مداخل تفعيل الحياة المدرسية: التعبئة الاجتماعية
. خصص البرنامج الاستعجالي المشروع الثاني ضمن الفضاء الرابع للتعبئة الاجتماعية والتواصل حول المدرسة بوصفها – أي التعبئة - عاملا استراتيجيا لتيسير تنفيذ مقتضياته وبشكل خاص لتسهيل وتيرة الإصلاح التربوي على المستوى المحلي. بدءا، ليست التعبئة الاجتماعية أمرا مستعصيا أو مظهرا تمليه التوجهات الجديدة كما أنها ليست بالأمر الغريب عن المؤسسة التعليمية المغربية، إذ يبدو من خلال استقراء الممارسات الميدانية أن مؤسسات تعليمية كثيرة تعرف تجارب ومبادرات تجسد انفتاحها على الفاعلين بالمحيط الخارجي وتوضح الإمكانات الهائلة المتواجدة به والتي تعود بالنفع على المتعلمين والمتعلمات في سياق إعدادهم الإعداد الأحسن لمتطلبات الحياة المهنية والاجتماعية.
وتبين خلاصات تلك التجارب الميدانية أن المبادرات المحلية في حاجة ماسة إلى تحسين من حيث تأطيرها وتجميعها وتوثيقها وترصيد منهجية الاشتغال بها. ويظهر كذلك أن هناك حاجة ملحة لتوسيع التواصل حولها لكي يسهل تقاسمها مع زملاء العمل ويتسنى للمؤسسات التعليمية استثمارها وإثراؤها في نفس الآن.
مبادئ وتوجيهات أولية :
يعتقد كثير من الناس وضمنهم المعنيون بقضايا الشأن التربوي أن التعبئة الاجتماعية حول المؤسسة التعليمية تتجلى فقط في مجموعة من الأنشطة المدرسية التي تنظم خلال الموسم الدراسي؛ وقد تنتهي بانتهاء السنة الدراسية.
لكن التحديات الجديدة والتطورات المتشابكة التي تشهدها المؤسسة التعليمية تطرح ضرورة تبني رؤية أو مقاربة جديدة لمعالجة قضايا التربية والتعليم في المجتمع المغربي، حيث تشكل التعبئة الاجتماعية أحد المداخل الأساس لتفعيل الحياة المدرسية وتحسين مظاهر ومؤشرات أدائها على المستويين البيداغوجي والتدبيري. فما هي المبادئ الكبرى التي تستند إليها التعبئة الاجتماعية؟
تعني التعبئة الاجتماعية الموسعة التفاعل مع كافة المعنيين بالشأن التربوي عملا بمبدأ 'التربية شأن يهم الجميع" من آباء وأمهات/أسر ومؤسسات عمومية وخصوصية وجماعات وسلطات محلية وجمعيات النسيج المدني – وخصوصا جمعيات الآباء والأمهات وأولياء التلاميذ - ووسائل الإعلام ومحسنين وأشخاص مصادر...؛
تمكن أنشطة التعبئة الاجتماعية من إضفاء قيمة مضافة على سير الحياة المدرسية حين ترتبط أنشطتها بسيرورة تحسين جودة الفضاء المدرسي الموسع – أي داخل المؤسسة وبالمحيط المجاور لها؛
يمكن إجراء أنشطة تهم التعبئة الاجتماعية في كافة مراحل الموسم الدراسي بل حتى في لحظات تهيئ الدخول المدرسي – في العطلة الصيفية – ولحظات تقويم السنة الدراسية، بعد اختتامها، أي أنها عملية متواصلة وتتم بشكل مواز لإيقاع الحياة المدرسية؛
لا يتم إنجاز أنشطة التعبئة الاجتماعية بمعزل عن أنشطة الحياة المدرسية إذ هي جزء لا يتجزأ منها؛
يتطلب تنفيذ وأجرأة أنشطة التعبئة الاجتماعية الشروع انطلاقا من المبادرات المتواضعة لبعض الأفراد بالمؤسسة التعليمية – المديرون والمديرات، الأساتذة والأستاذات، بعض أعضاء جمعية الآباء...؛
لكي يتم استثمار تلك المبادرات على الوجه الأنجع، يجب توثيقها وتجميعها ومسائلتها أيضا بهدف استخلاص الدروس منها وتحسين الأداء مستقبلا؛
يرتبط تعزيز مسار التعبئة الاجتماعية بسيرورة تفعيل مشروع المؤسسة على المستوى المحلي وأيضا بدينامية الإصلاح متعدد الأبعاد لكافة مناحي التربية والتكوين على المستوى المركزي والجهوي والإقليمي والمحلي؛
يرتبط إدماج أنشطة التعبئة الاجتماعية بخطة عمل مشروع المؤسسة – الذي يلخص عمليات وأنشطة الحياة المدرسية؛
تشكل الأسر – الآباء والأمهات أساسا - خزانا للمهارات والخبرات والمعارف والتقنيات التي يمكن استثمارها لصالح المتعلمين والمتعلمات، طبعا انطلاقا من مهن واهتمامات وتجارب الآباء والأمهات؛
يصعب أو يستحيل اكتشاف تلك الطاقات والإمكانات الهائلة الكامنة في ملفات الأسر – آباء وأمهات – حين تنعدم أساليب التواصل المنتظم مع الآباء والأمهات؛
يمكن البدء في التعرف على تلك الفرص الكامنة لتعزيز التعبئة الاجتماعية مثلا من خلال تنظيم لقاءات وأبواب مفتوحة واجتماعات استشارية وتنسيقية مع ممثلي المتعلمين والمتعلمات...؛
لا تؤدي أنشطة التعبئة الاجتماعية الهادفة فقط إلى تحقيق 'ربح' معين للمؤسسة - أي الحصول على دعم مالي لإنجاز نشاط ما، إلى تحقيق النتائج المتوخاة من انفتاح المؤسسة على محيطها.. على العكس من هذه الرؤية، تكتسي أنشطة التعبئة الاجتماعية أهمية لدى المعنيين بها حين تهدف إلى تحسين المناخ الدراسي والرفع إيجابا من مؤشرات التربية على المستوى المحلي؛
تشكل أنشطة التعبئة الاجتماعية من زيارات للمؤسسات الخارجية ولقاءات مفتوحة واستضافة أشخاص مصادر ورحلات استكشافية... رافدا للمعارف والمعلومات يمكن من شحذ مهارات المتعلمين والمتعلمات، بل قد تمكن من إتاحة فرص للإثراء الذاتي حتى بالنسبة لأفراد هيئة التدريس والإدارة الذين يشرفون على مثل هذه الأنشطة؛
على سبيل الختم،
تمنح أنشطة التعبئة الاجتماعية للمشرفين والمشرفات على المؤسسة التعليمية – محليا – فرصة المشاركة في تحسين الأداء بالاعتماد على الممارسة والتفكير والمسائلة، بمعنى أن التمكن من تقنيات ومقاربات التعبئة الاجتماعية لا يتأتى إلا من خلال التمرن عليها واستثمارها في أنشطة الحياة المدرسية وملاحظة آليات التنفيذ وتتبع المؤشرات وتقويم سير العمل...
خديجة رمرم - خبيرة في التربية/التعبئة الاجتماعية
بتصرف
عن التربية