يطالب بعض الأطباء في بريطانيا بأن يُمنح العاملون في نظام الرعاية الصحية الوطني -الذي يشرف على المستشفيات العمومية في بريطانيا- حق مناقشة الشؤون الروحية والعقيدية مع المرضى وحق الدعاء لهم والصلاة من أجلهم.
الشؤون العقدية ليست من اختصاص الطاقم الطبي تقول وزارة الصحة البريطانية
وسيقول هؤلاء الأطباء للجمعية الطبية البريطانية خلال مؤتمر سيعقد هذا الأسبوع إنه لا ينبغي اتخاذ إجراءات تأديبية ضد أولئك العاملين في قطاع الصحة العمومي الذين تعاملوا بحس مرهف مع هذه القضايا.
ويقول هؤلاء الأطباء إن العقوبات التي تعرض لها بعض أفراد الطاقم الصحي في بريطانيا بسبب خوضهم في هذا الموضوع، زرعت الخوف في نفوس الناس.
لكن عددا من المنتقدين يعترضون على مزج الدين بالرعاية الصحية.
وأعرب الأطباء -الذين أعدوا وثيقة في هذا الموضوع ستطرح للنقاش في مؤتمر ليفربول- عن استيائهم للتعليمات التي تمنع أفراد نظام الرعاية الصحية من الخوض في الشؤون العقدية.
وترى مدونة المجلس الطبي العام أن الخوض في المسائل الدينية قد يدخل في سياق الرعاية الصحية إذا ما احتُرمت الرغبة الشخصية.
وكانت وزارة الصحة البريطانية قد أصدرت بداية هذه السنة مجموعة إرشادات تحذر من التعاطي لأي شكل من أشكال الدعوة أو التبشير.
وتقول هذه التعليمات أن مناقشة المواضيع ذات الطابع الديني قد تعتبر نوعا من الدعوة أو التبشير، اي ضربا من التحرش.
وبموازاة مع هذه التعليمات أبدى نظام الرعاية الصحية البريطاني صرامة في معالجة من الحالات ذات الصلة.
ففي السنة الماضية تعرضت الممرضة كارولاين بيتري إلى عقوبة الإيقاف من عملها بدار للرعاية بسومرست بعد أن عرضت على مريض الصلاة من أجله. ولكنها استأنفت عملها بعد ذلك.
وفي الأسبوع الماضي استقالت ممرضة من عملها في أحد مستشفيات جلوسترشير بعد أن قيل لها إنها لا تستطيع العمل وهي تحمل صليبا، على الرغم من أن المستشفى قال إن دواعي طلبه كانت صحية وليست عقدية.
وتقول الطبيبة الاختصاصية في معالجة السرطان بيناديت بيرتويسل، التي تعمل في مستشفيات يوركشير والتي تنتسب إلى جمعية الزمالة الطبية المسيحية: "أعتقد أننا وصلنا إلى الحد الذي يشعر العديد منا عنده بأننا لا نستطيع أن نتحدث إلى المرضى عن حاجاتهم الروحية والعقيدية، وأن نسألهم عن الصلاة والدعاء."
وتضيف قائلة: "تعرضت حرية التعبير إلى تضييق شديد كذلك ، ولا أعتقد أن هذا في مصلحة المرضى."
احتياجات روحية
وتعترض وزارة الصحة البريطانية على هذا الموقف وتقول إن قسم العبادات بنظام الرعاية الصحية هو المسؤول عن تلبية الاحتياجات الدينية للمرضى.
وقالت ناطقة باسم الوزارة: " نحن ملتزمون مبدئيا بضمان حصول المرضى والعاملين في المنظومة على الرعاية الروحية التي يريدون، كيفما كان المذهب أو العقيدة التي ينتسبون إليها."
ويؤكد تيري ساندرسن رئيس الجمعية العلمانية الوطنية من جانبه أن دور الطاقم الطبي ليس تقديم خدمات دينية.
ويقول: "علينا التزام الحذر في الخوض في مثل هذه المسائل. إذا قلنا لا حرج على الأطباء والممرضات في أن يوفروا الرعاية الروحية للمرضى وأن يصلوا من أجلهم، فقد تخرج الأمور عن السيطرة وسنجد أنفسنا أمام طاقم يلقون العظات في عنابر المرضى."
ويوضح ساندرسن قائلا: "الخطر هو أن ذلك قد يحرج المرضى. قد يشعرون بأنهم مجبرون على القبول خشية أن يؤثر رفضهم على مستوى الرعاية الصحية التي يتلقونها. إن المسألة بالفعل هي اعتداء على الخصوصية الفردية. أعتقد أنه ينبغي أن يطلب المرضى ذلك لا أن يعرض عليهم".
لكن جويس روبين نائبة مدير جمعية "قلق المريض" ترى أن معظم تبرم المرضى نابع من "جفاف" الخدمات الصحية التي يتلقونها في المستشفيات البريطانبة.
وتقول موضحة: "إن عرض الدعاء أو الصلاة على مريض دليل اهتمام وعطف. أغلب المرضى سيوافقون. إنها لا تختلف كثيرا عن إعطائهم منوما. يمكنك أن ترفض بالقول لا شكرا هذا لا يهمني كثيرا."
"أما إذا رأى بعض الأطباء المسيحيين أن ذلك فرصة سانحة للتبشير بديانتهم بين أشخاص في موقف ضعف، فهذا مما لا يمكن قبوله إطلاقا."