هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

شاطر
 

 قصص من القرآن

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
halima000
مشرفة المنتديات الاسلامية
مشرفة المنتديات الاسلامية
halima000

الجنس الجنس : انثى
عدد الرسائل عدد الرسائل : 1878
العمر العمر : 66
العمل/الترفيه : استادةالتعليم الابتدائي
المدينة : marrakech
البلد البلد : قصص من القرآن 1moroc10
الهواية : قصص من القرآن Painti10
المزاج المزاج : قصص من القرآن Pi-ca-20
تاريخ التسجيل : 13/12/2008
نقاط نقاط : 2800
الوسام المشرفة المميزة

قصص من القرآن Empty
مُساهمةموضوع: قصص من القرآن   قصص من القرآن I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 16, 2011 10:07 am




بسم االله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
م وقع القصة في القرآن الكريم:
ورد ذكر القصة في سورة البقرة. كما ورد ذكرها بتفصيل أكثر في سورة الأعرف الآيات 163-166.
قال الله تعالى، في سورة "الأعراف":
"وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ."
وقال تعالى في سورة "البقرة": وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ" .وقال تعالى في سورة "النساء":
" أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا"
القصة:
أبطال هذه الحادثة، جماعة من اليهود، كانوا يسكنون في قرية ساحلية. اختلف المفسّرون في اسمها، ودار حولها جدل كثير. أما القرآن الكريم، فلا يذكر الاسم ويكتفي بعرض القصة لأخذ العبرة منها.
وكان اليهود لا يعملون يوم السبت، وإنما يتفرغون فيه لعبادة الله. فقد فرض الله عليهم عدم الانشغال بأمور الدنيا يوم السبت بعد أن طلبوا منه سبحانه أن يخصص لهم يوما للراحة والعبادة، لا عمل فيه سوى التقرب لله بأنواع العبادة المختلفة.
وجرت سنّة الله في خلقه. وحان موعد الاختبار والابتلاء. اختبار لمدى صبرهم واتباعهم لشرع الله. وابتلاء يخرجون بعده أقوى عزما، وأشد إرادة. تتربى نفوسهم فيه على ترك الجشع والطمع، والصمود أمام المغريات.
لقد ابتلاهم الله عز وجل، بأن جعل الحيتان تأتي يوم السبت للساحل، وتتراءى لأهل القرية، بحيث يسهل صيدها. ثم تبتعد بقية أيام الأسبوع. فانهارت عزائم فرقة من القوم، واحتالوا الحيل –على شيمة اليهود- وبدوا بالصيد يوم السبت. لم يصطادوا السمك مباشرة، وإنما أقاموا الحواجز والحفر، فإذا قدمت الحيتان حاوطوها يوم السبت، ثم اصطادوها يوم الأحد. كان هذا الاحتيال بمثابة صيد، وهو محرّم عليهم.
فانقسم أهل القرية لثلاث فرق. فرقة عاصية، تصطاد بالحيلة. وفرقة لا تعصي الله، وتقف موقفا إيجابيا مما يحدث، فتأمر بالمعروف وتنهى عن المكر، وتحذّر المخالفين من غضب الله. وفرقة ثالثة، سلبية، لا تعصي الله لكنها لا تنهى عن المكر.
وكانت الفرقة الثالثة، تتجادل مع الفرقة الناهية عن المنكر وتقول لهم: ما فائدة نصحكم لهؤلاء العصاة؟ إنهم لن يتوفقوا عن احتيالهم، وسيصبهم من الله عذاب أليم بسبب أفعالهم. فلا جدة من تحذيرهم بعدما كتب الله عليهم الهلاك لانتهاكهم حرماته.
وبصرامة المؤمن الذي يعرف واجباته، كان الناهون عن المكر يجيبون: إننا نقوم بواجبنا في الأمر بالمعروف وإنكار المنكر، لنرضي الله سبحانه، ولا تكون علينا حجة يوم القيامة. وربما تفيد هذه الكلمات، فيعودون إلى رشدهم، ويتركون عصيانهم.
بعدما استكبر العصاة المحتالوا، ولم تجد كلمات المؤمنين نفعا معهم، جاء أمر الله، وحل بالعصاة العذاب. لقد عذّب الله العصاة وأنجى الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر. أما الفرقة الثالثة، التي لم تعص الله لكنها لم تنه عن المكر، فقد سكت النصّ القرآني عنها. يقول سيّد قطب رحمه الله: " ربما تهوينا لشأنها -وإن كانت لم تؤخذ بالعذاب- إذ أنها قعدت عن الإنكار الإيجابي, ووقفت عند حدود الإنكار السلبي. فاستحقت الإهمال وإن لم تستحق العذاب" (في ظلال القرآن).
لقد كان العذاب شديدا. لقد مسخهم الله، وحوّلهم لقردة عقابا لهم لإمعانهم في المعصية.
وتحكي بعض الروايات أن الناهون أصبحوا ذات يوم في مجالسهم ولم يخرج من المعتدين أحد. فتعجبوا وذهبوا لينظرون ما الأمر. فوجودا المعتدين وقد أصبحوا قردة. فعرفت القردة أنسابها من الإنس, ولم تعرف الإنس أنسابهم من القردة; فجعلت القردة تأتي نسيبها من الإنس فتشم ثيابه وتبكي; فيقول: ألم ننهكم! فتقول برأسها نعم.
الروايات في هذا الشأن كثيرة، ولم تصح الكثير من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأنها. لذا نتوقف هنا دون الخوض في مصير القردة، وكيف عاشوا حياتهم بعد خسفهم


[b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
jamilajalal
منصوري متألق
منصوري متألق
jamilajalal

الجنس الجنس : انثى
عدد الرسائل عدد الرسائل : 1575
العمر العمر : 57
العمل/الترفيه : استاذة التعليم الابتدائي
المدينة : الناظور
البلد البلد : قصص من القرآن 1moroc10
الهواية : قصص من القرآن Readin10
المزاج المزاج : قصص من القرآن Pi-ca-16
تاريخ التسجيل : 10/10/2009
نقاط نقاط : 1731
الوسام العضو المميز

قصص من القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص من القرآن   قصص من القرآن I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 16, 2011 10:42 am

قصص من القرآن 3561
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
halima000
مشرفة المنتديات الاسلامية
مشرفة المنتديات الاسلامية
halima000

الجنس الجنس : انثى
عدد الرسائل عدد الرسائل : 1878
العمر العمر : 66
العمل/الترفيه : استادةالتعليم الابتدائي
المدينة : marrakech
البلد البلد : قصص من القرآن 1moroc10
الهواية : قصص من القرآن Painti10
المزاج المزاج : قصص من القرآن Pi-ca-20
تاريخ التسجيل : 13/12/2008
نقاط نقاط : 2800
الوسام المشرفة المميزة

قصص من القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص من القرآن   قصص من القرآن I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 17, 2011 6:55 am


قصة اصحاب الكهف





قصة اصحاب الكهف


موقع القصة في القرآن الكريم:


ورد ذكر القصة في سورة الكهف الآيات 9-26.



القصة:


في زمان ومكان غير معروفين لنا الآن، كانت توجد قرية مشركة. ضل ملكها وأهلها عن الطريق المستقيم، وعبدوا مع الله مالا يضرهم ولا ينفعهم. عبدوهم من غير أي دليل على ألوهيتهم. ومع ذلك كانوا يدافعون عن هذه الآلهة المزعومة، ولا يرضون أن يمسها أحد بسوء. ويؤذون كل من يكفر بها، ولا يعبدها.


في هذا المجتمع الفاسد، ظهر مجموعة من الشباب العقلاء. ثلة قليلة حكّمت عقلها، ورفضت السجود لغير خالقها، الله الذي بيده كل شيء. فتية، آمنوا بالله، فثبتهم وزاد في هداهم. وألهمهم طريق الرشاد.


لم يكن هؤلاء الفتية أنبياء ولا رسلا، ولم يتوجب عليهم تحمل ما يتحمله الرسل في دعوة أقوامهم. إنما كانوا أصحاب إيمان راسخ، فأنكروا على قومهم شركهم بالله، وطلبوا منهم إقامة الحجة على وجود آلهة غير الله. ثم قرروا النجاة بدينهم وبأنفسهم بالهجرة من القرية لمكان آمن يعبدون الله فيه. فالقرية فاسدة، وأهلها ضالون.


عزم الفتية على الخروج من القرية، والتوجه لكهف مهجور ليكون ملاذا لهم. خرجوا ومعهم كلبهم من المدينة الواسعة، للكهف الضيق. تركوا وراءهم منازلهم المريحة، ليسكنوا كهفا موحشا. زهدوا في الأسرّية الوثيرة، والحجر الفسيحة، واختاروا كهفا ضيقا مظلما.


إن هذا ليس بغريب على من ملأ الإيمان قلبه. فالمؤمن يرى الصحراء روضة إن أحس أن الله معه. ويرى الكهف قصرا، إن اختار الله له الكهف. وهؤلاء ما خرجوا من قريتهم لطلب دنيا أو مال، وإنما خرجوا طمعا في رضى الله. وأي مكان يمكنهم فيه عبادة الله ونيل رضاه سيكون خيرا من قريتهم التي خرجوا منها.


استلقى الفتية في الكهف، وجلس كلبهم على باب الكهف يحرسه. وهنا حدثت معجزة إلاهية. لقد نام الفتية ثلاثمئة وتسع سنوات. وخلال هذه المدة، كانت الشمس تشرق عن يمين كهفهم وتغرب عن شماله، فلا تصيبهم أشعتها في أول ولا آخر النهار. وكانوا يتقلبون أثناء نومهم، حتى لا تهترئ أجاسدهم. فكان الناظر إليهم يحس بالرعب. يحس بالرعب لأنهم نائمون ولكنهم كالمستيقظين من كثرة تقلّبهم.


بعد هذه المئين الثلاث، بعثهم الله مرة أخرى. استيقظوا من سباتهم الطويل، لكنهم لم يدركوا كم مضى عليهم من الوقت في نومهم. وكانت آثار النوم الطويل بادية عليهم. فتساءلوا: كم لبثنا؟! فأجاب بعضهم: لبثنا يوما أو بعض يوم. لكنهم تجاوزوا بسرعة مرحلة الدهشة، فمدة النوم غير مهمة. المهم أنهم استيقظوا وعليهم أن يتدبروا أمورهم.


فأخرجوا النقود التي كانت معهم، ثم طلبوا من أحدهم أن يذهب خلسة للمدينة، وأن يشتري طعاما طيبا بهذه النقود، ثم يعود إليهم برفق حتى لا يشعر به أحد. فربما يعاقبهم جنود الملك أو الظلمة من أهل القرية إن علموا بأمرهم. قد يخيرونهم بين العودة للشرك، أو الرجم حتى الموت.


خرج الرجل المؤمن متوجها للقرية، إلا أنها لم تكن كعهده بها. لقد تغيرت الأماكن والوجوه. تغيّرت البضائع والنقود. استغرب كيف يحدث كل هذا في يوم وليلة. وبالطبع، لم يكن عسيرا على أهل القرية أن يميزوا دهشة هذا الرجل. ولم يكن صعبا عليهم معرفة أنه غريب، من ثيابه التي يلبسها ونقوده التي يحملها.


لقد آمن المدينة التي خرج منها الفتية، وهلك الملك الظالم، وجاء مكانه رجل صالح. لقد فرح الناس بهؤلاء الفتية المؤمنين. لقد كانوا أول من يؤمن من هذه القرية. لقد هاجروا من قريتهم لكيلا يفتنوا في دينهم. وها هم قد عادوا. فمن حق أهل القرية الفرح. وذهبوا لرؤيتهم.


وبعد أن ثبتت المعجزة، معجزة إحياء الأموات. وبعدما استيقنت قلوب أهل القرية قدرة الله سبحانه وتعالى على بعث من يموت، برؤية مثال واقي ملموس أمامهم. أخذ الله أرواح الفتية. فلكل نفس أجل، ولا بد لها أن تموت. فاختلف أهل القرية. فمن من دعى لإقامة بنيان على كهفهم، ومنهم من طالب ببناء مسجد، وغلبت الفئة الثانية.


لا نزال نجهل كثيرا من الأمور المتعلقة بهم. فهل كانوا قبل زمن عيسى عليه السلام، أم كانوا بعده. هل آمنوا بربهم من من تلقاء نفسهم، أم أن أحد الحواريين دعاهم للإيمان. هل كانوا في بلدة من بلاد الروم، أم في فلسطين. هل كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم، أم خمسة سادسهم كلبهم، أم سبعة وثامنهم كلبهم. كل هذه أمور مجهولة. إلا أن الله عز وجل ينهانا عن الجدال في هذه الأمور، ويأمرنا بإرجاع علمهم إلى الله. فالعبرة ليست في العدد، وإنما فيما آل إليه الأمر. فلا يهم إن كانوا أربعة أو ثمانية، إنما المهم أن الله أقامهم بعد أكثر من ثلاثمئة سنة ليرى من عاصرهم قدرة على بعث من في القبور، ولتتناقل الأجيال خبر هذه المعجزة جيلا بعد جيل.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشقة الليل
مشرفة أقسام التعليم الابتدائي
مشرفة أقسام التعليم الابتدائي
عاشقة الليل

الجنس الجنس : انثى
عدد الرسائل عدد الرسائل : 1819
العمر العمر : 46
الموقع : ورزازات
العمل/الترفيه : استاذة التعليم الابتدائي
المدينة : خريبكة
البلد البلد : قصص من القرآن 1moroc10
الهواية : قصص من القرآن Writin10
المزاج المزاج : قصص من القرآن Pi-ca-16
تاريخ التسجيل : 08/11/2010
نقاط نقاط : 3168
الوسام المشرفة المميزة

قصص من القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص من القرآن   قصص من القرآن I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 19, 2011 12:37 pm

Suspect
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
halima000
مشرفة المنتديات الاسلامية
مشرفة المنتديات الاسلامية
halima000

الجنس الجنس : انثى
عدد الرسائل عدد الرسائل : 1878
العمر العمر : 66
العمل/الترفيه : استادةالتعليم الابتدائي
المدينة : marrakech
البلد البلد : قصص من القرآن 1moroc10
الهواية : قصص من القرآن Painti10
المزاج المزاج : قصص من القرآن Pi-ca-20
تاريخ التسجيل : 13/12/2008
نقاط نقاط : 2800
الوسام المشرفة المميزة

قصص من القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص من القرآن   قصص من القرآن I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 26, 2011 9:40 am


قصة آل عمران


أسرة آل عمران وهدف بيت المقدس:
إنها أسرةٌ لها هدف ألا وهو بيت المقدس، وبالتالي لن تضيع عائلةٌ كهذه، وكانت الجدة جدة عيسى وزوجة عمران هي أكثر من تتحرك لتحقيق هذا الهدف، وكانت تسمى حَنّة، لم يركز القرآن على اسمها؛ فالمهم ما قامت به، وحتى لا تلتفت إليه وتعش معه، ركز على صفاتها، فوصفها القرآن بأنها (امرأة عمران)؛ وكأنها بشرى لكل زوجة تشارك في وضع وتحقيق هدف لأسرتها، وإن افترضنا أن أحدَ أفراد الأسرة لم يرضَ عن هذا الهدف فعلى البقية أن يكملوه، فإن رفض الأب والأم، فبإمكان الأخوة والأخوات أن يسيروا على النهج نفسه لوضع وتحقيق هدف ما، وكذلك إذا لم يرض الزوج، فالزوجة يمكن أن تلتف مع الأبناء حول هذا الهدف، وإن رفضت الزوجة والأولاد إلا واحدًا فبإمكان الأب أن يتعاون مع هذا الابن؛ لتحقيق ذلك الهدف، ومع الوقت سيجذب هذا المغناطيس البقية نحوه، فقط عليك بالتفكير في هدف، وأن يكون بنية إرضاء الله؛ وستلاحظ ما سيعم من بركة.

شجرة عائلة آل عمران:
هي أسرةٌ عريقة ذات جذور عميقةٍ في التاريخ؛ حيث إن الأبوين من ذرية داود وسليمان عليهما السلام. يسمى الأب عمران، والأم حَنّة، وقد أنجبا فتاة تزوجت من رجلٍ هو سيدنا زكريا، الذي سيصبح فيما بعد نبيًّا، ومرت سنواتٌ طوال دون أن يرزقا الذرية، أما زوجة عمران فكانت قد تمنت أمنيةً مرتبطةً بهدف العائلة وهو بيت المقدس، وكانت أمنيتها أن تنجب ذكرًا، لكن عندما وضعت حملها لم ترزق ذكرًا فكانت أنثى أخرى وهي السيدة مريم. وبعد ذلك، رزق الله السيدة مريم عيسى عليه السلام، وكما نلاحظ أنها عائلة عريقة بدأت من داود لسليمان، لعمران حتى وصلت إلى عيسى عليه السلام ولذلك تقول الآية (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ بَعْضٍ...) (آل عمران:34) فقد شبَّ الأحفاد على نهج الأجداد، مفعمين بالخير والصلاح، وهنا أريد أن أوجه رسالةً للعائلات الأصيلة، خاصةً الشباب والفتيات:
1. إن كانت عائلاتكم عائلة أصيلة تفخر بأخلاقها، إياكم أن تنهوا هذا الشرف وتسيئوا إليه، وتشوهوا جماله بفسادٍ، أو عقوق، أو بالانصراف عن طريق العبادة، أو بعلاقةٍ محرمة؛ ليمتد الخير لأحفادكم من بعدكم.
2. عندما تقبلوا أيها الشباب والفتيات على الزواج، على كل منكم أن يتخير عائلة من سيتزوج؛ فكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تخيروا لنطفكم؛ فإن العرق دساس)، وهنا تتجلى خطورة "الصحوبية"؛ حيث إنهما لو فكرا في الزواج- مع صعوبة ذلك- فإن كلا منهما لن يفكر في عائلة الآخر، متناسين أن الزواج ليس ارتباطًا بين شابٍ وفتاة، وإنما هو انصهارٌ بين عائلةٍ وأخرى، كما يظهر في عائلة عمران وزوجته، حتى إنهما ذُكرا في القرآن، وأطلق على السورة اسم عائلتهما؛ لما كان لهما من هدفٍ في الأسرة، فهي أمٌّ لها نية انبثقت منها أشياءٌ غير عادية، وعلى الرغم من هذا الشرف فإنه جديرٌ بالذكر القول بأن هذه العائلة لم تكن ثريةً بل أسرة بسيطة. فالقيم لا تحدد بما تملكه الأسر من أموال، وكم من أسرٍ ثرية ليس لها في التاريخ قيمة! وكم من أسرٍ بسيطة ذات قدرٍ عالٍ عند الله تعالى! وثبت ذلك في التاريخ، كآل ياسر؛ ياسر، وسمية، وعمار، فقد عاشوا وماتوا وهم فقراء. لكن ماذا كان قدرهم عند الله؟ (صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة)؛ فقيمة العائلة ليست بأموالها، وإنما بأصلها، وأخلاقها، وقيمها، فلا يهم الرصيد البنكي، المهم الرصيد عند الله، كآل عمران التي برصيدها عند الله سميت ثاني سور القرآن باسم عائلتهم.


رصيد آل عمران عند الله:
بالنظر لبداية سورة آل عمران، نجدها تقول: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) (آل عمران:33)، فالآية حددت فردين وعائلتين وقد يتبادر للذهن سؤالاً: لِمَ لم تقل الآية آل آدم وآل نوح كما قالت آل عمران وآل إبراهيم؟ لأن آل عمران وآل إبراهيم ظلوا على التزامهم وتدينهم كما كان طريق آبائهم؛ فآل إبراهيم هم: إسحاق، ويعقوب، وإسماعيل، أما آل عمران فهم: مريم، وزكريا، ويحيى، وعيسى، أما سيدنا نوح فقد ذكر فردًا لمعصية ولده له، وكذلك سيدنا آدم، ولم يُذكرا بعائلاتهم. أأدركتم لِمَ نصحت الشباب بألا يسيئوا لأخلاق وقيم عائلاتهم؟ حتى تظل العائلة كلها غاليةً عند ربها كما هو الحال في أسرة آل عمران التي اصطفاها الله على العالمين، فقد تكون نية أمٍّ قادرةً على تغيير وجه العالم، وأكملت ببركة نية الأم هذه العائلة كلها لتحقق الهدف.

أسباب نزول السورة وسبب تسميتها:
على الرغم من أن السورة أنزلت أثناء غزوة بدر، وقبل وبعد غزوة أحد فقد سميت "آل عمران" وجاءت في وسطها آية (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا...) فتُرى ما هي العلاقة بين موضع الآية ووقت النزول؟ إن العلاقة تعود إلى تغيير عدد من صحابة أُحُد هدفهم بعد أن كان لله؛ وذلك عندما رأوا الغنائم، فجاءت السورة التي توالت في نزولها أثناء وبعد الغزوة باسم عائلة لم تغير هدفها، وإنما ثبتت عليه فقد كان هدفًا لإرضاء الله، وكأن السورة جاءت دعوة للناس بأن يثبتوا على أهدافهم.

ونزول أجزاء من السورة في وقت آخر يبرز قيمة هذه العائلة، ويبرز حلاوة القرآن، حيث بدأت وفود النصارى تتوافد على النبي (صلى الله عليه وسلم) ليتناقشوا حول قصة عيسى بن مريم، وكان أولهم وفد نصارى نجران، وقد أسكنهم النبي (صلى الله عليه وسلم) المسجد، وأَلَّفَ قلوبهم، ولم يبن لهم خيامًا في الخارج، -وهذا يوضح عظمته (صلى الله عليه وسلم)-، فنزلت السورة في هذه الأثناء باسم عائلة من العائلات الصالحة، التي يحبونها، ويفتخرون بها تأليفًا لقلوبهم؛ ولفتح منطقة حوار مشتركة؛ لإرساء التعايش بينه (صلى الله عليه وسلم) وبينهم. فانظر لترتيب القرآن العجيب الذي تأتي فيه السورة في وقت نقاشهم، فتوجد مساحة مشتركة بين الطرفين، فهم مسيحيون، والشيء المشترك بينه (صلى الله عليه وسلم) وبينهم هو هذه العائلة، ولك أن تتخيل وقع هذا الأمر على الوفد عندما يجدوا سورة باسم تلك العائلة، وأن تقول الآية إن الله اصطفى آل عمران على العالمين. هذه إحدى طرق التفكير التي نادينا بها خلال برنامج "دعوة للتعايش"، وتطبق هذه الطريقة على كل البشر عندما يجلس طرفان للنقاش، لذا نزلت في السورة ذاتها الآية التي فيها (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّه...) (آل عمران:64) فإلهنا في النهاية واحدٌ وإن كانوا مسيحيين.
ثبت كل أفراد العائلة على الهدف، حتى الأحفاد، فكانوا نموذجًا يحتذى به. فهل عائلتك نموذجًا للمسلمين في أوروبا، أو في الحي الذي تقطنه، أو في البناية التي تسكنها؟ هل يمكن أن يضرب بنا المثل، كم ضرب الله لنا مثلاً بتلك العائلة! الأمر ليس بالمستحيل بل يحتاج إلى أهدافٍ وإن كانت بسيطة؛ كتنمية الحي الذي تعيش فيه مثلاً، أو بإقامة مشروعات صغيرة للأسر الفقيرة، ومساعدة من انقطع من أبنائها عن التعليم أن يواصل تعليمه، أو تعليم سكان المنطقة القرآن الكريم. تعاهد على هذه الأهداف أنت وزوجتك، وستلاحظان كيف سيبارك الله لكما بقدر إخلاصكما النية!

تقول الآية (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى...) (آل عمران: من الآية33) وكلما سمعت كلمة (اصطفى) أشعر بشيء ما بداخلي، استشعر ما فيها من عزة، وأتساءل هل يمكن أن نصطفى نحن أيضًا؟ بالطبع ليس كاصطفائهم لكن على قدر زماننا، فالكلمة تعني: (انتقى) أي أنت بعينك دون غيرك كما قال الله لموسى (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ...) (طـه:13)، وكما قال الله تعالى لمريم (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ...) (آل عمران:42) فقد اصطفاها الله اصطفائين، وبين كل اصطفاءٍ وآخر منازل ودرجات، ترى هل اشتقت لكلمة الاصطفاء تلك؟ إن كنت كذلك فإنك قد تحصل عليه في مثل هذه الأيام المباركة، لكن اعرض نفسك له، وقل: يا رب اعتقني! قل: يا رب اخترني واجعلني اعمل لديك؛ فأصلح في أرضك!

بقي أن نذكر أن آل عمران ذكروا في موضعين من القرآن الكريم: في سورتي آل عمران، ومريم، لكن في الأولى ذكر أول العائلة، فركزت على الجد والجدة، وفي الثانية ذكر آخر العائلة ألا وهو عيسى بن مريم، وركز على الابنة والحفيد، فبنيّة الجدة (زوجة عمران) وبركة هدفها امتد ذكر الأسرة كلها وسيبقى ذكرها إلى يوم القيامة؛ ألن ينزل عيسى عليه السلام في آخر الزمان؟ فما كان ذاك الهدف؟ وما هي تلك القصة؟

قصة هدف زوجة عمران:
عاشت زوجة عمران في فلسطين التي دخلها الرومان - بعد داود وسليمان وأحفادهم- بعقيدتهم الوثنية، فتعددت الآلهة: كإله الجمال، وإله الحب، والإمبراطور الإله..إلخ، كما اضطهدوا كل من يرفض تلك العقيدة، بما فيها من تعددٍ للآلهة، ففُتِنَ الناس وفسدوا ليس هذا فحسب فقد أكرهوا الناس على دينهم لدرجة أنهم أقاموا ساحةً كبيرةً يلقى فيها كل من يرفض ذلك، وتترك عليه الأسود والنمور فتأكله حيًّا، وحتى يومنا هذا لاتزال تلك الساحة كما هي في روما، وبعد هذا نُتّهَم نحن المسلمين اليوم بإكراه الناس على الإسلام، على الرغم من أننا لسنا من فعلنا أو بدأنا هذا بل هو أمرٌ جاء به الرومان، وديننا هو الدين الوحيد الذي قال...لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ...) (البقرة:256) فكان هو من سطر هذه العبارة، وأستشهد بقول أحد المستشرقين الذي قال: ليت أوروبا عرفت هذه العبارة، بدلاً من الحروب التي قامت بداخلها بسبب الدين، واليوم ندافع نحن عن ديننا على الرغم من أنه لم يكره أحدا على اعتناقه، بل كانت فعلة رومانية قاموا بها قبل وبعد المسيحية.

رأت زوجة عمران هذا الوضع، بما فيه من إكراه في الدين وتغيير لعقيدة الناس إلى جانب الظلم الشديد الذي يرزح تحت نيرانه أهل فلسطين، والضرائب الكثيرة، والعنصرية التي جعلت معيشتهم صعبة، أما عامة المؤمنين فقد انتابهم الصمت، فماذا فعلت امرأة عمران؟

لم تكن زوجة عمران قد أنجبت سوى فتاةٍ واحدة، تزوجت هذه الفتاة من زكريا، الكبير في السن، حيث الآية (قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا...) (مريم:4)، فما بالنا بها؟ فقد تقدمت في العمر هي الأخرى، وعلى الرغم من هذا دبت نيةٌ في قلبها أنها تريد الإنجاب، وهي لم تحرم من الذرية؛ فلديها ابنة، لكنها رفضت أن تستسلم لهذا الوضع، بل أرادت جيلاً جديدًا يصنع شيئًا لفلسطين، وكأنها تقول لابد أن يخرج من بطني من يصلح هذا الوضع، ويقدم شيئًا لهذه الأمة، وكبرت تلك النية بداخلها، وبدأت تتحدث مع زوجها عمران- وهو أحد كبار علماء بيت المقدس المتميزين- ، وكان كبيرًا في السن، وبالطبع يصعب الإنجاب في هذه السن المتقدمة، وأخذ يذكرها بابنتها وزوجها اللذين تقدم بهما العمر ولا يستطيعان الإنجاب فكيف بهما؟ فبدأت تقنعه بالفكرة فهما يريدان خيرًا للمجتمع، ولابد أن تمتد أسرتهما لتبقى الرسالة في الدنيا، والدليل على أن هذا كان محور تفكيرها هو أن سيدنا زكريا كان يقول الشيء ذاته حيث تقول الآية: (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا* يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) (مريم:6،5) فإنه يفكر في القضية نفسها من فساد المجتمع، والميراث هنا - بالرجوع إلى كتب التفاسير- هو ميراث النبوة والرسالة وليس المال، فالقضية واحدة لكن امرأة عمران هي أول من حركت هذا الموضوع بنيتها، فأين أنت من زوجة عمران؟ هل اقتصر دورك على الأكل والشرب والإنجاب فحسب؟ أين من تريد أن يكون ابنها صلاح الدين؟ أين من تتمنى أن تجعل ابنتها كالسيدة مريم؟

تأثير دور المرأة على الأسرة والمجتمع:
سميت سورة آل عمران باسم العائلة كلها لكن عندما تقرأها تجد دور المرأة واضحًا كما في الآية (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي...) (آل عمران:35) ولم يأتِ ذكر عمران في السورة، بل كان التركيز على المرأة، وكأنها رسالة أنها من بيدها إشارة البدء والتغيير، وهنا أخص النساء بكلمة وأقسم عليهن: إن كنتِ تحبين رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فعليكِ أن تنشئي أولادك وبناتك ليعزّوا الإسلام والمسلمين، وعليكِ دائمًا أن تتذكري أن السورة سميت باسم العائلة؛ لأنهم جميعًا ثبتوا على الهدف والتفوا حوله؛ لتحقيقه، وفيها رسائل لكل أفراد الأسرة؛ ليعيشوا من أجل أهدافهم، فإياكِ أن تثبطي في الطريق، وتنسي الهدف وتتراجعي.

بدأت امرأة عمران تدعو ربها أن تنجب، وإذا بمفاجأةٍ عجيبةٍ، أن يستجاب الدعاء، وإذا بالجنين في أحشائها يتحرك، وكنا قد ذكرنا في حلقات سابقة أن الله يستجيب الدعاء، على الرغم من أنها طعنت في السن لكن من بيده الأمر؟ ومن بيده ملكوت السماوات والأرض؟ إنه الله سبحانه وتعالى لذا اذهب إليه، ولاحظ أن كل هذا بدأ بنيتها، وعندما استجاب الله لها وهبت ما في بطنها لله حيث تقول الآية: (...رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي...)، عادةً ما ينذر الناس من أجل أمورٍ دنيوية، كأن ينذر أحدٌ بشيء ما إذا وفق في العمل الفلاني مثلاً، لكن لم نر قط نذرًا من أجل الدين كما فعلت امرأة عمران التي نذرت إن كان ذكرًا ستكون حياته كلها من أجل الله، وهي من الأصل لم تطلب الإنجاب لحاجةٍ في نفسها؛ وإنما دعت الله لترزق بولدٍ تكون حياته في سبيل الله.

رُبَّ عملٍ صغير تكبره النية:
لامرأة عمران قضيةٌ أخرى تشغلها ألا وهي القبول؛ فهي تخشى ألا يتقبل الله منها ما نذرته، فهي امرأةٌ صاحبة رسالة، تمكنت منها وسيطرت على كيانها والله تعالى يعلم صدق النوايا، فإن كانت النية خالصة، سيبارك الله ويتقبل،كما سنرى في نية ونذر امرأة عمران، حيث امتدت العائلة وستبقى ليوم القيامة. فحقًّا: رُبَّ عملٍ صغيرٍ تكبره النية، ورُبَّ عملٍ كبيرٍ تصغره النية، فكم من أعمالٍ عظيمة لله تصغر لأنها لم تصاحب بنية! وكم من أعمالٍ صغيرة صدقت النية فيها لله واستعان القائم عليها بالله، فبارك له فيها وكبرها له! كأن يبدأ شخص بدعوة اثنين أو ثلاثة لطريق الله لكن بنية خالصة صادقة، فيفتح الله عليه، وبعد عشر سنوات يتحول عدد من يدعوهم إلى ملايين، كما حدث معي ومع آخرين، ولك أن تجرب بنفسك، بأن تجعل في قلبك غيرةً نحو وطنك، وأمتك، ودينك وادع الناس للهداية، وسترى كيف سيوفقك الله مثل سيدنا إبراهيم الذي أمره الله في القرآن قائلاً (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً...) (الحج:27)؟ فاندهش سيدنا إبراهيم كيف يصل صوته للناس وهو في الصحراء؟ فعلمه الله أن عليه الآذان، وعلى الله البلاغ، فاستجمع نيته، وبدأ بدعوة الناس إلى أمر الله بالحج، فيوفقه الله بصدق نيته، ونظل نحن إلى اليوم نقول: (لبيك اللهم لبيك)، وكما حدث بصدق نية امرأة عمران؛ حيث نزول عيسى بن مريم في آخر الزمان ليقيم الحق.

قمة الحرية تكمن في الإخلاص لله:
تخلصت امرأة عمران من كل شريك في نيتها، وأخلصت أن يكون ما في بطنها لله وحده، لا لعزوةٍ تستشعرها بولد، ولا لمتاعٍ في الدنيا فقالت: (...رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (آل عمران: 35) وتأتي دقة استخدام كلمة(مُحَرَّرًا) كلمة (مُحَرَّرًا) لأن كمال الحرية يكمن في أن يكون الشيء لله وحده خالصًا لله وحده، فكلما كان المرء أسيرًا لشيءٍ ما، كأن تكون أسيرًا لشهرةٍ، أو أسيرًا لمنصبٍ، أو معصية، أو أسيرًا لكرسي فقد فقدت حريتك. أما قمة حريتك فتشعرها عندما تكون عبدًا خالصًا لله. فالحرية هي ألا تسيطر عليك الأرض بما فيها، وألا يسيطر عليك إلا الله، هذا ما فعلته زوجة عمران أن نوت أن تربي ابنها على ألا يكون أسيرًا لأي شيء وإنما يكون خالصًا لله، فيالك من فائزةٍ أيتها الزوجة إذا نويت أنت ذلك، فيتحول كل ما تفعلينه من أمور التربية، والتعليم، والإنفاق مع أبنائك وصبرك عليهم إلى كنوز حسناتٍ في ميزانك.

بعدما نذرت زوجة عمران ما في بطنها لله وسألته تعالى القبول جاء الرد مباشرةً (...فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ...) (آل عمران:37) فهي استجابة من السميع العليم. مرت أشهر حمل امرأة عمران، وهي تدعو الله بالقبول، منتظرةً أن تضع ذكرًا؛ لينصر الحق، حتى اكتشفت أن ما حملته أحشاؤها كان أنثى ولم يكن ذكرًا، تقول الآية (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى...) (آل عمران:36) وما أرادته امرأة عمران لا تستطيع الأنثى أن تفعله، لكن كأنها رسالةٌ من الله لنا، يريد فيها أن يعلمنا أن ليس الذكور فقط هم من باستطاعتهم النصر والعزة، فها هي مريم التي ستصبح سيدة نساء العالمين، وستدل على صفة الله الخالق بما سيحدث لها من معجزة ولادتها لسيدنا عيسى، الذي سيكون لها أثرٌ بالغٌ في الأرض؛ وسيكون سببًا في إيمان روما بعد 3000 عام من وفاته؛ وذلك لما لله من سنن في كونه، وكل هذا الامتداد وتلك البركات بسبب نية الجدة المخلصة لله، وباكتشافها أن ما حملته أنثى، خشيت ألا يكون الله تقبل منها ما نذرت، لكن لأنها ثابتة على ما نوت استطردت قائلة: (...وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ...) (آل عمران: من الآية36) ومريم تعني: (العابدة أو خادمة العباد) أي رغم أنها وضعت أنثى فهي مصرةٌ على هدفها، فإن لم تستطع هي تحقيق الهدف، فلعل يخرج من ذريتها من يحقق ذلك، وأول ما دعت به للمولودة أن يصرف الله عنها وذريتها الشيطان، وللنبي (صلى الله عليه وسلم) حديثٌ جميلٌ يقول فيه: (ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد، فيستهل صارخًا من مس الشيطان إياه إلا مريم وابنها) وذلك لما استجيب من دعوة امرأة عمران.

الإخلاص في الدعاء سببٌ في الإجابة:
رغم استحالة الإنجاب في عمرٍ متقدمٍ كعمر زوجة عمران إلا أنها أنجبت! وتمنت ألا يمس الشيطان مولودتها وذريتها، فاستجاب الله لها! كما تمنت أن يصلح ابنها وضع الإيمان في الأرض، فخرج عيسى وحقق ذلك، وسيظل له أثرٌ حتى يوم القيامة. فهل يوجد في نسائنا من لديها هذا الإحساس وتلك القوة والثبات لتنوي وتربي لتحقق هدفها؟

التواصل الدائم مع الله والقرب منه:
من خلال قصة آل عمران، يظهر صلة الزوجة بالله تعالى؛ فهي على تواصلٍ دائمٍ مع الله تحدثه دائمًا، والتواصل مع الله نوعان:
1. الدعاء.
2. المناجاة.
والمناجاة: حديثٌ مع الله، فيمكنك وأنت تقود سيارتك أن تناجيه- تعالى- أن تسأله أراضٍ عني يا رب؟ أن تقول له تعالى: لو غضبت الدنيا كلها مني فيكفي رضاك عني. أن تطلب منه ألا يَكِلُكَ إلى نفسك، أن تبثه همومك، فهذا ما فعلته زوجة عمران. ألاحظتم كيف تتحدث إلى الله؟ وكأنها اعتادت على ذلك فالمناجاة مستمرة، وفي أوقات مختلفة: (...رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ* فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ ِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)، (آل عمران:36،35) ثم يأتي الرد: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا...) (آل عمران: من الآية37) فهل تستطيع أن تكون علاقتك مع ربك كهذه؟ إذا فعلت فستشعر في قلبك بحلاوة لم تتذوقها من قبل، ستستشعر اسم الله الحكيم، والودود، فعيسى ومريم نتاجٌ من نية أم ونذر أم، ودعاء أم، وهدف أسرة. إلى هنا انتهت قصة امرأة عمران؛ لتبدأ قصة مريم التي تناولناها سابقًا، فلن نستطرد في الحديث فيها.

الدعاء مجابٌ لامحالة:
بقي أن نلمح أن زوجة عمران حزنت ظنًّا أن دعوتها لم تستجب حين رزقت بأنثى، على الرغم من أن الحقيقة أنه قد استجيبت؛ وولد عيسى من ذريتها، لكن لا يجب أن تكون الاستجابة في الحال، وهذا درسٌ آخر يُساق إلينا؛ فالدعاء بلا شك مستجاب، وإن تأخرت الإجابة، فلله قوانينٌ في أرضه، ولكل شيء وقت وموعد، فزمن عيسى لم يكن وقتها، والتغيير لم يحن آنذاك، ولكنّ التجديد موجودًأ ودعوتها لم تذهب سدىً، وستجاب بعد حين، وستصبح ابنتها هي أم عيسى؛ فالتغيير في الأرض والإصلاح، وإحياء الأمم يحتاج إلى وقت، وربما الجيل الموجود في ذاك الوقت ليس هو من استحق النصر، وقد يكون هو المسئول عما يحدث، قد يكون جيلاً متخاذلاً لم يعمل، وقد يكون جيلاً عاملاً، لكن الأمر احتاج إلى وقتٍ لجني ثمار ما زرع. ترى ما بال جيلنا الآن؟ أهو جيل نهضة؟ هل نحن نعمل ونصلح في الأرض؟ وهل منا صاحب نيةٍ كزوجة عمران؟ هل منا أبٌ وأم لهما هدفٌ كهذا؟ فقد قال الله لموسى(وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً...)(يونس: من الآية87) ليكن هذا هو هدف الأسر؛ لتجتمع على طاعة الله والإنتاج والتنمية..إلخ، فكيف هو حال بيتك؟

نية أم تعز أمة:
أتمنى أن نجد بعد هذه الحلقة من النساء، من تأخذ نيةً، وتستعين بالله وتدعو أن تملك هذه النية وما ستأخذه من هدف في كيانها وتثبت عليه، كحال امرأة عمران، فلعل ما نويت يصبح مشروع النهضة الذي يعز به الله الإسلام والمسلمين، فالقصة كلها تتلخص في أن نية أم قد تعز أمة. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
منقول


[b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

قصص من القرآن

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتديات الاسلامية :: منتدى القران الكريم-