محمد منفلوطي
هبة بريس
13 - 12 - 2014
كشفت مصادر هبة بريس، أن شبح الساعات الإضافية الذي كان محط انتقاذ شديد من الجهات الوصية على قطاع التعليم سواء على المستوى الوطني و الجهوي و الإقليمي بسطات، قد حطت على إثره لجنة وزارية مختصة الرحال في وقت سابق، للوقوف على صحة الإتهامات التي وجهت لعدد من الأساتذة العاملين بالثانوية التأهيلية الرازي، باستدراج تلامذتهم لتقبل فكرة الساعات الإضافية، وهو الأمر الذي نفته الاطر التدريسية واعتبرته استهدافا مباشرا للنيل من صمعة المؤسسة على وجه الخصوص، والمدرسة العمومية على وجه العموم.
تداعيات الساعات الإضافية التي خيمت على المشهد التعليمي بالجهة، جعلت الوزارة الوصية تقرر إحالة الأساتذة المعنيين على المجلس التأذيبي الخاص بالتعليم الثانوي التأهيلي، حيث تراوحت العقوبة ما بين التوقيف عن العمل لمدة شهر وعشرة أيام، فيما أحيل ملف الحارس العام بالثانوية التأهيلية الرازي على أنظار مدير الأكاديمية الجهوية بسطات للنظر فيه.
هذا واكدت مصادرنا، ان تقرير المجلس التأذيبي تمت إحالته على الجهات المختصة بالوزارة للنظر في نتائجه، إلا أن الأخيرة، رفضت فحوى النتائج، مطالبة بإعادة البث فيها من جديد على حد وصف مصادرنا.
شبح الساعات الإضافية بسطات، لم يسلم منه حتى التعليم الإبتدائي، حيث أكدت مصادرنا ان النائب الإقليمي عبد القادر الطالبي اتخذ قرارا بعد ترأسه مجلسا تأذيبيا أفضى الى توقيف أستاذة وأستاذ يعملان بمدرسة مبروكة الإبتدائية بسطات لمدة تتراوح شهرين عن العمل، بناء على شكاية تقدم بها بعض آباء وأولياء تلاميذ المؤسسة، وهي الشكاية التي عجلت بايفاد لجنة نيابية مختصة، حيث تم الإستماع إلى الأستاذين المعنيين، اللذين أقرا ضمن اشهاد مكتوب ما تضمنته الشكاية على حد وصف ذات المصادر.
مواطنون ممن التقتهم "هبة بريس" أكدوا أنه ومع اقتراب موعد الامتحانات ترتفع أسهم الساعات الإضافية في بورصة المنظومة التربوية، وإذا كان الاستنجاد بالدروس الخصوصية من وجهة نظر البعض مطلوبة بل وضرورية للمتعلمين المتعثرين ، فإنّها لا تفسّر لماذا يقبل التلاميذ النجباء عليها ؟؟
متتبعون للشأن التعليمي ببلادنا، أكدوا ان هذه الآفة ليست مقتصرة على مدينة سطات وحدها، فحسب، بل هناك أساتذة باتوا معروفين بمختلف المدن المغربية، يتقاضون أزيد من أربعة ملايين شهريا مقابل تقديمهم لبضاعتهم المعرفية على مدار الساعة، فمنهم من يستيقظ على الساعة الرابعة صباحا، ويقوم بتقديم مواد سواء كانت علمية أو أدبية طيلة اليوم وينتهي حتى ساعات متأخرة من الليل.
وبهذا تحوّلت الدروس الخصوصيّة بالنّسبة إليهم إلى ما يشبه "المقاولات"، أصبح همهم الوحيد كسب المال، والأخطر من ذلك أن بعضهم ادخر مجهوداته -التي كان من الضروري أن يبدلها بالمؤسسات التعليمية العمومية-، وصار المرء يصادف تلاميذ أبرياء ينتظرون دورهم للدخول إلى أحد المنازل أو بعض المدارس الخاصة أو "الكاراجات" لقضاء ساعة أو أكثر من أجل الاستفادة من الدروس الخصوصية. متأبطين كراساتهم أو حاملين محفظاتهم على ظهورهم متأهبين لأخذ حصصهم الدراسية الإضافية....إنهم تلاميذ الساعات الإضافية، باحثين عن دروس نموذجية افتقدوها في مؤسساتهم التعليمية الرسمية…
إنها آفة الساعات الإضافية أو " الدرس الخصوصية" سميها ما شئت، التي يتفنن أبطالها بمختلف مدننا المغربية وليس بمدينة سطات وحدها، من خلال إشعار تلامذتهم في أول السنة بصعوبات اجتياز امتحان البكالوريا، وحثهم على ضرورة الاستعانة بدروس إضافية لمواكبة البرنامج السنوي.
ومنهم من يعتمد خلال الحصة على تقديم تمارين جد صعبة قصد تعجيز التلاميذ، مما يخلق لدى المتعلمين نوع من الحاجة الملحة إلى دروس خصوصية، وهذه الطريقة غالبا ما يصاحبها عند بعض الأساتذة سامحهم الله، نوع من الإلزام والتهديد والوعيد للتلاميذ، وتذكيرهم بأن مصير الرافضين هو الرسوب في امتحان آخر السنة، غير آبهين لظروف أسر هؤلاء الاجتماعية والاقتصادية، وهناك بعض الأساتذة يستعملون طريقة ذكية لاستقطاب تلامذتهم، حيث يحدثونهم عن المدارس العليا وبعض الجامعات التي لا تقبل الراغبين في ولوجها غير الحاصلين على معدلات عالية، بغية استدراجهم للانخراط في عملية الدروس الخصوصية لضمان معدلات مرتفعة.
ممارسات كهاته يصفها بعض المتتبعين للشأن التعليمي ببلادنا، بانعدام الواجب المهني وتكريس مبدأ عدم تكافؤ الفرص بين التلاميذ، في حين يبقى بعض الأساتذة الشرفاء النزهاء (بالرغم من ظروفهم المادية القاسية) يحاولون إرجاع الثقة للمدرسة المغربية العمومية عن طريق محاربة هذه الظاهرة الغريبة فتجدهم يقدمون دروسا في التقوية والدعم بالمجان هدفهم النبيل هو قطع الطريق أمام تجار المعرفة من المضاربين والمتاجرين في الحقل التربوي، لإشاعة روح التطوع والمبادرات الفردية.
وما يثير الإستغراب أن الحكومة الحالية عازمة كل العزم على محاربة الريع في قطاع التربية والتعليم، إلا أننا نجد هذه الظاهرة الخطيرة استفحلت بطرق غريبة لم يسلم منها حتى تلامذة التعليم الخصوصي الذين وجدوا أنفسهم أمام ظاهرتين غريبتين، الأولى تبتدئ مع دروس الحصص الدراسية العادية بمدارسهم الخصوصية"مؤدى عنها بالطبع"، والثانية مع حصص التقوية والدعم الليلية"مؤدى عنها بطبيعة الحال"، تماشيا مع مقولة "الطالع واكل والنازل واكل"منشار الغابة"".