فكيف تتم عملية بناء المعنى ؟ وما هي آليات هذا المنظور ؟ - المشروع القرائي: تمثل هذه المرحلة الشرارة الأولى التي تولد في التلميذ الرغبة في القراءة وروح الفضول ،وتفجر فيه أسئلة عديدة و توقعات مختلفة حول النص تنتظم في شكل مشروع .-المسح العيني : وهي قراءة عشوائية للنص بأكمله ن وهو ما يقوم به الكهل عادة عندما يشتري كتابا جديدا أو يتصفح صحيفة في عجالة بحثا عن خبر معين . والمتعلم يتعرف الكلمة من طيفــها وليس مـــن تركيب مقاطعها .فالقراءة إدراك ،والعين تمسح كامل الكلمة ،وهذا المسح يعطي مدلولا لها.-التوقع : ويأخذ شكل فرضيات يصوغها القارئ ويتثبت من صدقها أو خطئها بالرجوع إلى النـص.وتتمثل في ربط علاقات بين ما يدركه القارئ من رموز ومؤشرات موجودة في النص، وما يعرفه حـول الموضوع المقروء ، قصد صياغة الفرضيات التي سيستعملها لبناء المعنى داخل النص.- القراءة الخطية للنص : وهي قراءة تسمح للقارئ بالتثبت من الفرضيات المطروحة فيه.-تحقيق المشروع القرائي : فهم النص . ولا يكون ذلك إلا عندما يتمكن القارئ من الإجابة عن الأسئلة التي تفجرت في ذهنه حول النص .القراءة من وجهة نظر التلميذتتلخص هذه الوجهة في ثلاث قضايا :* الرغبة في القراءة * القدرة على القراءة * إتقــــان الــــــقراءة· الرغبة في القراءة : تقول إيفلين شارمو :"إن الطريقة الشائعة والمتمثلة فــي مطالبة الأطفال بفتح كتب القراءة على الصفحة كذا و بقراءة النص لا تضع الطفل في وضعية قرائـية حقيقية ولا ترغبه في القراءة أبدا ،ذلك أنه بدون مشروع قرائي لا يمكن الحديث عن وضعية قرائية ".وتفيد الدراسات السيكولوجية أن القراءة سلوك ثقافي معقد يخدم هدف التواصل الاجتماعي ،وتبعا لـذلك فإنه لا يمكن للطفل أن يحذق هذا السلوك إلا إذا أحس بالرغبة في تعلمه ، يقول ( روسو ) في كتــــابه إيميل :" لقد اهتم المربون كثيرا بطرائق تعليم القراءة ، ولكنهم نسوا أمرا أساسيا وهو الرغبة في التعلم " فإذا تمكنتم من خلق الرغبة في الطفل فإن الطرق تصبح ثانوية "
· القدرة على القراءة :
إذا كانت الرغبة في الــقراءة تمثل المحرك الوجداني لعـمـلية تعلـمـها من طرف الطــفل ، فإن الظـروف الفيزيولوجية والذهنية تمثل الجانب الاقتداري لهذا التعلم ، وتختصر شروط النضج للقراءة في ثــلاث مجالات هي : النضج الفيزيولوجي ، النضج النفسي والفكري وامتلاك اللغة .
-النضج الفيزيولوجي : القراءة عملية إدراكية تعتمد على حاستي البصر والسمع ، إضافة إلى القدرة على التصويــت، وقد بينت البحوث أن العــين تمســح الســطر بكامله في نظرة عاجلة دون أن تـدرك كـــل التفاصيل ،بل تكتفي بالتوقف في مستوى معين عند بعض الكـلمات لانتقاء الرموز الــدالة ، وإرسالـــها عبر العصب البصري إلى منطقة القراءة بالدماغ أين يقع تفسيرها ...بناء على هذا التحليل فإنه يمكــن القول بأنه لضمان القدرة على القراءة ،وجبت سلامة كل من الجهاز البصري والجهاز العصبي وجهـاز التصويت ، وبلوغها مستوى من النضج بما يسمح لكل منهما بأداء وظائفه بشكل طبيعي وفعال.
- النضجى النفسي الفكري:
عملية القراءة تتطلب التذكر والفهم والتحليل والتركيب وبناء الفرضيات،وهذه أنشطة ذهنية معقدة ترتبط ببلوغ الطفل عمرا معينا وبحاصل ذكاء من جهة أخرى ، وهذان عاملان يؤثران بصورة مباشرة فــــي الفروق الفردية و سرعة تعلم القراءة .
-امتلاك اللغة : بينت الدراسات أن الطفل لا يتعلم القراءة إلا بعد سيطرته على آليات اللغة الشفوية ، ذلك أن قراءة النص المكتوب و فهمه عن طريق بناء المعنى ، لا يتأتى للطفل إلا إذا كان حاذقا لقدر أدنى مـن اللغة الشفوية ،وأفضل دليل هو ما يعانيه تلاميذنا عند تعلم اللغة الفرنسية وهي لغة لا يتكلمونها .
· إتقان القراءة :
يرتبط هذا الإتقان بالقراءة الصامتة والسريعة التي تؤدي إلى فهم النص المقروء وبناء المعنى داخله ،
و لا ترتقي القراءة إلى مستوى الإتقان إلا إذا توفرت شروط أهمها :
ا – القراءة الصامتة : قد يحدث أن تقرأ نصا قراءة جهرية ، ولكن إذا انتبهت إلى الأسباب الداعية إلى ذلك لاكتشفت أن هذا السلوك يلبي طلبا تقدم به شخص لا يملك النص أو لا يقدر على قراءته ، لأن هـــذه العملية تمثل تبليغا شفويا وتمريرا لمحتوى نص وليست نشاطا قرائيا.
ومن مظاهر القراءة الصامتة عدم استعمال جهاز التصويت . وتتمثل في تكييف القراءة للمقام والقدرة على استباق المعنى . فالقراءة الصامتة من هذا المنظور هي الأصل والقراءة الجهرية استثناء.
ب-القراءة السريعة : أثبتت الأبحاث أنه كلما كان القارئ سريعا في قراءته، كان فهمه للنص أعمـق وتذكره أطول . وأن سرعة القراءة رهينة ثلاثة شروط وهي :
- القدرة على التركيز : بما أن القراءة عمل ذهني نشيط يستهدف استغلال التجارب السابقة فإنه مـــن الضروري أن يتطلب هذا العمل من الطفل تركيزا لفهم النص ومقارنته مع مشروعه القرائي ومــــــن خـلال ذلك يبني الفرضيات والأحكام .
- اتساع المجال الإدراكي : كلما كان المجال الإدراكي للعين أوسع كلما كانت عملية القراءة أوســــع
-الحساسية البصرية : تتمثل في قدرة العين على سرعة التمييز بين الرموز الشبيهة ببعضها كالحروف والمقاطع ، أو الكلمات المتشابهة ، وكلما تطورت هذه القدرة وارتفع نسقها ،كلما زادت سرعته فـي القراءة .
القراءة من وجهة نظر المعلم
يمثل المعلم الطرف الثالث في المثلث التعليمي التعلّمي .له دور كبير في بناء التعلمات وتحقيق الكفايات ويتنزل نشاطه ضمن عقد تربوي يقتضي منه القيام بأدوار منها الوساطة والتنشيط والتقييم والتشخيـص والتعديل والدعم والعلاج والتثمين والتشجيع وتخير الطرائق النشيطة الملائمة لمقاربات التعلم.
فما هي هذه الطرائق المتبعة في تعليم القراءة ؟ وما هي النظريات التربوية التي تقف وراءها ؟
1- الطرائق : يقول (دي لاكروا) أن القراءة عملية مزدوجة تمر من الرمز إلى الصوت ، ثم من الصوت إلى المعنى وبهذا التوجه كان لزاما أن يـؤدي الأمـر إلى الاهـتمام بالقـراءة الجهـرية و بديهي أن تعتمد لاكتشاف المعنى باعتبار أن هذا المعنى واحد وما على التلميذ إلا استخراجه.
أ- الطريقة التركيبية : وهي أقدم الطرائق المدرسية في تعليم القراءة .وهي المستــعملة في الكتاتيب لتحفيظ القرآن الكريم ، ومع مرور الزمن أظهرت عيوبها والمتمثلة في أن الطفل يتعلم التهجئة لا القراءة .
ب- الطريقة الشاملة : وهي كما يدل على اسمها تعتمد تعويد الأطفال على قراءة الكلمات، فالمقاطع ثم الحروف أي من النص الجملة المقطع الحرف
ثم العودة إلى النص الجملة المقطع الحرف
وقد طورت هذه الطريقة في مطلع القرن العشرين ، مستفيدة من أبحاث المدرسة الجشطلطية والتي ترى
أن إدراك الأشياء يحصل بصورة متكاملة جمليّة وشاملة وليست مجزأة وأن أعمال ( ديكرولي ) التي تعتمد على منظومة تربوية متكاملة تستند إلى ثلاث مقومات :
· قدرة الطفل على إدراك الكل قبل الجزء
· استغلال الطفل للمحيط (فكرة محور الاهتمام )
· الابتعاد عن استعمال الكتب المدرسية لاشتمالها على نصوص لا علاقة لها بواقع الطفل وبالتالـي فهي لا تثير فيه الرغبة ولا الفضول .
ج- الطرائق المختلطة : وهي الطرائق المتداولة في مدارسنا ، وتتمثل في الانطلاق من القراءة الشـاملة ثم الوقوف في مرحلة متقدمة على المقاطع ، وأخيرا على الحروف ، ثم تعود من جديد من الحرف إلى الكلمة ، ثم إلى الجملة عن طريق تركيب الحروف والمقاطع .
مرحلة شاملة مرحلة تحليلية مرحلة تركيبية
اخــتـلالات القـــراءة
وهي مجموعة الصعوبات التي يواجهها الطفل أثناء عملية القراءة. تتمثل في اضطرابات اللغة والكلام،
وترتبط أصلا بصعوبات التعليم المتصلة بنشاط معين :
وهؤلاء الأطفال لا يشكون من إعاقات عضوية أو ذهنية وإنما يشكون من اضطرابات أخرى أهمها :
* اضطرابات التلفظ : وهو اضطراب النطق الصحيح : trouble de l'articulation
* تأخر الكلام : retard de la parole
*اضطراب اكتساب اللغة :dysphasie وهو قصور في إدراك معاني الكلمات والاستخدام الصحيح للكلمات.
*صعوبة القراءة : dyslexie وهو الخلط بين الأحرف المتشابهة في الرسم .
*اختلال الإملاء : dysorthographie أخطاء في رسم الكلمات .
* التأتأة والتمتمة : bégaiement يزداد أثناء التوتر والانفعال.