هكذا تجازي وزارة التربية الوطنية الأساتذة المجتهدين
محسن بجا*
Saturday, December 19, 2009
في سياق الاستفادة من المجازين في الوظيفة العمومية، أصدرت الوزارة المكلفة بتحديث القطاعات العامة مرسوما يقضي بتنظيم إجراءات استثنائية لتعيين الموظفين الحاصلين على إجازة التعليم العالي في إطار متصرف مساعد أو الأطر المماثلة (مرسوم 2.06.525 صادر في 28 يونيو 2007، جريدة رسمية عدد 5542 بتاريخ 12 يوليو 2007).
وفي إطار تكييف المرسوم مع خصوصية القطاع، أصدرت وزارة التربية الوطنية قرارا يسمح للمجازين في التعليم الابتدائي والإعدادي باجتياز مباراة الولوج للمدارس العليا لتغيير الإطار إلى أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي الذي يوازي منصب المتصرف المساعد في الإدارات العمومية (قرار وزير التربية الوطنية رقم 2643.07 بتحديد كيفية تنظيم المباراة المهنية للتعيين في إطار أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي من الدرجة الثانية، صادر بتاريخ 19 نونبر 2007 جريدة رسمية عدد 5597 بتاريخ 21 يناير 2008).
بمجرد سماع هذا النبأ اندفع ثلة من أساتذة التعليم الابتدائي والإعدادي لاجتياز مباراة الولوج للمدارس العليا للأساتذة والاستفادة من تكون مستمر لمدة سنة دراسية واحدة بهدف تغيير الإطار قصد تغيير ظروف العمل المأساوية التي يعيشونها لا سيما في التعليم الابتدائي (الفرعيات القروية التي تنعدم فيها الشروط الدنيا للحياة الكريمة). جل هؤلاء مرتبون في السلم 10 (الدرجة الثانية)، منهم من يتوفر على سنة، سنتين، 3، 4، 5، 6،... سنوات من الأقدمية في السلم العاشر. حسب النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية (مرسوم رقم 2.02.854 بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية صادر بتاريخ 10 فبراير 2003)، يمكن لأستاذ التعليم الابتدائي أو الإعدادي الترقي للسلم 11 (الدرجة الأولى) على إثر:
النجاح في امتحان مهني يفتح في وجه المتوفرين منهم على 6 سنوات من الأقدمية في السلم 10 أوبالاختيار بعد التقيد في جدول الترقية بالنسبة للمتوفرين منهم على 10 سنوات من الأقدمية في السلم 10. هاته الأقدمية تسمى الأقدمية في الإطار.
عندما اجتاز الأساتذة المجازون- وهم من خيرة أطر وزارة التربية الوطنية- مباراة تغيير الإطار، أدركوا أن الأقدمية في السلم 10 التي راكموها في الإطار السابق (أستاذ الإبتدائي أو أستاذ الإعدادي) تسقط بنص المادة 28 من النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية، بمعنى أن الموظف الذي اجتهد خلال سنوات للدراسة والمثابرة قصد الحصول على الإجازة ثم اجتاز مباراة مهنية وتفوق فيها واستفاد من تكوين ثاني في المدارس العليا للأساتذة بحيث يمتلك خبرة في الإطار السابق وفي الإطار الجديد، هذا الأستاذ يعاقب بأن تسقط أقدميته في السلم العاشر المؤهلة لاجتياز الامتحان المهني للترقي إلى الدرجة الأولى والتي راكمها عندما كان في الصفة السابقة، ويضطر للبدء من جديد (الانتظار 6 سنوات لاجتياز مباراة الترقي للسلم 11). هذا جزاء من اجتهد وغير الإطار وخرج من السلك الأدنى إلى السلك الأعلى. أما من لم يغيروا الإطار فإنهم يحتفظون بأقدميتهم كاملة غير منقوصة ويستفيدون من مسار ترقية عادي. والأغرب في هذا أن هو أن أساتذة التعليم الابتدائي أو الإعدادي المرتبين في السلم 11 (الدرجة الأولى) والذين غيروا الإطار بموجب القرار أعلاه، لا تسقط عنهم أقدميتهم في السلم 11 عندما يترشحون للترقي لخارج السلم (الدرجة الممتازة) بموجب المادة 29 من النظام الأساسي نفسه. إذن "الحكرة" فقط على الأساتذة المرتبين في السلم 10 (الدرجة 2) والذين غيروا الإطار.
إنه الحيف بعينه. أن يدخل أستاذ التعليم الابتدائي أو الإعدادي إلى الوظيفة العمومية، ويبدأ حياته الوظيفية في السلم 9 (الدرجة 3) ثم يجتهد للحصول على الإجازة فيترقى إلى السلم 10 (الدرجة 2) وكل أمله أن يتخلص من ظروف العمل المأساوية في العالم القروي. وعندما تأتي الفرصة يجتهد ويجتاز مباراة وتكوينا تربويا، وبعد ذلك يخبرونه بأن الأقدمية في السلم 10 (الدرجة 2)- التي ستؤهله لاجتياز المباراة والترقي- تزول وتسقط بنص القانون. أما من لم يجتهد، ولم يجتز لا مباراة ولا تكوينا، ولم يغير الإطار وفضل البقاء في إطاره الأصلي، فذلك يجازى بمسار ترقية عادي. بهذه الطريقة يجزى العمل في هذا البلد الحبيب.
ربما تريد وزارة التربية الوطنية، وهي مقبلة على تنفيذ المخطط الاستعجالي، أن تخبر ضمنيا الأساتذة الذين يدرسون ويجتهدون بأن يكفوا عن ذلك لأن جزاءهم هو القهقرى بانتقاص وقرصنة سنوات الأقدمية.