يعيشُ تلاميذُ وأساتذة المؤسسات التعليمية الابتدائية في نواحي مدينة إفران، معاناةٍ حقيقيّةً في فصْل الشتاء، حيثُ تنزل درجة الحرارة إلى ما دون الصّفر؛ في ظلّ غيابِ أبسطِ التجهيزات، القمينة بتوفيرِ الدفْء داخل المؤسسات التعليمية، إذْ يكتفي المدرّسون بتدفئة الأقسام بالحطب.
في مدرسة "أدرار عين مرسى"، التي تبْعد عن مدينة إفران بنحو عشْرِ كيلومترات، يدرُسُ التلاميذ، الذين يأتي بعضهم إلى المدرسة من دواوير تبعد عن المدرسة بأكثر من خمسة كيلومترات، مشيا على الأقدام في ظروف قاسية؛ قسْوة تظهر جليّةً على وجوه الأطفال الصغار.
المدرسة تفتقد إلى كلّ شيء تقريبا، بما في ذلك الماء، تقول أستاذة تعمل في المدرسة إنّ "الماء انقطع منذ ثلاث سنوات، بعدما أُتلفت القنوات التي كانت توصل المياه إلى المدرسة، ولم يتمّ تعويضها، وصار لزاما على التلاميذ الصغار أن يجلبوا معهم الماء من بيوتهم من أجل الشرب فقط.
في رُكْن أحد الأقسام كومة من الحطب؛ الحطب هنا في فصْل الشتاء يصير مادّة حيوية، مثل الماء، وبدونه يستحيل أنْ يظلّ التلاميذ والأساتذة داخل الأقسام، بسبب انخفاض درجةِ الحرارة، حيثْ تتحوّل الفصول الدراسية إلى ما يشبه "ثلاجات" ترتعد بداخلها فرائص التلاميذ الصغار.
من قبْلُ كان يتمّ تزويد المدرسة بالفحم، من أجل التدفئة، لكنْ تبيّن أنّ الفحم يشكّل خطرا على التلاميذ؛ يحكي أحد الأساتذة أنّه ذات مرّة شحن الموْقد بالفحم، وأغلق الأبواب والنوافذ، بسبب شدّة البرد، وما كادَ يمرّ وقت قصير حتى بدأ مفعول غازات الفحم يظهر على التلاميذ، فأسرع إلى فتح النوافذ والأبواب.
وقرّر الأستاذُ ألا يستعمل الفحم من جديد، ليستعين بالحطب، غير أنّه، رغم الاستعانة بموقِدٍ للتدفئة، فإن نسمات البرد القارس كانت تتسرّب إلى أقسام المدرسة، بسبب الأبواب والنوافذ المهترئة، وهو ما جعل التلاميذ عندما يشتدّ البرد، يعجزون حتى عن مسْك الأقلام.
يقول تلميذ في السنة الثالثة ابتدائي، "عندما يشتدّ البرد، تتجمّد أطرافنا، وأضطرّ إلى تغطية يدي التي أكتب بها بِكُمّ سُترتي، حتى تدفأ أصابعي وأتمكّن من الكتابة". معاناة التلاميذ الصغار تمتدّ إلى خارج أسوار المدرسة، إذ يضطرون إلى قطع كيلومترات في جوّ بارد جدا، من أجل بلوغ المدرسة.
أمّا الأساتذة، فلا تختلف معاناتهم عن معاناة التلاميذ، ففي مدرسة "أدرار" لا يوجد سكن وظيفي للأساتذة، وإضافة إلى ذلك تدفعهم قسوة المناخ إلى السكن في فاس، أو مكناس، يقول أحد الأساتذة إنّه يضطرّ إلى مغادرة بيته في مدينة فاس على الساعة السادسة صباحا، للالتحاق بعمله في مدرسة "أدرار".
خلال السنة الجارية، وضعتْ جمعية "HAND IN HAND"، التي أنشأها طلبة جامعة "الأخوين" بإفران، مدرسة "أدار" من بين المشاريع التي ستخصّص لها قِسْطا من التبرّعات التي جمعتها في "يوم التبرّع" الذي نظمته يوم السبت الماضي، من أجل ترميمها.
مُبادرة الجمعية تهدف إلى إعادة تهيئة مدرسة "أدرار" التي تعيش أقصى درجات الهشاشة، بشكل شامل، وتوسيعها، بهدف استيعاب 120 تلميذةً وتلميذا؛ وقال محمد بويا، منسّق الجمعية، إنّ عملية الترميم تشمل تجديد الأقسام، والمكتبة، والساحة، وأضاف "هذا سيشجّع التلاميذ على القدوم إلى المدرسة".