رغم المجهودات التي بدلتها وزارة التربية الوطنية من أجل تجويد العملية التعليمية والحد من الانقطاع المبكر للتلاميذ عن متابعة دراستهم , إلا أن ظاهرة الهدر المدرسي لازالت تعرف نسبا عالية ,جعلتها تحد من التنمية البشرية , و بالتالي أصبح تأثيرها السلبي على النسيج الإقتصادي و الإجتماعي و السياسي واضحا و ملموسا.



يخلف الهدر المدرسي بصمات نفسية على التلاميذ الذين يرسبون أو يطردون, لأنهم يحسون بالدونية ويقومون بإسقاطات واهية و مجحفة في حقهم،حيث يحكمون على أنفسهم بالفشل و الغباء؛ و هذا يؤدي بهم في بعض الأحيان إلى التقوقع على ذواتهم و اتهام المدرسة بأنها هي السبب الرئيسي في تدهور أوضاعهم و عدم تكيفهم مع بيئتهم, لأنهم غالبا ما ينحرفون و يسخطون على المجتمع الذي يحمل قسطا من المسؤولية, لأنه لم يساعدهم على الاندماج بعدما قذفت بهم المدرسة إلى الشارع.


كما يعتبر الهدر المدرسي هدرا للمال العام, و للطاقات البشرية التي لا يستفيد منها المجتمع بشكل إيجابي ؛ لأن التعليم يعتبر استثمارا في الموارد البشرية.



إذا كان الهدر المدرسي يشكل عائقا نحو تحقيق أهداف التنمية البشرية, و يزيد من حدة الأمية, فما هي يا ترى أسبابه? هل له علاقة مباشرة مع التلميذ الذي لا يملك القدرات الكافية و اللازمة لمتابعة مساره الدراسي? أم أن المدرس هو المسؤول عن فشل المتعلم الذي يقضي به المطاف إلى الإنقطاع عن الدراسة؛ لأن المدرس لم يهتم بميولاته و رغباته, و ركز عوض ذلك على المادة الدراسية, و وظف طريقة تدريس تقليدية بدءا من إلقاء الدرس إلى تقييم عمل التلميذ حسب هواه و مزاجه? أم أن السبب الرئيسي في الهدر المدرسي, هو المقررات الدراسية و ما تعرفه من رتابة و معارف متقادمة لا تثير الجانب الوجداني عند التلميذ؛ و هذا سيعرقل, بطبيعة الحال, التحفيز الذاتي عند المتعلم الذي لا يدرك معنى تعلمه من خلال مقررات دراسية راكدة لا تبعث على النشاط و الحيوية? بصفة عامة هل الهدر المدرسي سببه تعليم التعلم, أم تعلم التعلم?

تسلم ايدك على الطرح
الرائع الف شكر لك
بانتضار جديدك