الحب والجنس والخيانة الزوجية.. ثلاثي يلعب دوراً رئيسياً في المجتمعات الحديثة.. فمن يخن شريكة عمره، أو من تخن شريك عمرها، ليس من السهل أن يعترف حتى لأقرب المقربين مما يشكل عقبة رئيسية في طريق الباحثين والمتخصصين الراغبين في دراسة هذه الظاهرة المتفشية.. وإذا تمكن هؤلاء من وضع بعض الدراسات فمن المؤكد أن التناقضات والاختلافات في ما بينها أكبر من كبيرة بسبب الحرص على الكذب وكتمان الأسرار لدى غالبية الذين يمارسون الخيانة الزوجية، أو خيانة المعاشرة والمساكنة حيث إن المجتمعات الغربية باتت أكثر من غيرها تشهد زيادة هائلة في أعداد الذين يعيشون تحت سقف واحد كالمتزوجين تماماً وينجبون الأطفال، لكن دون عقد زواج أو أي التزام قانوني.
في دراسة نشرت نتائجها مؤخرا في مجلة الصحة النفسية الأميركية طرح باحثون من جامعتي كولورادو وتكساس (A & M) سؤالاً محدداً على 4884 امرأة والسؤال هو : إذا مارست الخيانة الجنسية ضد الشريك (زوج أو صديق) فهل تعترفين للباحثين؟ في البداية، كان المطلوب من النساء الإجابة وجهاً لوجه.. ومن ثم أعطين الخيار بكتابة الجواب وإرساله بالبريد دون الإشارة إلى ما يمكن أن يدل على هويتهن.
تناقضات واختلافات
|
اعترفت 7% من النساء بخيانة الزوج |
في الإجابات المباشرة، اعترفت واحدة في المائة من المشاركات بأنها لم تكن وفية للشريك خلال العام الماضي.. أما في الإجابات البريدية المجهولة الاسم فارتفعت النسبة إلى أكثر من ستة في المائة، ويقول المختصون إن هاتين النسبتين تتناقضان أيضاً مع النتائج التي تنشرها وسائل الإعلام المختلفة، وبالذات المجلات النسائية التي تعطي أرقاماً مبالغا فيها للخيانات الزوجية لأن المشاركين والمشاركات في استطلاعات الرأي التي تجريها وسائل الإعلام هم الذين يقررون المشاركة أو عدمها، وبالتالي تكون النتائج أقل حيادية وتنقصها الدقة المطلوبة في مثل هذه الدراسات وفي المقابل، يشير العديد من الدراسات الحديثة إلى أن الخيانة الزوجية بدأت تأخذ منحى أكثر خطورة.. فنسبتها تتصاعد خاصة بين المتقدمين في السن، وبين المتزوجين حديثاً أيضاً.
الفجوة بين الجنسين
تشير هذه الدراسات أيضاً إلى أن النساء قد قطعن شوطاً كبيراً في سد الفجوة القديمة بين نسبة الرجال والنساء الذين يرتكبون الخيانة.. ومن الأرقام المنشورة في هذا الصدد يتضح أن نسبة النساء اللائي يمارسن الخيانة في سن مبكرة تساوي نسبة زملائهن الرجال، ويقول البروفيسور ديفيد أتكينز من المركز الطبي التابع لجامعة واشنطن "إذا نظرت إلى الموضوع لمعرفة إن كانت الخيانة الزوجية في ازدياد، فالأمر لن يكون بالسهولة التي تتصورها، لكن لو دققت النظر في التفاصيل الصغيرة، كالجنس والسن والمستوى الدراسي والوضع المالي، لأذهلتك النتائج".
ففي أحدث الدراسات المنشورة عن الخيانة الزوجية أو خيانة المساكنة والمعاشرة، والمستقاة أرقامها من استطلاعات سنوية للرأي على مستوى الولايات المتحدة تغطي الفترة من 1972 حتى 1992، يتبين أن 12% من الرجال اعترفوا بخيانة الزوجة أو الشريكة، في حين اعترفت 7% من النساء بخيانة الزوج أو الشريك.
تغيرات مرعبة |
من يجر الثاني الى الخيانة..؟ |
وفي مؤتمر عن العلاقات الاجتماعية من المقرر أن تستضيفه جامعة أورلاندو / فلوريدا الشهر المقبل، يعتزم البروفيسور أتكينز تقديم بحث عن الخيانة الزوجية في الولايات المتحدة خلال الفترة من 1992 حتى 2006 يشير إلى تغيرات مذهلة بل مرعبة كما علق بعض المتخصصين، ومن بين هذه الأرقام يتبين أن الخيانة الجنسية من قبل الرجال الذين تجاوزوا الستين ارتفعت لتبلغ 28% عام 2006 بينما كانت أقل من 17% عام 1992.
وبالنسبة لخيانة السيدات اللائي تجاوزن الستين فقد بلغت النسبة 15% سنة 2006 بعد أن كانت أقل من 5% سنة 1992، وبين المتزوجين حديثاً.. أو المتساكنين الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة اعترف 20% من الرجال، و 15% من النساء سنة 2006 بالخيانة الجنسية مقابل 15% للرجال و 12% للنساء سنة 1992، الفياغرا والإستروجين تراوحت النظريات واختلفت في تفسير هذه الظاهرة المتصاعدة في المجتمع الأميركي وغيره بالطبع، خاصة بين المتقدمين في العمر.. لكن النظرية الأكثر منطقية هي انتشار العقاقير المنشطة كالفياغرا للرجال ومستحضرات الإستروجين (Estrogen) والتستوستيرون (Testosterone) للنساء.
وتقول البروفيسورة هيلين فيشر أستاذة علوم الإنسان في جامعة روتجرز، ومؤلفة العديد من الكتب المرجعية في موضوع الحب والجنس، أن المتقدمين في العمر يستفيدون من التقدم المتحقق في المجال الطبي للتعبير عن ميولهم الجنسية، وبالنسبة للشباب من الجنسين، تقول النظريات في تفسير تزايد ظاهرة الخيانة بينهم أن السينما والإنترنت تلعبان الدور الرئيسي، فالكل يريد أن يقلد ما يراه أو ما يسمع عنه، وعن الفجوة بين الرجل والمرأة في موضوع الخيانة، يقول الباحثون إن هذه النقطة بالذات تثير اهتمامهم أكثر من غيرها لأن من غير المعروف بالضبط إن كانت الفجوة موجودة أصلاً منذ أن بدأ البشر في سلوك طريق الخيانة الجنسية، أم أن النساء كن يمارسن الكذب بشأنها طوال مئات السنين.
لعبة الجنس
تتساءل الدكتورة فيشر قائلة "هل أن ما يشاع عن الفجوة سببه مبالغة الرجال وتماديهم في الحديث عن بطولاتهم ومغامراتهم، أم ممارسة النساء لعبة الكذب حتى على أنفسهن"، وتضيف أن الرجال يريدون أن يصدقوا أن النساء لا يمارسن الخيانة، في حين أن النساء يردن من الرجال أيضاً أن يصدقوا أن النساء لا يعرفن الخيانة.. "وعلى هذا الأساس أصبحت لعبة الجنس والخيانة أشبه بملهاة نفسية بين الجنسين.. الكل يرغب في تصديق ما يريد.. والمنطق يقول إذا كان الرجل يمارس الخيانة فلا بد من وجود امرأة تشاركه هذه الخيانة، فكيف يمكن أن تكون هناك فجوة في الأصل".