الاضطربات النفسية للشباب للأسف، فقد انصرف اهتمام الناس في العالم المعاصر إلى الأمور المادية، بينما طوى النسيان تقريبا الجوانب الأخلاقية و الإيمانية ، التي تبعث على استقرار النفس و اطمئنان البال، و على أثر ذلك، فقد الاتزان بين الجسم والنفس.فالعلماء
وفي ظل العلوم التجريبية ،عملوا على تحسين الحياة المادية البشرية ،و
وفروا ما من شأنه ،أن يريح الإنسان و يرفع عن كاهله عبءالأتعاب الجسمية،
لكنهم لم يفكروا قط بعلاج لسلامة الفكر و إصلاح الأخلاق البشرية،
و هذا كان السبب في خلق معاناة نفسية و ضغوط عصبية على عامة الناس بنسبة و أخرى، كان لجيل الشباب الحظ الأوفر منها ،وقد أدت به إلى الشعور بالحزن و القلق و الإضطراب و التشتت الفكري و إصابته بالرذائل الأخلاقية و الآلام النفسية ، مما ترك أثرا على قواه الجسمية شاء ذلك أم أبى، فأصبح سببا لتلف الجسم والإسراع نحو الشيخوخة.
ازدياد الإضطرابات العصبية"يقول
الدكتور (كارل): بالرغم من أننا بسبيل القضاء على إسهال الأطفال و السل
والدفتريا و الحمى التيفوئيدية... الخ فقد حلت محلها أمراض الفساد و الانحلال. فهناك عدد كبير من أمراض الجهاز العصبي و القوى العقلية...ففي بعض ولايات أمريكا ، يزيد عدد المجانين الذين يوجدون في المصحات على عدد المرضى الموجودين في جميع المستشفيات الأخرى.
وكالجنون
فإن الإضطرابات العصبية، و ضعف القوى العقلية آخذة في الزيادة... إن
الفساد العقلي ، أكثر خطورة على الحضارة من الأمراض المعدية التي قصر
علماء الصحة و الأطباء اهتمامهم عليها حتى الآن".
انحلال النفسيقول الدكتور مولتز :«
بد أن نعلم قبل كل شيء، أن عنفوان الجسم لا يتضمن عنفوان النفس و العقل،
وكذلك فإن عنفوان العقل، لا يعني أبدا عنفوان الجسم. مع ذلك فهناك تأثير
متبادل بين الأثنين إلى حد نجهل مستواه».
فعنفوان الجسم عند
بعض الناس يبلغ حد الكمال ، بينما يسير مسرعا نحو انحلال الروح و شيخوخة
العقل، و على إثر ذلك يميل جسم أولئك الأفراد نحو الشيخوخة و العجز، و
يكون تلف النفس سبباً للإختلال المفاجىء للجسد و يهدم أساسه.إن انهيار النفس و العقل هو من مميزات عصرنا الراهن، و
مع أن الإنسان في هذا العصر حصل على نجاحات علمية كبرى، و تقدم تقدما
كبيرا في العلم والصناعة ، مما لم يتسنى للماضين تصوره ، فإن شبابنا
يبلغون الشيخوخة أسرع مما بلغها آباؤهم و أجدادهم، و هذا يتعلق بالحياة النفسية لعصرنا.
فروح الشاب و عقله يشيخان بسرعة ،و يفقد قدرته لمقاومة المشاكل مواجهتها،
و من هنا فإن شباب العصر الجديد ، يتعرضون في حياتهم اليومية إلى مؤثرات
نفسية وعصبية كثيرة ضارة، و تلحق بهم عن هذا الطريق أفدح الخسائر.ولا
نبالغ أو نقول جزافا إذا أكدنا أن شباب عصرنا الراهن بالنسبة لآباءهم و
أجدادهم ، ينقلون مرة واحدة أقدامهم من عهد الحياة المليئة حيوية و جمالاً
إلى فصل الضياع و التلفز ، فصعاب الحياة
ومشاكلها المتزايدة تصنع من الشاب إنسانا مغلوبا على أمره ضجراً يائساً
ضعيفاً عديم الإيمان، و عن هذا الطريق تهيأ متطلبات العجز والإنهيار
النفسي".
طريق النجاحعلى الإنسان المعاصر، أن يلجأ إلى قوة الإيمان تخلصاً من الأزمات النفسية و الاضطرابات الروحية، و يندفع بموازاة تقدم العلوم المادية إلى تقوية الجوانب الروحية و
تعزيز الأسس الأخلاقية و الإنسانية، فالإيمان بالله و الإتكال على قدرته
الأبدية، هو أكبر ملجأ نفسي و أفضل وسيلة لإستقرار الروح و راحة البال،
بإمكانه أن يفك العقد المستعصية للكثير من مشكلات العالم الحالي.