تبثّ التلفزة المغربية هذه الأيام، إضافة إلى محطات الإذاعة العمومية والخاصة، وصلات إشهارية تهدف إلى حث الناس على المشاركة في الانتخابات المقبلة. إلا أن كل من يتابع هذه الوصلات سوف ينتهي إلى نتيجة معاكسة تماما للأهداف التي سطرها واضعو هذه الوصلات لأنفسهم، وربما يمكنها أن تؤدي إلى مزيد من العزوف الانتخابي لدى المواطنين، بل وإلى العزوف عن الشأن السياسي برمته.
إن هذه الوصلات، أولا، تتعامل مع المشاهدين والمستمعين على أنهم جاهلون بلداء لا يفهمون شيئا في الانتخابات ولا في مهام الجماعات القروية والحضرية، لذلك نجدها «تفسّر» لهم بعض مهام هذه الأخيرة قائلة إن الجماعات هي التي تبني الطرق وتنشىء الحدائق وتبني حتى المكتبات، لذلك ينبغي أن نصوت عليها.
والحقيقة أن المواطنين الذين يشاهدون هذه الوصلات يعرفون ماهي الجماعات، وخبروها طيلة أزيد من ثلاثين سنة، وبالتالي فإن الحديث عن الحدائق والطرق والمكتبات بالنسبة إليهم هو مجرد كذب صراح، مادام ما يرونه أمامهم هو الحفر والأشغال التي لا تنتهي أبدا في الطرقات، واكتظاظ الفضاء بالبناء العشوائي وبـ«مدن القصدير المبنية» التي لا تترك مكانا فارغا لشيء يسمى الحدائق، أما الحديث عن المكتبات التي تبنيها الجماعات فيبعث على الضحك طبعا، مادام آخر هم لهذه الأخيرة هو الثقافة التي يفضلون عليها «مهرجانات» الغناء والرقص التي تترك للمنتخبين مجالا واسعا لـ«المناورة».
يضاف إلى ذلك أن هؤلاء المواطنين، العارفين بالحقيقة أكثر مما تعرفها الوصلات الإشهارية وأصحابها، انتهوا طيلة العقود الثلاثة الماضية إلى أن معظم المرشحين للانتخابات لا يهدفون إلى تحقيق الصالح العام بقدرما يعتبرون انتخابهم فرصة لتحسين وضعهم المالي والاجتماعي الشخصي ومكانتهم داخل هرم السلطة بصفة عامة.
لذلك، إذا أردنا أن يشارك المواطنون فعلا في انتخابات مقبلة، لا بد من إيقاف بث هذه الوصلات المستبلدة للناس، والتفكير في عمل حقيقي ينقص من نسبة العزوف في المستقبل
المساء