لكل عبادة من العبادات
الشرعية شروط وأركان، لا تصح إلا بها، وعلى الجانب الآخر، هناك مفسدات
ومبطلات، إذا طرأت على العبادة أفسدتها، فيُحرم العبد بذلك أجرها وثوابها.
إن مفسدات الصوم ومبطلاته، التي ينبغي أن يتجنبها الصائم، سبعة أنواع، إذا
وقع الصائم في إحداها، أصبح صومه مردودًا عليه، ولا ثواب له؛ لأنه أتى
بواحدة من مبطلات الصيام، وهذه المبطلات السبعة هي:
أولاً: الجماع في نهار رمضان:
الجماع في نهار رمضان يأتي على رأس مبطلات الصيام، ففي "الصحيحين"، عن أبي
هريرة- رضي الله عنه- قال : جاء رجل إلى النبي- صلى الله عليه و سلم- وقال
: هلكتُ يا رسول الله.
قال
وما أهلكك؟)
قال: وقعت على امرأتي في رمضان.
فقال: ( هل تجد ما تعتق رقبة؟)
قال: لا.
قال: ( فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟)
قال: لا.
قال: ( فهل تجد ما تطعم ستين مسكينًا؟)
قال : لا. ثم جلس.
فأتى النبي- صلى الله عليه وسلم- بعرق فيه تمر، فقال: ( تصدّق بهذا )
قال: فهل على أفقر منَّا؟ فما بين لابتيها،"أي: أرض بها حجارة سود، ما يدل
على شدة فقرها"، أهل بيت أحوج إليه منّا. فضحك النبي- صلى الله عليه و
سلم- حتى بدت نواجذه، وقال
اذهب، فأطعمه أهلك)
أما إذا كان الصائم لديه القدرة على كبح جماح شهوته، فإن مقدمات الجماع،
من القُبلة ونحوها، مع عدم الإنزال، لا تفسد صومه، فقد ثبت عن عائشة- رضي
الله عنها- قالت: ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبِّلني وهو
صائم، وأيُّكم يملك إربه، كما كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يملك
إربه ) رواه مسلم.
ولكننا ننأى بالمسلم الصائم عن ذلك، حفاظًا على صومه، وحتى لا يُعرَّض نفسه لاختبار غير مأمون النتيجة.
ثانيًا: الأكل والشرب متعمدا في نهار رمضان:
من أكل أو شرب متعمدًا في نهار رمضان، فقد فسد صومه؛ لقوله تعالى: {
وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الَْأبْيَضُ
مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ
إِلَى اللَّيْلِ } ( البقرة 187)، لأن في ذلك قصد الإفطار، والخروج عن
عبادة الصوم. أما من أكل أو شرب ناسيًا، فصيامه صحيح، لحديث أبي هريرة-
رضي الله عنه- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال -: ( من نَسِيَ وهو
صائم، فأكل أو شرب، فليتمَّ صومه ، فإنَّما أطعمه الله وسقاه ).
ثالثًا: ما يُعدُّ غذاءً، ويتساوى مع الأكل والشرب:
وهي الأدوية التي تغذي الجسم، كالإبر المغذية ونحوها، فإذا تناول الصائم
مثل هذه الإبر، فإنه يفطر؛ لأنها في حكم الأكل والشرب، وأما غير المُغذِّي
منها لا يُفطر، سواء كان تناولها عن طريق العضلات، أو عن طريق الوريد؛
لأنها ليست أكلاً ولا شربًا، وليست في حكمهما.
ومن رحمة الله بعباده، أن شرع للمريض الإفطار في رمضان، والقضاء بعده،
تيسيرًا على المسلمين، يقول - تعالى-:[فمن كان مريضًا أو على سفر فعدة من
أيام أخر]
رابعًا: القيء العمد:
وهو إخراج ما في المعدة، من طعام أو شراب، عن طريق الفم، إذا تعمد الصائم
فعل ذلك، وأما إن غلبه القيء، فلا قضاء عليه؛ لحديث أبي هريرة- رضي الله
عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ( من ذرعه القيء، فليس
عليه قضاء، ومن استقاء فليقضِ ) رواه أحمد و أبو داود، ومعنى ذرعه: سبقه،
وغلبه في الخروج.
خامسًا: الحيض والنفاس:
حيض المرأة ونفاسها يبطل صومها، ويكون عليها القضاء؛ لقول رسول الله- صلى
الله عليه وسلم- في المرأة : ( أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم ) رواه
البخاري.
وعليه، يفسد صوم المرأة متى رأت المرأة دم الحيض أو النفاس، أما إذا أحست
المرأة بانتقال الدم، ولم يبرز إلا بعد غروب الشمس، فصيامها صحيح.
سادسًا: إنزال المنيّ عن عمد:
يفسد صوم من قبَّل أو لامس، فأنزل مَنيًّا، لقوله- صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن رب العزة
يدع طعامه، وشرابه، وشهوته من أجلي ) رواه أحمد.
ولكن نزول المنيّ عن غير قصد، كما في الاحتلام مثلاً، فلا يفسد الصوم، ويكون على الصائم المسارعة إلى الاغتسال.
سابعًا : الحجامة :
والمقصود بالحجامة، شقُّ أو جرح عضو من الجسد، كالرأس أو الظهر، لسحب الدم منه؛ لقول النبي- صلى الله عليه وسلم-
أفطر الحاجم والمحجوم ) رواه أبو داود و ابن ماجه .
أما خروج الدم بالرعاف، أو الجرح، أو الإصابة، أو أخذ دم قليل للتحليل،
فلا يفطر؛ولكن ما كان في معنى الحجامة، كسحب الدم الكثير للتبرع، فإنه
يفطر؛ لأنه يؤثر في البدن كتأثير الحجامة.
مكروهات الصيام
وبعد أن عرضنا لمبطلات الصيام ومفسداته، نجد أنه لزامًا علينا أن نختم بتحذير الصائم من مكروهات الصيام:
• يكره للصائم ذوق الطعام لغير حاجة.
• يكره للصائم جمع الريق وبلعه ولو بلعه لم يفسد الصوم.
• يكره للصائم بلع النُّخامة؛ لأنها من الفضلات.
• التكاسل عن العمل في نهار رمضان؛ لأن العمل عباده.
• قضاء نهار رمضان في النوم، ما لم يكن هناك ما يدعو إلى ذلك.