح، ووهن فيها العزم،
ولم تعد هي هي التي تخوض المعارك ولايهمها يجور الدم.. حتي انها في أول مواجهة منيت بهزيمة ساحقة، وقتلت في هذه المعركة..
و.. أسدلت الايام ستار النسيان علي امرأة كانت في يوم من الايام تملأ الحياة خوفا ورعبا،
لانها كانت تتمثل بزوجها الذي عاش حياته،
:
وهنـــا
تنتهي قصة أمرأة منحت من حبها شجاعـــة