aboukhaoula منصوري نشيط
الجنس : عدد الرسائل : 15 العمر : 47 العمل/الترفيه : instituteur المدينة : tiznit البلد : الهواية : تاريخ التسجيل : 14/12/2009 نقاط : 37
| موضوع: حين تموت الابتسامة الإثنين ديسمبر 14, 2009 1:20 pm | |
| خرج النبي صلى الله عليه وسلم بدعوته على الناس ، فكانت له مع الأعداء جولات وصولات ، حتى ملكهم بالأخلاق والمعروف قبل أن يملكهم بالرماح والسيوف ، وبعد أن كانوا فراداً ووحداناً صاروا جحافل تفتح الأقطار وتحرر الأمصار ، كل هذا بابتسامة مشرقة وبشاشة صادقة . وهاهو صلى الله عليه وسلم يجعل الابتسامة هي مبدأ اللقاء بينه وبين أصحابه حتى يأنسوا بصورته قبل كلامه ، فقد قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه : ( مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ أَسْلَمْتُ وَلَا رَآنِي إِلَّا ضَحِكَ ) رواه البخاري. ولم يكن عليه الصلاة والسلام إذا حدث بحديث فعلَّق عليه أحد بطُرْفَة يقوم بزجره أو نهره بل يقابل ذلك بالرضا والسرور حتى ينبسط الحاضر لحديثه ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا يُحَدِّثُ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ فَقَالَ لَهُ أَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ قَالَ بَلَى وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ قَالَ فَبَذَرَ فَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ فَكَانَ أَمْثَالَ الْجِبَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ فَإِنَّهُ لَا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ وَاللَّهِ لَا تَجِدُهُ إِلَّا قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) رواه البخاري . ولك أن تتصور نبينا صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي كيف كان يصيبه الأذى من الناس ، ثم يأخذك العجب عندما ترى رفقه وإحسانه بمن آذاه ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَذَبَهُ جَذْبَةً شَدِيدَةً حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَثَّرَتْ بِهِ حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَذْبَتِهِ ثُمَّ قَالَ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ ) رواه البخاري ، فلو ضرب النبي الأعرابي لما لامه أحد حيث قابل الفعل بالفعل ، ولو سبه لكان محسناً له فقد قابل الأذى الفعلي بتأديب قولي ، ولو تركه وعفا عنه لكان محسناً له أيما إحسان ، فما بالك وهو يقابل الأذى بكفٍّ وعفوٍ وفوق هذا ابتسامة نبي؟ . وانظر إليه وقت الحرب ، ذلك الوقت الذي تكثر فيه الإصابات والجراحات ، فهذا أصابه أذى في بدنه ، وذاك فجع في قريبه ، ومع هذا تجد الرسول صلى الله عليه وسلم لا تفارق الابتسامة ثغره ، بل كان عليه الصلاة والسلام قد ضحك في غزوة أحد في تلك المعركة التي هزم فيها جيشه ، وقتل عمه ، ومُثِّل بأصحابه ، فعن عامر بن سعد عن أبيه قال : ( كَانَ رَجُلٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَحْرَقَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي قَالَ فَنَزَعْتُ لَهُ بِسَهْمٍ لَيْسَ فِيهِ نَصْلٌ فَأَصَبْتُ جَنْبَهُ فَسَقَطَ فَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى نَوَاجِذِهِ ) رواه البخاري ، ولو ابتسم أحد غير النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع لقيل عنه إنه منعدم الشعور ، بل قد يجعل ممن انعدم فيه أصل الولاء ، فكيف يضحك وإخوته مصابون ، ولكنهم ليتهم يعرفون كم كان لهذه الضحكة من أثر في نفوس الصحابة، فقد غسلت نفوسهم ، وطيّبت خواطرهم ، وشدّت من عزائمهم . ولم تكن تلك البشاشات توجه لفئة دون فئة بل كانت تلامس أصحابه كلهم حتى من وقع في الكبيرة منهم ، وضحكه لم يكن من باب الرضا بذلك المنكر ، ولكنه نوع من التربية الصامتة التي تردع المندفع وتمنع العاصي ، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : ( كان رجل عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَلْعَنُوهُ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) رواه البخاري ، بالله عليكم هل هذا من سجايا أكثر الصالحين ، أم أن الطريقة المثلى في التعامل مع هؤلاء – حسب نظرة الكثير من الأخيار – الهجر والعبوس فقط . ولقد بلغت ضحكتة وابتسامته عليه الصلاة والسلام منتهاها ، حيث اعتنى بها وهو في لحظات الموت ومفارقة أصحابه ، ولم يمنعه الوجع أو شدة نزع الروح من تلك السجية العظيمة ، فعن أنس رضي الله عنه قال : ( كان أبو بَكْرٍ يُصَلِّي لَهُمْ فِي وَجَعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَهُمْ صُفُوفٌ فِي الصَّلَاةِ فَكَشَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتْرَ الْحُجْرَةِ يَنْظُرُ إِلَيْنَا وَهُوَ قَائِمٌ كَأَنَّ وَجْهَهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ فَهَمَمْنَا أَنْ نَفْتَتِنَ مِنْ الْفَرَحِ بِرُؤْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ وَظَنَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَارِجٌ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَشَارَ إِلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ وَأَرْخَى السِّتْرَ فَتُوُفِّيَ مِنْ يَوْمِهِ ) رواه البخاري . ثم توالت العصور ، والعلماء والدعاة على هذه السَّنَن ، حتى شبّ من شبّ على فهم منكوس وتفكير معكوس ، فصارت الابتسامة عنوان السفاهة ، والمزاح المنضبط علامة المنهج المختلط ، ثم كثر الحديث عن الهيبة ، وجعلوا لازمها التجهّم والتجعّد ، ثم نقَّبوا عن الأئمة ونحوهم ، وانتقوا كل الآثار الدالة على بكائهم وحزنهم حتى جعلوها ديدن حياتهم ، بل إنهم نسوا أو تناسوا آثاراً وردت عنهم تدل على دماثة أخلاقهم وخِفَّة ظلهم ، و حجبوا صوراً وأمثلة عن أئمة قد اشتهروا بذلك . فهذا الأعمش الإمام المشهور ، اشتهر بين العلماء بمزحه وطرفته ، ومع ذلك لم تضره تلك الصفة في دينه ، حتى قال عنه الإمام يحي بن سعيد القطان: " كان من النساك ، وهو علاّمة الإسلام " وقال وكيع عنه : " اختلفت إليه قريباً من سنتين ما رأيته يقضي ركعة وكان قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى " . بل انظر إلى ابن قدامة رحمه الله فقد قتل مخالفيه بابتسامة عريضة تطفئ لهيب الخصومة بينهم ، حتى كان البعض يُقْبِل للمناظرة " والمشاجرة" فإذا رأى ابن قدامة وما عليه من تلك الابتسامة ترك ما عليه من شحناء وبغضاء . ثم جعل البعض الابتسامة سبباً لتجرؤ الناس على العلماء والدعاة ، وليت هؤلاء أتحفونا ببعض الآثار التي تدل على ذلك الوجَل ، وأخشى أن يأتوا بعد زمن فيقولوا : ما تجرأ الأعرابي على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند تفريق الصدقات إلا بسبب ابتسامته وهشاشته له . وقد بدر مثل هذا التفكير إلى زوجة أبي ذر رضي الله عنهما أجمعين فقد قالت : ( كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِذَا حَدَّثَ حَدِيثًا تَبَسَّمَ فَقُلْتُ لَا يَقُولُ النَّاسُ إِنَّكَ أَيْ أَحْمَقُ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ أَوْ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا إِلَّا تَبَسَّمَ ) رواه أحمد . وأظن أن هؤلاء قد انعدمت فيهم قوة الشخصية وقلت مهابتهم في قلوب الناس ، فقلّبوا الأعذار يمنة ويسرة حتى أُسقط بين أيديهم هذا العذر ، وأين هم عن الأعمش رحمه الله ، فمع ما كان فيه من مزاح فقد كانت له هيبة عظيمة في قلوب أهل وقته على اختلاف درجاتهم حتى قال عنه عيسى بن يونس رحمه الله : " لم نرَ مثل الأعمـش ، ولا رأيت الأغنياء والسلاطين عند أحد أحقر منهم عند الأعمش مع فقره وحاجته " . وهل ظن هؤلاء أن العلماء أو الدعاة لن يصيبهم أذى من مهابة الناس لهم ، ولو سرنا على هذه الشبهة لما بقي عندنا عَلَم من أعلام الأمة ، فكلهم قد ابتلي في بدنه وماله وعرضه كل هذا في سبيل الله ، فهل نقول أن هذا من قلة مهابة الناس لهم . ولقد أصبحت خشونة الأخلاق سمة بارزة وعلامة فارقة لبعض شباب الصحوة ، مما ترتب على هذا سؤتان : أولاهما : وحشة أصابت الناس منهم ، مما جعل خوف الآباء سداًّ دون هداية الأبناء ، ولا غرابة في ذلك فالناس هذه الأيام قد أصابتهم لوثة الإعلام العربي ، ذلك الإعلام الذي صور شباب الصحوة بأنياب دامية وقرون ناطحة كأنهم من وحوش الغاب سواء استخدم في ذلك الأفلام أو اللقاءات أو التقارير أو حتى الكاريكاتير ، فكانت هذه الصور محل شك أمام الناس ، ولكنهم بعد المخالطة لبعض الشباب ارتقت تلك الصور من المظنون إلى المقطوع ومن الحُلْم إلى العِلْم . ثم نتج عن ذلك السؤة الأخرى : وهي تولي وجوه أولئك الأقوام إلى شِطْر أناس أظهروا التدين وتمسحوا به وحُق عليهم الوصف بأنهم من " المخرِّفين المحرِّفين " ، ولكنهم يجيدون فن التعامل ، ولهم في استخدام مهارة الاتصال بالناس حَذاقة ولباقة ، فملكوا الناس عقلاً وشعوراً فوثق فيهم الناس ، ووكَلوا لهم دينهم وشرعهم ، ثم تحكموا في حياة الناس حلاً وتحريماً ، فكانت لهم الريادة والقيادة في توجيه وتحريك الشارع المسلم . وإذا جلس الأخيار بينهم تذاكروا جهود النصارى واليهود والرافضة والبوذيين وغيرهم ، ثم أخذوا في لطم الخدود وشق الجيوب همّاً وغمّاً من الجهود المنحرفة ، وحزناً على آثار تلك الأعمال . ولو رأى هؤلاء كيف بلَغ النصارى مبلغهم في دعوة دينهم لوجدوا العجب ، فالدين قائم على خرافات يمجُّها كل من فيه ذرة من عقل ، ومع ذلك تجد الإقبال من الشعوب الجاهلة عليه ، وسبب ذلك هَشّ وبَشّ و ابتسامة عريضة تعلو محياهم أثناء علاج الفقراء أو إطعامهم . ثم انظر إلى الرافضة كيف تغلغلوا في القارة الأفريقية المسلمة السنية ، وبعد أن كان لا يوجد لهم اثر على الخارطة إذا هم يخترقون الأسوار ويحطمون الحصون ، بل إن نيجيريا البلد المسلم الثاني سكانياً بعد إندونيسيا كانت خالية تماماً من هذا المذهب المنحرف ، وما لبث أن انتشر بينهم حتى صار أتباعه بمئات الألوف . ولقد رأيت السفير الإيراني في ذلك البلد من خلال صورة فوتوغرافية وهو يقود آلة حِراثة في مزرعة أحد الفقراء وقد ظهر مبتسماً بملئ شدقيه . إن الابتسامة عند أصحاب الملل والنحل لها فن في الاستخدام وهم يجيدونها إجادة تامة فيعرفون متى يستخدمونها ولمن يستخدمـونها وكيف يستخدمونها ، ونسأل الله أن نكون خيراً منهم دِقَّة في الإجادة ورِقَّة في التطبيق. ونختم حديثنا هذا بنصيحة خاصة من النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه وهي للدعاة عامة ، فقد قال له : ( لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ ) رواه مسلم . قال الإمام النووي رحمه الله : " فِيهِ الْحَثّ عَلَى فَضْل الْمَعْرُوف , وَمَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَإِنْ قَلَّ , حَتَّى طَلَاقَة الْوَجْه عِنْد اللِّقَاء " . |
|
شمس مراقبة عامة
الجنس : عدد الرسائل : 24544 العمر : 35 العمل/الترفيه : جامعية المدينة : الجزائر البلد : الهواية : المزاج : تاريخ التسجيل : 05/07/2009 نقاط : 35206
| موضوع: رد: حين تموت الابتسامة الإثنين ديسمبر 14, 2009 1:39 pm | |
| |
|