هل الأزمة العالمية تهدد المغرب بسكتة قلبية؟ هل كل القطاعات تعاني من هذه الأزمة؟ كيف تتصرف الدولة مع هذا الوضع؟ وما هو المخرج؟ تساؤلات قوية تتردد بحدة داخل أوساط المغاربة سواء كانوا رجال أعمال أو صناع قرار أو مواطنين عاديين مفزوعين من تبعات محتملة قد تأتي على ما تبقى من قدرتهم الشرائية. الناس مهتمون أكثر بهذه الأوضاع، وقد وصلتني العديد من الرسائل الإلكترونية لمواطنين يريدون معرفة حقيقة تداعيات الأزمة العالمية على المغرب. لا أدعي أن لدي تشريحاً دقيقاً للوضع واقتراحات حلول كما طلب مني بعض القراء، وأعتقد أن الحكومة بنفسها تفتقر, في الوقت الراهن, إلى ذلك, وقد تجلى هذا في عدة مناسبات كان خلالها الموقف الحكومي ضبابيا، لكن يبدو منطقياً أن يتم التعامل مع المرحلة الراهنة بكثير من الحذر, وذلك بعدم الارتخاء واعتقاد أن الأزمة عند الآخرين فقط، لكن في نفس الوقت لا تجب المبالغة في تقدير تداعيات الأزمة حتى لا تتوقف الدورة الاقتصادية برمتها. لقد وضعت الحكومة بعض آليات مواجهة الأزمة، وكان قطاع النسيج هو المستفيد الأول, وذلك بالنظر إلى هشاشة هذا القطاع بشكل بنيوي. هذا يوضح أن المغرب لم يستفد كما يجب من أزمات سابقة لهذا القطاع، أزمات أفلست معها عشرات المصانع وسرح آلاف العمال, وها نحن نعود اليوم إلى خانة الانطلاقة مع قطاع تتوقف أنفاسه مع أولى إلغاءات الطلبيات. لم يعد سراً أن اعتماد النسيج المغربي على أسواق تقليدية ينطوي على مخاطر كبرى والدليل هو الوضع الحالي. لكن من اللافت أن الحكومة لم تضع إلى حد الساعة برنامجاً بديلاً أو خلية أزمة من أجل إنقاذ قطاع السياحة، بل إن الفيدرالية المغربية للسياحة لم تقدم في المجلس الإداري الأخير لاتحاد مقاولات المغرب أي طلب دعم للقطاع كما لم تدق ناقوس الخطر، وهذا في حد ذاته استصغار للأزمة قد يكون مدمراً لقطاع استراتيجي وحيوي لاقتصاد البلاد. فهل تعتقد الحكومة أنها ببرنامج «كنوز بلادي» ستخفف من آثار أزمة السياحة القادمة بكل تأكيد. هذا يدل على افتقاد رؤية واضحة للتعامل مع الأزمة، خاصة وأن الأسواق المنافسة قد اعتمدت خططا بديلة, وخفضت الأسعار، واقترحت منتوجات جديدة على كبريات وكالات الأسفار الدولية. وحتى لا نذهب بعيدا,ً فقد وقع هذا بتونس. فماذا فعلنا لنحافظ على سياحتنا؟ لا شيء، فالفنادق شبه الفارغة مازالت تحتفظ بنفس الأسعار ومازالت تعرض قنينة ماء بثلاثين درهماً، وخمسين أحيانا,ً فيما جودة الخدمات تحتاج إلى مؤلفات لتشريحها. وحتى ننهي بأخبار سعيدة، يجب أن نحمد الله لأن الموسم الفلاحي سيكون, بحول الله, قياسياً خاصة وأن شهر مارس لم يكن جافا,ً وهكذا ستنقذ الفلاحة المغرب من أزمة حقيقية. ولعل عزيز أخنوش أسعد رجل في المغرب بهذه التساقطات التي أبعدت شبح الانكماش الاقتصادي على الأقل خلال هذا العام.