ان الذين سعوا الى دفني نسوا احضار الكفن معهم ولما عادوا
لاحضاره وجدوا اناسا خيرين بعثوني الى الحياة من جديد
واقع التعليم بالبادية المغربية
لا احد ينكر ازمة التعليم بالمغرب والتي هي انعكاس لازمة مجتمعية بنيوية اختلقتها الطبقة السائدة لتابيد سيطرتها على خيرات البلاد وتاجيل اقامة مجتمع مغربي متقدم ومتحرر وديموقراطي لذلك لم تات سياسة الطبقة الحاكمة في ميدان التعليم باي جديد على ماهو عليه حال التعليم في المرحلة الاستعمارية التي تاسست على تهميش البادية وقمع الطبقات الفقيرة وفرض سيطرتها عليها بابقائها خارج اي تكوين معرفي يساعدها على تحررها من الاستغلال وبالتالي تخلصها من وضعها الطبقي المزري لذلك لا تهتم الطبقة الحاكمة بالتعليم ولا تنشغل بالبحث العلمي وتعمل على ملاحقة واضطهاد المثقفين الملتحمين بالطبقات الفقيرة و يلاحظ ان الدولة لا تخصص من ميزانيتها للتعليم الا 25% في حين تخصص فرنسا 70% من ميزانيتها للتعليم ومعلوم ان الدولة تخصص 40% من ميزانية التعليم للعالم القروي ومع ذلك لم تكن النتائج في مستوى انتظارات غالبية الشعب المغربي ويتضح ذلك من المعطيات التالية:
يوجد بالمغرب 31 الف دوارا 33% حسب احصاء1994 توجد بها مدرسة اما 67% من الدواوير فتعيش باعين مغمضة وبدون مدرسة
يتوفر الوسط القروي على 81% من المدارس الابتدائية الوطنية ولا يتوفر الا على 54.7% من الحجرات الدراسية مما يولد الاقسام المشتركة وتعدد المستويات والتوظيف اللاتربوي للحجرات الدراسية والاكتظاظ بالاقسام اكثر من 60 تلميذا في القسم
بينما لا يتوفر الوسط الحضري الا على 19% من المدارس الابتدائية فانه يتوفر على 45.3% من الحجرات الدراسية ويلاحظ الحيف في حق ابناء البادية من حيث عدد الحجرات الدراسية خصوصا وان 54% من سكان المغرب قرويون
لايلتحق من الاناث بالتعليم الابتدائي الا 29% وتبلغ نسبتهن وطنيا 38% فكيف نتحدث اليوم عن ادماج المراة في التنمية ومقاربة النوع ومتى نؤسس لمجتمع المساواة الين هذه الاحصائيات - تهم2001 - تعبيرا عن الاقصاء في الحياة ل 50% من مكوني المجتمع المغربي
رحم الله حافظ ابراهيم الشاعر المصري اذ قال:
الام مدرسة اذا اعددتها **** اعددت شعبا طيب الاعراق
واذا الشباب رضع امية **** نشا الرجال في جهالة وخمولا
من نتائج بحث في مجال الاسرة ان معدل الابناء بالاسر المغربية هو 7 ابناء وينقص العدد الى 3 كلما حصلت الام على الشهادة الابتدائية فكيف سيكون العدد اذا وفرنا ظروف حصول الفتاة على الاجازة وما يؤسف له ان 1% فقط من الذين يلجون المدرسة الابتدائية من المتمدرسين المغاربة يحصلون على شهادة الاجازة وان 46% من المتعلمين يصلون 6 ابتدائي ويترتب عن هذه انتائج ان 87% من الاناث بالبادية المغربية اميات و55% من الذكور بالبادية المغربية اميون
بناء على معدل الزيادات في المجتمع المغربي الذي يصل الى 2.7%فانه يتعين على الدولة بناء مدرسة ابتدائية كل يوم اذا رغبت في تعميم التمدرس على كل ابناء المغاربة دون تمييز وهذا لا ظهور له في الواقع بل الامر افظع اذ ان المدرسة المغربية تلفظ سنويا من ابناء الشعب المغربي 400 الف طفل هذا العدد الضخم بتصريح من السيد وزير التربية الوطنية ذ اخشيشن ينضاف الى جيوش العاطلين والذين لم يلجوا المدرسة قط فكيف سننافس ذات يوم امما ربطت تقدمها بتنمية التعليم وتعميمه وجعله اجباريا وتكوين الانسان ودمقرطة المؤسسات وتوزيع ثروات بلدانها بشكل عادل ومتوازن على افراد مجتمعاتها
سؤال يؤرقني يوميا هو هل سنتقدم يوما وماهي اداتنا لذلك ان لم يكن التعليم
-معيقات التعليم بالوسط القروي
****************************
يمكن حصر هذه المعيقات فيما يلي
-1المعيقات المادية والمالية
- خصاص في التجهيزات والحجرات
- ضعف الميزانية المخصصة للوزارة حيث تخصص 88% من ميزانية الوزارة للاجور وتخصص 12% فقط منها للتسيير والتجهيز
- نقص او انعدام المرافق الصحية والسكنيات والمكاتب الادارية
** انعدام الطاقم الاداري بالفرعيات المدرسية وخصاص فيه في الاعداديات والثانويات بالاضافة
** غياب التكوين المستمر للاداريين والمدرسين
** انخفاض اعداد المدرسين المتخرجين من مراكز التكوين واعتماد سياسة التوظيف المباشر وتوظيف العرضيين والتشغيل بالعقدة كل ذلك دون اي تكوين بيداغوجي او تربوي يذكر للمدرسين
اغراق البادية بالمدرسين الجدد عديمي الخبرة بالتدريس ولديهم صعوبات في التكيف مع ظروف البادية خصوصا اولئك المنشئين في المدن هذا ما يثقل كاهل المدير في تاطير وادارة مثل هؤلاء المدرسين الجدد ناهيك عن صعوبات تفقد وتنشيط الفرعيات المدرسية
وتهم توزيع الحصص الذي يطغى عليه الكم بدل الكيف وعدم ملاءمة العطل للانشطة الاقتصادية المزاولة بالبادية المغربية وبالتالي عدم ملاءمة البرامج مع واقع الطفل القروي وكذا استعمالات الزمن المكيفة والعادية المرهقة للاطفال نفسيا وذهنيا وبيولوجيا
تاطير المجموعات المدرسية واهمال الفرعيات وملحقات المؤسسات الاعدادية والتاهيلية
ظهور ظاهرة الاقسام المشتركة وما يترتب عنها من اوضاع غير تربوية يؤدي التلميذ ثمنها اذ يتم اقصاء فئات واسعة بسبب هذه المعيقات من ترقي سلم التعليم وفق ما تخطط له البورجوازية المسيطرة و المتحكمة في الاقتصاد الوطني
6- نتائج الوضعية المتردية للتعليم بالوسط القروي
***************************************
من النتائج السلبية التي افرزها الوضع المتردي للتعليم بالبادية المغربية العزوف عن الدراسة والنفور والهروب من جحيم المدرسة القروية وظاهرة التكرار والتسرب الدراسي والهدر المدرسي وبالتالي عدم تكيف المدرسين والتلاميذ مع ظروف غير ملائمة لتلقين وتلقي العلم و المعرفة وبالتالي يفسح المجال اذ ذاك لسيادة الامية والجهل وبالتالي هيمنة السحر والشعوذة والتطرف وسيادة افكار الاستبداد واعتبار الديموقراطية كفرا وبالتالي التشكيك في المنجزات العلمية وقدرات الانسان في هذا المجال الشيء الذي يكرس الاستغلال وظهور السلوكات المنحرفة كالتمييز الوظيفي والاجتماعي بين الافراد من حيث الاعراق والجنس وتقع المراة ضحية استغلال اقتصادي وجنسي
بالاضافة الى ما سبق ذكره ان تكلفة التعليم المرتفعة والتي تؤثر سلبا في مداخيل الاسر المغربية تمثل 84.5%من مجموع عوائق التعليم بينما تمثل نسبة 81.5 % من اسباب الانقطاع عن التعليم بالوسط القروي وافاق الانتقال الى ماهو افضل
[b]**********************************************
لايمكن الحديث عن الارتقاء بالتعليم في الوسط القروي الىما هوافضل دون تخلي السلطات الحكومية المسؤولة عن سياسة التجريب في ميدان التعليم وقد اتبعت هذه السياسة منذ فجر الاستقلال وبالتالي وجب اخراجه من الرهان السياسي الذي خضع له منذ تلك الفترة وهو ما يتطلب :
*** اعتماد سياسة وطنية واضحة عبر جهازاعلى ينتخب ديموقراطيا ويكون منفتحا على الفعاليات الوطنية ذات الاهتمام والكفاءة والنزاهة العلميتين وهو الذي ينبغي ان يتولى رسم السياسة التعليمية للبلاد في جميع اسلاكها ومناهجها وبرامجها وطبيعة التكوينات والمكونين ونوع الشهادات المطلوبة في سوق الشغل
*** تمديد الاجبارية الى حدود الثالثة ثانوي وكذا المجانية بما فيها تعميم المنح الدراسية والجامعية وتعميم المطاعم واللوازم المدرسية والزي المدرسي للتلاميذ والمدرسين مع تعميم منح على الاسر التي تتكفل بتعليم البنات
*** ربط المقررات بالمحيط البيئي والجغرافي للمتمدرسين وبالتالي تدعيم التعليم النظري بالتعليم العملي التطبيقي يرتبط فيها التعليم بالفلاحة في البادية وبالصناعة في المدن
*** التكوين المستمر للمدرسين وكل اطر التربية الوطنية واشراكهم في شؤون التعليم عبر مجالس ذات صلاحيات تقريرية وليست كمثل الموجودة حاليا التي تعتبر بمثابة غرف تسجيل القضايا والوقائع دون اي تنفيذ او تتبع لها
*** تعميم التعويض عن التدريس بالوسط القروي مع اشراك الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين والسلطات المختلفة لتحديد مبالغ التعويض حسب الموقع والبعد
*** الاهتمام بالاوضاع المزرية لاسرة التعليم واعفائها من مجموعة من الضرائب وتيسير القروض الخالية من الفوائد ودعم انشطة الجمعيات ذات الارتباط بقضايا التعليم ومحو الامية
*** احداث تنمية شاملة وحقيقية بالبادية المغربية سواء عبر السلطات العمومية او المجالس المنتخبة او الجمعيات التنموية بمختلف اهدافها وانشطتها وذلك بغية ازالة الفوارق الانمائية والتجهيزية بين البوادي والمدن نظرا لان التعليم لا ينشا في الاوساط المتخلفة والتي لا تساير التطور السريع الذي تشهده حركية المجتمعات الانسانية في نشدانها للتقدم وهو ما يطرح على الطامحين الى التغيير والتقدم الديموقراطي بذل المزيد من التضحيات النضالية وتوحيد الجهود وتجاوز الخلافات الصغرى والكبرى لفائدة اسمى قضية لكافة شعوب المعمور الا وهي قضية التعليم الذي به نبصر تخلفنا وتقدمنا والتفاوتات الحاصلة بين مجتمعنا ومجتمعات اخرى تجاوزتنا لاعتمادها اساسا التعليم رافعة للتقدم والتنمية
ان التعليم قضية امة وقضية مصير شعبنا الابي فحتى وان جربنا كثيرا وحتى وان تعطلنا كثيرا في العثور على الحلول المناسبة لمشاكل التعليم وقضاياه فلا باس اليوم ان نعلن بكل جراة ان قضية التعليم هي قضية اجماع وطني غير مرهونة بحسابات سياسية ولا ايديولوجية ولا ينبغي ان نراعي فيها التوازنات المالية ولا الانصات للاملاءات الاجنبية ولا ان نضع لقضية مصيرية برامج استعجالية كاننا استفقنا من صدمة كنا فيها فاقدين للوعي
صحيح لقد بذل الشيء الكثير في قطاع التعليم منذ الاستقلال الى اليوم الا انه لم يمكننا كل ذلك من احداث نقلة نوعية في هذا الميدان ناهيك ان مشاكله تتفاقم يوما عن يوم ويبدو ان كل الجهود تذهب سدى واننا ما نزال بعيدين عن بناء تعليم نافع ومنتج اذ لم يكن الى حدود اليوم التعليم بالمغرب رافعة تقدم بقدر ما يخلف ضحاياه يوميا
ان تحدي بناء تعليم وطني خارج اي رهان من الرهانات المشار اليها اعلاه وخارج اية نظرة تجريبية يقتضي اطلاق حوار وطني بناء وخال من اية مزايدات حول المسالة التعليمية من جديد بمشاركة جميع الفاعلين السياسيين والتنمويين والاقتصاديين والشركاء الاجتماعيين والاطر المفكرة للخروج بتصور واقعي ومقبول للمسالة التعليمية بالمغرب وان الوصول الى حلول ناجعة في هذا الصدد ليست بعيدة المنال عن شعب مبدع ومبتكر للقرار ات الخلاقة للمعضلات التي يعانيها