نسمة المنتدى مراقبة عامة
الجنس : عدد الرسائل : 1644 العمر : 46 المدينة : khouribga البلد : الهواية : المزاج : تاريخ التسجيل : 04/01/2009 نقاط : 2699
| موضوع: مغربية تتجاوز اغتصابها.. بالدفاع عن حقوق المرأة السبت مارس 21, 2009 3:20 pm | |
| في إطراقة وجهها بقايا حزن لم تستطع معاول الزمان محوه تماما، لكن نظرة عينيها تمتلئ ببريق أمل في غد مشرق.. ونبرة صوتها مفعمة بالرغبة في التحدي والمواجهة وقهر الظلم. إنها الشابة المغربية "وئام ل." التي فقدت بكارتها قسرا في حادثة اغتصاب مروعة، غير أنها استطاعت تخطي هذه الفاجعة وانضمت لصفوف المناهضين للعنف ضد المرأة. الاستقامة والعفة اللتان تتمتع بهما "وئام" -29 عاما- ابنة الدار البيضاء، لم يحولا دون أن يجعلا منها فريسة لهذا السلوك الحيواني. فقبل نحو خمس سنوات، وفي إحدى ليالي شهر فبراير/شباط أصيب شقيقها الأصغر بنزلة برد حادة، ارتفعت على إثرها درجة حرارته ارتفاعا كبيرا، بينما لم يكن أبواها بالمنزل، ولم تجد "وئام" بدا من أن تنزل للبحث عن دواء يخفف من ألم أخيها. ورغم خوفها مما قد يحمله خروجها في وقت متأخر ليلا من مخاطر وأهوال، إلا أن الحمى التي ألمت بأخيها كانت أقوى من تلك المخاوف، فما كان منها إلا أن استجابت لنداء الإخوة، دون أن تتردد في أن هذا الخروج قد يكلفها زهرة شبابها وشمعة أحلامها. وبالفعل خرجت "وئام" من الباب وهي تهرول مسرعة كمن أصابه الهذيان، متجهة لأقرب صيدلية، وأثناء عودتها بالدواء على نفس المستوى من السرعة سمعت الفتاة صوت عجلات سيارة مسرعة قادمة من خلفها، قبل أن تباغتها وتسد في وجهها الطريق. أقسى إهانة وهنا تسرد "وئام" كيف وقعت الكارثة بقولها "لقد انتابني إحساس بالرعب لم أشعر به قط في حياتي، وشعرت بأن قلبي سيتوقف عن الخفقان بمجرد أن شاهدت أبواب السيارة تفتح وينزل منها خمسة شباب ينظرون إلي كما ينظر الأسد لفريسته". وتتابع "وئام" "لم أعرف ماذا أفعل، لقد توقف عقلي عن التفكير، إلا أنني حاولت استجماع ما تبقى لي من قوى خارت بفعل الهلع الذي أصابني وهممت بالركض، رغم معرفتي المسبقة باستحالة نجاتي من هؤلاء الذئاب البشرية.. فلم يجدوا صعوبة في الإمساك بي ليدخلوني إلى سيارتهم وهم يكممون فمي بأيديهم، قبل أن يغمضوا عيني حتى لا أتمكن من التعرف على المكان الذي أخذوني إليه". وتستطرد "وئام"، وهي مغمضة عينيها كمن يشمئز من مشاهدة منظر مريع، "لقد انطلقوا إلى أحد المنازل، وبعدها كبلوني وقاموا بفعلتهم الدنيئة... وبعد انتهائهم قاموا بإلقائي في حارة قريبة من حارتي وذهبوا وهم يقهقهون". ومن تلك الحارة سارت "وئام" نحو منزلها، وهي في حالة غثيان وبكاء شديد، بعدما تعرضت لأقسى إهانة يمكن أن تتعرض لها أنثى. ولم يمنعها كل هذا من أن تقدم الدواء لأخيها، وهي في شبه إغماء، قبل أن تستلقي على فراشها محاولة النوم الذي كان مستحيلا، فقد كانت صور الواقعة لا تفارق ذهنها، وتزيدها عذابا وشعورا بالقهر. ومرت الأيام، و"وئام" تأبى إلا أن تحتفظ بهذا الحادث في داخلها، مفضلة تفادي العار واحتقار المجتمع على الكشف عن الموضوع وإبلاغ الشرطة، وإيجاد ضجة قد تضرها أكثر مما قد تنفعها، خاصة وأن الله رحمها بأن هذا الحادث لم يسفر عن حمل. ولكن طرأ تغيير ملحوظ في سلوكها، حيث أصبحت دائمة الشرود، كثيرة الانطواء، قليلة الاهتمام بأنوثتها، شديدة الكره للجنس الآخر.. الأمر الذي أقلق أبويها. وظلت "وئام" على هذه الحال لمدة أربع سنوات كاملات قضتها كئيبة، حزينة، زاهدة في الحياة، لا تهمها مشاغل الدنيا، تراودها بين الفينة والأخرى نوبة بكاء شديدة. مدافعة عن حقوق المرأة وذات يوم، وخلال جلسة عائلية، ألقى أحدهم خبر زواج فتاة كانت قد تعرضت للاغتصاب أيام الطفولة، فأحيا هذا النبأ الأمل من جديد في صدر "وئام"، التي تعتبر أن إيمانها بالله كان أحد أهم العوامل في ثباتها، وعدم لجوئها لقرارات متهورة مثل بعض الفتيات اللاتي قمن بالانتحار بعد أن تعرضن لمثل هذا الحادث. وفعلا بدأت تغير من نظرتها للأمور، لتسترجع -بشكل تدريجي- نشاطها ورغبتها في الحياة والزواج من فتى أحلامها، كما اختارت طريق النضال من أجل الدفاع عن حقوق المرأة عبر منظمات المجتمع المدني، علها تحول دون تعرض غيرها للعنف أو الاغتصاب. وعن هذا تقول "ما زالت المرأة تعاني الكثير في مجتمعاتنا العربية، وبحكم أنني عشت تجربة مريرة، لا أريد غيري أن يمر بمثلها، لهذا قررت النضال من أجل المرأة التي هي نصف وعماد المجتمع".
|
|