محمد دالي
مدير مكلف بالوحدة المركزية لتكوين الأطر بوزارة التربية الوطنية:
280 ألف مستفيد من التكوين المستمر


===========================================================


يشتكي البعض من عدم استفادته من التكوينات التي يشارك فيها، في نظركم لماذا؟ وما هي الحلول الناجعة لتجاوز هذا الإشكال؟
هناك أسباب متعددة لهذه الظاهرة، والمتعلقة بتشكي بعض المشاركين من عدم استفادتهم من الدورات التكوينية التي يستدعون إليها، وهي ظاهرة طبيعية إن بقيت في حدودها الدنيا، نظرا لتعدد أصناف المستفيدين وتباين مستوياتهم وتخصصاتهم وانتظاراتهم ... ومن ثمة، فعلى سبيل المثال لا الحصر قد يرجع ذلك في بعض الأحيان إلى الطريقة غير الملائمة المعتمدة في تأطير وتنشيط الدورة التكوينية. وفي أحيان أخرى يرجع إلى طبيعة تكوين المستفيد نفسه: إذ بدأنا نلاحظ في الآونة الأخيرة النتائج الأولية لانعكاس ظاهرة التكوين الذاتي على تحسن مستوى المستهدفين من التكوين، والتي غالبا ما يكون دافعها الأساسي هو الاستعداد للامتحانات المهنية... مما يجعل المستفيد ينظر إلى التكوين الذي يقدم إليه في بعض الأحيان على أنه دون مستوى انتظاراته والعكس صحيح (تفاوت مستويات المستفيدين).
هذه الظاهرة بالخصوص تميز مرحلة تعميم التكوينات العرضانية، والتي تهم جميع الفئات والأسلاك ... كما هو الشأن بالنسبة للإعلاميات أو بيداغوجية الإدماج... لكنها تقل أو تصبح منعدمة كلما تعلق الأمر بالتكوينات النوعية الخاصة بكل فئة على حدة، والتي غالبا ما تتميز بتقلص التباين الداخلي بين مستويات الأفراد المكونة لمجموعاتها مثل ديداكتيك المواد وتقويم التعلمات.. إلخ
أما تجاوز هذه الظاهرة فقد يتأتى بالانتقال التدريجي من التكوينات الكمية إلى اعتماد التكوينات النوعية، وباعتماد التكوينات التي تستجيب مباشرة للحاجيات الفعلية وانتظارات المستفيد، وكذا بحسن انتقاء وتطوير أداء المكونين الذين توكل إليهم مهمة تأطير الدورات التكوينية مركزيا وجهويا.
إن طموحنا كمسؤولين عن ملف التكوين المستمر في الوقت الراهن لا يقتصر على تحقيق نتائج إيجابية على المستوى الكمي والنوعي وحسب، وإنما الانتقال من منطق العرض كما هو الأمر حاليا إلى منطق الطلب في المستقبل القريب إن شاء الله.

يلاحظ أن التكوين الأساسي غير معمم على موظفي القطاع، لماذا؟
إن القاعدة العامة تقتضي أن يتم تعميم التكوين الأساسي على جميع موظفي القطاع العام بصفة عامة، غير أنه لاعتبارات مختلفة وأسباب خاصة لا يحدث في جميع القطاعات...
أما بالنسبة لقطاع التعليم المدرسي بالخصوص، وبحكم طبيعة مهنة التدريس وتوفره على أكبر عدد من مؤسسات تكوين الأطر التربوية'' 57 مؤسسة'' تغطي جميع جهات المملكة والأقاليم تقريبا، فإن الوزارة تعمل على تعميم التكوين على جميع موظفيها. ولا تلجأ إلى التوظيف المباشر إلا نادرا جدا، بل وحتى في هذه الحالة وعلى غرار السنة الماضية وبداية السنة الدراسية الحالية، إذ عمدت إلى توظيف حوالي 3000 أستاذ متعاقد من حاملي الشهادات العليا تحت وطأة الحاجة الملحة لسد الخصاص في هيأة التدريس، فقد هيأت لهذه الفئة برنامجا تكوينيا خاصا يناهز 180 ساعة من التكوين لتأهيلهم بيداغوجيا. ويمتد هذا البرنامج على طول السنة الدراسية بمؤسسات تكوين الأطر المتوفرة بالأقاليم والجهات التي ينتمون إليها، بالإضافة إلى التتبع الميداني الخاص الذي تقوم به هيأة التفتيش لهذه الفئة، والمصاحبة من قبل أستاذ كفيل يقوم بتأطير الأستاذ الجديد عن قرب من أجل مساعدته على بناء الكفايات الضرورية للقيام بمهنة التدريس، والمتعلقة بالتخطيط، والتدبير والتقويم.
تحدث لنا عن الميزانية المخصصة للتكوين بقطاع التعليم المدرسي، وعدد المستفيدين. ما هي استراتيجة الوزارة لتعميم التكوين وتحسين جودته؟
إلى جانب محتوى البرنامج الاستعجالي ومقاربته الشمولية لمشاكل المنظومة والإصلاحات المقترحة لتسريع إصلاح منظومة التربية والتكوين، فإن من بين أهم ما جاء به أيضا هو توفير الشرط المادي لإنجاز الإصلاحات، لذلك فإن الميزانية المخصصة لقطاع التعليم المدرسي في شموليتها تستجيب لمتطلبات الإصلاحات المسطرة، فقد انتقلت من 85 مليون درهم في 2006 إلى 110 ملايين في 2007 ثم 520 مليونا في ,2009 وهذا دليل واضح على الأهمية القصوى التي توليها الحكومة والوزارة الوصية لتطوير وتنمية قدرات وكفاءات أطر الوزارة.
غير أن أهمية هذه الميزانية يجب ألا ننظر إليها من زاوية حجمها فقط، بل يجب الإطلاع على حجم المشاريع المبرمجة والتحديات المنتظرة والعوائق التي يجب التغلب عليها... لذلك لا بد من تضافر الجهود والعمل جميعا مركزا وجهات على حسن تدبيرها وصرفها بشكل ينعكس بالإيجاب على تفعيل مقتضيات البرنامج الاستعجالي.
أما العدد الإجمالي للمستهدفين من التكوين المستمر فيقدر بحوالي 280 ألف مستفيد، أي جميع أطر وموظفي وأعوان الوزارة، حسب رزنامة زمنية محددة وطبقا لسلم الأولويات.
أما في ما يتعلق بالتعميم فقد عمدت الوزارة إلى وضع خارطة طريق لتفعيل البرنامج الاستعجالي في شموليته، ضمنته استراتيجية القطاع لإصلاح ملف التكوين في شقه الأساسي والمستمر:
فعلى مستوى التكوين الأساسي تهدف الإصلاحات المرتقبة إحداث شهادات تعليمية بالجامعة لإعداد مدرسي المستقبل بمواصفات تستجيب لخصوصيات التدريس بمختلف الأسلاك، وإحداث مراكز جهوية للتكوين (زئ) يسند إليها دور استكمال التكوين المهني لخريجي المسالك التعليمية بالجامعة، وتحديد الأدوار والمهام المنوطة بمختلف المؤسسات والأجهزة، وتدبير المرحلة الانتقالية بالنسبة لمراكز التكوين وكذا بالنسبة لإلحاق المدارس العليا للأساتذة، وإعداد دفتر تحملات لتحديد حاجيات الوزارة ومضامين التكوين وضبط العلاقات بين مختلف الأطراف المتدخلة.
أما على مستوى التكوين المستمر فإن خطة العمل المعدة في هذا الصدد تحدد الأولويات وتصنف الحاجيات (المؤسساتية والميدانية...) وتحدد الآليات وأدوار مختلف المتدخلين مركزيا وجهويا وكذا رزنامة العمليات...

التجديد


============================================================