خامسًا:
الشيخ العلامة أحمد بن يحيى النجمي - رحمه الله-
قال حفظه الله :
.... هذه العادة عادة باطلة و هي تعتبر بدعة و كل بدعة ضلالة فيجب تركها و عدم العمل بها.
فإن قيل إن هذه عادة و الأصل في العادات الحل قلنا : إن هؤلاء إتخذوا هذا اليوم عيدًا، و شرعوا فيه مالم يشرعه الله عز و جل و لا رسول الله ، و الإسلام لم يشرع فيه من الأعياد إلا عيدا الفطر و الأضحى و العيد الأسبوعي و هو الجمعة، وما سوى ذلك مما اتخذه النَّاس من الأعياد و العادات المخالفة للشرع فهو باطل ...
[فتح الرب الودود ج1 ص 37]
سادسًا:
الاحتفال بعيد ميلاد المسيح
للشيخ الفاضل محمد علي فركوس -حفظه الله-
السؤال: ما رأي الإسلام فيما يعرف الآن باسم: (Bonne Année)؟ أجيبونا مأجورين.
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وأصحابه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فيجدر التنبيه أولا إلى أنّه ليس للإسلام رأي في المسائل الفقهية والعقائدية على ما جاء في سؤالكم كشأن المذاهب والفرق وإنّما له حكم شرعي يتجلى في دليله وأمارته. ثمّ اعلم أنّ كلّ عمل يُراد به التقرب إلى الله تعالى ينبغي أن يكون وفق شرعه وعلى نحو ما أدّاه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم مراعيا في ذلك الكمية والكيفية والمكان والزمان المعينين شرعا، فإن لم يهتد بذلك فتحصل المحدثات التي حذرنا منها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: "وإياكم ومحدثات الأمور فإنّ كلّ محدثة بدعة وكلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة في النار"(۱) وقد قال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُم الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾[الحشر:7]، وقوله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَر الذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾[النور:63].
ومولد المسيح لا يختلف في حكمه عن الاحتفال بالمولد النبوي إذ هو في عرف النّاس لم يكن موجودا على العهد النبوي ولا في عهد أصحابه وأهل القرون المفضلة، وإنّ كلّ ما لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه دينا لم يكن اليوم دينا على ما أشار إليه مالك رحمه الله وقال: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أنّ محمدا صلى الله عليه وسلم قد خان الرسالة، وذلك لأن الله تعالى قال: ﴿اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِيناً﴾ [المائدة:3]. فضلا عن أنّ مثل هذه الأعمال هي من سنن النّصارى من أهل الكتاب الذين حذّرنا الشرع من اتباعهم بالنصوص الآمرة بمخالفتهم وعدم التشبه بهم، لذلك ينبغي الاعتصام بالكتاب والسنة اعتقادا وعلما وعملا، لأنّه السبيل الوحيد للتخلص من البدع وآثارها السيئة.
والله أعلم وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّـد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
الجزائر في: 24 شعبان 1416ﻫ
الموافق لـ: 15 يناير 1996م
-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
۱- أخرجه أبو داود في السنة(4609)، وأحمد(17608)، والدارمي(96)، من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه، وصححه الألباني في صحيح الجامع(2549)، والسلسلة الصحيحة(6/526) رقم(2735).
سابعًا :
الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن أحمد التويجري رحمه الله
جرت عادة النصارى على الاحتفال بعيد ميلاد المسيح.وهذا العيد يكون في اليوم الذي يزعمون أنه ولد فيه المسيح ابن مريم، وهو يوم 24 كانون الأول (ديسمبر ) آخر شهر في السنة الميلادية .-(1)
وسنتهم في ذلك كثرة الوقود، وتزيين الكنائس، وكذلك البيوت والشوارع والمتاجر، ويستعملون فيه الشموع الملونة، والزينات بأنواعها .
ويحتفلون بهذا العيد شعبياً ورسمياً ، ويعتبر إجازة رسمية في جميع الدولة التي تدين بالمسيحية ، وكذلك في غيرها من البلدان ، بل في بعض البلاد الإسلامية يعتبر يوم عيد ميلاد المسيح إجازة رسمية ، ويحتفل الناس بهذه المناسبة .
والاحتفال بعيد ميلاد المسيح أمر مُحدث مبتدع في المسيحية ، فاتخاذ يوم ميلاد المسيح عيداً بدعة أحدثت بعد الحواريين (2) ، فلم يعهد ذلك عن المسيح ، ولا عن أحد من الحواريين .(3)
وقد ابتلى الله كثيراً من المسلمين في بعض البلدان الإسلامية بالاحتفال بهذه المناسبة .
ولم يتوقف الاحتفال فيه على المسيحيين فقط ، بل يشاركهم فيه بعض المسلمين ، الذين دعاهم إلى ذلك الخضوع لشهوات النفس ، والهوى ، والشيطان ؛ لما يحصل في هذه الاحتفالات من اختلاط النساء بالرجال ، ونزع جلباب الحياء بالكلية ، وشُرْب المسكرات ، ورقص النساء مع الرجال ، وما يحدث في هذه الاحتفالات من الأمور التي في ذكرها خدش لكرامة المتحدث بها - عافانا الله وإياكم مما ابتلاهم به -.
وكذلك حب التقليد الأعمى للنصارى ، واعتبار ذلك من باب التطور والتقدم ، وأن مشاركة المسيحيين في احتفالاتهم صورة من صور الحضارة ، لذلك يبادرون إلى حضور هذه الاحتفالات ، ويقدمون التهاني للنصارى بهذه المناسبة ، مع أن النصارى لا يهنئونهم بعيدين الفطر والأضحى .
وهذا كله بسبب ضعف الوازع الديني ، وأنهم مسلمون بالاسم لا بالدين والعقيدة ؛ لأن في فعلهم ذلك مخالفة لنهيه صلى الله عليه وسلم عن التشبه بالكفار خصوصاً ، ونهيه عن المعاصي التي تُرْتَكب في هذه الاحتفالات عموماً .
وقد قال الله تعالى : {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} (4) . ولاشك أن حضور هذه الاحتفالات ، والإهداء للنصارى فيها ، من أعظم صور المودة لأعداء الله ورسوله ، فهذا مما يوجب نفي الإيمان عنهم كما ورد في هذه الآية.
والنصوص في هذا الشأن كثيرة ، وليس هذا مجال ذكرها. والله أعلم.(5)
-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
(1)- يًراجع : اقتضاء الصراط المستقيم ( 2/516).
(2)- الحواريون :/ هم أتباع عيسى –عليه السلام- وأنصاره. قال تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ ....}(الصف: من الآية14) . ويُراجع :تفسير ابن كثير (4/362).
(3) - يُراجع : الجواب الصحيح لشيخ الإسلام ابن تيمية (2/230). ويُراجع : مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (28/611).
(4)- سورة المجادلة: الآية22.
(5)من كتاب " البدع الحولية "