تعتبر مقاربة الإدماج إحدى المقاربات المنهجية الجديدة للتدريس التي تبنتها وزارة التربية الوطنية بالمغرب مؤخرا ، لتطبيق مقتضيات التدريس بالكفايات ، وبمعنى آخر أن مقاربة الإدماج هي تطبيق عملي للتدريس بالكفايات.
وسنحاول تناول هذا الموضوع انطلاقا من خمس محاور أساسية:
المحور الأول: التذكير بمفهوم الكفايات وبعض خصائصها الأساسية.
المحور الثاني: مفهوم مقاربة الإدماج.
المحور الثالث: خصائص الوضعيات الإدماجية.
المحور الرابع: المقاربة التطبيقية لمقاربة الإدماج:
المحور الخامس: اقتراح جذاذة وفق مقاربة الإدماج.
المحور الأول:
أ/ مفهوم الكفاية:
الكفاية تعني:" توظيف المعارف والقدرات والمهارات والوجدان في نفس الوقت خلال وضعية معينة لحل مشكل معين"
ويعرفها لوجندر Legendre بأنها:" مجموع المعارف والمهارات التي تمكن من إنجاز مهمة أوعدة مهام بشكل ملائم "
ويعرفها بيرنوPhilippe Perrenoud بأن: " الكفاية هي تجنيد مجموعة من الإمكانيات المعرفية ( معارف ، قدرات ، معلومات ، …) لموجهة فئة من الوضعيات / المشكلات بدقة وفعالية "
ويعرفها لوبوترف Leboterf بأن : " الكفاية هي معرفة التصرف Savoir agir التي تتجلى في معرفة تحريك savoir mobiliser ودمج Intégrer المعارف والسلوكات والقدرات والمهارات في سياقات أو وضعيات جديدة "
ب/ خصائص الكفاية:
من أهم خصائص الكفاية نذكر على سبيل المثال لا الحصر:
1- الإدماج Intégration :فمقابل خاصية تجزيء المعارف والمهارات التي تميز بيداغوجية الأهداف ، تسعى بيداغوجية الكفايات إلى إدماج المعارف والمهارات والمواقف لنشكل واقعا منسجما ومندمجا.
2- الواقعية Authenticité : في مقابل الطابع النظري لبيداغوجية الأهداف ترمي مقاربة الكفايات إلى حل مشكلات ذات دلالة عملية ترتبط بالحياة اليومية والواقعية.
3- التحويل Transfert : في مقابل الطابع التخصصي لبيداغوجية الأهداف ( أي معارف ومهارات مرتبطة بوضعيات خاصة ومواد محددة لاتتجاوز أسوار المدرسة .) تنمي بيداغوجية الكفايات خاصية التحويل ، أي قدرة المتعلم على معالجة صنف واسع من الوضعيات والمشكلات تتداخل فيها عدة مواد ، في صورة مشابهة للواقع المعيش المتميز بطابعه المركب، ومن تم يسهل على المتعلم تحويل ماتعلمه وتدرب عليه في المدرسة إلى التطبيق الفعلي والعملي في حياته اليومية.
المحور الثاني:
أ/ مفهوم مقاربة الإدماج.
فحسب المركز العالمي التربوي لكيبيك فإن : " الإدماج هو سيرورة تعلمية يربط من خلاله التلميذ معارفه السابقة بالمعارف الجديدة فيعيد بالتالي بنينة عالمه الداخلي ويطبق المعارف المكتسبة في وضعيات جديدة ملموسة ." فظاهرة التنفس مثلا يقدم في الابتدائي على أنه عملية شهيق وزفير ( وهي بمثابة معارف سابقة ) وفي الإعدادي يقدم على أنه تبادل الهواء بين السنخ الرئوي والوسط الدموي ، وفي الثانوي يقدم على أنه تفاعل داخل الخلية.أي أن التلميذ يدمج معارفه السابقة حول التنفس التي تلقاها في الإبتائي والإعدادي ليبني مفهوما جديدا حول التنفس.
ويعرف كزافيي الإدماج على أنه: " عملية نربط بواسطتها بين العناصر التي كانت منفصلة في البداية من أجل تشغيلها وفق أهداف محددة خلال وضعية تعلمية ."
ومن خلال التعريفين السابقين نقول بأن الإدماج هو : إضافة التعلمات المحصلة إلى المكتسبات القبلية للتلاميذ بطريقة تفاعلية من خلال :
· ربط علاقات بين مختلف التعلمات.
· تحويل المكتسبات المحصلة إلى وضعيات أخرى خاصة بالمادة المدرسة أوبمادة أخرى .
· إنجاز أنشطة إدماج التعلمات في وضعيات مستقاة من المحيط.
· تقويم قدرة المتعلم على إدماج التعلمات.
ب/ شروط الإدماج:
من خلال تعريف كزافيي نستخلص أن للإدماج ثلاث شروط أساسية:
1- وجود هدف: أي ضرورة التخطيط للوضعية التعليمية -التعلمية قبل وضع التلميذ أمام هذه الوضعية
( خلق ظروف ملائمة / توفير وسائل مناسبة / طبيعة العمل فردي أم جماعي / …).
2- مفصلة والوسائل المدرجة ضمن الوضعية: أي أن العناصر التي سيقوم التلميذ بربطها وتوظيفها ينبغي أن تكون كلها متمفصلة أي قابلة للترابط والارتباط . فإذا كان الموضوع هو التنفس مثلا فينبغي توفير وثائق حول التنفس ، مجسمات حول التنفس ، شريط مرئي حول التنفس ،… أي أن هذه العناصر كلها متمفصلة تتمحور حول نفس الموضوع ألا وهوهو التنفس.
3- دور التلميذ:أي أن يقوم التلميذ بربط ونسج شبكة من العناصر لتشكل نسقا أي أنه على التلميذ أن يوظف هذه العناصر كلها لكي يربطها فيما بينها ولكي يشكل نسقا.
المحور الثالث: خصائص الوضعيات الإدماجية:
إن النشاط الذي يقوم به التلميذ يتميز بأربع خصائص أساسية،وهي:
1- إن هذا النشاط يكون فيه التلميذ فاعلا ومحتلا مكانة بارزة أي مركزية المتعلم في الوضعية الإدماجية (الوضعية التعليمية – التعلمية)في حين يبقى الأستاذ مشرفا وموجها …
2- إن نشاط الإدماج يالقيود التلميذ إلى تعبئة مجموعة من الموارد المعرفية والمهارية والوجدانية ، مع الحرص على تحريكها وإدماجها وفق هدف هذه الوضعية المحددة.
3- إن هذا النشاط يستهدف بناء أوتنمية كفاية أو ما يسمى عند كزافيي ب:" هدف إدماجي نهائي " ويرتكز على حل وضعية تعد التلميذ للقيام بإنجاز يبرهن عن مستوى كفايته.
4- إن نشاط الإدماج ينبغي أن يكون ذي دلالة ومغزى يسعى إلى تحقيق هدف ويمكن التلميذ من امتلاك آلية لحل وضعيات جديدة.
المحور الرابع: المقاربة التطبيقية لمقاربة الإدماج:
من الناحية الديداكتيكية كيف يمكن توظيف مقاربة الإدماج؟
تنص هذه المقاربة على اختيار كفايتين أ ثلاث كفايات خلال الدورة وتسمى بالكفايات
الأساسية ، وتتم صياغتها من البرنامج ، وكل كفاية يمكن تفكيكها وتقسيمها إلى كفايات ثانوية ، وبالنسبة لكل كفاية ثانوية عندما نريد بناءها أوتنميتها ينبغي أن تصاغ لها وضعية تسمى "وضعية إدماجية "(وضعية تعليمية - تعلمية )،وهذه الوضعية على شكل نص يحدد لنا ماينتظر تحقيقه لدى التلميذ ( تحديد وضعية إدماجية ترمي إلى تحقيق هدف معين ).
مثال: صياغة وضعية لكفاية أساسية:
في نهاية الدورة أو السلك يصبح المتعلم قادرا على حل مسألة رياضية تتضمن استعمال عمليتي الضرب والقسمة.
إن حل هذه المسألة تستلزم أن يكون التلميذ قد اشتغل خلال الدورة على وضعيات تروم تحقيق كفايات ثانوية خاصة ب: 1) الجمع 2) الطرح 3) الضرب 4) القسمة.
إن تنفيذ هذه الوضعية يتم عبر سلسلة من التعلمات، وخلال ها لبد من استحضار عنصر أساسي ألا وهو التقويم التكويني للوقوف على مستوى سير بناء أو تنمية الكفاية لدى المتعلمين،وهو تقويم لاينقط ،وهذا شرط أساسي في مقاربة الإدماج.
في الأخير تأتي مرحلة توظيف هذه الكفاية الأساسية على مستوى الواقع المعيش ( كضبط مصاريف مختلفة في البيت: مصاريف الماء والكهرباء ….الخ)