يعد التعليم بالمجزوءات أو المجزآت من أهم مظاهر التحديث التربوي المعاصر من أجل إيجاد الحلول الناجعة للفشل الدراسي واللاتجانس الفصلي والهدر المدرسي ومعالجة ظاهرة العزوف عن الدراسة والبطالة المتفشية في معظم الدول العالم الثالث ولاسيما المغرب الذي جرب عدة نظريات تربوية مستنسخة عن الغرب قصد تبيئتها وتكييفها مع الواقع التربوي المغربي كنظرية هربارت وجان بياجي ونظرية التواصل التداولي ونظرية مشروع المؤسسة ونظرية الشراكة البيداغوجية ونظرية الجودة التربوية ونظرية الأهداف ونظرية الكفايات والمجزوءات. إذاً، ماهي المجزوءات لغة واصطلاحا؟ وما الفرق بين التعليم الموسوعي والتعليم بالمجزوءات؟ وما هو سياق نظرية المجزوءات ومرجعياتها النظرية والتطبيقية؟ وما مرتكزات ومقومات هذا التعليم الجديد وأهدافه؟ وماهي هيكلة المجزوءة وأنواعها؟ وكيف يمكن إعداد الدروس والبرامج والمناهج على ضوء المجزوءات؟ وماهي أهم الانتقادات الموجهة إلى التعليم بالمجزوءات؟ هذه هي الأسئلة التي سوف نحاول الإجابة عنها في موضوعنا هذا.
1- المجزوءة لغة واصطلاحا:
لقد ترجمت كلمةModule الفرنسية بالمجزوءة أو المصوغة أوالوحدة أو المنظومة…كما ترجمت عبارة l’enseignement modulaire بالتعليم المجزوئي. وتشتق كلمة المجزوءة من فعل جزأ الذي يعني القطع والتقسيم. وهذا المفهوم ينسجم مع مدلول module الذي يعني تقسيم السنة الدراسية إلى مجزوءات فصلية ووحدات يمكن تقسيمها بدورها إلى وحدات ومقاطع وفضاءات وحلقات قصد تحقيق مجموعة من الكفايات المسطرة لمواجهة وضعيات سياقية تستلزم من المتعلم إظهار قدراته الذاتية وكفاءاته الفردية. ولكن مصطلح مجزوءة لاينسجم صرفيا مع الفعل الرباعي في اللغة العربية ألا وهو جزأ الذي ينبغي أن تشتق منه كلمة مجزأة أو مجزآت. وسنتعامل مع كلمة المجزوءة على الرغم من عدم صحتها الصرفية، مادامت وزارة التربية الوطنية قد أقرت هذا المصطلح في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، ووظف أيضا في الكتاب الأبيض وفي الكثير من الأدبيات التربوية والدراسات البيداغوجية.
أما المجزوءة اصطلاحا فهي مجموعة من المواد المنسجمة أو هي مجموع من الوحدات التعليمية في مجالات متكاملة. وتعرفهاViviane De Land Sheere فيفيان دولاندشير بأنها:”وحدة معيارية أو شبه معيارية تدخل في تأليف كل متكامل (منهاج)، قابلة للإدراك والتعديل والتكييف، فهي كفيلة ببناء برنامج دراسي على القياس المطلوب.” ويعرفها روجيه فرانسوا ڰوتييهRoger François Gautier بأنها:” تنظيم خاص لجزء من التدريس بالتعليم الثانوي” ، ويعرفها كذلك المجلس الوطني للبرامج بفرنساCNP)) بأنها:” وحدة تعليمية نوعية أو مستعرضة تختار موضوعاتها من طرف الأساتذة انطلاقا من معايير يحددونها بعد التنسيق والتشاور فيما بينهم داخل فريق تربوي”.
ومن خلال هذه التعاريف السابقة ، يتبين لنا أن المجزوءة هي عبارة عن وحدات دراسية من المقرر الذي يتم تقطيعه إلى مقاطع تربوية و فضاءات ديداكتيكية التي بدورها تتجزأ إلى حلقات ومواد دراسية صغرى قصد تحقيق كفايات دنيا وعليا عبر تمهير المتعلم وجعله قادرا على مواجهة مختلف الوضعيات التي يواجهها في واقعه. وبتعبير آخر، إن المجزوءة عبارة عن وحدات دراسية فصلية يتم تقطيعها إلى مواد ومجزوءات صغرى بينها علاقات تكامل واندماج وترابط عضوي سواء داخل مسلك أم سلك دراسي وذلك من أجل تنظيم الحياة المدرسية وخلق القدرات الكفائية لدى المتعلم لمواجهة كل المشاكل الذاتية والموضوعية المحتملة في الواقع الذي يعيش فيه المتمدرس.
2- التعليم الموسوعي والتعليم المجزوئي:
يرتكز التعليم الموسوعي على المدرس باعتباره صاحب سلطة معرفية يقدمها للتلميذ جاهزة عن طريق مجموعة من الأسئلة تستوجب الحفظ والتقليد والتكرار. ومن ثم، يصبح التلميذ مرتكنا إلى مدرسه لايستطيع أن يواجه ما يتعرضه من المواقف المستجدة أو أن يلبي طلبات المقاولات الحديثة ؛ لأنه لايملك الكفاءات والمهارات المهنية و المنهجية و التواصلية والذهنية واللغوية، بل يقف مكتوف اليدين عاجزا عن التأقلم والتكيف مع مستجدات الواقع الاقتصادي الجديد. فمعارفه تبقى نظرية مجردة غير وظيفية تنقصها الممارسة والخبرات التجريبية. وفي التعليم الموسوعي أيضا يتم الاهتمام بالكم على حساب الكيف، ويلتجئ المدرس إلى التحفيز السلوكي الميكانيكي من خلال ثنائية الحافز والاستجابة لتوجيه دفة القسم مما ينتج عنه سلبية ردود أفعال التلاميذ ونفورهم من القسم لانعدام الأنشطة الذاتية والخبرات الفردية. و بالتالي، ينكمشون على أنفسهم خوفا أو خجلا أو جهلا بما يعطى لهم من دروس ومعارف كمية يصعب الإحاطة بها في سنة كاملة.
أما التعليم المجزوئي فهو تعليم قائم على بيداغوجيا الكفايات التي تستهدف البحث عن القدرات الكفائية لدى المتعلم عبر أداءات وإنجازات طوال سيرورة التعلم ووضعه في وضعيات معقدة أو أقل تعقيدا لاختبار أدائه السلوكي وتقويم كفاءاته وقدراته في التعامل مع مشاكل الواقع المحيطة به. و يراعي هذا التعليم الفوارق الفردية وينكب على ظاهرة اللاتجانس من خلال دراسة كل حالة فردية ودعم كل متعلم وتحفيزه على إبراز قدراته وميولاته واستعداداته سواء في حلقة واحدة أم في حلقات متعددة متواصلة ؛لأن المقياس هنا ليس هو الدرس الذي ينتهي داخل حصة زمنية محددة كما في التعليم الموسوعي، بل الحلقة الديداكتيكية المتوالية التي تمتد عبر حصتين فأكثر.
هذا، ويقدم التعليم المجزوئي المقرر الدراسي في شكل مجزوءات ووحدات دراسية تصغر بدورها في إطار مقاطع وحلقات وخبرات مؤشرة في كفايات نوعية أو شاملة أو ممتدة قصد التدرج بالمتعلم لتحقيق كفايات عليا كلية ونهائية. ويتم التركيز في هذا النوع من التعليم على الكيف والمتعلم ؛ لأن المدرس مجرد وصي أو مرشد ليس إلا. وتصبح الدروس خبرات وممارسة كيفية ومهارات وقدرات معرفية ووجدانية وحركية. أي إن المتعلم هو الذي يكون نفسه بنفسه ويتعلم كيف يبحث ويفكر وينظم ما يبحث عنه منهجيا ووظيفيا.إن التعليم بالمجزوءات كما يقول الدكتور محمد الدريج:”يروم بناء الكفايات لدى التلميذ، على اعتبار أن الكفايات هي قدرات شاملة ودينامية(نشطة) والتي لايمكن اختزالها في لائحة تحليلية من المحتويات، إنها تشكيلة( تركيبة) ذكية من المعارف والمهارات والاتجاهات. فأن نكون أكفاء لا يعني أن نملك جملة من المعلومات والمهارات، فأن نكون أكفاء يعني أساسا أن نكون قادرين على تجنيد تلك المعلومات والمهارات، وتوظيفها في مواقف معينة ولحل مشكلات، أي أن نكون فعالين ومنتجين في وضعيات محددة.
لذلك يصير بناء الكفايات بهذا المعنى أمرا معقدا وأمرا ذاتيا وشخصيا. فيكون من أولويات نشاط المدرسين مساعدة المتعلمين،لكن على المتعلمين مساعدة أنفسهم في التعلم والتكوين الذاتي. لذلك فإن التعليم بالمجزوءات يستدعي المتعلم كمسؤول ويتعامل معه كمدبر لتكوينه.”.
3- مرتكزات التعليم المجزوئي ومقوماته:
يستند التعليم المجزوئي إلى مجموعة من المقومات الأساسية التي يمكن حصرها في العناصر التالية:
1- ينبني هذا التعليم على بيداغوجيا الكفايات والوضعيات.
2- يحترم خصوصية التلاميذ واحتياجهم من المعرفة والمهارة والخبرة. ويراعي فوارقهم الفردية ومشاريعهم الشخصية..
3- يستفيد من البيداغوجيا الفارقية ومن تفريد التعليم.
4- يركز على المتعلم ويشجعه على إظهار قدراته ومهاراته وكفاءاته المضمرة وغير المضمرة قصد إعداده لمواجهة وضعيات الواقع المعقدة.
5- يوزع المقررات الدراسية إلى مجزوءات فصلية أو دورية في شكل وحدات ديداكتيكية وبيداغوجية ويقطعها إلى حلقات دراسية نوعية أو عامة بطريقة متكاملة ومندمجة في بؤرة منصهرة ووحدة تربوية عضوية.
6- يقوم على التعلم الذاتي والتكوين المستمر ومد الجسور بين المراحل التعليمية.
7- ينظم الدروس والحلقات والوحدات الدراسية في شكل كفايات مستهدفة وقدرات ومهارات وخبرات معرفية ومنهجية وتواصلية وتقنية وثقافية( يعني أنه يأخذ بمدخل الكفايات في التدريس).
8- يحول الدروس والبرامج والمقررات إلى وضعيات إشكالية وأسئلة للبحث والتنشيط تتدرج من البسيط إلى المعقد مع تنويع هذه الوضعيات في شكل أنشطة وأعمال وأبحاث واستقراء للوسائل البصرية والسمعية والمراجع المدرسية.
9- يقسم متعلمي الفصل إلى مجموعات من التلاميذ كفريق تربوي جماعي تعاوني أو يتعامل مع التلاميذ كأفراد من خلال تحفيزهم على ترجمة قدراتهم ومهاراتهم الدفينة المضمرة إلى أفعال وأداءات إنجازية مرصودة بالتقويم والملاحظة والقياس .
10- يهدف إلى تمهير المتعلم ذهنيا ووجدانيا وحركيا بقدرات كفائية لمواجهة الواقع ووضعياته الإشكالية.
11- يعتمد على مرونة التعلم والمنهاج المندمج والتكامل بين الأسلاك والمسالك والأقطاب الدراسية في إطار شمولي نوعي وعام وممتد.
12- يهدف إلى خلق مدرسة إبداعية قوامها التمكن من آليات التقدم والتكنولوجيا بعيدا عن التقليد وقوانين إعادة الإنتاج وتكريس القيم المحافظة.
4- سياق التعليم المجزوئي:
ظهرت تجربة المجزوءات كممارسة بيداغوجية لأول مرة في كندا لمواجهة ظاهرة اللاتجانس الفصلي والمتعدد الرتب والدرجات أومايسمى بالقسم المشترك الذي ينتشر كثيرا في القرى وخاصة في أفريقيا وأمريكا وأوربا. وكان الحل هو التفكير في التدريس بالمجزوءات الكفائية قصد الخروج من هذا الإشكال الذي يثيره تعدد المستويات بالمقارنة مع القسم “المفردن”. وقد انتقلت التجربة إلى فرنسا في التسعينيات لحل مشكلة الفشل الدراسي في الثانويات الفرنسية بعد أن استقطبت هذه المؤسسات التعليمية متعلمين من جذور وأصول عرقية واجتماعية وثقافية مختلفة . وفي سنة1992، ارتأت وزارة التربية الوطنية الفرنسية العمل بالمجزوءات(MODULES) لمواجهة الأزمات التي بدأ يتخبط فيها التعليم الفرنسي بعد أن أمضى سنين طويلة في تطبيق البيداغوجيا الفردية والفارقية. ويشكل اللاتجانس بين التلاميذ والفشل الدراسي من الأسباب الرئيسية التي دفعت وزير التربية الفرنسي ليونيل جويسبان Lynonnele Juspin لينادي بتنويع مسالك التكوين بين العام والتقني والمهني والإفادة في ذلك من التعليم المجزوئي، وفي هذا الصدد يقول في إحدى ندواته الصحفية سنة 1991:” إن مساعدة المتعلمين بالنسبة لنا هي أول جواب مستعجل عن سؤال اللاتجانس، وهو جواب قابل للتطبيق الفوري في النظام التربوي الحالي. والذي يتحمل مسؤولية هذه المساعدة هم المدرسون دون غيرهم إن أردنا أن نضمن جودة التعليم، فالدروس الخصوصية التي يتكفل بها الراغبون والقادرون من الآباء لن تلعب وحدها هذا الدور. وللوصول إلى هذا المبتغى لابد من تطوير البنيات البيداغوجية للتعليم الثانوي، فبالمجزوءة نكون قد قدمنا إطارا بيداغوجيا أكثر مرونة وفضاء جديدا لحرية تصرف المدرسين.”
ولقد انتقلت التجربة إلى المغرب الذي أكد ضرورة الاعتماد على بيداغوجيا المجزوءات في الميثاق الوطني للتربية والتكوين حينما نص أثناء حديثه عن البرامج والمناهج على مراعاة المرونة اللازمة للسيرورة التربوية وقدرتها على التكيف وذلك بتجزيء المقررات السنوية إلى وحدات تعليمية يمكن التحكم فيها على مدى فصل بدل السنة الدراسية الكاملة إلا عند الاستحالة، والحفاظ على التمفصل والانسجام الإجمالي لكل برنامج مع مراعاة الأهداف المميزة لكل مرحلة من مراحل التعليم والتعلم التي يعنيها. كما نص الميثاق الوطني على وضع برامج تعتمد نظام الوحدات المجزوءة انطلاقا من التعليم الثانوي ؛ لتنويع الاختيارات المتاحة وتمكين كل متعلم من ترصيد المجزوءات التي اكتسبها؛ وتوزيع مجمل الدروس ووحدات التكوين والمجزوءات من التعليم الأولي إلى التعليم الثانوي على ثلاثة أقسام متكاملة:
• قسم إلزامي على الصعيد الوطني في حدود 70 في المائة من مدة التكوين بكل سلك؛
• قسم تحدده السلطات التربوية الجهوية بإشراك المدرسين في حدود 15 في المائة من تلك المدة،وتتضمن بالضرورة تكوينا في الشأن المحلي وإطار الحياة الجهوية؛
• عدد من الاختيارات تعرضها المدرسة على الآباء والمتعلمين الراشدين،في حدود حوالي15 في المائة ، وتخصص إما لساعات الدعم البيداغوجي لفائدة المتعلمين المحتاجين لذلك، أو لأنشطة مدرسية موازية وأنشطة للتفتح بالنسبة للمتعلمين غير المحتاجين للدعم.
وينتظم التدريس بالمؤسسات الجامعية كذلك في مسالك وأسلاك ومجزوءات ويتوج بشواهد وطنية ، ويتم تحصيل المجزوءات عن طريق التقييم المنتظم وترصيد المكتسب منها .
وقد ساير الكتاب الأبيض ماذهب إليه الميثاق الوطني حينما دعا إلى استبدال السنة الدراسية في التعليم الثانوي بدورات فصلية قائمة على تدريس المجزوءات . ويضم التعليم الثانوي التأهيلي ست دورات تدرس فيها مجزوءات إجبارية(الامتحان الوطني) ومجزوءات اختيارية(الامتحان الجهوي) ،مع العلم أن كل مجزوءة تتكون من ثلاثين ساعة .أما السنة الدراسية فتضم أربعة وثلاثين أسبوعا و1000 إلى 1200 ساعة دراسية. كما أن الإعدادي يضم ست دورات دراسية على غرار التعليم الثانوي. وقد أشار الكتاب الأبيض أيضا إلى عدة أقطاب وشعب ومسالك كقطب التعليم الأصيل وقطب الآداب والعلوم الإنسانية وقطب الفنون والرياضة وقطب العلوم وقطب التكنولوجيات.
هذا، وقد بدأ المغرب في تنفيذ نظام الوحدات والمصوغات في السلك الثانوي التأهيلي ، فوضع البرامج والمناهج الدراسية وفعل بيداغوجيا المجزوءات مع الموسم الدراسي 2003/2004 بتغيير الكتب المدرسية وتجديد هيكلتها وطرائق عرضها.
5- مرجعيات التعليم المجزوئي:
للتعليم المجزوئي مرجعيات وإحالات يمكن اختزالها في المؤثرات التالية:
• بيداغوجيا الكفاءات؛
• بيداغوجيا المفارقة وتفريد التعليم؛
• اللاتجانس والفشل الدراسي؛
• اللسانيات التوليدية التحويلية التي تتبنى المقاربة الإدراكية الفطرية التي تعترف بالقدرات الوراثية للمتكلم المستمع التي تسمح بتوليد جمل لامتناهية العدد من خلال تحويل الكفاءة للبنى العميقة إلى بنى سطحية؛
• الفلسفة الدكارتية التي تؤكد أهمية البنى الذهنية الرياضية والمنطقية في معرفة الحقيقة وأن ماهو عقلي فطري وراثي سابق على ماهو تجريبي خارجي؛
• السيكولوجيا المعرفية والإدراكية؛
• فكر المقاولة الذي كان دائما ومازال يستوجب تمهير المتعلمين بالمهارات وتسليحهم بالقدرات والكفاءات النوعية والممتدة والمتخصصة؛
• ظاهرة العولمة والاقتصاد التنافسي الذي يستلزم الطاقات البشرية المؤهلة ذات الكفاءات العالية والمهارات المتنوعة والقدرات الفائقة.
6- بنية المجزوءة:
تستند المجزوءة إلى ثلاث عناصر أساسية، وهي:
أ- المدخلات : تستهدف تسطير مجموعة من الكفايات المزمع تحقيقها في شكل أهداف إجرائية سلوكية قبل الدخول في مسار تعلمي أو تنفيذ مجزوءة دراسية، ويتم ذلك بوضع امتحان تشخيصي قبلي في شكل الوضعيات- الأسئلة.
ب- الهيكل le corps: يقسم المقرر إلى مجزوءات دراسية وبعد ذلك إلى وحدات ديداكتيكية ومتواليات أو حلقات تعلمية تساعد المتعلم على التعلم الذاتي والتكوين المستمر في شكل فردي أو جماعي.
ت- المخرجات: هنا نتحقق من نجاعة القدرات والكفاءات التي أنجزها المتعلم وأداها أثناء سيرورة التعلم. وهذا التقويم تشخيصي ومرحلي ونهائي.
7- أنواع المجزوءات:
يمكن تقسيم المجزوءات التربوية إلى:
أ- مجزوءات إجبارية؛
ب- مجزوءات إجبارية تكميلية؛
ت- مجزوءات اختيارية.
ويمكن أن تكون المجزوءة في إطار سيرورتها الإنجازية:
أ- مجزوءة نوعية؛
ب- مجزوءة مستعرضة ممتدة؛
ويمكن تصنيفها أيضا إلى:
أ- مجزوءات تنظيمية ترتبط بالخبرة وما يتم تعلمه ذاتيا كالمجزوءات الإجبارية والاختيارية والتكميلية؛
ب- مجزوءات ديداكتيكية ترتبط بمحتويات المرجع الدراسي كالكتاب المدرسي والوثائق السمعية والبصرية.
8- كيف ندرس بواسطة التعليم المجزوئي:
عند وضع البرامج والمناهج والمقررات الدراسية السنوية لابد من تقسيمها حسب الفصول الدراسية أو الدورات الفصلية في شكل مجزوءات تتضمن وحدات دراسية نوعية تنقسم بدورها إلى حلقات أو متواليات تدرس في حصص محددة زمانيا ومكانيا أو غير محددة. كما يخضع هذا التقسيم لتوزيع زمني ومكاني مدقق يراعي ظروف المتعلم وسياق التعلم. كما ينبغي وضع البرنامج الدراسي في شكل وضعيات وأسئلة وأنشطة وخبرات يراعى فيها التدرج من البسيط إلى المركب، ومن الوضعيات السهلة إلى الوضعيات المعقدة. ويتم أيضا تحديد جميع الكفايات والقدرات المستهدفة الجزئية أو النهائية النوعية والمستعرضة في شكل سلوكيات مؤشرة بالقياس والرصد التقويمي. كما يمكن الاستعانة بتقويم قبلي تشخيصي أو تكويني أو إجمالي لتحديد مستوى كل تلميذ في بداية السنة الدراسية أو بداية كل مجزوءة أو نهايتها. ومن الواجب أن تدرس المتواليات الديداكتيكية في شكل مجموعات أو حسب الأفراد، وأن يكون محور التعليم هو التلميذ وليس المدرس الذي ينبغي أن يكون مستشارا يساعد المتعلمين على التعلم الذاتي والتكوين المستمر من خلال استثمار الوثائق البصرية والسمعية والرقمية وكل الوسائل الديداكتيكية المتاحة.
خاتمة:
وعلى الرغم من أهمية بيداغوجيا المجزوءات فما زالت نظريتها غامضة ومبهمة وغير محددة بدقة. لذلك تبقى الممارسة متعثرة في نظامنا التربوي المغربي الذي دائما يترقب ما يستجد في الساحة التربوية الغربية ولاسيما الفرنسية منها. وهكذا نجد أنفسنا ننتقل من نظرية تربوية إلى أخرى بدون أن نستوعبها جيدا ونطبقها في مدارسنا بشكل ناجع وفعال. كما أن المغرب دائما يستنسخ النظريات التربوية الفرنسية ومن خلالها يسترفد مشاكل فرنسا البعيدة عن مشاكلنا ويحاول تبيئتها ومغربتها إقحاما وتعسفا. فهل هناك- إذاً- من نظرية تربوية عربية أصيلة لحل مشاكلنا لكيلا نبقى دائما منتظرين ما يأتي من النفايات التربوية الغربية نستوردها بدون روية ولا تمهل ولا استقصاء علمي دقيق.
الدكتور جميل حمداوي