mohajaba مراقبة عامة
الجنس : عدد الرسائل : 3542 العمر : 34 العمل/الترفيه : paint المدينة : temara البلد : الهواية : تاريخ التسجيل : 29/12/2010 نقاط : 3650
| موضوع: هذه كبرى الأولويات التي يقترحها تقرير المجلس الأعلى للتعليم الثلاثاء أبريل 07, 2015 12:42 pm | |
| بدأت ملامح التقرير التركيبي، الذي سيصدره المجلس الأعلى للتكوين والبحث العلمي، تظهر. ويبدو من خلال المعطيات المتوفرة، أن لجان المجلس وضعت ما اعتبرته أولويات وجب السعي إلى تنزيلها كخطوة أساسية في عملية الإصلاح التربوي. ومن هذه الأولويات ما يتعلق بالتعلمات الأساسية، وجودة التعليم، والحكامة، والإشكالية اللغوية. وهي قضايا سبق للميثاق الوطني، وللمخطط الاستعجالي أن نبه إليها من قبل. عاد المجلس الأعلى للتربیة والتكوین والبحث العلمي، وهو على أهبة تقديم تقريره التركيبي حول إصلاح منظومة التربية والتكوين، لأهم الخلاصات التي توقف عندها وهو يضع مشروعه لتجمیع الملاحظات والمساهمات والتحلیلات التي أدلى بها المواطنات والمواطنون عبر البوابة الإلكترونیة للمجلس، والتي وضعها رهن إشارتهم لتقییم مسار المنظومة، بما یسمح بتفسیر أسباب الضعف والتردي، واقتراح الحلول الملائمة لتجاوز هذه الوضعیة. ولن تخرج الأفكار الكبرى للتقرير التركيبي عن حدود ما اعتبره المجلس الأعلى مجموعة أولويات وجب تنزيلها لكي تسير وتيرة الإصلاح المنتظر كما خطط لها. ومن أولى هذه الأولويات، ما سماه تقرير المجلس بضرورة مواصلة الجهود المتعلقة لتعمیم التعلیم، بما في ذلك التعلیم الأولي، وانفتاح المؤسسات التعلیمیة على كل الأطفال البالغین سن التمدرس، واحتفاظها بكل تلامذتها لأطول مدة ممكنة، وتزویدهم بالمعارف والكفایات الضروریة للحیاة، وبقواعد المواطنة والأخلاق الفاضلة، في أجواء سلیمة، وفي بیئة بیداغوجیة ملائمة ومضیافة تستجیب لانتظارات المجتمع، ولحاجات التنمیة المستدامة. وهي أولوية ظلت حاضرة في جل النقاشات التي توقفت عند محطة التعليم الأولي سواء على عهد المخطط الاستعجالي أو قبله. لقد أعاد المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي، خلال إحدى دوراته فتح ملف التعليم الأولي. وسجلت إحدى لجان المجلس، في تداولاتها، ضرورة تحمل الدولة لمسؤولية التدريس الأولي تجاه أبناء المغاربة المتراوحة أعمارهم ما بين 4 و6 سنوات. مبررين ذلك بـضرورة تكافؤ الفرص بين تلاميذ القرى والمدن. ولم يكن مجلس السيد عزيمان خارج النص وهو ينبه لهذا الأمر. فقد سبق أن خص الميثاق الوطني لتربية والتكوين، قضية التعليم الأولي بالاهتمام حينما تحدث على أن تعميم التعليم الأولي يجب أن ينتهي في 2015. وهو الرهان الذي لم يتحقق بالجودة التي كانت منتظرة. كما كان المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم، قد أعطى لهذا الشق العناية الكبيرة، وخصص له مشروعا من مشاريع المخطط بالنظر للدور الذي يلعبه هذا التعليم، رغم الكثير من الإكراهات التي تعترضه. ثاني الخطوات التي تكتسي طابع الأولوية، هو المتعلق بالعمل على الارتقاء بالكفایات المهنیة والقدرات التدبیریة للموارد البشریة العاملة بقطاع التربیة والتكوین، من خلال إقرار إجباریة التكوین المستمر، ومراجعة نسق التكوین الأساس في كل مستویاته. وبذلك فقد عاد النقاش مرة أخرى عن مهن التدريس، التي وجب أن يعاد فيها النظر. لذلك يرى الكثيرون أن ما أقدمت عليه وزارة التربية الوطنية منذ عهد الوزير محمد الوفا، الذي فتح أبواب مراكز مهن التربية لكل حاملي شهادة الإجازة، كان خطوة إيجابية. على الرغم من الحديث الذي طفا على السطح مجددا حول إمكانية فتح أبواب هذه المراكز أمام حاملي شهادة الباكالوريا، مع إلزامية التكوين لمدة ثلاث سنوات وليس سنتين فقط. وبهذه الحركة التي يعرفها مجال التكوين يمكن تحقيق هدف الإرتقاء بالكفايات المهنية للمدرسين. وشكل تحقيق الجودة واحدا من الأولويات التي وجب التعاطي معها في الفعل التعلیمي. وهو واحد من المشاريع التي سبق للمخطط الاستعجالي وقبله الميثاق الوطني للتربية والتكوين أن توقف عندها. أما لتحقيق هذا الهدف، فيرى المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي، ضرورة إعمال آلیات المراقبة والمواكبة التربویة. وتقییم تعلمات التلامیذ بكیفیة دوریة ومنتظمة، قصد المساءلة والمواكبة والتحفیز. وإرساء برنامج للدعم التربوي یحظى باهتمام خاص من قبل الوزارة، ویعهد للخبراء من أجل بلورته وتحدید أهدافه ومختلف عملیاته وآلیات تنزیله. ویسهر على تنفیذه المفتشون، ویرعونه بالتتبع والمراقبة والتقویم، وتخصص له اعتمادات مهمة لحفز المدرسین على الانخراط في هذا المشروع. لذلك كانت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني قد سارعت إلى منع الساعات الإضافية، ودعت في المقابل إلى إعمالها داخل المؤسسات التعليمية للرفع من المردود العام التلاميذ، وإصلاح الاختلالات التي يتم رصدها تحقيقا للهدف الأكبر وهو الجودة. غير أن هذه الأهداف لن تعرف طريقها نحو التفعيل إلا بإعطاء الأهمیة لمجال الحكامة الجیدة، التي تعاني الكثیر من الاختلالات في منظومة التربية والتكوين. وهو ما شكل إحدى أولويات الإصلاح من خلال آلیات القیادة والضبط والتقویم، ومنهجیات التدبیر الناجع لمختلف الأجهزة المكلفة بالتسییر الإداري والتربوي الحالیة، وذلك عبر تحیین ومراجعة الإطار القانوني الموجه لمنظومة التربیة والتكوین، وترسیخ المسؤولیة وتوضیحها، وإعمال آلیات المراقبة والمواكبة، وربط المسؤولیة بالمحاسبة. ولن يفوت تقرير المجلس الأعلى التوقف مليا عند الإشكالية اللغوية التي يعتبر الحسم فيها أولوية الأولويات. وهي الإشكالية المتمثلة في استعمال غیر متناسق للغة التدریس في منظومة التربیة والتكوین، وأثر ذلك على صعوبة اكتساب المعارف العلمیة، والكفایات التجریبیة والتطبیقیة في الجامعة، نظرا لضعف إلمام التلامیذ باللغة الفرنسیة. وشكل موضوع اللغة واحدا من القضايا الكبرى التي اشتغل عليها المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي، خصوصا ما يتعلق باللغة الثانية التي وجب الاعتماد عليها. وهكذا فبعد أن كان الخطاب يتجه نحو إعمال الإنجليزية كلغة ثانية بدلا من الفرنسية، التي ظلت ترافق التعليم المغربي باعتبارها إرثا استعماريا سماه البعض بغنيمة الحرب. وبالنظر إلى أن الإنجليزية هي اليوم لغة التكنولوجيا والعلوم، عادت لجنة المناهج بداخل المجلس لتتداول في الأمر، وتعيد الفرنسية إلى مكانتها السابقة بعد أن دخلت السياسة على الخط، وتحرك لوبي الفرنكوفونية للضغط بقوة. لذلك بدأ الحديث عن إمكانية جعل اللغة الفرنسية تدرس منذ الصفوف الأولى الابتدائية. لم تغفل الاقتراحات التي يجب أن تكون أولوية، ما يتعلق ببعض الظواهر السلبیة التي تعاني منها المؤسسات التعلیمیة. والتي وجبت معالجتها لتصحيح صورة المدرسة كفضاء للعلم والمعرفة، وفضاء يعطي العبرة والدروس لبقية مؤسسات المجتمع، من قبیل ظاهرة الغش في الامتحانات، وتدریس الساعات الخصوصیة بالمقابل، والتي نجحت وزارة رشيد بلمختار في الحد منها. أما البديل، فهو ضرورة إرساء آلیات لتقویم الأداء المهني لكل الفاعلین في المنظومة، ومواجهة تنامي ما سماه المجلس الأعلى للتعليم بأزمة الضمیر المهني لدى بعض أطر هیئة التدریس، والعاملین في حقل التعلیم بشكل عام، وذلك من خلال تفعیل القوانین الزجریة للمخلین بالواجب. ويبقى التواصل والتعبئة حول المدرسة، رهانا حقيقيا وجب تحقيقه. فالمدرسة المغربیة تعاني اليوم من العزلة في علاقتها بالمجتمع، حيث تنامي مشاعر عدم الثقة إزاء العاملین فیها، وتزاید التمثل السلبي للمواطنین بخصوص أدوارها. ویعزى ضعف التعبئة أساسا، إلى ضعف الاستراتیجیة التواصلیة لرؤساء المؤسسات التعلیمیة لاستقطاب الشركاء وفعالیات المجتمع المدني، وإلى ترویج وسائل الإعلام لأخبار سلبیة تستهدفها، وتبالغ في إبراز مشاكلها وعیوبها. لذلك يقترح المجلس الأعلى في تقريره المستقبلي ضرورة أن تقوم الأكادیمیات الجهوية للتربية والتكوين ببلورة خطة لدعم التعبئة حول المدرسة، وتنفیذ استراتیجیة تواصلیة متكاملة، بما فیها إعداد مخطط تكویني یستهدف مدیرات ومدیري المؤسسات التعلیمیة، وجمعیات آباء وأمهات التلامیذ وشركاء المؤسسة التعلیمیة. هي مجموعة من الأولويات التي يرى مجلس عمر عزيمان أنها ضرورية، بعد أن قام باسثتمار ما حملته مقترحات كل الذين شاركوا في حملة الاستشارة التي أطلقها منذ بداية عمله. واليوم يرى المتتبعون أن الأفكار الكبرى للتقرير التركيبي، الذي يصدر قريبا، لن تتجاوز حدود هذه الأولويات خصوصا على المدى القريب.المكتب الوطني يأسف لبتر أوصال النقابة الوطنية للتعليم العالي في بلاغ له ردا على تأسيس نقابة جديدة المساء سجل المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي، وبأسف شديد أنه في ظل الدينامية التي أطلقها تحضيراً للمؤتمر الاستثنائي بهدف تعديل القانون الأساسي والنظام الداخلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي، تنفيذاً لقرار اللجنة الإدارية ليوم 29 يونيو 2013، ومن أجل تجويد وعصرنة أداء الأجهزة النقابية، وفي خضم صراعات النقابة مع الوزارة الوصية ودفاعها المستميت عن مطالب السيدات والسادة الأساتذة والرفع من كرامتهم ودفاعها الصارم عن التعليم العالي العمومي وعن الجامعة العمومية الموحدة والجيدة والمنتجة والديمقراطية والحداثية، فضّل مكون سياسي واحد ووحيد، تحمَّلَ مسؤوليات محلية جهوية ووطنية في إطار النقابة الوطنية للتعليم العالي وشارك في كل المؤتمرات بكل جوانبها، الإيجابية أو المستوجبة للتجاوز والإصلاح، بتر أوصال النقابة الوطنية للتعليم العالي وضرب مبدأ وحدتها، وهو توجه له تأثير مباشر على مصالح الأساتذة الباحثين ويعمل على الحط من مكانتهم الاعتبارية، بتبريرات واهية هدفها تسهيل تمرير قرارات تضرب في الصميم التعليم العالي العمومي. وتوقف المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي خلال اجتماعه العادي يوم الاثنين 30 مارس 2015 عند القضايا التنظيمية، والقضايا المتعلقة باللجان المشتركة الخاصة بالملف المطلبي والنظام الأساسي. فبخصوص النقطة التنظيمية، عبر المكتب الوطني عن قناعته التي يتقاسمها كل الأساتذة الباحثين أن عملية التقسيم هاته، كمثيلاتها رغم الاختلاف الحاصل باعتبار هذه المحاولة أتت بلون سياسي وحيد واضح، لن يكتب لها الاستمرار، لإيمانه بأن الواقفين وراءها والداعمين لها سرعان ما سوف يوقنون بخطئهم التاريخي والاستراتيجي، ويرجعون لنقابتهم التاريخية المناضلة والمتطورة. وعليه فإن المكتب الوطني يجدد النداء لجميع السيدات والسادة الأساتذة الباحثين بكافة مشاربهم وكفاءاتهم النضالية، الانخراط في عملية التحديث لأداتنا النقابية والإسهام بالنقاش البناء والاقتراحات الهادفة وإنجاح المحطة التاريخية للمؤتمر الاستثنائي الذي تفصلنا عنها بضعة أشهر، والذي سوف يمكّن النقابة الوطنية للتعليم العالي من أدوات التسيير، يُجمع حولها كل الأساتذة الباحثون، عصرية وفعالة، كفيلة بأن تحفظ للكل حقوقه في التعبير والتواجد، على صعيد جميع أجهزتها. أما بخصوص النقطة الثانية فقد توجه النقاش، يقول بلاغ المكتب الوطني، نحو النتائج التي توصل إليها بخصوص الملف المطلبي، وتم تدارس النقاط المزمع تداولها في إطار اللجنة المشتركة الخاصة بهذا الملف والتي عقدت اجتماعها في اليوم نفسه حيث تمحور حول الوثيقة الخاصة بمعايير الترقي من أستاذ مؤهل إلى أستاذ التعليم العالي، بعد الأخذ بعين الاعتبار بمجموعة من التغييرات التي أدخلها المكتب الوطني. كما تدارس المكتب الوطني باقي النقاط الواردة في الملف المطلبي في أفق الاجتماع الدوري مع السيد الوزير تبعا لآليات تفعيل ما تم الاتفاق حوله. وانطلاقاً من هذا النقاش والروح الوحدوية فإن المكتب الوطني يدعو كافة السيدات والسادة الأساتذة الباحثين إلى الالتفاف حول أداتهم النقابية الواحدة والموحدة، النقابة الوطنية للتعليم العالي والدفاع عنها بكل الوسائل المشروعة؛ وجعل وحدة العمل النقابي في مجال التعليم العالي شعاراً وممارسة يسموان فوق أي اعتبار. كما يدعو كافة الفعاليات من السيدات والسادة الأساتذة الباحثين داخل الفضاء الجامعي ومؤسسات تكوين الأطر ومراكز البحث أن يكونوا في منأى عن أي تجاذبات وتجنب أي استفزاز أو مزايدة، لإيمانه أن الأساتذة الباحثين في غنى عنها وأن النقابة الوطنية للتعليم العالي ملك للجميع وتستوعب الجميع. ويقرر دعوة مجلس التنسيق الوطني إلى اجتماع استثنائي يوم السبت 25 أبريل 2015 واللجنة الإدارية يوم الأحد 26 أبريل 2015 للترتيب للمؤتمر الاستثنائي وكذا دارسة كل الملفات المطلبية بما فيها النظام الأساسي المرتقب وتحسين الوضعية المادية لكل الأساتذة واتخاذ كل القرارات الضرورية للدفاع عن الجامعة العمومية الوطنية ووحدة النقابة الوطنية للتعليم العالي.جطاري : آن الأوان لتجاوز التعامل السياسوي مع تدريس الأمازيغية قال إن أخطاء الوزارة هي التسرع في تدريسها دون تكوين المكونين والمدرسين حاوره- عبدالقادر كتــرة مرّت سبعة مواسم جامعية على الشروع في الدراسة بمسلك الدراسات الأمازيغية بالجامعة المغربية والذي كان رهانا كبيرا وتاريخيا، ولتقريب القراء من مسار ومصير تدريس هذه اللغة، أجرت «المساء» حوارا مع الأستاذ بلقاسم الجطاري منسق مسلك الدراسات الأمازيغية بجامعة محمد الأول بوجدة. – ما هي الحيثيات التي تحكمت في إحداث مسلك الدراسات الأمازيغية بكلية الآداب بوجدة؟ < بالنسبة لحيثيات إحداث مسلك الدراسات الأمازيغية هناك أولا المادة 116 من الميثاق الوطني للتربية والتكوين التي نصت على إحداث مراكز جامعية تعنى بالبحث والتطوير اللغوي والثقافي الأمازيغي، وتكوين المكونين وإعداد البرامج والمناهج الدراسية المرتبطة بها، فضلا عن التوجه العام للدولة المغربية من خلال الخطاب الملكي بأجدير وظهير تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الذي قدم نظرة جديدة ومغايرة للقضية اللغوية في المغرب المعاصر، حيث اعترف بواقع التعدد الثقافي واللغوي في المجتمع المغربي، وحدد الخطوات الضرورية لاحترام البعد الأمازيغي على أرض الواقع والعناية به وتطويره. – وما هي الرهانات التي كانت وراء افتتاح هذا المسلك؟ وما مدى تحققها ونحن على أبواب تخرج الفوج الأول من حملة الإجازة في الدراسات الأمازيغية بالمغرب من جامعة وجدة؟ < لا بد من التذكير أن مجرد افتتاح مسلك للدراسات الأمازيغية بالجامعة المغربية كان رهانا كبيرا وتاريخيا استطعنا إنجازه، حيث هو أول ولوج بهذا الشكل والمضمون للأمازيغية لغة وثقافة إلى الجامعة المغربية، إذا استثنينا تجربة تدريس الأمازيغية في أثناء الحماية في معهد الدراسات العليا بالرباط والتي ألغيت مباشرة بعد الاستقلال. هذا بشكل عام، أما الرهانات الأساسية من إدراج الأمازيغية في الجامعة من خلال مسلك الدراسات الأمازيغية، فهي التأكيد على الطابع الوطني للغة الأمازيغية باعتبارها مسؤولية وطنية يساهم الجميع بتحمل قسط منها، من هذا المنطلق كان رهانها على المساهمة في جمع التراث الثقافي واللغوي الأمازيغي خاصة في مناطق الريف والجهة الشرقية حيث تنوع مناطق الطلبة المسجلين بالمسلك، هذا من جهة، ومن جهة ثانية، كان رهاننا على تقديم تكوين علمي متين لطلبة الشعبة فيما يتعلق بالثقافة والتراث الأمازيغي وكذا اللسانيات الأمازيغية. وذلك لتكوين جيل نموذجي من المكونين الذين سيتولون مسؤولية النهوض بالأمازيغية سواء في التعليم أو الإعلام أو غيرها من المجالات.. والكثير من هذه الرهانات قد تحقق خاصة فيما يتعلق بجمع المادة الأدبية واللغوية الأمازيغية التي كانت تعاني الضياع والتشتت، وهي مادة متوفرة وموثقة في خزانة المسلك.. ومع نهاية المواسم الجامعية السابقة تحقق رهان تخريج أفواج من المسلك مؤهلين لتدريس الأمازيغية في المدارس والثانويات المغربية… ما هي الإكراهات التي واجهتكم سواء أثناء الإعداد لفتح المسلك، أو منذ الافتتاح إلى الآن بعد حوالي ثمان سنوات من التدريس؟ < شُرع في الدراسة بمسلك الدراسات الأمازيغية بوجدة برسم الموسم الجامعي 0702-2008. وقد كان هذا الإنجاز –الانطلاقة- ثمرة جهود السادة الأساتذة ذوي التخصص في اللغة والثقافة الأمازيغيتين، عبر إنجازات وتخطيطات وترتيبات مضنية ومثمرة. وهذه الجهود المثمرة تعد عملا مشرّفا، وإضافة نوعية للحقل التربوي والتعليمي الجامعي الموازي لمسار تدريس الأمازيغية. هذا المسار الذي شمل أيضا باقي المستويات الدراسية، وخاصة المستوى الابتدائي. أما الإكراهات منذ افتتاح المسلك وإلى الآن، فهي تتعلق أساسا بعدم توفر الإمكانيات المادية المساعدة على جودة العملية التربوية الجامعية، حيث يتكلف الطلبة بإنجاز بحوث ميدانية دون أن يتمكنوا من الحصول على أي دعم مادي، وكذا قلة المراجع والكتب في خزانة الكلية، حيث أن الكتاب الأمازيغي لا يصل إلا بشكل خجول… ومن أهم الاكراهات أيضا، عدم توفر المسلك على طاقم متكامل من الأساتذة وبشكل دائم، حيث نضطر للبحث في كل موسم عن أساتذة لتدريس المواد الجديدة…. – وما علاقة هذا المسلك بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية؟ وهل قدم هذا الأخير أي دعم لكم سواء أثناء التأسيس أو بعده؟ < للأسف ليست هناك علاقة رسمية بين المسلك والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، ولم يقدم هذا الأخير أي دعم للمسلك سواء أثناء التأسيس أو بعده، حيث نجده لم يقم بأي دور يذكر من أجل تنفيذ الفقرة 6 من المادة الثالثة من الظهير المؤسس له والتي تنص على «مساعدة الجامعات إن اقتضى الحال على تنظيم المراكز التي تعنى بالبحث والتطوير اللغوي والثقافي الأمازيغي وعلى تكوين المكونين»، حيث لم يقدم أي دعم في هذا المجال. إلا أننا رغم ذلك انفتحنا عليه وحاولنا إيجاد صيغة مناسبة للتعامل بيننا تمكن المسلك وطلبته من الاستفادة من خبرة المعهد وإمكانياته خدمة للغة والثقافة الأمازيغيتين، فتدارسنا مشروع اتفاقية شراكة بين الجانبين، غير أن الشروط التي وضعها المعهد لم تنل قبولنا وفضلنا العمل بشكل فردي فيه الكثير من التضحيات وذالك من أجل إنجاح هذا المسلك وخدمة للأمازيغية… – لم توقع جامعة وجدة لحد الآن أية اتفاقية شراكة مع المعهد، فهل يتعلق الأمر بالحفاظ على استقلالية المسلك وباحثيه وطلبته، أم أن للأمر خلفيات أخرى؟ < لابد من الإشارة إلى أن جامعة محمد الأول قد وقعت شراكة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية إلا أن هذه الشراكة لم تفعل إلى يومنا هذا باستثناء بعض الكتب في الدراسات الأمازيغية التي توصلنا بها من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في السنوات الأخيرة. – قيل الشيء الكثير عن تدريس الأمازيغية في المدرسة المغربية، وهي العملية التي بدأت منذ شتنبر 2003، غير أن مسار العملية ينذر بالفشل في تحقيق رهاناتها، فهل يتعلق الأمر بإشكالية التكوين الذي طبعته الارتجالية والمحدودية الزمنية، أم بمعيقات أخرى؟ < مع كامل الأسف فإنه من بين الأخطاء الكبيرة التي وقعت فيها وزارة التربية الوطنية، هي التسرع في تدريس الأمازيغية دون تكوين المكونين والمدرسين، مما أنتج لنا عملية فارغة من المحتوى تتسم بالجمود والهشاشة، إذ أنه لا يمكن لأي كان أن يدرس لغة معينة مهما كانت بمجرد أن يخضع لتكوين سريع ووجيز في ظرف 3 أو5 أيام أو حتى أسبوعا واحدا، فالعملية التربوية في المجال اللغوي تقتضي التمكن من اللغة مهما كانت من أجل التمكن من آلياتها الداخلية وامتلاكها قلبا وقالبا من أجل تدريسها للآخرين، وهو ما لا يتوفر بالتأكيد للمدرسين في التعليم الابتدائي الذين لم يخضعوا لهذا التكوين الأساسي في اللغة الأمازيغية، وهو ما كانت نتيجته البياض فيما يتعلق بالأمازيغية التي مازالت تراوح مكانها منذ 2003، حيث لا يدرس الأمازيغية إلا من كان له إلمام مسبق بها قبل التكوين وله اهتمام عملي بها، أما غيرهم فلا يدرسونها بل فقط يستغلون هذه الحصة سواء كحصة ترفيهية للأطفال أو لتدريس مادة أخرى… وأيضا من المعيقات، عدم تخصيص أستاذ مختص للمادة بمعزل عن المواد الأخرى، لأنه بغير ذلك لن تتقدم عملية تدريس الأمازيغية للأمام وستبقى تراوح مكانها لعقود أخرى… كما أن عدم توفر الإرادة لدى بعض مسؤولي الأكاديميات الجهوية والنيابات الإقليمية يحد بشكل كبير من تنفيذ هذه العملية في مجموع التراب الوطني… إذا كان «الميثاق الوطني للتربية والتكوين» تحدث في المادة 116 من الدعامة التاسعة عن أنه «تحدث في بعض الجامعات بدءا من الدخول الجامعي 2000 -2001 مراكز تعنى بالبحث والتطوير اللغوي والثقافي الأمازيغي، وتكوين المكونين وإعداد البرامج والمناهج الدراسية المرتبطة بها»، وإذا كانت ورقة «أهداف مسلك الدراسات الأمازيغية» نصت على تكوين المكونين في اللغة الأمازيغية، فهل يمكن اعتبار خريجي هذا المسلك مع نهاية كل موسم هم الذين سيدرسون الأمازيغية في المدارس المغربية؟ من طبيعة الحال، فتأسيس هذا المسلك جاء من أجل تكوين المكونين في اللغة الأمازيغية أي مدرسي اللغة الأمازيغية، حسب ما جاء في ميثاق التربية والتكوين والفقرة السادسة من المادة الثالثة من ظهير تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وهي النقطة التي اعتمدناها في ورقة تأسيس المسلك… وبالتالي فإن خريجي المسلك تم تكوينهم على أساس أن يكونوا مكونين ومدرسين في مجال اللغة الأمازيغية، هذا هو دور وعمل المسلك البيداغوجي والتربوي وقد قام به، غير أن المسلك ليس هو من يخصص المناصب المالية فهذا من اختصاص وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي، وفور اتخاذ قرار تخصيص المناصب المالية سيتكلف خريجو الدراسات الأمازيغية بتدريسها… – تواترت بعض الأخبارعن عزم المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي رفع توصية ضمن تقريره الاستراتيجي يقترح فيها تعميم اللغة الأمازيغية بالسلك الابتدائي فقط. إلى أي حد تعتبرون هذا الأمر مسيئا للأمازيغية؟ < إن الحديث عن تعميم اللغة الأمازيغية بالسلك الابتدائي فقط، يعني، فعليا، وجود إرادة، واعية أو غير واعية، في الإبقاء عليها حبيسة مستويات التعلم الدنيا، أي أن أقصى ما يمكن أن يكتسبه التلميذ المغربي في هذه اللغة لن يتجاوز المهارات الكتابية والشفهية التواصلية الأساسية التي تتناسب مع درجة النمو السيكو معرفي للتلميذ المغربي (أقل من 12 سنة)، وهو ما سيبقيها حبيسة شرنقة مغلقة، هي واقعة فيها منذ القدم. وهكذا لن يكون متاحا أمام المغاربة إمكانية تطوير سجلات اللغة الأمازيغية الفكرية المعرفية؛ لأن ذلك يقتضي، بالضرورة، تدريسها بالسلكين الإعدادي والثانوي؛ السلكان اللذان يستلزمان ضرورة مواكبة الإنتاج الفكري العالمي، واستحداث المصطلحية العلمية الضرورية من جهة. واللذان يعرفان نسبة تمدرس لا بأس بها من جهة ثانية، فضلا عن مسألة ثالثة هي وقوع محتوياتها ومناهجهما الدراسية ضمن دائرة البرامج التعليمية المشتركة بين كل أبناء المغاربة، وهذا المعطى الأخير نعتبره حجة نتوجه بها إلى أولئك الذين يراهنون فقط على البحث الجامعي والأكاديمي، لتطوير الدرس اللغوي والأدبي والثقافي الأمازيغي. ولهؤلاء نقول أيضا إن السبيل إلى تشرب اللغة الأمازيغية (في صيغتها الكتابية العالمة) يمر بالضرورة عبر عملية إغماس طويلة تنطلق من المدرسة الابتدائية وتنتهي بالتعليم العالي. بحيث يتم تمهير المتعلمين، بالتدريج، في مكونات اللغة المختلفة، لينتهي بهم المطاف قادرين على التعبير بالأمازيغية عن مختلف مجالات الحياة الفكرية والثقافية. إصلاح الإصلاح أحمد امشكح حينما نتأمل قائمة الأولويات التي يقترحها المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي، أو تلك التي تدعو إليها وزارة التربية والوطنية والتكوين المهني بشأن الإصلاحات التي تنتظر المدرسة المغربية، نجد أننا نكرر الاختيارات نفسها، والمشاريع نفسها التي جربتها المدرسة لعقود دون أن تتجاوز أخطاءها. ومن ذلك الحديث عن الجودة وعن الحكامة، والتعليم الأولي، والتعلمات الأساسية. وهي مشاريع وأفكار حملها الميثاق الوطني للتربية والتكوين، الذي تأسس بعد توافق من قبل كل مكونات المجتمع المغربي نقابيا وسياسيا وعلميا. كما حملها بعده المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم، الذي وضع جملة من المشاريع تجاوزت العشرين، وخصصت لكل مشروع اعتمادات مالية محترمة، قبل أن يتم توقيفه مع حكومة بنكيران لأسباب لا تزال إلى اليوم في علم الغيب. ألم نضيع بهذه الاختيارات الكثير من الجهد والوقت. والكثير من الإمكانيات؟ لقد توقف المخطط الاستعجالي في 2011 دون أن يكمل سنواته المقررة. ودخلنا جميعا في ما يشبه بكاء على الأطلال ونحن نرصد عدد تلامذتنا الذين لا يحسنون القراءة ولا الكتابة، وعدد الذين غادروا حجرات الدرس قبل أن يكملوا سنوات صفوفهم الابتدائية، وعدد الذين لم يجدوا حجرات درس أصلا. وكان لا بد أن يدخل ملك البلاد على الخط حينما خصص خطابين ملكيين لإشكالية المدرسة المغربية. وحينما هل هلال التعديل الحكومي، الذي جاء بحكومة بنكيران الثانية، كان أول النازلين من قطارها هو وزير التربية الوطنية. ودخل الجميع قاعة انتظار كبرى، يبدو أننا لم نغادرها بعد. قاعة انتظار بدأت فيها المشاورات حول ما الذي كان، وما الذي يجب أن يكون. وأعيد فيها تريتب بيت المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي. وفي كل مناسبة يخرج علينا فيها وزير القطاع لكي يقدم صورة عن المدرسة المغربية. صور هي ما رصده الميثاق الوطني نفسه منذ قرابة العقد من الزمن. وما قاله المخطط الاستعجالي نفسه. غير أن أهم ما انتظرته المدرسة المغربية، ومعها كل الأسر التي تتابع ما يحدث في ملف يعنيها بدرجة كبيرة، هو أنه لا المجلس الأعلى أصدر توصياته حول الإصلاح رغم مرور كل هذه المدة. ولا وزارة السيد بلمختار فعلت ما ظلت تنادي به. والحصيلة هي أننا لم نبرح مكاننا منذ بدأ الحديث عن الإصلاح. وكأننا في حاجة «لإصلاح الإصلاح». بعد الحديث عن الجودة والحكامة والتعلمات الأساسية، لا بد أن نطرح السؤال عن فاعل أساسي هو الذي ستقع على كاهله كل مسؤولية تنزيل هذه الأفكار الكبرى. إنه المدرس المتواجد صباح مساء مع تلامذة نحلم معهم بجودة، ونريدهم أن يمتلكوا أدوات التعلمات الأساسية. إنه المدرس بداخل حجرة الدرس. ما الذي تفكر فيه وزارة بلمختار، ومجلس عزيمان، بشأن هذا الفاعل الأساسي؟ ألا يحتاج إلى وضع اعتباري آخر غير هذا الذي يعيشه؟ ألا تجعله إكراهات الترقية والحركة الانتقالية وظروف العمل بداخل حجرات بدون نوافذ ولا أبواب أحيانا، عاجزا عن تنزيل كل الأفكار التي يمكن أن يحملها مشروع الإصلاح التربوي، حتى وإن كانت أفكارا نبيلة؟ هل أحصت وزارة التربية الوطنية عدد المدرسين الذي يعيشون بأقل من الحد الأدنى للأجور بعد أن التهمت القروض نسبة كبيرة من رواتبهم الشهرية؟ ألا يحتاج هذا الوضع الاسثتنائي لدراسة من نوع خاص تحاول الإجابة على سؤال مركزي، لماذا سقط جل نساء ورجال التعليم في فخ الاقتراض؟ إنها الأسئلة الحقيقية التي وجب على وزارة التربية الوطنية وعلى المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي أن تجد لها أجوبة شافية إذا هي أرادت أن تعرف أفكار الإصلاح طريقها إلى حجرات الدرس. أما ما عدا ذلك، فلن يكون غير تنظير فلسفي سيعيدنا للوضع نفسه، وسنكرر معه الأخطاء نفسها. بقي فقط أن نذكر أن دولة مثل اليابان نجحت في رهان مدرستها لأنها منحت المدرسين أجرة الوزير، وحصانة الديبلوماسي، واحترام الامبراطور. لكن لا قياس مع وجود أكثر من فارق.تلاميذ إعدادية الحسن الأول بتارودانت بدون مدرس مادة اللغة العربية سعيد بلقاس استنكر مجموعة من أولياء أمور تلاميذ الثانوية الإعدادية الحسن الأول بتارودانت، ما وصفوه بلا مبالاة إدارة المؤسسة إزاء مطالبهم بإيجاد بديل لأستاذة مادة اللغة العربية التي لازالت في إجازة مرضية منذ أزيد من شهر. وأفاد هؤلاء أن فلذات أكبادهم باتوا محرومين من حصص مادة اللغة العربية، كما أضحوا مجبرين على قضاء حصص المادة في الساحات والفضاءات العامة حتى إشعار آخر وما يشكله ذلك من خطر بالنسبة للفتيات. وأكد هؤلاء أنهم ووعيا منهم بأهمية الموضوع، وحرصا منهم على ضرورة استفادة التلاميذ من حصتهم وإكمال مقرر المادة، استفسروا مدير المؤسسة في الموضوع، الذي أكد أن نيابة التعليم هي المسؤولة في جلب أستاذ بديل، غير أن مصالح النيابة تملصت بدورها من المسؤولية الملقاة على عاتقها، دون أن تتم الاستجابة لمطلب الآباء، وهو الأمر الذي أضر بمصلحة التلاميذ خصوصا مع اقتراب فترة الامتحانات. إلى ذلك، أشار هؤلاء إلى أنه في وقت يجري فيه الحديث عن إصلاح منظومة التعليم، لايزال القطاع التربوي بالإقليم يعيش على وقع الخصاص في الأساتذة مما يجعل من شعار الرقي بالتعليم والحديث عن الجودة مجرد شعارات للاستهلاك ليس إلا. أهمية ودور المواد الفنية والمشروع التربوي بالمغرب في البداية لا بد أن نشير إلى أنه يبدو من غير العادي أن يكون هذا هدف هذا الموضوع هو توضيح دور وأهمية تدريس المواد الفنية في منظومتنا التربوية والتكوينية. ربما لو فرض علينا هذا الموضوع أهميته وجدواه في بداية التسعينيات من القرن الماضي لوجدنا التبرير المقنع في بداية إدماج مادة التربية الموسيقية في المنهاج الدراسي المغربي الذي شكل حدثا تربويا فعليا عزز مسار التحديث التربوي في حياتنا المدرسية. لو طرح هذا الموضوع مند قرابة ثلاثين سنة أو ما يزيد التي تؤرخ لحضور التربية التشكيلية والفنون التطبيقية والرسم والأعمال اليدوية في مدارسنا الابتدائية والثانوية الإعدادية والتأهيلية لبدا حينها عاديا ومرتبطا بسياق بكامله عرف أشكال مختلفة من محاولات التأسيس والتحديث والبحث عن الذات وإمكانيات الخروج من قوقعة التخلف تربويا وثقافيا. ولو كان الموضوع هو ضرورة تطوير تدريس المواد الفنية والارتقاء بمكانتها وإصلاح مناهجها الدراسية، مثلا، لكان الأمر عاديا ومنسجما مع تاريخ حضور هذه المواد في المنظومة التربوية. لكن أن نناقش موضوع أهمية تدريس المواد الفنية في مدارسنا ونحن في العشرية الثانية من القرن 21 هذا أمر يحمل تشكيكا في خياراتنا السابقة وكأنه يدفعنا للتساؤل عن جدوى هذا التدريس وحضور التشكيل والموسيقى والشعر والمسرح ولو بأشكالها الباهتة في فضاء حياتنا المدرسية والثانوية؟ ويبقى السؤال المهم الذي يفرض نفسه في سياق هذا التوضيح هو من له المصلحة، أقصد السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية أو حتى الإيديولوجية، في جعلنا نطرح السؤال ونحاول جاهدين تقديم الإجابات اليوم؟ من خلال متابعتي وبحثي اكتشفت بأن هذا النقاش لا يهم المغرب لوحده، بل يتم حاليا في عدة دول سبق أن نالت فيها المواد الفنية مكانة مهمة في المنظومات التربوية، كلبنان وتونس وخاصة فرنسا التي تحظى فيها التربية الفنية بمختلف مجالاتها بدور أساسي في نظامها التعليمي العمومي الذي راكم تقاليد سياسية وتدبيرية وسوسيولوجية ونقدية تحرص على دمقرطته كمؤسسة كبيرة للتنشئة الاجتماعية وتكافؤ الفرص في التربية والتكوين والتثقيف. وقد أثارني ما يقوله فليب ميريوPhilippe Merieu في هذا الحوار قبل بضعة شهور: العديد من التخوفات لا تزال قائمة، ولعل أهمها تحيلنا على تلك المشاريع القديمة التي لا تزال راقدة في علب بعض الإيديولوجيين والتي يمكنها أن تطفو عند أدنى مناسبة، ويتعلق الأمر بالزج المنهجي بالتربية الفنية والثقافية خارج الفصول الدراسية بدعوى أنها ترتبط بالمجال الخاص وباختيارات الأسر، والاعتقاد بأن مهمة المدرسين يجب أن تحدد في «تعليم القراءة والكتابة والحساب». أعتقد أن الأمر يتعلق بخطأ جسيم، فمن جهة عملية الكتابة والقراءة والحساب لا تستمد معناها إلا من خلال اندماجها في إطار مشروع تربوي يتفاعل باستمرار مع كل ما يمكن المتعلم من ولوج وادراك المعنى ومتعة المعرفة، ولمتعة الفكر وسعادة القدرة المشاركة بفضل الفن والثقافة في الشرط الإنساني. فالمدرس الذي سيتفرغ لمجرد تعليم القراءة والكتابة والحساب، يضطر باستمرار إلى تبرير جدوى ما يدرسه، ومن منظور جد تقنوقراطي وأداتي لمهنته. إضافة إلى ذلك فكل تصور من هذا النوع يشكل نكوصا كبيرا في موضوع «الحق في التربية» لأنه يربط حظوظ لقاء وتلقي الفن والثقافة بالفوارق الاجتماعية. فنعلم مند مدة طويلة، خاصة مع كتابات بيير بورديو بأن الطلب على الفن والثقافة ليس أمرا بديهيا بل سلوكا وتربية يتم بناؤهما. فإذا كنا نرغب فعلا في دمقرطة الفن والثقافة، لا يكفي تطوير العرض، -كبناء المتاحف والمسارح وتنظيم المهرجانات…-، بل يجب بناء الطلب على الفن والثقافة، وهذا ما لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال المؤسسة الوحيدة التي يلجها الجميع ذكورا وإناثا، وهي المدرسة. لماذا التربية الفنية والتربية على الفن، إذن؟ ثلاثة أسباب كبرى تكفي للإجابة عن هذا السؤال الذي صار لازمة لكل إصلاح وتطور فعلي في مشروعنا التربوي: الجواب الأول يحيل على موضوع التربية الوجدانية وصقل الخيال، فالوجدان والخيال هما مثل الطبيعة لا يقبلان الفراغ. فالخيال إما أن يكون مفعما بالجمال والنور والألق والحياة…إما أن يكتسحه التردد والقبح والظلام والموت. والخيال إما أن يصقل ويغذى فينفتح ويتفتق ويوظف في الابتكار والتجديد والتطور، أو يترك فيجتاحه الانغلاق والتنميط وتملأه مختلف الصور والرموز والنماذج التنميطية التي يعج بها عالم اليوم الواقعي والافتراضي. إن تدريس الفنون والتربية الفنية، بما في ذلك التشكيل والموسيقى والمسرح والشعر والصورة والسينما…، وتربية وصقل الخيال وتغذيته هي شرط أساسي للإبداع الإنساني وللانفتاح والابتكار وإدراك الأشياء والعالم في أبعاده وممكناته المختلفة. وصقل الخيال الذي يتأتى عبر تدريس الفنون وتعرف ولقاء الأعمال والآثار الفنية وإبداعات المجتمعات والأفراد والمدارس والأساليب والحساسيات المختلفة التي غدت تاريخ الثقافات والفنون البشرية، هو شرط لتكوين المتعلمين من أطفال ومراهقين وشباب على الإبداع وتهذيبهم وتنمية ذوقهم ودفعهم لتجاوز المألوف والجاهز والقوالب النمطية وابتكار حلول وأشكال ومسوغات وصور وأجوبة جديدة في مختلف مناحي حياتهم. |
|