طرق الإصغاء السليم
إن من يصغي جيدا يستخدم سرعة تفكيره لفائده, محاولاً تطبيق فترة تفكيره الإحتياطية على ما يقال و يتردد. هل الوقائع التي يسردها المتحدث صحيحة؟ هل هي مصادر لا تحيز فيها ولا محاباة؟ هل يريني الصورة الكاملة ام يخبرني فحسب الأشياء التي تثبت وجهة نظره؟
إصغ الى ما بين السطور, فالمتكلم لا يضيع دائماً كل شيء في كلماته. و كثيراً ما تكون للتبدل في نبرات صوته معنى, كما يكون لتعبيرات وجهه وإشارات يديه وحركة جسمه معانٍ.
ان كل الدراسات التي اجريت حول الإصغاء والإستماع تشير الى خطورة (الفائدة) والذين يحسنون الإصغاء قلما يتيحون المجال لموضوع ما أو لخطيب ما. تراهم يصفون الموضوع بأنه جاف بعد بضع عبارات, وبالتالي لا يعيرونه إلا اهتماماً سلبياً, على نقيض من يجيدون الإصغاء فإنهم يحاولون ان يجدوا شيئاً مشوقاً في ما يردد على اسماعهم, شيئاً يمكن الإنتفاع به: ماذا يقول المتكلم مما احتاج الى معرفته؟ أهي حقاً فكرة عملية؟ أهو يأتينا بشيءٍ جديد؟....مثل هذه الأسئلة تبقينا في السبيل السويّ وتساعدنا على شحذ مهاراتنا في الإصغاء.
وقلما يستطيع خطيب ما ان يتكلم طويلاً دون ان يمس ميول المستمع او اعتقاده. فيشرع المستمع السيء بالتحضير الفكري للرد. فيجهز سؤالاً الغاية منه احراج الخطيب, او تراه يتحول الى افكار تساند مشاعره الشخصية. اما المستمع الحسن فيتعلم كيف يواصل الإصغاء, فيتحول ألا يتأثر بنقطة من النقاط التي يوردها الخطيب حتى يتأكد من انه وعاها وتفهمها. وعندما يفعل ذلك يتبين له ان جوابه سيكون أكثر تأثيراً وفعالية.
ان الذين أنموا مهاراتهم على الإصغاء قد تعلموا كيف يركزون اهتمامهم على الأفكار المركزية. فهم لا يضلون السبيل بمحاولتهم تسجيل كل واقعة يقدمها الخطيب تسجيلاً فكرياً. فالواقع فائدتها الأساسية دعم الموضوع المطروح على بساط المناقشة. أحصر تفكيرك في الموضوع تر ان ذلك قد ساعدك, كما لو كان بطريقة بسيطة, على تذكر الوقائع الداعمة التي ذكرت في سياق الموضوع.
عندما يصغي المرء بأنتباه واهتمام فأنه يتجنب قول السخافات والتوافه. فالمستمع المثالي يصغي وذهنه متيقظ وهو على استعداد للأستزادة من المعرفة ومن الأفكار الجديدة.
وأخيراً لمن يصغي بإهتمام ان يجتهد في اكتشاف الشعور الشخصي لدى المتكلم بالنسبة الى الموضوع المعالج, وحاجاته وميوله وخطوط الكبرى لشخصيته. ذلك ان هذه الصورة مهما تكن موجزة تساعد على تكوين حالة فكرية مناسبة لدى من يصغي, كما تساعد على توجيه رده توجيهاً مخلصاً...
فهــــــل انـــت من اولئــــــك الذين يــتــقــــنــون فـــــــن الإصــــــغاء؟!؟
(كتاب: علم النفس في الحياة اليومية)
__________________