بيداغوجيا النجاح - سيزار بيرزيا - ترجمة: محمد داني
إلى زمن ليس بالبعيد، سيطرت على النشاط المدرسي نزعة الاختيار والانتقاء: فالمدرسون اقتنعوا بان عملهم لن يكون مثمرا إلا مع أقلية تكون منتقاة بدقة بواسطة مناخل مترادفة لبنى التعليم، على خلاف من ذلك كان شغلهم الأساسي هو تصنيف التلاميذ وترتيبهم داخل سلم متدرج( النقط المدرسية)ن وإقصاء الرديئين، والأغبياء، حتى يتمكن الموهوبون، والنبغاء والمتفوقون من التقدم ، والصعود إلى الهرم المدرسي.والحامل المفهومي لهذا الانتقاء، ومرجعيته ، منحنى الناقوس الشهير، والذي دخل مع بداية القرن من طرف ( غوص) Gauss في دراسة الفروق الفردية.
إن الأمر يتعلق بالفعل بتمثيل مبياني لقانون الصدفة، والذي من خلاله تجزأ خاصيات ما ساكنة تماثليا حول القيمة المركزية، حيث إنه ينتج دائما 70% من المتوسطين، و13% من الجيدين، و13% من الناقصين، بالإضافة إلى 2% من المتفوقين، و2%من المتأخرين.
حتى أدوات تشخيص القدرات الإنسانية كانت هي أيضا معيارية، خدمة لهذا النموذج التوزيعي، العادي. الشيء الذي يجعل تصنيف كل فرد ممكنا داخل صنف من الأصناف الخمسة التي حددها الجرس: المتفوقين- الجيدين- المتوسطين- الضعاف- المتأخرين( الضعاف جدا) .
هذا النموذج الإحصائي كان له تأثير مهم في جميع المجالات. ففي التربية كان هو مصدر ما أطلق عليه دولاندشير De landsheere( 1971) مقولة: >، والتي تضمن خلطا ما بين الأهداف الانتقائية لروائز المواقف، والأهداف التكوينية للتكوين والتعليم: >( دولاندشير، 1971، ص: 211).
صحيح أن الأبحاث التجريبية أكدت التوزيع والتجزيء القار للمواقف الإنسانية على شكل هذا المنحنى الذي يشبه الجرس.
هذه الثبوتات كان لها تأثير هام جدا. إلى حد أنها فرضت استراتيجية التعليم: فكل اهتمام المدرسين تركز على الثلث1/3 من القادرين، تاركين1/3 الضعاف يتدبرون أمرهم، وإقصاء 1/3 العاجزين.
وكما سطر ذلك بلومBloom (1971، ص:47) هذا الموقف هو الأصل في أهم > : >....
في داخل كل مجموعة من التلاميذ ينتج منحنى غوص. زيادة على أن هدف المدرسين يصبح هو مواجهة كل تلميذ لهذا النموذج من التصنيف البين- فردي بدل التحكم الحقيقي للأهداف البيداغوجية.
في بعض الحالات، الفشل الدراسي يكون هو نتيجة موقف مرتبط داخليا بتصنيف ما ذاتي، بدل عدم قدرة حقيقية مقابلة للمهام المدرسية. هذا ما سماه( روزنتالRosenthal) و(جاكوبسونJacobson)(1968) في سياق أوسع:>. فانتظارات المدرسين يعاد إنتاجها بواسطة نتائج التلاميذ المدرسية.
على العكس من ذلك. إذا ما تخلينا عن التصنيف، والمنافسة بين الأفراد، فيمكن الوصول إلى تحكم عام، وإلى معرفة الأداء من طرف كل التلاميذ. كما يمكن الوصول إلى إنجازات دنيا. هذا على الأقل رأي بعض المؤلفين الذين تحدثوا عن بيداغوجيا التحكم، وغايتهم من ذلك الوصول إلى تحكم عام للأهداف المسطرة.
هؤلاء المؤلفين ينطلقون من فكرة عوض رأي بيداغوجي. فمفهوم الفشل الدراسي غير معلل. كما أن إمكانات التربية غير محدودة. والإخفاقات المدرسية الطارئة يجب أن تفسر قبل كل شيء، بعدم فعالية طرقنا بدل عجز التلاميذ. فإذا ما أمنا لجميع التلاميذ شروط التعلم الضرورية المناسبة، فإن التحكم يكون عاما: >(بلوك Block،1974، ص: 54).
فعوض " بيداغوجيا منحنى الناقوس"، فإنه يطرح ما سماه دولندشير(1971):. فلا يتعلق الأمر هنا بتمثيل بياني مختلف، بسيط. ولكن باختلافات أساسية، فيما يتعلق بالنتائج، والاستراتيجيات الديداكتيكية.
بالفعل، بيداغوجيا منحنى J توصلت إلى تحقيق حد من الإنجازات من طرف غالبية التلاميذ( %95 حسب بلوم، 1968). الشيء الذي يعني تحكما عاما في الأهداف البيداغوجية.
لأجل هذا يجب أن يحترم التعليم الشروط التالية:
1. تعريف التحكم على شكل أهداف محددة.
2. تحليل الأهداف البيداغوجية إلى مراحل تعلمية.
3. الزمن الإضافي للتكوين والتعليم(% 20 – 10 حسب بلوم 1974)، ضروري لتصحيح الأخطاء، وإعادة المراحل غير التامة.
4. تقويم النتائج، وليس التلاميذ. وهذا يعني بأن التقويم سينصب على معاينة الإتمام والتنفيذ، وليس على الأهداف البيداغوجية، وليس أيضا على مقارنة النتائج داخل جماعة التلاميذ المعطاة.
إن تطور هذه المقاربة البيداغوجية الجديدة عجيب ومثير. فإدخال مصطلح التحكم من طرف بلوم في 1968، تبعته دراسات مختصة- ( بلوك Block و Burns بورنز، أصدرا45 بحثا في التحكم طيلة مرحلة ما بين1970 – 1976 فقط)- تهتم بالمتغيرات، والمواد، والساكنة المدرسية المتنوعة أكثر وأكثر.
ومن هذه الدراسات يمكن تحديد بعض الإصدارات الجماعية(Block 1971، و شيرمان Sherman ، 1974). زيادة على أن بعض الأعمال اهتمت بالاستراتيجيات الخاصة: ( كيلي Kellerوشيرمان Sherman 1974 – ريان Ryan 1974- بلوك و أندرسون Anderson 1975- بلوم 1976 – تورشن Torshen 1977- إيغلر Eigler و ستراكا Straka 1978).
وفي الأدب الفرنكفوني، نجد ان مصطلح( بيداغوجيا التحكم) ( المرادف ل: التعلم بالإتقان Mastery learning) تم إدخاله بالتحديد من طرف دولاندشير (1971)، ومن ثم تم استعماله من طرف (لوكليرك (Leclercq، و( دوناي Donnay)و( دوبال De Bal 1977)، و(باشر Bacher 1973)،و(( دوبال)،و(( باكاي)و(بيكرز (PaquayBeckers
... إلخ...
وفي ندوة ل( AIPELF)( انظر العدد 1978/1 من مجلة علوم التربية للعهد الجديد) خصصت ل( البيداغوجية التصحيحية)ن والتي سنراها فيما بعد، هي متغير ل ( التعلم بالإتقان)ن وأخيرا... إلى عهد قريب اعتبر دولاندشير بيداغوجيا التحكم ضمن المواضيع ذات الأولوية للبحث البيداغوجي في العشر سنوات القادمة.
إن الاهتمام ببيداغوجيا التحكم يزداد أكثر وأكثر، لأن الرهان مهم جدا: فالأمر يتعلق بالفعل بإقصاء الاختيار عن طريق الفشل كمنهجية بيداغوجية، وتأمين المردودية في التعليم إلى أقصى حد بواسطة تعميم النجاحات المدرسية.
وقد قدمت هذه البيداغوجيا( بيداغوجيا التحكم) كحل خارق ومن طرف آخرين كرهان لن يتحقق أبدا.
هذه المقاربة البيداغوجية الجديدة لها مشاركات وارتباطات ضخمة و كبيرة، تتجاوز الإطار المدرسي الصرف