يخشى الإنسان الصواعق بسبب صوتها القوي أولا، ولما تسببه من أضرار مادية غالبا، وقليلا في الأرواح، لكن عالم الصواعق لا يختلف عن بقية عوالم الطبيعة، فهو من عناصرها، يكمّل دورة الحياة ولو تسبب في أضرار بعض الأحيان.
ويقدم بسام التقي المهندس المتخصص في الكهرباء -خاصة مجال الصواعق- حقائق علمية عن الصواعق وأهميتها، وكيفية استيعاب مضارها، ويقول "تبدأ الصواعق من الأبخرة التي تحملها الرياح، وهي تحمل شحنات كهرباء سالبة وموجبة، ثم تتكتل السالبة في مكان والموجبة في مكان آخر".
وعندما يبلغ تجمع الشحنات مستوى معينا، وتكون المجموعتان السالبة والموجبة قد اقتربتا من بعض، واستوفتا شروط الانفجار أو ما يعرف علميا بـ Voltage Breakdown، فإن الصاعقة تقع. وقد تحدث الصواعق داخل غيمة واحدة، أو بين غيمة وأخرى، أو بين غيمة والأرض.
آلية حدوثها
ليس من مكان يمكن أن يستوعب الصاعقة إلا الأرض. ويقوم مركز تحسس في الصاعقة، يعرف بـ"الليدر"، بإعطاء إشارات إلى الأرض، ومتى تحقق من وجود أسهل المنافذ أعطى الأمر، فتقع الصاعقة.
ونظرا لطاقة الصاعقة الجبارة التي تقاس بالكيلوفولت وتفرغ في زمن قصير، فإنها تحتاج بعض الأحيان إلى التفريغ قبل أن تجد ممرا سهلا، فتضطر إلى تهشيم كل ما في طريقها وصولا إلى الأرض. وفي هذه الحالة يعتبر أن الصاعقة وجدت منفذا ضعيفا لم يستطع أن يستوعب إلا جزءا منها، فيتشظّى الجزء الآخر إلى أجزاء يطال كل منها مكانا ويتسبب في أذيته.
وفي بعض الأحيان -يقول المهندس التقي- تتلمس الصاعقة منفذا سهلا إلى الأرض بإنسان أو حيوان في العراء، فتتخذه منفذا لها إلى الأرض وتقضي عليه.
ويضيف أن "جو الأرض منظومة متكاملة ومتداخلة، والبرق حلقة من حلقاتها، فمتى حدث خلل، والإنسان هو العنصر الأساس في هذا التحول بسبب ما أفسده في تركيبة الجو، اشتدّ البرق ليعيد الوضع إلى اتزانه، وهذه النتائج كانت ركيزة أبحاث جرت في فنلندا عام 1982".
والشهاب الذي نراه يصل طوله إلى عشرة كيلومترات، وحرارته ستة أضعاف حرارة الشمس. وما يقي من مخاطر تسببه في كوارث هو أن مدته قصيرة جدا، أي بحدود جزء من الثانية. وبسبب سرعته وقوته، يشق الشهاب الهواء بقوة فيسبب صوت انفجار هو الرعد.
أضرار الصواعق معروفة فمنها التخريب والتهشيم وبعض الأحيان القتل، وأكبر الخسائر التي تسببها الصواعق القتل وهو نادر الحدوث، ثم إتلاف معدات المنازل الكهربائية.
لكن منافعها أكبر بكثير من ذلك، فعلاوة على إعادتها للتوازن البيئي للجو، فإن الصواعق تغذي الأرض بالآزوت فتزداد خصوبة الأرض.
ويوضح المهندس التقي أن "هناك كميات كبيرة من الغيوم تحمل المياه، ولكنها لا تمطر إلاّ إذا أعطتها الصاعقة إشارة تفجير، فتتفرغ الغيمة كبالون ثقب بإبرة، والصواعق تتسبب في إنبات أنواع من النباتات كالفطريات والكمأ".
ممرات سهلة
أفضل سبل للوقاية من الصواعق تأمين ممرات سهلة جاهزة دائما لتمريرها، وذلك بما يعرف بالشاري، وله خصائصه الكاملة من ألفه إلى يائه، وإذا لم تتوافر الشروط اللازمة للشاري، فإنه يتسبب في ضرر لأن ما لا يستطيع تمريره من الصاعقة يتحوّل إلى مختلف الأشياء على الأرض كالشجر والأعمدة والأبنية ليتشظى عليها، وتسبب الشظايا ضررا أينما سقطت.
وعلى مستوى الأفراد، يجب على الإنسان أن يبتعد عن كل ما من شأنه أن يشكل معبرا سهلا للصاعقة إلى الأرض كالأشجار والأعمدة خصوصا المعدنية.
ولأن شبكات الكهرباء والهاتف تشكل معابر سهلة للصاعقة، فإن عبور الشبكات على مقربة من المنازل يعرضها للخطر، خصوصا أن الشبكات الواصلة إلى داخل المنازل متصلة بالشبكة الأم.