كل الأسلحة مباحة والهدف المعلن كسب ثقة المغاربة وحثهم على التدخين أكثر
دخلت شركة «بريتيش أميريكان طوباكو»، في الثالث من يونيو الجاري، حلبة التنافس لتوزيع سجائرها على باعة التبغ عبر ربوع المملكة، لتكمل بحصولها على رخصة التوزيع، عقد الشركات التي استفادت من المرحلة الثانية من عملية تحرير قطاع التبغ، الذي تجاوز رقم معاملاته 14.5 مليار درهم سنة 2010. وهي العملية التي اتخذ بشأنها القرار سنة 2003، ليدخل حيز التنفيذ فعليا يناير الماضي، ما يعني نهاية احتكار شركة التبغ «ألطاديس» وفسح المجال أمام «فاعلين جدد» لاستمالة شفاه المغاربة وولوج جيوبهم.
إنهاء احتكار «ألطاديس» فتح الباب أمام منافسة شرسة لعدد من الشركات العالمية التي عبرت عن رغبتها في اقتحام عذرية السوق المغربي، من بينها شركة «فيليب موريس»، والشركتان الحاصلتان على رخصة التوزيع، وهما «بريتيش أميريكان طوباكو» و«جابان طوباكو إي إن س» اللتان أدركتا سريعا أنه لإنجاح عملية تسويق منتوجاتهما، لا بد من البحث عن شراكات استراتيجية مع موزعين خبروا السوق الوطنية وخباياها. وهكذا كان، إذ سعت «جابان طوباكو إي إن س»، التي حصلت على رخصة التوزيع شهر أبريل الماضي، إلى عقد شراكة مع «شركة شمال إفريقيا للتعبئة»، وهي أهم معبئ لشركة «كوكا كولا» في المغرب، عبر شركة جديدة تحمل اسم «شركة شمال إفريقيا للتبغ».
من جهتها، عمدت «بريتيش أميريكان طوباكو» إلى عقد شراكة مع شركة «ديسلوغ» المتخصصة في توزيع منتوجات العملاق الأمريكي «بروكتر أند غامبل» بالمغرب. البحث عن شراكات مع شركات محلية لها تجربة في مجال التوزيع بالمغرب، من أجل التمكن من منافسة «ألطاديس» التي خبِرَ مستخدموها تفاصيل نقاط البيع عبر ربوع المملكة، مستفيدين من احتكار الشركة المجال لسنوات، لم يكن آخر الأسلحة التي شحذتها كل الشركات المتنافسة، إذ انتقلت الحرب إلى ساحة الماركوتينغ والتسويق، وسرعان ما أعلن كل منافس عن إستراتيجيته لكسب حصص من السوق. وهكذا عمدت «جابان طوباكو إي إن س»، مثلا إلى إغراء مندوبين تجاريين سابقين في شركة «ألطاديس»، للاستفادة من تجربتهم في التسويق التي راكموها على مدى سنوات من العمل الميداني.
بدورها اعتمدت «بريتيش أميريكان طوباكو» على إستراتيجية التركيز على أهم منتوج لديها، الذي يلاقي إقبالا منقطع النظير لدى المغاربة، إذ عمدت إلى «إخفائه» مدة من الزمن، قبل أن تعيد طرحه بشكل واسع، ما مكنها من تحقيق رقم معاملات مهم، بلغ نهاية أبريل الماضي 70 مليون درهم.
وسيلة حرب أخرى، لا تقل أهمية عن باقي الأسلحة، تم اعتمادها، وتتعلق بالنسب الممنوحة إلى باعة التبغ، وهي النسبة التي كانت محددة من قبل في 5 في المائة لدى شركة «ألطاديس»، قبل أن تتجاوزها الشركتان المنافستان، بقوة، إذ تمنح «بريتيش أميريكان طوباكو» عبر موزعها NATC، نسبة 6 في المائة، في حين تمنح «جابان طوباكو إي إن س» عبر وسيطها «ديسلوغ» نسبة 8 في المائة، وهو ما تواجهه «ألطاديس» بسياسة جديدة تتمثل في تمديد أجل أداء الفواتير لباعة التبغ، يصل إلى أسبوع، ما يمكنهم من تفادي عسر الأداء الفوري. بل إنها تضع رهن إشارتهم رقم اتصال يمكنهم من وضع طلباتهم مباشرة لدى مندوبهم التجاري في منطقة النفوذ التي يتبعونها، في انتظار تسليمها لاحقا من طرف الموزعين.
الحرب ليست دائما «شريفة» بين المندوبين التجاريين للشركات المتنافسة، وقد يحدث أن يعمد بعضهم من أجل كسب ثقة الباعة إلى تزويدهم ليلا أو في نهايات الأسبوع، مع ما يمثل ذلك من خرق للقانون المنظم.. لا يهم بقدر ما يهم زبناء جددا في زمن تتعالى فيه الأصوات للحد من آفة التدخين التي تودي بحياة عشرات المغاربة كل يوم.
مولاي إدريس المودن