أستاذة بسلا تعتدي على تلميذ وتصيبه بكسور
دفتر التمارين المنزلية وراء إفراط أستاذة في معاقبة تلميذ
لم تجد أم التلميذ اسماعيل واسميح بدّا من توجيه النداء إلى كافة المسؤولين بقطاع التعليم و القضاء من أجل اتخاذ الاجراءات القانونية في حق أستاذة بمدرسة حمان الفطواكي بسلا العتيقة بعدما تسببت في إعاقة ابنها و إصابته بكسور في الكتف والظهر واليد عقابا له على عدم إحضاره الدفتر المنزلي الذي يتضمن تمارين خاصة بالمادة التي تدرسها الأستاذة بالقسم الخامس ابتدائي .
وأكدت الأم في تصريح ل « العلم « أنها تلقت خبر تعرض ابنها لنوبة إغماء أمام باب المدرسة ، فسارعت إلى نقله للمركز الاستشفائي الإقليمي الأمير مولاي عبد الله بسلا، ثم إلى مستشفى الأطفال ابن سينا بالرباط ، ليتأكد لها بعد الفحص بالأشعة أنه أصيب بعدة كسور على مستويات متعددة من جسمه .
و ذكرت أم إسماعيل أنها توجهت نحو إدارة المدرسة بعد الحادث لتطالب بشهادة مدرسية تثبت تعرض ابنها لحادث الاعتداء من طرف أستاذته بالمدرسة، غير أنها قوبلت بسلوكات مستفزة من قبل بعض أعضاء هيئة التدريس بالمؤسسة و كذا بعض الإداريين الذين حاولوا إقناعها بأنها لن تجني أي نتيجة تذكر من احتجاجها أو مطالبتها بمحاسبة الأستاذة المذكورة .
ولم تقف استفزازات بعض العاملين بإدارة مدرسة حمان الفطواكي وبنيابة وزارة التربية الوطنية بسلا عند هذا الحد بل تعدته إلى درجة أن أحد المسؤولين بالنيابة طلب من الأم الإدلاء بمعطيات مغلوطة في هذا الصدد، والقول بأن التلميذ لم يتعرض للضرب وإنما أصيب بكسور نتيجة حادث عرضي وقع له بالمدرسة ، فلم تستجب الأم لهذا الطلب ما جعل مسؤولا بالنيابة يأمر بعدم منحها شهادة مدرسية تثبت تعرض ابنها للضرب من قبل الأستاذة .
وكشف التلميذ المعتدى عليه ، الذي زار مقر جريدة العلم بمعية أمه ،في تصريح له أنه في صباح يوم الحادث طالبتهم الأستاذة بدفتر الواجبات المنزلية ، فأخبرها بأنه لم يتمكن من إحضاره ، ما جعلها تقدم على معاقبته عن طريق ضربه بعصا مكنسة على مستوى اليد . ومع استمرار ضربه أحس التلميذ بالألم فامتنع عن مد يده للأستاذة ما جعل هذه الأخيرة تنهال على مستوى كتفه وظهره ويده ليسقط بعدها مغمى عليه .
من جهة أخرى نفى مصدر مسؤول بنيابة وزارة التربية الوطنية بسلا أن تكون أم التلميذ واسميح اسماعيل قد تعرضت لأية مضايقة أو سوء معاملة خلال تقدمها بشكاية إلى مصالح النيابة ،و أكد المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه أنه فور توصل النيابة بشكاية الأم بادرت إلى تشكيل لجنة تتكون من مجموعة من المفتشين العاملين بالنيابة ، والذين انتقلوا إلى المدرسة وقاموا بمحادثة كافة الأطراف .
وأشار المصدر المذكور إلى أن اللجنة التي تم تشكيلها بأمر من النائب الإقليمي بصدد إعداد تقرير يتضمن كافة الحيثيات المتعلقة بالحادث ، وأنه إذا ثبت تورط الأستاذة في حادث الاعتداء على التلميذ فإنها ستعرض مباشرة على المجلس التأديبي ، والذي سيقرر في حقها مجموعة من الإجراءات .
وشغل هذا الحادث بال العديد من المتتبعين للشأن التربوي بسلا حيث تعالت صيحات مجموعة من التربويين مطالبة بتطبيق القوانين الرادعة لمستعملي العنف داخل المدرسة وبتنظيم لجنة مراقبة تتابع بشكل يومي أحداث الاعتداءات التي يتعرض لها التلاميذ من قبل مدرسيهم .
و يذكر أن دراسة كانت قد أعدتها وزارة التربية الوطنية سنة 2006 بالتعاون مع اليونيسيف حول العنف ضد التلاميذ بالمرحلة الابتدائية أكدت أن استعمال العنف في الوسط المدرسي ظاهرة شائعة وأن نسبة كبيرة من التلاميذ تعرضوا للعنف بصورة أو بأخرى وبأساليب قاسية.
وأنجزت الدراسة على مرحلتين، الأولى تناولت 1411 تلميذ وبعض المقابلات مع مدرِّسين، فيما اعتمدت المرحلة الثانية نظام الاستشارة لدى عينة تمثل مختلف الأوساط المدرسية وشملت 5 آلاف طفل، و1800 مدرس، و800 أب وأم و194 مدير مدرسة بـ 194 مدرسة ابتدائية.
وأوضحت الدراسة أن 87% من التلاميذ المستجوبين الذين يدرسون في المستوى الابتدائي أقرُّوا بتعرضهم للضرب في المدرسة، إما بواسطة خراطيم أو مساطر أو عصي، وأن نسبة 44% منهم تعرضوا للضرب بالأيدي أو بالأرجل. وأبرزت الدراسة أن 13% خضعوا لعقوبات كتابية. كما كشفت الدراسة أن الفتيات يتعرضن بنسبة أقل للضرب مقارنة مع الذكور.
وقال بعض المستجوبين إن الظروف التي لا يلجأ فيها المعلمون إلى استعمال العنف، لها علاقة وثيقة بالوضعية الأسرية للتلميذ إن كان غنيا أو فقيرا. كما أكدت الدراسة أن التلاميذ الذين يتلقون الدروس الخصوصية لدى المدرِّسين يستفيدون كذلك من المعاملة التفضيلية.
وبخصوص الانعكاسات المباشرة للعنف على التلاميذ، فإن نتائج الدراسة أبرزت أن العنف يُولِّد مشاعر الظلم والخوف والكراهية والاحتقار لدى الضحايا. ويؤكد التلاميذ المستجوبون ، أن هذا العنف يولد لديهم مشاعر النقص والعدوانية، والرغبة في الانتقام. وعلى المدى المتوسط والبعيد، فإن العنف قد يؤدي بالتلاميذ إلى كره المدرسة، وكره بعض المواد، وغياب أي محفز للدراسة مما يساهم في استفحال ظاهرة الهدر المدرسي .
جريدة العلم بتاريخ 4-12-2009