الحلم الذي رحل

((مدخل))
لا أحد يقوى على انتزاع أحلامك رغماً عنك...

[center]الطفولة عالم البراءة الكبير .. ذلك العالم الذي تربع على عرش حياتنا فترة من الزمن .. كم لعبنا على صدره .. كم بكينا بين أحضناه وكم تمنينا موته رغبة في أن نكبر!!!
كان يُحتضر .. يحتضر
أمام أعيننا .. ورقبنا احتضاره دون أن نذرف دمعة ألم.... فمات .. مات وهو
خائف من أن نكبر ونتخلى عن الصدق والبراءة والمرح الذي وهبنا إياه ..
لم نبكيه عند موته ولم نقيم له مجلس عزاء .. ودفناه دون أن نغسّله أو نكفنه أو حتى نقرأ عليه سورة الفاتحة!!!
كنت طفلة بريئة وكذلك كنتِ أنتِ..وكانوا هم..!!
أيام بحلاوة الآيسكريم.. وبطراوة قلوبنا..وبرائحة الطين الذي كنا نلعب به
كم تشوقنا لهفة لدخول المدرسة..
كم تعطشنا لأن نكون كباراً..
كباراً كما نحن الآن..
كم تمنينا أن نهجر عالم الألعاب والدمى والصور وكراسة الرسم..لنكبر
كنا مستعدين لأن نتخلى عن (الغميضة) و(لعبة الكراسي) و(بيوتنا الرملية)
أغمضنا أجفاننا لنحلم ..لنطمح..لنتفاءل بالغد
دخلنا الروضة.. دخلنا أبواب الحلم الكبير
رسمنا آمالنا على الكرّاسات
وكدسنا أحلامنا في مجرة المستقبل..
تخرجنا منها.. ونحن نحمل بين أيدينا شهادة
وأمنيات بحجم الكون الواسع...
دخلنا المدرسة ...
أو كما كنا نسميها سابقاً
(الروضة الكبيرة)
وطرنا بها فرحا..
مصروفنا اليومي..كان يشعرنا بالثقة..ببداية الاستقلال الذي حلمنا به
الأسبوع التمهيدي..الفسحة.. اليوم المفتوح..
والحلم يكبر..!!
كنا أطفالاً نخاف..
تقول لنا المعلمة لأول مرة أن هناك نارا تحرق من يكذب!!
لذا لم نكن نكذب..
كانت تقول أن النار تحرق من لا يصلي..
وكنا نصلي بصدق وخوف من عذاب الله ...
الشهادة..ثم حفلة نجاح.. والعطلة الصيفيةوالحلم يكبر..وطفولتنا تذبل دون أن نشعر!
هناك في الزاوية دمية رميناها..ورمينا معها جزءاً من براءتنا
شهادة الإعداديه..حفلة نجاح..فرح ..وبهجة
والحلم يكبر..يكبر..وفي القلب طفولة تحتضر!!
ثمة أشياء تموت أمامنا ولا نلتفت
ثمة سعادة بريئة دسناها بأقدامنا أملاً في أن نكبر
تركنا خلفنا سعادة لا يشوبها هم
وضحكة لا يعلوها غبار أو صدأ
تركنا خلفنا لعبة مازالت صالحة للعب
آه يا صديقتي
سرقوا مني طفولتي وأنا أعلم!!
شجرة القرية يا صديقتي ..تلك التي لعبنا تحتها معاً اجتثوها
واجتثوا معها وردة غرسناها بأيدينا
ومضت الأيام..ونحن نكبر ونكبر وطراوة القلب تقسى
وبراءة الروح ترحل …
قريبا نحصل على شهادة الثانوية..نتخرج..لكن هذه المرة دون حفلة!! دون (بالونات) و(شوكولاتة)
دون عصير نسكبه..ووساماً نعلقه!!
آه يا صديقتي..
تحقق الحلم وكبرنا..وليتنا لم نكبر
ربما حين كنا صغارا كان الأمل أكثر اخضراراًكنا أكثر صدقا وعطاء ومرحاً
اليوم ..كبرنا
واكتشفنا أن الحلم لم يكن سوى سراب في صحراء
كبرنا اليوم..ولم نفعل شيئا يُذكر!!
أصبحنا نكذب..ونخدع..وربما نسرق من أحلامنا الكثير
صرنا نخدع أنفسنا نكذب عليها ألف مرة في اليوم
صرنا نلهو لكن ليس بدمية بل بمسدس حقيقي!!
أصبحنا نلعب لعبة الكراسي لكن بشكل آخر وبقلب وهدف آخر
لعبة الكراسي اليوم..للمناصب التي نجري ورائها
صرنا نمثل الأدوار التي نلعبها لكن بشكل آخر
لم نعد نمثل دور أم تحتضن طفلتها
بل نمثل على الآخرين ونخدعهم بعفويتنا ونوهمهم بصدقنا
هكذا هم الكبار إذن؟؟!!!
أهذا هو الحلم الذي حلمناه؟!
الكبار لم يكونوا كما كنا نتوقع!!
كانوا يضربوننا حين نكذب.. واليوم هم ألف مرة يكذبون
كانوا يوبخوننا حين نسرق.. واليوم أمام الأعين يسرقون وينهبون
كانوا يقولون أن الله يرانا في كل مكان
واكتشفنا أنهم يعصون الله أمام أعين الجميع وفي كل مكان
آه يا صديقتي
سرقوا أحلامنا الوردية..
وأذوا طفولتنا البريئة..
علمونا..درَسونا..ثم كبرنا لنكون نسخة طبق الأصل منهم
حلمنا أن نكبر..ونعلم الآخرين..
ونربي أطفالا كالدمى التي كنا نلاعبها
حلمنا أن نكبر..ونحرر فلسطين..وننقذ أطفال الأقصى
حلمنا أن نكون معلمات .. طبيبات.. أمهات .. سيدات مجتمع
واكتشفنا أخيراً أن عالم الطفولة كان أكثر صدقا وعطاء
وأن الكبار ليسوا أفضل من الدمى التي لعبنا بها زمان!!
عزيزي الطفل..لا تكبر
كذا أجمل
كذا أطهر
كذا لا دين يتراكم..
كذا لا ضغط..لا سكر!!
حبيبي الطفل لا تكبر
ترى أكبر كذبة عشناها
لما كنا في سنك..
ياللـــــــــــــــه..متى نكبر؟؟!!
حبيبي الطفل لا تكبر
مارس حلمك الأخضر..
إحلم قد ما تقدر!!
ولا من خفت..خبي أحلامك بدفتر
ترى الأيام سراقة
والأحلام تتبخر
حبيبي الطفل..
أقللك شي...؟؟
لخاطرى....لا تكبر!! )
غدا نمضي كما جئنا وقد
ننسى بريق الضوء والألوان .. وقد نهفو إلى زمن بلا عنوان .. وقد ننسى ..
وقد نُنسى. فلا يبقى لنا شيئا لنذكره مع النسيان فيكفي أننا يوما تمردنا
على الأحزان .. ويكفي أننا يوما تلاقينا بلا استئذان ...

((مخرج))
ابدأ حياة جديدة اركب أول
درجات السلم لا ترى السلم كله
فقط أول درجة منه و قل في نفسك دائماً
أنا لا أرفض أن أبدأ من الصفر
ولكني أرفض تماماً أن أكون صفراً...
تحياتي لكم
شمس المنتدى