هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

شاطر
 

 بكتيريا الفشل-مشروع تربوي جيلالي خالص بنكهة قصصية-

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد المراح
Admin
Admin
محمد المراح

الجنس الجنس : ذكر
عدد الرسائل عدد الرسائل : 12775
العمر العمر : 45
العمل/الترفيه : أستاد التعليم الإبتدائي
المدينة : أكادير-العمل:اقليم اشتوكة أيت باها-
البلد البلد : بكتيريا الفشل-مشروع تربوي جيلالي خالص بنكهة قصصية- 1moroc10
الهواية : بكتيريا الفشل-مشروع تربوي جيلالي خالص بنكهة قصصية- Swimmi10
المزاج المزاج : بكتيريا الفشل-مشروع تربوي جيلالي خالص بنكهة قصصية- Pi-ca-20
تاريخ التسجيل : 19/07/2008
نقاط نقاط : 20059
الوسام الادارة

بكتيريا الفشل-مشروع تربوي جيلالي خالص بنكهة قصصية- Empty
مُساهمةموضوع: بكتيريا الفشل-مشروع تربوي جيلالي خالص بنكهة قصصية-   بكتيريا الفشل-مشروع تربوي جيلالي خالص بنكهة قصصية- I_icon_minitimeالإثنين يناير 26, 2009 11:56 am


بكتيريا الفشل
تأملت في حزن و تقزز أسنانهم المسوسة ، ووجوههم المتسخة . و أكثر ما أثار شفقتي و اشمئزازي ، أنوفهم و جوانبها ، إذ كنت أبحث عن فجوة أنف أحدهم ، فلا أتبين منها إلا قشورا صفراء و خضراء يابسة ، تحولت بفعل الرطوبة و الجفاف إلى جروح و قروح بارزة ، وبثور غائرة . تبدو للوهلة الأولى ، و كأنها فجوة ثالثة استقرت اسفل الفجوتين الأصليتين ...
ترعرع المساكين على " الكحيلة" و الجوع و الفقر، و تربوا على خبز " الـدرة "
و الشعير ، كما ألفوا أكل " الزميتة " و التهام الحر و الصبر .
كنت أسمع لشهيقهم وزفيرهم أصواتا غريبة تبدو كالأنين تارة ، و كالفحيح و الحفيف تارة أخرى .
كان للجفاف الذي اجتاح وطننا هـذه السنـة آثـارا وخيمـة على السـنة الفلاحـية و الدراسـية ، و على سحنات الفلاحين و التلاميذ ، و قد اعتدت مطالعة وجوه كئيبة شاحـبة ، وحيوانات مريضة هزيلة ، و بيادر فارغة ، و أراضي قاحلة و " مطامر " خاوية ...
أيام رتيبة و أجواء كئيبة و دروس بعيدة كل البعد عن واقع و بيئة و محيط التلاميذ ، دروس تعشش فيها سوسة لم يتوضح المسؤولون بعد ، أصلها و مصدرها ، أو الوصفة المضادة لـسلبـياتها ... حقيقـة أن " الـدوار ، نـاء ، يفـتقر لأدنـى مـقومات الحـياة الكريمـة ، لا كـهرباء ، و لا ماء ، و لا حمامات، و لا مراحيض ... المستشفيات أضرحة و أولية و أناس أتقياء ، المراحيض مزابل و " كديات " و خلاء .الـمدارس أقـسام قصديريـة و مستـوطنات خشبـية هـشة ، الـملاعـب قـفار بـدون حـدود و لا معالم ، و الكرات من النفايات البلاستكية ، و بقايا الملابس و البردعات الممزقة ، وسائل النقل حيوانية صرفة ... و لكن أبيدي شيء أعمله لم ابادر به؟ أ بوسعي تقويم " فقوسة " نضجت معوجة محدودبة ؟ ...
واقـع مـريـر ، أحبـط طـموحاتي و آمالي العريضـة ، و انهـارت معه عـزائمي و تطلعاتي . كان حلمي منذ ولجت مركز تكـوين المعلمـين ، أن أرقى بتعلـيمنا و ناشئتنا ، و أن أوظف مبادئ المدارس الحديثة و الطرائق الفعالة ، و استبعد عن أساليبي التدريسية و ممارساتي التربوية كل صور و مظاهر المدرسة التقليدية ، بطرقـها الـسلبية المعنكبة داخل جل أقسام مغربنا ...
تأزمت الوضعية المعيشية لسكان " الدوار " و انخفض عدد الزائرين لضريحه الشهير بـ " مولاي الجيلالي بومعزة " ، أحد المعلمين القدامى الذين تعاقبوا على التدريس بفرعية " الدوار" ، و تضاربت أقوال الناس حول حقيقة كراماته ففئة تؤكد موته ، و أخرى تراهن على أنه لا يزال على قيد الحياة ، و تقرن اسمه باسم أحد الوزراء المشبوهين ...
امتدت آثار الجفاف لتطال الوضعية الاجتماعية " للدوار " قبل أن تنعكس بكل ضراوة على وضعيته التعليمية ! انقطع جل التلاميذ عن المجيء للفرعية ، فأخذتهم عني أيام السوق الأسبوعية ، كما انشغلوا برعي بهائم أصحاب " الفيرمات " " القريبة من الدوار لتعويض آبائهم و أسرهم عن قحط السنة الفلاحية . و تعجبت لهذه العلاقة الوطيدة التي تربط بين منتوج السنة الفلاحية ، و مردودية السنة الدراسية . و مدى ارتباط حسن سير الثانية بوفرة محصول و غلة الأولى ...
كنت أعرف أنها مرحلة عابرة عبور سنة الجفاف ، لكنني لم أحتمل البقاء وحيدا سجين فرعيتي المهجورة ، حزمت حقيبة ملابسي و أشعلت نيران غضـبي وولاعـتي في أكوام وثائقـي و جداداتي ، ثم أخذت وجهة تلاميذي حاملا نفس المشعل الذي تسلمته يوم نلت دبلوم تخرجي من مركز تكوين المعلمين ، ... فليس هناك أطيب من نكهة الحرية و الـتحرر من جدران القسم الأربعة ، و لا أجمل من التدريس في الهـواء الطـلق ، و ليـس هنـاك أروع مـن مـحاكاة الطبيعة و اكتشاف أسرارها و تعلم الحياة بالحياة ، كما أنه ليس هناك أفضع من رسالة توقيف أو عزل ، و لا أبشع من وشايات مدير المركزية إذا ما تأخرت في مدة بملفات التنقيط ليعيد فيها النظر من جديد ...
أمضيت مع تلاميذي أياما جميلة عوضتهم عن جفاف و قحط مقرراتهم ، و أبعدتهم عن رتابة السبورة السوداء الثابتة و روتينيـة القـراءة ، و إعـادة القـراءة ، و الإلقـاء ، و الإنصات ، و الألواح ، و الطباشير ... كنت أقضي أيامي متجولا بين أماكن عملهم ، مستمتعا باستمتاعهم ، مستفيدا من تحررهم و مكلفا كل واحد منهم بواجب أو مشروع أو بحث يتماشى مع طبيعة عمله ، إذ كان منهم الخماس و السداس و السائس و الراعي و الجاني و الحارس الليلي و مساعد الدكتور البيطري و ...
كنت أمتحنهم في الهواء الطلق ، و أراقب عن كتب تطورات بحوثهم و مستجدات أعمالهم و ملاحظاتهـم و استنتاجاتهم ، ففـئة طالبتـها بتـهييء مواضـيع عـن الرعي ، و الري ، و الغرس ، و الزرع و الرش و التسميد ، و التأصيل و التنسيل ... و أخرى كلفتها بتصنيف أنواع النباتات ، و المغروسات ، والحيوانات ، وفق معايير أولية بسيطة ، و فئة ثالثة انهمكت في تدوين أنواع الأسمدة ، و أسماء الآلات المستعملة في " الفيرمة " و إجراء تحقيقات و استطلاعات ... توضحت لتلاميذي الصغار مفاهيم عدة لم تكن لي مقـدرة تبليـغها لهم في القسم، و تمكنوا من استيعاب مصطلحات و مبادئ البستـنة و التشـجيـر ،
و تفقيـس البيـض و حـلب الأبـقار بمعـدات و آلات مخصصة لذلـك ،و أدركوا معـنى التعاونـية ، و الخوصـصة ، و العولـمة ، و التطبـيع ، و الهرولة ، و الزراعة المغطاة ، و السقي بالقطرات ، و اقتربوا من أجواء و طقـوس الـمقاولـة و المشروع و المكننة . مضت مدة من الزمن و نحن على هذه الحالة ، عودتهم خلالها على المناقشة و إبداء الرأي و طرح الاقتـراح ، و اتـخاذ مواقـف من أمريكـا و إسـرائيل و الاسـتنساخ و الإرهاب و التهويد و الاستيطان و الهوائيات المقعرة و الهجرة والسرية ... و كنت أعلم أن هذا يتعارض و اختصاصات رجل التعليم ؛ تفاعل التلاميذ مع جو " الفيرمة " الممتع ، فبغض النظر عن المعلومات الجديدة و النقط المستحقة التي كنت أمنحهم إياها ، كان محاسب الفيرمة لا يتماطل في تأدية أجورهم يوميا ، فكانت فرحتهم فرحتان ... اثنا و عشرون يوما ، كان هو عمر هذه الورشة الفلاحية التعليمية ، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان ؛ أو يخطر على أحد في البال ، إذ تلتنا لعنة السوسة ، و انتشر الشك و الحك بين
التلاميذ المياومين ، كما اختلطت عليهم المصطلحات و المفاهيم ، و ظهرت عليهم و على حيوانات " الفيرمة " أعراض شاذة و سلوكات غريبة ، حيث تراجعوا عن كل المواقف التي
اتخذوها سابقا ، كما زاحموا المواشي في علفها و اسطبلاتها ... تم طرد الجميع و كنت من بينهم بالطبع ، و بدأت وفود التلاميذ تجتاح أقرب المدن كمرحلة ثانية من هجرتهم الجهرية المحتمل أن تأخذ طابع السرية مستقبلا .
و اتضح أن السبب هو إعلان أحد البياطرة المداومين بــ"الفيرمة " أن تلميذا ما نقل معه فيروسا مجهولا من " دواره " المعزول ، تسبب في نشر أعراض مرض جرثومي لا يصيب إلا الحواسيب و البرامج و القنابل ...
لم أكن أتصور يوما أن التعليم يغني المـدن عن الازدحـام و الاكـتظاظ و الكثـافة ، و يصد تلاميذ القرى عن الهجرة ، و لم أكن أتخيل يوما أن لهطول الأمطار كل هذا التأثير على مستقبل " دوار " بل على مستقبل أمة و أمصار ، لكنني اقتنعت بهذه المعادلة يوم بدأت أسناني تتسوس بفعل المياه المالحة لبئر " الدوار " الوحيد ، و أيام سماعي بتسوس النباتات و المحاصيل و الأفكار و المناهج و العظام . بلغني بعد مدة أن الوزارة المعنية خصصت مكافأة مغرية لكل من تقدم باقتراح أو علاج أو وصفة من شأنها الحد من أخطار هذه السوسة أو القضاء عليها و على المراكز و المصالح المتسببة في إنتاجها ...
لم أعاين عن كتب شكل هذه السوسة و لم أحظ بشرف معاينة جحور تمركزها ، لكنني عايشت لحـظة ولادتـها عـلى أسـناني و أسـنان تلامـيذي ، و أشـرت عليـهم بمحاربتهـا بالفرشاة و المعجون ، لكنني عدت و أرغمتهم على استنشاق سمها من بين ثنايا الكتب المدرسية الغريبة عنهم مواضيعها ، كما أخضعتهم قسرا لطقوس تعليمية تثير شراهتها ... لأجل كل هذا تعرفت على أصل هذه السوسة ، و أمتلك الاقتراح الكفيل بالقضاء على بيضها المحضون بداخل رفوف و أدراج أقسام الوزارة ، لكن من يصغي لصوت هذا الغجري المتنقل ؟ من يسمع لأفكار هذا المبعد المتجول ؟ و من يتبنى اقتراحه المكلف ؟ لم أطمع في لقاء صحفي ، و لم أحلم بالجلوس وراء ميكرفون إحدى الإذاعات أو كاميرا إحدى القنوات ، لكنني اكتفيت بتوجيه رسالة مباشرة على عنوان مبنى الوزارة ، لم ألتزم فيها بأدنى شروط و قواعد التراسل الإداري هذا نصها :
دوار الـقـحـط


في..........................



بعد التحية المقتضبة و الأشواق الباردة الجافة



سيدي الوزير


تأكدوا أن القضاء على مظاهر و ظواهر سرية ، كهذه السوسة الخفية ، يستحيل ، لكن يمكنكم اللجوء إلى البديل ، لن أعيد عليكم سرد الخوالد و اجترار المطالب ، من قبيل كهربة العالم القروي المظلم و ري ضمـأ ساكنيه العطشى ، كما أنني لن أرفع شعار تمدين القـرى أو تحضير البدو ، و لن أطمع في بناء المعامل و المدارس و المستشفيات ، و لن أنادي بضرورة انفتاح القرية على محيطها الاقتصادي وا لاجتماعي و الثقافي و البيئي ... لأن أصل هذه السوسة إنساني و ليس عمراني و لأن أناس القرى و الدواوير مدبرون ، يكتفون بالموجود و لا يتطلعون للسراب و الحلم المفقود . لكنني أقترح على معاليكم ما يلي //
استوردوا غيوما مثقلة بمياه مسمدة ، اجلبوا لأناس المداشير و الدواوير سحبا اصطناعية كثيفة ، و فجروها فوق رؤوسهم وأراضيهـم ، ستعـاينون عـودة المهاجرين لأراضيهـم و ستعايشون هجرة في الاتجاه المعاكس . و سيتأكد لكم وقتها ما للغيمة من دور في صد الأنظار عن السوسة الخفية و خلق الرغبة و المتعة و الدافعية في التحصيل و التعلم .


المرفقات // - تميمة الفلاح ، و دعوات الشيخ الساهر على
خدمة زوار " ضريح مولاي الجيلالي بومعزة"

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almansour.forumactif.org
AYA&COOL
مشرفة الساحة الأدبية
مشرفة الساحة الأدبية
AYA&COOL

الجنس الجنس : انثى
عدد الرسائل عدد الرسائل : 1037
العمر العمر : 31
العمل/الترفيه : student
المدينة : cairo-egypt
البلد البلد : بكتيريا الفشل-مشروع تربوي جيلالي خالص بنكهة قصصية- 1egypt10
الهواية : بكتيريا الفشل-مشروع تربوي جيلالي خالص بنكهة قصصية- Sports10
المزاج المزاج : بكتيريا الفشل-مشروع تربوي جيلالي خالص بنكهة قصصية- Pi-ca-20
تاريخ التسجيل : 27/12/2010
نقاط نقاط : 1225
الوسام الحضور الدائم

بكتيريا الفشل-مشروع تربوي جيلالي خالص بنكهة قصصية- Empty
مُساهمةموضوع: رد: بكتيريا الفشل-مشروع تربوي جيلالي خالص بنكهة قصصية-   بكتيريا الفشل-مشروع تربوي جيلالي خالص بنكهة قصصية- I_icon_minitimeالسبت يناير 08, 2011 2:57 am

شكرا لك وان شاء الله تصل رسالتك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

بكتيريا الفشل-مشروع تربوي جيلالي خالص بنكهة قصصية-

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتديات الأدبية :: الساحة الأدبيــة :: قصــــص وحكايــــات-