omar Admin
الجنس : عدد الرسائل : 81 العمر : 65 تاريخ التسجيل : 29/11/2008 نقاط : 117
| موضوع: دحمان: 200ألف تلميذ يغادرون الخميس ديسمبر 22, 2011 3:25 am | |
| دحمان: 200ألف تلميذ يغادرون المدرسة سنويا
قال إن المركز المغربي يشكل إجابة حقيقية حول واقع البحث العلمي والتربوي في المغرب رضوان الحسني في هذا الحوار تحدث لنا عبد الإله دحمان، رئيس المركز المغربي للأبحاث حول المدرسة، عن مجالات اشتغال المركز وعن دور الأبحاث والدراسات التي يتم إنجازها حول المنظومة التعليمية في أفق استشراف أبرز منافذ إصلاح المنظومة التربوية في بلادنا. - هل يمكنك أن توضح لنا ولمتتبعي الشأن التربوي أهمّ مجالات اشتغال المركز المغربي للأبحاث حول المدرسة؟ < سؤالك مركزي بالنسبة إلينا، إذ يشكل الأرضية الأساس التي انطلقت منها فكرة خلق إطار للبحث من أجل دعم المدرسة المغربية من موقع العلم والمعرفة، وبالتالي فهو مرتبط بالقناعة التي تشكلت لدينا أثناء مقاربة فكرة التأسيس ووضع معالم الإطار النظري والفلسفي الذي من أجْله تم إحداث هذا المركز، فالمدرسة المغربية في حاجة إلى رافد علميّ ومعرفيّ للجهود الإصلاحية المبذولة، إذ لا يمكن بناء الإصلاح التربوي من خلال الترقيع النظري عبر الترجمة وغيرها دون محاولة استنبات البحث التربوي وجعله في صلب إشكالات المدرسة المغربية وتحدياتها. ويشكل المركز المغربي للأبحاث حول المدرسة إجابة حقيقية عن واقع وظروف البحث العلمي في المغرب بشكل عامّ والبحث التربوي على الخصوص. فالمركز فضاء للمقاربة العلمية والمعرفية ومختبر لتمحيص الاختيارات وبناء الخلاصات العلمية حول ما يعتمل في الساحة التعليمية. وأظن بشكل عام أن مـجالات البحث في التربيـة من الطبيعي أن تعتمد على المشاكل أو الأسئلة التي يختارها أي باحث تربوي في أي مجال وكذا ما يطغى على اهتمامات الباحث وخلفيته وما يصطدم به في الواقع التربوي، حيث يمكنه تصنيف الأسئلة التي تؤطّر مجالات البحوث التربوية إلى صنفيـن أساسيين، منهما ما هو مرتبط بالتأسيس النظري، الذي يتعلق في جوهره بالمبادئ الأساسية والاختيارات الكبرى تربويا وبيداغوجيا، سواء في بعدها السياسي أو الفلسفي، أو تلك المرتبطة بالأسئلة التي يفرضها واقع الممارسة العملية المرتبطة بالمواقف اليومية -الميدانية، والتي يندر فيها التراكم النظري، حيث يساهم المستوى الأول في التحقق من مدى مصداقية الجهد النظري في اكتشاف نظريات جديدة أو التحقق من نجاعة نظرية موجودة ومتبناة أصلا. ويتجسد المستوى الثاني في الأسئلة ذات الطبيعة العملية المباشرة، التي تهدف إلى حل مشاكلَ مُحدَّدة قد تواجه التربويين أثناء نشاطهم اليومي (أي واقع الممارسة التعليمية والتعلمية)، لأنه يعالج مشاكل حقيقية في مستوى الممارسة، وعموما فسياسة البحث التي يحاول المركز ترسيخها تتجنب الدراسات التي حاولت دراسة أثر تغيير معين على التحصيل، لأن هذا النهج في البحث غير مجدٍ، ولاعتقادنا في المركز أن تحصيل المتعلم مرتبط بعوامل عدة، لا يمكن ضبط معظمها من خلال مجموعة ضابطة ومقارنته مع مجموعة تجريبية أو من إجراء امتحان قبلي أو بعدي، فإن المركز يسعى إلى أن يثير جدلاً مجتمعياً داخل المؤسسات التربوية البحثية لرفع نوعية البحث، ليرتكز على العمق في التحليل، وربط العناصر التربوية والفعل التربوي بالثقافة والمجتمع والسلطة التربوية، حيث يرى المركز أن ركيزة عمله البحثي هي البحوث الإجرائية والإثنوغرافية التي تدرس الفعل التربوي بعناصره الداخلية المجهرية، والخروج إلى فهم أوسع يربط البحث بحياة المتعلم اليومية وبثقافته، إضافة إلى الأبحاث الكمية التي تحاول دراسة السياسات التربوية التي تتّبعها المؤسسة الرسمية وفهم أثرها على المجتمع، إضافة إلى الأبحاث المقارنة التي تظهر فعالية تجربة معينة أو تطور فكر معيّن. ويبقى تأسيس الخيارات التربوية والبيداغوجية على أساس إنتاج المعرفة التي تحترم خصوصية المغرب على كافة المستويات هو الهدف الأسمى من إحداث هذا المركز.. - تعرف المنظومة التربوية والمدرسة المغربية بصفة عامة حراكا جليا، باعتبار المرحلة عرفت تنزيل البرنامج الاستعجالي ومخططاته، والأكيد أن المركز المغربي يتابع هذا البرنامج، ما هي درجات تقييمك لهذا البرنامج داخل المركز وأهمّ ما سجلتمه بخصوصه؟ < أولا، المركز لا يتابع فقط الدينامية التي أطلقها البرنامج الاستعجالي رغم مسافات الاختلاف والائتلاف معه، بل نحن نتابع ونرصد تموّجات وتفاعلات المنظومة التربوية والتكوينية، باعتبارها فعلا يوميا محكوما بدينامية مجتمعية يتشابك فيها الرسمي الفوقي والميداني القاعدي. ثم إن أي تقييم لمعضلة التعليم في المغرب ومسارات الإصلاح داخله لا يمكن أن يقفز على التراكم التاريخي في هذا المجال، فأزمة التعليم هي أزمة مركّبة وممتدة في التاريخ، وبالتالي يجب أن تنفذ مقاربات المعالجة والرصد إلى المنطق الذي تأسس عبْر عقود من أجل اختراق نواة الإشكال فيه وليس التركيز فقط على التجليات والتمظهرات، وعليه فلا يمكن إجراء إصلاح تربوي وتعليمي بمنطق التخدير الموضعي، أي انجاز إصلاح من أجل الإصلاح وتحمّـُل الدعم المرصود له دون إستراتيجية ناظمة بمعزل عن كافة المجالات الحيوية الأخرى في بنية الدولة والمجتمع (البنى السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية).. لا بد أن تكون المقاربة مندمجة شاملة ومتكاملة حتى يمكننا إحداث نوع من العلاقة الجدلية بين المدرسة والمجتمع على المستوى الوظيفي وتبادل التأثير والنمو، المغرب يفتقر في هذا الباب إلى تصور ناظم لوظيفة المدرسة وعلاقتها بالمجتمع. لقد رفعت الإصلاحات السابقة منذ 1957 شعارات دون أن تُمكّن لها في الواقع التعليمي، بل وجدنا مرحلة تنسخ ما قبلها دون إعمال للتراكم الايجابي المطلوب ودون إعادة صياغة وظيفة المدرسة، الشيء الذي يفرض، بالمنطق وبالقياس على تجارب دولية رائدة، توفر إجماع قوى المجتمع على مشروع مجتمعيّ وطني تقوم المدرسة من خلاله بتشكيل الإنسان وفق فلسفة مشروع مجتمعي ينطلق من ثوابت المغرب ومقوماته التاريخية والحضارية المغربية المتنوعة. إن معالجة مشكل التعليم في المغرب ليس هو استبدال بيداغوجيا بأخرى أو «استنبات» خطط بخطط ومجاراة الموضة التربوية والبيداغوجية أو الانتقال من مصطلحات إلى أخرى دون اختراق الإصلاح نواة العملية التعليمية -التعلمية وفصولها، حيث تبقى الإصلاحات خارج اهتمامات نساء ورجال التعليم.. المطلوب اليوم هو الإرساء لتكوين أساس ومستمر يلبّي احتياجات تنفيذ التوجهات الكبرى للسياسة التعليمية، لأن أزمة التعليم في المغرب ليست أزمة بسيطة، بل هي مركّبة تختزن رهانات السياسي محليا ودوليا. كما أن التحولات الكونية تلقي بظلالها على الحقل التعليمي باعتباره حلبة لنمذجة الشعوب وفق منظومة قيّم السوق والاستهلاك والعولمة، أي الترويج لقيّم عابرة للقارات والشعوب والمؤسسات من خلال إملاءات المؤسسات الدولية ذات النفوذ الواسع. ونظرا إلى ما للنظام التعليمي من أدوار رئيسية في التنمية المستدامة، عملت نظرية رأس المال الإنساني على إدماج التربية في منظور التقدم، لكنْ عندنا نجد أن المفارقة الأساسية تكمن في المسافة بين غايات التعليم وحاجيات المجتمع، والتي تزداد عمقا ما بين الواقع المدرسي وطبيعة الخطابات الرسمية التي تبنت إصلاح المنظومة التربوية والتكوينية، إذ نلاحظ أن تاريخ الإصلاح في المغرب هو تاريخ إصلاحات بامتياز وتاريخ أزمة كذلك... لذا نحن في المركز نحاول تحليل السياسة التعليمية التي اعتمدت في إصلاح التعليم في المغرب من داخل مرجعيات السياقات التاريخية المختلفة للكشف عن الدواعي والأسباب التي تحول دون نجاح إصلاح المنظومة التربوية المغربية، وما سبق نعتبره مقدمة ضرورية لفهم عملية الإصلاح الجارية وطبيعة التوجهات والاختيارات التي تحكمه من داخل المخطط ألاستعجالي. هذا الأخير ورغم الخلاصات الأولية المعلن عنها، والتي أثارت جدلا كبيرا في الوسط التعليمي فهي لا ترسم الصورة الحقيقية للتنزيل. إما بالنظر إلى المنهجية المتبعة في التقييم ومرجعياته أو المعايير المعتمدة والتي لا تؤدي إلى كشف كل الحقيقة في منجز تنفيذ البرنامج الاستعجالي، ناهيك عن أن هناك مقتضيات ممتدة في الزمن ويستحيل إجراء تقييم أوليّ بصددها، لأنها مسترسلة في أفق تحقيق الهدف منها.. ولكن هذا لا يمنع من تركيب صورة أولية للمسكوت /المعلن عنه في التنزيل، وهنا يمكن الحديث عن محدودية التغيير في واقع التعليم في المغرب، إذ ما زالت بعض الظواهر بارزة في الواقع، من قبيل استمرار تباين العرض التربوي بين العالم القروي والحضري، خصوصا في التعليم الأولي. كما أن مؤشر الهدر المدرسي ما يزال مخيفا، فـ200 ألف تلميذ وتلميذة يُودّعون المدرسة سنويا في صمت، ثم إن الأرقام المُعلَن عنها بخصوص نسب التمدرس غير دقيقة ومبنية أساسا على قوائم التلاميذ في بداية الموسم الدراسي ولا تُحيَّن بشكل يضمن أرقاما ذات مصداقية.. - بعيدا عن المجال البيداغوجي ونظام التدريس ما هي خلاصات الدراسات والبحوث التي ينجزها المركز المغربي للأبحاث حول المدرسة على مستوى البنيات التحتية وظروف اشتغال رجال ونساء التعليم، بجميع الأسلاك؟ وهل من خلاصات حول الوضع؟ < أظن أن المفارقة العجيبة هي أن المدرسة المغربية ما زالت مفصولة عن مجتمعها، وفي الوقت ذاته، تتقاسم معه نفس السمات باعتبارها مؤسسة تندرج في بنية مؤسساته، وبالتالي لا يمكن النهوض بالبنية التحتية للمؤسسات التعليمية دون الانتباه إلى الترابط الجدليّ بين المدرسة ومحيطها، وكل إعاقة فيه تنعكس سلبا عليه، ورغم ذلك، سعى البرنامج الاستعجالي إلى جعل تأهيل المؤسسات التعليمية مشروعا مُتضمَّنا في مشاريعه وهو اعتراف بحجم التردي، الذي تشهده هذه المؤسسات التعليمية العمومية. ولعل المعطيات الرسمية المُعلَن عنها في هذا الاتجاه تقدم صورة جلية (8942 حجرة دراسية غير صالحة في الابتدائي و1226 في الإعدادي -9008 مدرسة ابتدائية و28 ثانوية إعدادي غير مسيجة -13550 مدرسة ابتدائية و216 إعدادية غير مرتبطة بشبكة توزيع الماء 10963- مدرسة ابتدائية و63 إعدادية غير مرتبطة بشبكة توزيع الكهرباء %83- من المؤسسات الابتدائية في الوسط القروي غير متوفرة على مرافق صحية).. إضافة إلى اعتماد إجراءات وتدابير تمكن من التأهيل، من قبيل إعداد إطار مرجعي لمعايير البناء وتزويد %100 من المؤسسات بالماء و%80 من المؤسسات بشبكة توزيع الكهرباء، %20 منها ستجهز بالطاقة الشمسية، ترميم أكثر من 10.000 حجرة دراسية وكل الداخليات، تجديد التجهيزات المتقادمة والحديث عن وضع مخطط للصيانة الوقائية.. لكن السؤال الذي يغذيه الواقع المرير هل ساهمت هذه الإجراءات -مع التسليم بالتنزيل السليم لمقتضياتها- في تأهيل حقيقي لفضاءات العمل؟ وما آثارها على علاقة المؤسسة بمحيطها المعتل؟ أظن أن تأهيل المؤسسات التعليمية لم يؤد الفلسفة التي من أجلها اعتُمِد كمشروع، إذ تحولت العملية في كثير من الأحيان إلى عملية «تزويق» خارجي سرعان ما ينكشف أمره أي أن التأهيل لم يمس جوهر وبنية المؤسسات التعليمية، وظل شكليا وخارجيا وساهم في تكريس بنيات الاستقبال القائمة وإمكانات العمل التقليدية، دون تحقيق الهدف المرجو، وطبعا لا تساهم ظروف العمل وفضاءاته في تطوير المردودية وتجويدها، حيث تبقى المدرسة خارج قوة الجذب والاستقطاب، وكل ذلك يؤثر على الحياة المدرسية وعلى العمل التربوي بشكل عام، فما زالت أسرة التعليم تعاني مع وسائل النقل ومن العزلة وارتفاع تكاليف السكن شراء وكراء وما زال أبناؤهم يعانون من انعدام التمدرس الجامعي، وكل ذلك أفرز وقائع اجتماعية لا تساعد على الرقيّ بالمنظومة، من قبيل التشتت العائلي واللا استقرار المهني وتفشي الطلاق وانعدام الأمن المدرسي في المدن، فبالأحرى في الأماكن المعزولة.. أضف إلى ذلك معاناة نساء ورجال التعليم مع سنوات انتظار الترقية والانتقال وولوج التطبيب ومن انعدام توفر ظروف العيش الكريم.. وكلها عوامل تتضافر، وبشكل آليّ، لتفرز مقاومة مبررة لأي محاولة للإصلاح، ما دام هذا الإصلاح لا يلبّي احتياجات نساء ورجال التعليم، مهنيا واجتماعيا وإنسانيا.
|
|