هسبريس ـ عبد المغيث جبران
الثلاثاء 12 نونبر 2013 - 13:45
"أبناؤنا لم يعودوا يَدرُسون سوى أياما معدودات كل شهر، وهذا يؤثر على مستواهم التعليمي"..بهذه الخلاصة الحازمة جَزَمَ عدد من آباء وأولياء أمور تلاميذ، يتابعون دراستهم في بعض المؤسسات التعليمية، حيث اشتكوا في تصريحات متطابقة لهسبريس من "كثرة" و"طول" أيام العطل المدرسية في البلاد.
وبالنسبة للتلاميذ فينقسمون إزاء هذا الأمر إلى صفين، الأول يعارض كثرة وطول العطل المدرسية، لأنها تعني تأثيرا مباشرا على مردوديتهم التعليمية، فيما آخرون يعتبرون الحصول على هذه العطل أمرا طبيعيا، حيث إنها تحفزهم على العطاء أكثر بعد تجديد النشاط الدراسي.
بين كل عطلة وعطلة.. عطلة
محمد باجوق، أب لأربعة أبناء يتابعون تعليمهم بالمدرسة العمومية، عبَّر عن رفضه للعطل المستمرة التي يحصل عليها التلاميذ المغاربة، بسبب أو بدون سبب، وبمناسبة أو حتى بدون مناسبة"، مضيفا أن هذه العطل "تأكل" من حياتهم التعليمية، وتنقص من كفاءتهم وتطورهم المدرسي".
ولتوضيح قصده، أفاد هذا الأب "الغاضب" من توالي العطل المدرسية، وهو معلم متقاعد، بالقول إن تلاميذ المغرب عادوا إلى الدراسة، يوم الاثنين، بعد غياب عن طاولات الدراسة بداعي العطلة البينية التي تتضمن زهاء 10 أيام باحتساب السبت والأحد، وقبلها كانت عطلة عيد الأضحى التي استمرت أكثر من ستة أيام.
والمؤسف، يضيف الأب ذاته، أن هذه العطل المسترسلة تأتي في وقت متقارب جدا، فالعطلة الأولى الخاصة بعيد الأضحى تم تمطيطها لتتحول من 3 أيام مقررة سلفا إلى 6 أو 9 أيام بالنسبة لعدد من المدارس، تلتها مباشرة العطلة الأخيرة التي شملت رأس السنة الهجرية، وذكرى المسيرة الخضراء".
وتساءل المتحدث عن "مزايا منح كل هذه العطل الدراسية التي تصل إلى زهاء عشرة عطل، وبمدة تصل إلى أكثر من أربعين يوما، وذلك كله في زمن مدرسي قدره بضعة أشهر باحتساب أكثر من ثلاثة أشهر كعطلة صيفية"، مردفا أن التلاميذ بهذا الكرم الحاتمي في العطل لن يكتسبوا المهارات الكفيلة لهم بمسايرة تطور التعليم في كافة المجلات العلمية والأدبية".
انتكاسة تعليمية
ومن جهتها أفادت لبنى بنقيس، أم لثلاثة تلاميذ، اثنان منهم يدرسون في المدرسة العمومية، والثالث يتابع دراسته في مدرسة خاصة، بأن هذه العطل المدرسية المستمرة والمتواترة تشكل لها كابوسا من عدة نواح، تربوية ونفسية ومادية.
وتشرح الأم بأن هذه العطل الطويلة تطرح عليها مشكلة كيفية تنظيم وقضاء وقت أبنائها، خاصة في غياب الأنشطة الترفيهية في الحي الذي تقطنه"، مردفة أن "هذه العطل تشكل أيضا فرصة لخروج الأولاد إلى الشارع، وما يعنيه ذلك من تأثر بما يجري هناك من مظاهر غير أخلاقية أحيانا".
وتابعت المتحدثة ذاتها بأنه من جهة أخرى عندما يحصل أبناؤها على عطل مدرسية طويلة تستمر أحيانا إلى عشرة أيام، تنقص كفاءتهم التعليمية بشكل واضح، مستدلة بأحد أبنائها الذي يدرس في المستوى الرابع ابتدائي، حيث يسوء خطه الذي يكتب به، وينسى كثيرا من المعار فالتي درسها في الفترة التي سبقت العطلة".
وزادت الأم بأن أكثر ما يغيضها أيضا في هذه العطل المدرسية المتوالية، أنها تأخذ من الشهر فترة زمنية كبيرة، مما يجعلها تسدد الواجب الشهري لابنها الذي يتابع دراسته في أحد المدارس الخاصة، دون أن يدرس فعليا الشهر بأكلمه، حيث إنه "في شهر نونبر الجاري مثلا لن يدرس ابني عمليا سوى 16 يوما، باحتساب عطلة 8 أيام وأيام السبت والأحد خلال الشهر" تقول الأم بنبرة كلها أسى.
بين ضياع الفرض.. وشحذ الهمم
وأما التلاميذ الذين صادفتهم هسبريس فقد تمايزوا إزاء هذا الموضوع إلى اتجاهين اثنين، الأول مثّله التلميذ سمير بوغرفة، الذي يتابع دراسته في أحد ثانويات حي النهضة بالرباط، حيث تأسف على ما سماه ضياع فرص التعليم بسبب كثرة العطل"، مضيفا أن "عطلة من يومين أو ثلاثة أيام تكفي للتلميذ ليسترجع نشاطه الذهني".
واستطرد التلميذ بأن هناك من بات يصف المغرب بأكثر الدول التي تمنح عطلا لمواطنيها، ومنهم الطلبة والتلاميذ، بعد الإمارات العربية المتحدة"، متسائلا عن حجم الأضرار التربوية والتعليمية التي يمكن أن تنشأ عن كثرة العطل المدرسية وطولها أيضا.
أما التلميذة زبيدة صحور، تلميذة بإحدى ثانويات حي السلام بسلا، فلها رأي مخالف تماما اتجاه مسألة العطل المدرسية، فهي لا تراها كثيرة مقارنة مع تسعة أشهر من الدراسة، حيث تساءلت عن نسبة ثلاث عطل رئيسية من مجموع السنة الدراسية الواحدة، أما عطل المناسبات الوطنية والدينية، فلا يمكن حذفها أو تأجيلها" تقول التلميذة.
واسترسلت المتعلمة ذاتها بأن "العطلة المدرسية، خاصة تلك التي تتألف من بضعة أيام، ليست فرصة للراحة وتغيير الأجواء والروتين المدرسي، فحسب بل للتحضير والتهييء أيضا للأطوار المقبلة من السنة الدراسية، مما يشحن بطارية التلميذ من جديد لمواجهة أعباء وتحديات الموسم الدراسي".
جدول العطل
ووفق جدول العطل المدرسية، الذي أعلنت عنه وزارة التربية الوطنية برسم الموسم الدراسي الحالي 2013/2014، فإن العطل المدرسية تبدأ بعطلة عيد الأضحى، 3 أيام، والعطلة البينية الأولى بثمانية أيام، وعيد الاستقلال، يوم واحد، وعطلة منتصف السنة الدراسية التي تدوم 8 أيام من9 دجنبر إلى 5 يناير 2014.
وبعد أن تحصل أسرة التعليم على يوم واحد عطلة بمناسبة عيد الاستقلال، باعتبراه عيدا وطنيا في المغرب، سيتعطل التلاميذ والطلبة ليومين اثنين بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف، باعتباره عيدا دينيا في البلاد.
ولن تقف العطل عند هذا الحد، حيث إنه من المزمع أن يأخذ التلاميذ عطلة بينية ثانية تستمر من 32 فبراير إلى 2 مارس المقبل، ثم عطلة بينية ثالثة مدتها أيضا 8 أيام تمتد من 13 إلى 20 أبريل القادم، قبل أن يأخذوا عطلة لمدة يومواحد بمناسبة عيد الشغل في فاتح ماي.