إن العلاج بالقرآن الكريم وبما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرقى هو علاج نافع وشفاء تام. قال تعالى ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) سورة الأسراء:82، وقال تعالى ( قل هو لللذين آمنوا هدى وشفاء) فصلت 44، وقال تعالى (يأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين) يونس:7. فالقرآن الكريم هو الشفاء التام من جميع الأمراض القلبية والبدنية وإذا أحسن المريض التداوى به، وعالج به مرضه بصدق وإيمان ويقين واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه لما يقاومه المرض أبداً، وكيف تقاوم الأمراض كلام رب الأرض والسماوات الذي لو نزل على الجبال لتصدعت، أو على الأرض لقطعها، فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على علاجه، وسببه، والحمية منه لمن رزقه الله فهما لكتابه، وصدقاً وإخلاصاً في نيته وعمله، وقد ذكر الله تعالى في كتابه الكريم أمراض القلوب والأبدان وطبهما. فأما أمراض القلوب فهي نوعان:
1 – مرض شبهة وشك.
2 – مرض شهوة. وأما أمراض الأبدان فقد أرشد القرآن إلى أصول طبها وقواعده، فقواعد طب الأبدان كلها في القرآن العظيم وهي ثلاثة: 1 – حفظ الصحة. 2 – الحمية عن المؤذى. 3 – استفراغ المواد الفاسدة المؤذية (زاد المعاد 4/ 352). ولو أحسن العبد التداوى بالقرآن لرآى لذلك تأثيراً عجيباً في الشفاء العاجل. قال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى ( لقد مر بى وقت في مكة سقمت فيه، ولا أجد طبيباً ولا دواء فكنت أعالج نفسى بالفاتحة، فارى لها تأثيراً عجيباً، أخذ شربة من ماء زمزم وأقرؤها عليها مراراً ثم أشربه فوجدت بذلك البُروء التام، ثم صرت اعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع فانتفع به غاية الانتفاع، فكنت أصف ذلك لمن يشتكى ألما فكان كثير منهم يبرأ سريعاً (أنظر المرجع السابق 4/178). وقال أيضاً رحمه الله ( فمن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله، ومن لم يكفه فلا كفاه الله). وكذلك العلاج بالرقى النبوية الثابتة من أنفع الأدوية والدعاء إذا تسليم من الموانع من أنفع الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب فهو من أنفع الأدوية، وخاصة مع الإلحاح فيه، وهو عدو البلاء، يدافعه ويعالجه، ويمنع نزوله أو يخففه إذا نزل (الجواب الكافى)، وفي الحديث ( لا يرد القضاء إلا الدعاء) أنظر السلسلة الصحيحة للألباني. ولكن ها هنا أمر ينبغي التفطن له: وهو أن الآيات والاذكار والدعوات والتعوذات التي يستشفى بها ويرُقى بها هي في نفسها نافعة شافية ولكن تستدعى قبول وقوة الفاعل وتأثيره فمتى تخلف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل أو لعدم قبول المنُنَعل أو لمانع قوى فيه يمنع أن ينجح فيه الدواء، فإن العلاج بالرقى يكون بأمرين:
1 – أمر من جهة المريض، بقوة نفسه وصدق توجه إلى الله واعتقاده الحازم بأن القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين والتعوذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان.
2 – أمر من جهة المعالج بالقرآن والسنة: بقوة إيمانه وثقته في الله ,ايضاً بتعوذه الصحيح الصادق بقلبه ولسانه، ولهذا قال ابن القيم رحمه (الرقى بالمعوذات وغيرها من أسماء الله هو الطب الروحاني إذا كان على لسان الأبرار من الخلق حصل الشفاء بإذن الله تعالى) أنظر زاد المعاد 4/68. وقد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط:
1 – أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
2 – أن تكون باللسان العربي
3 – أن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بقدرة الله وارادته.(فتح البارى 10/195)، والرقية إنما هي سبب من الأسباب.
تحياتي لكم
شمس المنتدى