الخوف من نزول نقطة الامتحانات الموحدة عن نقط المراقبة المستمرة، حيث إن معامل معدل الامتحان الوطني يعتد ضعف معدل المراقبة المستمرة، فإذا انخفضت نقط الامتحان الموحد الوطني تنخفض النقطة العامة بشكل كبير، الشيء الذي يمكن أن يؤدي إلى التكرار أو الفصل عن الدراسة؛
18-استدراك الخصاص بالنسبة للامتحان الموحد الجهوي، حيث إن نسبة لا يستهان بها من تلاميذ السنة الأولى من سلك البكالوريا يحصلون على معدلات متدنية في الامتحان الموحد الجهوي لعدة أسباب لا مجال للخوض فيها في هذا الموضوع؛
19-الخوف من تفوق الزملاء وأبناء الجيران، حيث إنه لا يزال، في مناطق وأحياء، خصوصا الشعبية منها، وذوي مستوى العيش المرتفع نسبيا، التباهي بالنتائج والزغاريد والحفلات، فيخشى بعض التلاميذ أن يحصلوا على نتائج متدنية فيرسبوا، ومن ثم يلجأون إلى الغش لتفادي ما يؤثر عليهم اجتماعيا أمام زملائهم وأبناء الحي؛
20-غياب الرابط بين ما يتلقنه التلميذ ومجالات التكوين والعمل، حيث إن أغلب المضامين المقررة نظرية ولا تخضع للتجربة والتداول عمليا، ولا ترتبط بالمحيط الاجتماعي والثقافي للتلميذ فيصعب عليه استيعابها والتعامل معها؛
21-التحدي للجنة المراقبة، حيث لا تخلو قاعة من تلميذ على الأقل سيء السلوك والأخلاق، يتظاهر أنه لن يخسر شيئا فيتهور ويشرع في استعراض عضلاته أمام زملائه متحديا المراقبين فيغش أو يحاول الغش علنا وبالقوة ودون اعتبار العواقب التي قد تلحقه، فيحدث الفوضى بصراخ مرتفع وكأنه نزل ظلم شديد؛
ومزيدا من الأسباب نحتاج لمن يجليها لنا
...III. أساليب الغش في الامتحانات:
يقضي الكثير من التلاميذ، خصوصا ضعاف الثقة في أنفسهم أو ضعاف الشخصية، أو من قبيل أولائك الذين تم التطرق إلى حالاتهم في الفقرة أعلاه، يقضون الأسبوع الأخير قبل الامتحان في الاستعداد لتهيئ وسائل وأدوات الغش ويبتكرون أحسن الأساليب فعالية وتطورا، تلك التي لا يمكن للمراقب ضبطها ونذكر منها على الخصوص
1- كتابة جميع الدروس أو أجزاء منها، بخط صغير جدا لا يكاد يقرأ، على أوراق صغيرة الحجم، وتلصق بعضها البعض في شكل سلسلة لا متناهية يتم طيها بدقة لتوضع بين الأصابع واستعمالها بسهولها حسب ترتيب معين خلال حصة الامتحان، بعيدا عن أعين المراقب الذي لا يمكن أن ينتبه إلى ما يحدث بين أصابع الممتحن؛
2- كتابة جميع الدروس أو أجزاء منها، بخط عاد، على أوراق ويتم تصغيرها بواسطة آلات النسخ لتشغل حيزا أقل ويمكن استعمالها باعتماد عدة حيل وطرق متطورة للتمويه بكثير من الحركات والنظرات؛
3- هذه الأوراق يتم إخفاؤها في أكمام القمصان وأطراف الألبسة التي تتعدد وتتنوع يوم الامتحان، حيث يرتدي الفتيات جلابيب وفساتين عريضة، أما التلاميذ الذكور فيلبسون سراويل فضفاضة بها جيوب كثيرة كما يرتدون بذلات جلدية متعددة الجيوب؛
4- هذه الأوراق المعدة للنقل يدسها التلاميذ بسرعة خاطفة بين أوراق التسويد والإجابة ويستعملونها مباشرة بعد توزيع مواضيع الامتحانات؛
5- هذه الأوراق المعدة للنقل تشد بخيط مطاطي داخل كم الفستان أو البذلة فيتم جذبها والقيام بالنقل ثم تطلق لتعود إلى مكانها، وتتكرر العملية دون قدرة المراقب على الانتباه والضبط؛
6- الكتابة على بعض أطراف الجسم مثل الأيدي والسيقان والأذرع؛
7- الكتابة على المقاعد والأدوات الهندسة البلاستيكية الشفافة؛
8- استعمال ساعات تحتوي على كومبيوتر صغير به ذاكرة يمكنها أن تخزن العديد من الدروس؛
9- الهاتف الجوال عن طريق إخفائه في الملابس وتوصيله بسماعة وقت الحاجة وتحويل رنينه إلى طريقة الاهتزاز حتى لا يسمع، وعبره يبعث الشخص الغشاش إلى زميله الغشاش بالسؤال مكتوبا ويتلقى الجواب مسموعا أو مكتوبا حسب ظروف المراقبة. وللإشارة فإن التلميذات اللاتي يقررن الغش يرتدين يوم الامتحان حجابا، حيث إنه الوسيلة الوحيدة لإخفاء سماعة الأذن المعروفة بالكيت مان، الجهاز الذي يخفيه التلاميذ الذكور بواسطة قبعات وطرابيش متنوعة حجما وشكلا: إن التكنولوجيا الحديثة أصبحت في خدمة حتى الغشاشين في الامتحانات ؛
10- الذهاب المتكرر إلى المرحاض بمصاحبة أحد المراقبين حتى الباب وبالداخل يقوم التلميذ(ة) باتصال هاتفي أو يبحث عما يريد فيما يحمل معه من وسائل الغش؛
11- على كل حال، تتعدد أساليب الغش في الامتحان وتتنوع، وكل يوم يتوصل التلاميذ المجتهدون في مجال الغش في الامتحانات إلى وسائل جديدة ومتطورة تساير التطور الفكري والثقافي في المجتمع؛في ظل هذا التحول السلبي في مجال التقويم التربوي، لا يمكن للمرء إلا أن يتساءل عن جدوى الامتحان بطريقته الحالية التي أصبحت بدائية ومتجاوزة ما دام التلاميذ لا يجدون صعوبة في اختراقها. فالتطور الذي يشهده العالم لحظةبعد أخرى، يقتضي منا أن نغير مناهجنا التربوية وأساليب تقويمنا للتلاميذ وذلك بشكل متواصل ومستمر.إذن لنكون متيقنين أن الامتحان المحروس تجاوزه التلاميذ والطلبة وتغلبوا على عقباته، فما الحل؟ هل نستمر في التفرج على الغش في الامتحانات، ومن ثمة إنتاج مجتمع يتقن الغش والخيانة ولا يعرف للجد سبيلا ؟
IV. الآثار السلبية للغش في الامتحانات:
إن الغش يطال مجالات شتى في المجتمع ، و لكن من أخطر أنواع الغش هو الغش في المجال التربوي والتعليمي ، و ذلك لعظيم أثره وشره على التلاميذ والمجتمع ككل، و من هذه الشرور والآثار السلبية ما يلي
1- سبب لاستشراء الفساد والتأخر وعدم الرقي، ذلك أن المجتمعات لا تتقدم إلا بالعلم وبالشباب الصالح والمتعلم والمؤهل مهنيا والسوي أخلاقا. فإذا كان أفراد المجتمع لا يحصلون على الشهادات إلا بالغش ، فماذا سوف ينتج المعتمدون على الغش؟ ما هي المسؤولية التي يتحملونها؟ وما هو الدور الذي سيقومون به للمساهمة في بناء المجتمع؟ لا شيء ، بل غاية همهم ؛ وظيفة بتلك الشهادة المزورة يحققون من خلالها مآربهم والأهداف التي رسموها بالغش كذلك. و هكذا تبقى الأمة متعثرة لا تتقدم بسبب الغش الذي ينخر جسدها وينهك جسمها. أن الغشاش، غدا، سيتولى منصبا ، يكون موظفا أو عاملا، و بالتالي سوف يمارس غشه في الوسط الذي يوجد فيه، بل ربمايعلم تلاميذه الغش وخيانة المجتمع .إن الذي يغش سوف يرتكب عدة مخالفات وجرائم –إضافة إلى جريمة الغش – منها السرقة والخداع والكذب والاستهانة بالآخروعدم الإخلاص في العمل وممارسة الظلم والتعدي على الآخرين. إن الوظيفة التي يحصل عليها الغشاش في الامتحانات بهذه الشهادة المزورة التي لايستحقها سوف يكون راتبها حراما، و أي حرام فالنار أولى به
2- تدني المستوى التعليمي، ذلك أن التلميذ كلما أعفى نفسه من التذكر والاهتمام بالدروس داخل الفصل وخارجه، وأعفى نفسه من المراجعة والتثبيت والتمرن على الإنجاز والكتابة والبحث، فإن مستواه المعرفي لن يزيد إلا تدهورا، وسوف يحصل على الشهادة وهو خاوي الوفاض أكاديميا وغير مؤهل مهنيا للقيام بأي عمل، فتفقد الثقة في الشهادات وفي قدرات حاملها ومؤهلاته الفكرية والمعرفية والمهاراتية؛
3- تعاون التلاميذ على الغش هو من باب التعاون على الإثم والعدوان والخيانة والمعصية والمنكر وغير ذلك من الصفات الذميمة، حيث يؤدي الغش على انحطاط الأخلاق وتدنيها؛
4- إن التلاميذ الغشاشين في الامتحان يبعثون، من خلال ممارساتهم هاته، اليأس والقنوط في نفوس التلاميذ المجدين الذين يثقون في أنفسهم ويستعدون ليل نهار لواجهة الامتحانان والتغلب على مختلف العقبات؛
V. علاج ظاهرة الغش في الامتحانات أو محاولة الحد منها
لقد فقدت الامتحانات قيمتها، ولم يعد لها ذلك المعيار الصحيح والحقيقي لتقييم المردودية المعرفية والمهاراتية للتلاميذ بسبب تفشي ظاهرة الغش وتطور أساليبهان حتى أضحى المتتبعون للشأن التعليمي يتحدثون عن الغش الجماعي المنظم.
وفي ما يلي نتقدم ببعض العوامل والمقترحات لاستئصال ظاهرة الغش في الامتحانات أو الحد منها على الأقل:
1- العمل على تحقيق مبدأ التوحيد وإرساء أسس المدرسة الوطنية الموحدة؛
2- العمل على تحقيق مبدأ التوحيد ووضع برامج وطنية موحدة فلسفة وغايات ومنهجا مع اعتبار الخصوصيات الجهوية؛
3- وضع برامج ترتبط بالوسط الاجتماعي والثقافي للتلميذ وتنفتح على العالم لغويا وتكنولوجيا؛
4- وضع برامج تطبيقية مؤهلة للحياة العملية والاندماج مباشرة في سوق الشغل؛
5- ضمان عمل لكل حامل شهادة كلما رغب في الالتحاق بالحياة العملية؛
6- التصدي لظاهرة الدروس الخصوصية المؤداة خصوصا تلك التي يستفيد منها التلميذ من طرف مدرسه؛
7- تنظيم تقييم موضوعي ونزيه يتسم بالمصداقية ويضمن تكافؤ الفرص لجميع التلاميذ؛
8- العمل على ترسيخ سيادة مبادئ العدل والإنصاف والمساواة والحق والقانون والديموقراطية؛
9- ضمان الدراسة العليا لكل حامل شهادة كلما رغب في متابعة دراسته الجامعية والتكوينية؛
10- إلغاء المساطر المعقدة المنتهجة لولوج المؤسسات العليا لتكوين الأطر وفسح المجال لجميع حاملي البكالوريا حسب الاستحقاق على قدم من المساواة والإنصاف عن طريق المباريات في إطار من الشفافية والموضوعية والنزاهة؛
11- اقتراح مواضيع اختبارية تشمل المراقي العليا للإنجاز؛ من قبيل التحليل والتركيب والبرهنة والمنطق وإصدار الأحكام؛
12- اقتراح أسئلة مغلقة تتطلب تحليلا ولا تستدعي الحفظ والاستظهار، مع تجنب الأسئلة ذات الأجوبة الجاهزة سواء من الكتاب المدرسي أو من ملخصات الفصل الدراسي؛
13- اعتماد اختبارات السرعة مع تحديد سقف الأسئلة الواجب إنجازها للحصول على المعدل؛
14- تطبيق النصوص التشريعية بشكل صارم مع إنزال العقوبات المنصوص عليها على كل من غش أو حاول الغش أو ساعد على ذلك؛
15- نشر ثقافة الاستحقاق والمؤهلات الشخصية المعرفية والمهاراتية وثقافة الديموقراطية وثقافة العدل والإنصاف والعمل على تطبيقها وترسيخها في مختلف القطاعات والمجالات والأوساط الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية؛
16- المساعدة الاجتماعية والمادية لأبناء الطبقة الفقيرة لتمكينهم من وضع الثقة في أنفسهم واقتناء الكتب المدرسية ومستلزمات الدراسة؛
ومزيدا من المقترحات نحتاج لمن يتفضل بتقديمها للحد، على الأقل، من ظاهرة الغش في الامتحانات. نهاري امبارك