الاعتداء على أستاذ بالضرب....فاجعة تربوية.....
30/12/2009
عندما اطلعت على عملية الاعتداء على الأستاذ بالضرب الى درجة كسر كتفه,بما يعني عنف متعمد ومبالغ فيه ومقصود .وعندما قرأت مقاله المليء بالرقة والقرحة على مصيبة التعليم . وعندما علمت من إحدى التعاليق مرضه بالقلب ,تألمت كثيرا للوضعية التي يتواجد فيها معد الأجيال الذي يعتبر القاطرة التي يركبها كل راغب في السفر الى عالم المعرفة والثقافة والنبوغ والشهرة والمسئوليات . لن أكون في مستوى العبارات التي رسم بها لوحة الأستاذ من خلال تعبيره البليغ الذي يحمل معاني المعاناة من جراء ما يقدمه الأستاذ وما يكافئ به من طرف المجتمع.عبر الأستاذ عن ألمه وأسفه ويأسه وقنوطه وخيبة أمله في يده التي مدت يد المساعدة فكسرت .أنني ارتجف وأنا أكتب وأتصور الحدث داخل القسم وبين التلاميذ عندما يهوي رجل شهم شجاع وصفه الجميع بالهدوء والرزانة ..عندما يهوي أمام تلامذته متألما مطروحا على الأرض خاصة أمام التلميذات ,أظنهن بكين كثيرا وتألمنا تألما وفيرا قد لا ينمحي من ذكرياتهن هذا المشهد الرهيب المخيف الذي ألم بأستاذهم المقدر المحترم عندهم.كيف يتناسى تلامذته المعتبرين بمثابة أبنائه هول المصيبة ,والله ثم والله إنني لم أستطع تصور المنظر ,لضخامته وغرابته وعجبه .
صدقوني أنني لا زلت استحيي من أساتذتي الى اليوم رغم مرور سنين وأعوام ,أتمنى أن أرد لهم جزءا من دينهم علي عندما أخرجوني من الجهل الى عالم المعرفة. - كيف لنا ألا نعلم أبناءنا احترام أساتذتهم ومعاملتهم معاملة الآباء . - كيف لنا أن نسمح بمثل هذه السلوكيات التي تخرج عن عالم التربية الى عالم الانحراف؟ - كيف لمسئولينا السماح بمثل هذه التصرفات الرهيبة التي أصبحت تحدث بمؤسساتنا وتمس مقدساتنا؟ ان الأستاذ عماد المجتمع وركيزته الأساسية التي يتكئ عليها .فقد الكثير منهم صحته وعافيته بعد أن قضى سنين وأعوام يكد ويجد على الدوام, ليجد نفسه في آخر المطاف على كرسي العجز يكتوي بنار فلذاته الذين سهر الليالي من أجلهم وضحى بالغالي والنفيس لتحسين قدراتهم.إنني أرى أن تنامي مثل هذه السلوكيات يرجع الى عدة عوامل تراكمت وتجمعت منها:
1- تراجع دور الآباء وفعاليتهم بغيابهم عن مسايرة واقع أبنائهم ومحاولة تغطية العجز باللامبالاة واللامسئولية.
2- انتشار المخدرات والمهلوسات في كل مكان,أمام أعين الجميع.
3- الفساد الخلقي الذي أصبح يسود مجتمعنا.
4- تنامي ظاهرة العنف بمؤسساتنا التعليمية وعدم التعامل معها كظاهرة يجب الحسم فيها بقرارات وإجراءات تقحم فيها وزارة التربية الوطنية والسلطات المعنية.
5- اعتماد الفحص المضاد للشواهد الطبية التي يعتمدها المعتدون ليصبحوا ضحايا بجرة قلم.
6- إعادة النظر في القوانين الزجرية لحماية المعتدى عليهم بما يضمن عودة الأمان الى مؤسساتنا التعليمية.
7- التركيز على مراكز الدعم النفسي والاجتماعي بالمؤسسات التعليمية لتتبع بعض الحالات الشائكة والتي تنشر الوباء بين صفوف التلاميذ وتحثهم على الانحراف والعنف.
8- التشدد في التعامل مع حالات العنف بمؤسساتنا التعليمية وعدم المحاباة وأحيانا لاعتبارات ضيقة مصلحية .
9- إعادة النظر في القوانين الداخلية بمؤسساتنا التعليمية بما يضمن الأمان للعاملين بها . انها بضع من إجراءات يمكن أن تساهم في تقليل ظاهرة العنف التي انتشرت كالفيروس بتناقص الاحترام وازدياد الاحتدام بين المتمدرسين ومدرسيهم الذين أصبحوا عرضة لعنف لم يسبق له مثيل ,وأمام تنامي سياسة العولمة التي فرضت علينا انفتاحا وانبطاحا سمي حقوق الإنسان حسب مفهومهم وحسب أهدافهم التي جرتهم الى الهاوية حتى أصبح تلامذتهم يحملون المسدسات ويدوسون على كل من وجدوه في الممرات .إننا مجتمع مسلم متخلق خلوق ,يحترم فيه الصغير الكبير ويقدر فيه الأبناء آباءهم وأساتذتهم ومشايخهم وعلماءهم ,مجتمع يقوم على الاحترام والمحبة والتسامح ,مجتمع يقدر عمل المربي ويرقيه الى درجة الرسل .مجتمع ومجتمع ....اللهم ان هذا لمنكر....
محمد المقدم
عن وجدة سيتي نت