1- مفهوم الوصية:
الوصية جمعها وصايا، تطلق على فعل الموصي وعلى ما يوصي به. وقد أعطى الإسلام لكل شخص الحق في أن يوصي بجزء من ماله على سبيل التبرع ينتقل بعد وفاته إلى الموصى له. وقد سميت وصية لأن الميت يصل بها ما كان في حياته بعد مماته.
وإذا كانت الوصية بالمال، عرفت كما يلي: " الوصية عقد يوجب حقا في ثلث عاقده يلزم بموته ".
وإذا كانت بالمال وغيره كالوصية بالنظر في شؤون الصغار ورعايتهم قصد الإطمئنان عليهم بعد الوفاة، فيمكننا أن نعرفها بما يلي: " الوصية هي العهد بالنظر في شيء أو التبرع بالمال ينفذ بعد الوفاة ".
2- حكمة مشروعيتها: شرع الله عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم الوصية لطفاً بعباده ورحمة بهم حينما جعل للمسلم نصيباً من ماله يفرضه قبل وفاته في أعمال البر التي تعود على الفقراء والمحتاجين بالخيروالفضل، ويعود على الموصي بالثواب والأجر في وقت حيل بينه وبين العمل. قال الله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ) البقرة 180.
3- حكمها:
الوصية من العقود التي تعتريها الأحكام الخمسة، فتكون:
أ - واجبة: على من في ذمته دين لله تعالى، أو لآدمي، أو عنده أمانة لغيره فيكتبها ويبينها؛ لئلا تضيع الحقوق، أو ترك مالاً كثيراً فيلزمه أن يوصي لأقاربه غير الوارثين بما لا يزيد على الثلث.
ب - محرمة: إذا كانت لوارث لقوله عليه الصلاة والسلام:[ لا وصية لوارث ]، أو بأمر محرم كالوصية بالنياحة عليه بعد وفاته. أو يكون فيها إضرار بالورثة.
ج - مستحبة: للأقارب الفقراء والصالحين من الناس.
د - مكروهة: في حق من كان فقيرا وورثته في حاجة إلى المال.
ه - مباحة: إذا كانت بأمر مباح كالبيع والشراء، وتنظيم أمور الورثة.
4- أركانها: أربعة وهي:
أ- الموصي: وهو المالك سواء كان مسلما أو كافرا، ويشترط فيه ( الحرية، التمييز، الملك الصحيح، عدم إحاطة الدين بتركته ).
ب- الموصى له: سواء كان حقيقيا، أو معنويا كالمسجد والمدرسة، موجودا أو منتظر الوجود كالجنين. ويشترط فيه:(غير وارث، تأخر موته عن الموصي، غير قاتل للموصي).
ج- الموصى به: كل ما يصح تملكه شرعا سواء كان عينا أو منفعة لمدة محددة أو مؤبدة. ويشترط فيه:( صحة تملكه، عدم مجاوزته الثلث، عدم ضياعه).
د- الصيغة: كل ما يدل على الوصية من لفظ أو كتابة أو إشارة.
5- أنواعها: تتنوع إلى نوعين:
أ- وصية واجبة: بنص القانون للحفدة الذين يموت أبوهم قبل جدهم، وتكون في تركة جدهم وجدتهم من جهة الإبن في حدود الثلث.
ب- وصية التنزيل: وهي التي ينشئها الجد بإرادته بأن ينزل حفيده مكان أبيه كما لو كان الأب حيا، فتسمى تنزيلا، يكون للمنزل فيها مثل ميراث المنزل منزلته في حدود الثلث، فإن جاوزه فللورثة حق رد الزائد لأنها تعتبر وصية والوصية محددة في ثلث المال.
6- مقاصدها: منها:
- تفتيت الثروة التي تجتمع في يد واحدة على مستحقيها بالإرث وبالوصية، وتحد من طغيان المال.
- تحقيق التكافل الإجتماعي والحد من ظاهرة الفقر.
- إشاعة المحبة والخير بين أصحاب المال والمحرومين منه.
- تدارك امسلم ما فاته من خير في حياته وصلته لأرحامه الفقراء غير الوارثين.
7- مبطلاتها: تبطل الوصية إذا اختل ركن من أركانها، أو شرط من شروطا. كما تبطل برد الموصى له الرشيد بعد وفاة الموصي، أو بوفاة الموصى له قبل الموصي، أو بضياع الموصى له المعين، أو بتصرف الموصي في الموصى به بالبيع أو الهبة، فيعتبر فعله هذا رجوعا عن الوصية. وهذا من حقه لقول عمر رضي الله عنه:" يغير الرجل من وصيته ما شاء.
8- نص الوصية:
يستحب أن يكتب في صدر الوصية ما ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانوا يكتبون في صدور وصاياهم: " هذا ما أوصى به فلان ابن فلان، أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأوصى من ترك بعده من أهله أن يتقوا الله حق تقاته، وأن يصلحوا ذات بينهم، ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأوصاهم بما وصى به إبراهيم بنيه ويعقوب: (يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) البقرة 132.
ثم يذكر ما يريد أن يوصي به". أخرجه البيهقي والدارقطني.
الوصية في قانون مدونة الاسرة
1- مفهوم الوصية
يقصد بالوصية حسب المادة 277 من قانون مدونة الاسرة:عقد يوجب حقا في ثلث مال عاقده يلزم بموته.
و يشترط في صحة عقد الوصية خلوه من التناقض والتخليط مع سلامته مما منع شرعا
*شكل الوصية
- تنعقد الوصية بما يدل عليها من عبارة أو كتابة أو بالإشارة المفهمة إذا كان الموصي عاجزا عنهما.
يشترط في صحة الوصية أن يصدر بها إشهاد عدلي أو إشهاد أية جهة رسمية مكلفة بالتوثيق أو يحررها الموصي بخط يده مع إمضائه
فإذا عرضت ضرورة ملحة تعذر معها الإشهاد أو الكتابة قبل إشهاد الموصي على وصيته من اتفق حضورهم من الشهود، شريطة أن لا يسفر البحث والتحقيق عن ريبة في شهادتهم، وأن تؤدى هذه الشهادة يوم التمكن من أدائها أمام القاضي، الذي يصدر الإذن بتوثيقها، ويخطر الورثة فورا ويتضمن الإخطار مقتضيات هذه الفقرة.
للموصي أن يوجه نسخة من وصيته أو تراجعه عنها للقاضي قصد فتح ملف خاص بها.
يجب أن يصرح في عقد الوصية المنعقدة بخط يد الموصي بما يفيد الإذن بتنفيذها.
- تنعقد الوصية بإيجاب من جانب واحد وهو الموصي.و يصح تعليقها بالشرط وتقييدها به إن كان الشرط صحيحا، والشرط الصحيح ما كان فيه مصلحة للموصي أو للموصى له أو لغيرهما ولم يكن مخالفا للمقاصد الشرعية.
للموصي حق الرجوع في وصيته وإلغائها، ولو التزم بعدم الرجوع فيها، وله إدخال شروط عليها وإشراك الغير فيها، وإلغاء بعضها كما شاء وفي أي وقت يشاء، في صحته أو مرضه.
يقع التعبير عن الرجوع عن الوصية، بالقول الصريح أو الضمني، أو بالفعل كبيع العين الموصى بها.
2- الموصي
يشترط في الموصي أن يكون راشدا.
تصح الوصية من المجنون حال إفاقته ومن السفيه والمعتوه.
3-الموصى له
لا وصية لوارث إلا إذا أجازها بقية الورثة، غير أن ذلك لا يمنع من تلقي الإشهاد بها.
تصح الوصية لكل من صح شرعا تملكه للموصى به حقيقة أو حكما.
تصح الوصية لمن كان موجودا وقتها أو منتظر الوجود.
يشترط في الموصى له :
1- أن لا تكون له صفة الوارث وقت موت الموصي، مع مراعاة أحكام المادة 280 أعلاه ؛
2- عدم قتله للموصي عمدا إلا إذا أوصى له من جديد.
4-الموصى به
يجب في الموصى به أن يكون قابلا للتملك في نفسه.
إذا زاد الموصي في العين الموصى بها، فإن كانت الزيادة مما يتسامح بمثله عادة أو وجد ما يدل على أن الموصي قصد إلحاقها بالوصية، أو كان الشيء المزيد لا يستقل بنفسه، فإنها تلحق بالوصية، وإن كانت الزيادة مما يستقل بنفسه شارك مستحق الزيادة الموصى له في المجموع بحصة تعادل قيمة الزيادة القائمة.
يصح أن يكون الموصى به عينا ويصح أن يكون منفعة لمدة محددة أو مؤبدة، ويتحمل المنتفع نفقات الصيانة.
5- تنفيذ الوصية
ينفذ الوصية من أسند إليه الموصي تنفيذها. فإن لم يوجد ولم يتفق الأطراف على تنفيذها يقوم بذلك من يعينه القاضي لهذه الغاية.
لا تنفذ الوصية في تركة استغرقها الدين، إلا بإجازة الدائن الكامل الأهلية أو بسقوط الدين.
إذا كانت الوصية بمثل نصيب أحد الورثة من غير تعيين، فللموصى له جزء من عدد رؤوسهم وليس له ما زاد على الثلث إلا بإجازة الورثة الرشداء.
يعتبر الثلث بالنسبة لما تبقى من التركة بعد الوفاء بالحقوق التي تخرج من التركة قبل الوصية.
إذا ضاق الثلث عن الوصايا المتساوية رتبة تحاص أهل الوصايا في الثلث.
من كانت وصيته في شيء معين أخذ حصته من ذلك الشيء بعينه. ومن كانت وصيته في غير معين أخذ حصته من سائر الثلث.
يتحاص صاحب المعين بالجزء المأخوذ من نسبة قيمة المعين من مجموع التركة.
إذا أجاز الورثة وصية لوارث أو بأكثر من الثلث، بعد موت الموصي أو في مرضه المخوف المتصل بموته، أو استأذنهم فيه فأذنوه، لزم ذلك لمن كان كامل الأهلية منهم.
من أوصى لحمل معين وتوفي، فللورثة منفعة الموصى به إلى أن ينفصل حيا فتكون له.
إذا وجد أحد من الموصى لهم عند موت الموصي أو بعده، كانت المنفعة له، وكل من وجد منهم بعده، شاركه في المنفعة إلى حين اليأس من وجود غيرهم، فتكون العين والمنفعة لمن وجد منهم، ويكون نصيب من مات منهم تركة عنه.
من أوصى بشيء معين لشخص ثم أوصى به لآخر، اعتبرت الوصية الثانية إلغاء للوصية الأولى.
إذا مات الموصى له بعد أن انفصل حيا، استحق وصيته، وعد ما استحقه من جملة تركته، ويحيا بالذكر بعد الانحصار.
من أوصى لله تعالى ولأعمال البر بدون تعيين جهة معينة، صرفت وصيته في وجوه الخير، ويمكن أن تتولى الصرف مؤسسة متخصصة في ذلك قدر الإمكان.
الوصية لأماكن العبادة والمؤسسات الخيرية والعلمية وسائر المصالح العامة، تصرف على عمارتها ومصالحها وفقرائها، وغير ذلك من شؤونها.
تصح الوصية لجهة معينة من جهات البر ينتظر وجودها، فإن تعذر وجودها صرفت الوصية إلى أقرب مجانس لتلك الجهة.
في الوصية بالمنافع، تعتبر قيمة العين في تحديد نسبة الموصى به إلى التركة.
إذا هلك الموصى به المعين، أو استحق في حياة الموصي، فلا شيء للموصى له، فإذا هلك أو استحق بعضه، أخذ الموصى له ما بقي ضمن حدود ثلث التركة، بدون اعتبار القدر الذي هلك.
إذا كان الموصى له من سيولد لشخص، ثم مات ذلك الشخص ولم يترك ولدا ولا حملا، عادت الوصية ميراثا.
6 - ما يبطل الوصية
1- بموت الموصى له قبل الموصي ؛
2- بهلاك الموصى به المعين قبل وفاة الموصي ؛
3- برجوع الموصي عن الوصية ؛
4- برد الموصى له الراشد الوصية بعد وفاة الموصي.