هِسبريس - طارق بنهدا (عدسة منير امحيمدات)
الجمعة 14 دجنبر 2012 - 16:55
كما كان متوقعا، حج مريدو الشيخ عبد السلام ياسين، مرشد جماعة
العدل والإحسان الذي وافته المنية صباح أمس الخميس، إلى جنازة الشيخ.. فيما
غاب الحضور الرسمي عن الموعد المهيب الذي اخترق كبريات شوارع العاصمة
الرباط.
جهاز أمني متأهب..
شهدت مناسبة تشييع جثمان الشيخ ياسين نزولا مكثفا للقوات الأمنية
بمختلف تلاوينها، كما حضر لوجستيك الاحتراز بما فيه مدرعة مخصصة لتفريق
التجمهرات بواسطة رشاشات المياه القوية.. في وقت أغلق رجال الإدارة
الترابيّة الطريق المؤدية إلى شارع محمد الخامس الرئيسي منذ وقت مبكر، وتم
إخبار المتجمهرين في ساحة مسجد السنة، بواسطة مكبرات الصوت، أن مسار
الجنازة يجب أن يأخذ منحى باب السفراء المحاذي للقصر الملكي مرورا بباب
الرواح فشارع النصر، وصولا إلى مقبرة الشهداء؛ المثوى الأخير لجثمان الشيخ
ياسين.
غاب رئيس الحكومة وممثل القصر
خلافا للمتوقع، لم يحضر رئيس الحكومة عبد الاله بنكيران، فيما رصد
تواجد وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، وذلك رغما عن كونه من أوائل
الحاضرين بالعزاء الذي أقيم ببيت عبد السلام ياسين أمس بحي السويسي.. أمّا
التكهنات والتحليلات القائلة بإمكانية حضور موفد من القصر الملكي لحضور
تشييع جثمان عبد السلام ياسين فقد خابت، خصوصا بعدما رفع الإعلامي الرسمي
الحصار عن الجماعة ببث خبر وفاة مرشدها على قناتي القطب العمومي، ولو بشكل
عابر ومحتشم.
من جهة أخرى، عرفت الجنازة حضور العديد من الشخصيات والرموز المغربية
المعروفة، كالقيادي المخضرم في الحزب الاشتراكي الموحد محمد بنسعيد آيت
ايدر والحقوقي خالد السفياني والفنان الساخر أحمد السنوني "بزيز"، وزعيم
حزب النهضة والفضيلة محمد خالدي والأمين العام للبديل الحضاري محمد
المعتصم، زيادة على حسن الكتاني وعمر الحدوشي أحد الرموز السلفية، إضافة
إلى رضا بنخلدون، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، ومحمد
الحمداوي رئيس حركة التوحيد والإصلاح مرفوقا ببعض أعضاء مكتبها التنفيذي..
وآخرين.
خطيب الجمعة.. إنما الأعمال بالنيات
في مسجد السنة الشهير الذي أقيمت به صلاة الجنازة، تزامنا مع صلاة
الجمعة، ألقى الخطيب خطبته حول "الإخلاص والنية"، استنادا على حديث النبوي
القائل "إنما الأعمال بالنيات"، حيث تحدث عن أنواع الإخلاص ومراتبه من أجل
تحصيل النية الصادقة والعمل الصالح..الخطيب لم يتحدث ولو بإشارة إلى مناسبة
وفاة الشيخ عبد السلام ياسين، واكتفى في دعاءه بالترحم على الملكين
الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني، ليخصص دعاء ثانيا للترحم على جميع
موتى المسلمين.
سلال بشرية..
على طول مسار الجنازة، التي كانت تتحرك ببطئ، نصبت العديد من السلاسل
البشرية من أجل تطويق سيارة الإسعاف المحملة بنعش الراحل، وأخرى لضبط سير
الحاضرين ووعدم السماح للغرباء بالدخول إلى المساحة المحاذية لسيارة نقل
الجثامين.. كما لوحظ تطوع العشرات من أتباع الجماعة يتجولون وسط المسيرة،
وهم يوزعون المياه على المشيعين العطشى، في جو من الحزن والبكاء.. في حين
شوهد العديد من الموظفين، وهم ضمن دوام العمل، يطلون من نوافذ وشرفات مقرات
شغلهم وهم يصورون ما يقع، ومنهم من نزل للشارع مشاركة في التشييع.
غلام.. لم يفارق شيخه
بدا الحزن الشديد والتأثر الكبير على محيا رشيد غلام، المنشد الذي تربى
في أحضان جماعة العدل والإحسان، والذي كان في بعض أناشيده يخصص مساحة لمدح
الشيخ عبد السلام ياسين.. غلام لم يفارق الباب الخلفي لسيارة الإسعاف
مواظبا على إلقاء إطلالته على نعش مرشد الجماعة المشيع.
داخل المقبرة..
في الوقت الذي كانت الجنازة الرئيسية قادمة ببطء نحو مقبرة الشهداء،
المحاذية لحي المحيط بالعاصمة، توجه آلاف المشيعين نحو الباب الرئيس
للمقبرة قصد استقبال الجثمان، وعمد عدد منهم إلى تسلق حائط المقبرة بغية
السبق للمدفن بعد أن تم منعهم من ذلك على أيدي عناصر اللجنة التنظيمية.
العبادي.. والرد على المخالفين
بعد اجتماع حشود المشيعيين، وبعقب دفن جثمان الشيخ ياسين، تقدم محمد
عبادي، المرشد المؤقت للجماعة، ليقلي كلمته التي عددت مناقب الزعيم المؤسس
من ارتباطه الوثيق بالقرآن الكريم والسنة النبوية، حيث توجه إلى الحضور
بالقول أن الراحل "عاش للآخرة وتحرك لأجل النهوض بهذه الأمة.. فهؤلاء
الحشود هم ثمرة من صنع يده".
واستغل العبادي المناسبة ليرد على مخالفي ومنتقدي الشيخ ياسين في منهجه
وأفكاره، بالقول "هناك بعض الناس، غفر الله لهم، كانوا يتهمونه في عقيدته
ويتهمونه بالبدعة و نالوا من عرضه وحاصروه.."، مشددا في كلمته على أن الشيخ
ياسين "كان يتصدق على الناس بعرضه، وما عرفنا عنه أنه سلفي العقيدة.. وكان
يعيش على السنة ويغوص في النوافل كلها.. فحياته وحركاته كانت كلها منضبطة
بشرع الله".. خاتما كلمته، بتأثر، وهو يقول: "نحن أمام ضرورة الرجوع إلى
كتاب الله وسنة رسوله إذا كنا فعلا نحبه".